الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الغضب المشروع . . . والصمت المرفوض الجزء الاول

عبيد ولد إميجن
(Oubeid Imijine)

2010 / 3 / 28
حقوق الانسان


إن قصص الصيد ستظل دائما تمجد الصياد إلى أن يصبح للأسود مؤرخوها"

مثل إفريقي


مداعبة العنصرية

في تاريخ موريتانيا الحديث قد لا يكتسي نضال شريحة اجتماعية معينة ضد الحيف الاجتماعي-الاقتصادي والاستبعاد الكيدي ضمن المجال السياسي مثلما ميز واقع شريحة "الحراطين" بالقياس إلى باقي الانتماءات الاجتماعية، ويواجه أفراد هذه المكونة، نصيبا وافرا من أشكال التمييز والإخضاع المبنيين على دونية المحتد الذي خضعت له هذه الشريحة ولازالت تعاني من آثاره النفسية وممارساته البدنية والعضلية الفظيعة وعلى مر الأيام، ومما يضاعف من صعوبات التمكين لشريحة "الحراطين" استمرار الأخذ بالقيم التي فرضتها المجموعة السائدة على باقي المكونات فرضا.

إن النهج المراعية للتقاليد المحلية التي تنزل الناس إلى مراتب دونية بالاستناد إلى ألوانهم وأصولهم تعد بمثابة التزام ثقافي يجب التصدي لممارساته الضارة لتختفي مظاهره و إلى الأبد، أما أن يكرس البعض كل الوقت والجهد من أجل إضفاء طابع أخلاقي على تلك التقاليد من اجل الارتقاء بها إلى مصاف القيم والخصوصيات الحضارية لأهل شنقيط وكأنها كذلك، فذلك ما يجدر بنا عزله، ثم إن الثقافة العالمة أو الجامدة التي توارثها الموريتانيون، بحكم ضمني، تتضمن حالات تراثية ضارة داخل النسق المجتمعي العام، فحين يطلق مفجرو هذه الثقافة أوصافا ومسميات تميز ضد غيرهم، مما قد يؤدي إلى إغفال ثقافات شعبية بأكملها كما هو حاصل اللهجات البربرية التي اندثرت، يكشف حصول هذا عن إغفال أدنى اهتمام بالتنوع الثقافي من على هذا البرزخ مما يكشف أن إدعاءات التعايش كانت زائفة، وهو ما أدى إلا أن يستغرب المؤرخون لجوء "أسياد" الناس آنذاك إلى خلق أوبئة وهمية مثلا كــ(السَل) من أجل تسهيل إبادة بعض تجمعات السود دون غيرهم، ويتوغل هذا النهج من خلال فرض هيمنة ثقافية أضفت نوعا من الشرعية الدينية على"العبودية" التقليدية الممارسة على نطاق أوسع وعلى أساس عنصري، وما أفرزته الظاهرة تلك من أشكال وألوان استغلال تذكر النوازل الفقهية التي وصلت البعض منها ويتعلق بالتنازع البيني على ملكية أمة حبلى هل تباع دون جنينها؟ أم تعيده حين الولادة؟، ألا ساء ما يحكمون به من إخباريات تاريخية مقززة، تتجلى من خلالها حجم الطبيعة الفجة لعوائق وتحديات التعايش السلمي بين المكونات الرئيسية المطروقة بكثرة هذه الأيام من لدن مجتمع قبلي وإثني خالص.

وفي ظل هذا الواقع، فإن استراتيجيات المواجهة يجب أن تتجه رأسا إلى مجابهة حاملي هذه الثقافة من قوى تقليدية لا تفتأ تتفرد بالسيطرة على كل المنابر، مما يفرض إعمال أنماط مستجدة من السلوكيات المدنية من أجل اختراقها ومحاججة أصحابها وباقي أعضاء تياراتها الظلامية ممن يحتكر قواعد اللعبة، وينبغي أن تكون نقطة البداية، في تعمد تعرية التصورات الدينية المتوارثة بشأن بغاء الإماء (التضراب) واباق العبيد، وغيرها من الممارسات التي تمثل الجانب الخفي والمظلم من جوانب ظاهرة (العبودية)، ففي مجتمعنا المتدين، ينظر الناس في هذا المجال إلى الحجة التي يصوغها فقيه متمكن، بحيث يمكن استخدامها من جديد لإبطال شرعية العبودية باعتبارها غير مبنية على أصل شرعي، وهو ما لم يحصل حتى الآن، وغني عن البيان، القول بأن الصمت التام الذي يباركه الأئمة والفقهاء حول فقه العبودية يفقدهم العفة المطلوبة دينيا كناصحين، أما خارج الإطار الديني، فيعمل دعاة الحسم الحضاري من أجل التعجيل بزوال مجموعة القيم الزائفة تلك تحت وطأة مطالب التعايش المشترك.

وبالعودة إلى واقع الشرعية الدينية للعبودية المتواصلة بانتظام، تشير الدلائل إلى أن وظيفة الإفتاء قد ظلت مقتصرة على كبار الفقهاء ممن تنــدرج ممارسات محيطهم العشائري والأسري في إطار الاستفادة من خدمات ما ملكت أيمانهم من العبيد، وهذا الموقف يقطع بامتناع رجال الإفتاء عن الخوض في الموضوع، أحرى تحريم العبودية، إذ يعززون جانبهم بوجهة نظر صفوة قليلة من المثقفين المؤدلجين وأساتذة الجامعة الذين يدورون في فلك السلطة. وفي واقع الأمر، فإن إجماع هذه الصفوة يعد بمثابة البرهان القاطع على حرص النخبة التي تعكس الموقف التقليدي للأسياد على مقاطعة دينامية الحراك الاجتماعي، ووقوفهم في وجه أي اختراق اجتماعي من خلال الاتكاء على إرهاب السلطة التي تستأثر نفس الجماعة النافذة بمنافعها الجمة.

ومن هذا المنظور، فإن ما يخشى منه أن تتسع هوة التفريط بالانسجام الاجتماعي بالاعتماد على البعد الأمني كضامن أساسي للسوية الوطنية، وهو منظور فاشل، أثبتت الصراعات الاجتماعية التي طفت على السطح إبان الأحداث العرقية سنة 1966 والعام 1987 أو تلك التي تلت أحداث 1989، و التي تشبه في بداياتها إلى حد بعيد، ما يجري حاليا بشأن التعريب، و ترسيم الهوية الجمعية مع الإعراض عن إجمال التنوع الثقافي، وفي هذا المجال يحصل التداخل المريب والمفتعل بين ما يعد حقوقيا وثقافيا وما هو سياسي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ميقاتي: نرفض أن يتحول لبنان إلى وطن بديل ونطالب بمعالجة ملف


.. شاهد: اشتباكات واعتقالات.. الشرطة تحتشد قرب مخيم احتجاج مؤيد




.. رغم أوامر الفض والاعتقالات.. اتساع رقعة احتجاجات الجامعات ال


.. بريطانيا تبدأ احتجاز المهاجرين تمهيداً لترحيلهم إلى رواندا




.. جولة لموظفي الأونروا داخل إحدى المدارس المدمرة في غزة