الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ردا على منظري التزييف والاعتدال العاجز

محمد جمول

2010 / 3 / 29
مواضيع وابحاث سياسية



كتب صالح القلاب في إحدى الصحف الكويتية قبل أيام زاوية بعنوان" لعبة إسرائيل المكشوفة" يتحدث فيها عن تلاعب إسرائيل بمسارات المفاوضات بينها وبين العرب في السنوات الماضية. وأهم ما يلفت الانتباه في ما كتبه القلاب أنه يخفي الحقيقة في جوف الزيف ويخلط الحق بالباطل ليقدم للقارئ قناعة يستند فيها على أنصاف أو أرباع حقائق تساعده في دمج الخطأ بالصواب والوصول إلى نتيجة تقول إن الكل كان مخطئا، وكل الدول العربية كانت تلهث وراء إسرائيل والولايات المتحدة كسبا لودهما ونيل شرف عقد المعاهدات.
يقول القلاب" إنها اللعبة نفسها فبعد مؤتمر مدريد المعروف لجأت إسرائيل إلى ما سمي تنافس المسارات لضرب العرب بعضهم بالبعض الآخر، وإشعار كل طرف (عربي) من الأطراف المعنية، السوريين والأردنيين والفلسطينيين، بأن الطرف الآخر يسعى إلى تقليع شوكه بنفسه". هنا يبدو الخلط بقصد طمس الحقيقة واضحا. فقد كانت الأمانة تقتضي أن يذكر القلاب أن أحد هذه الأطراف، وهو سورية، كان يصر دائما على أن يكون العرب وفدا واحدا في أي مفاوضات مع إسرائيل، وأن لا يتم فصل المسارات العربية عن بعضها. وقد كانت سورية دائما موضع لوم، وأحيانا إدانة لأنها متصلبة أكثر من اللازم، وأنها ظلت متمسكة بتلازم المسارين اللبناني والسوري، كآخر ما تبقى لها، حتى اللحظة الأخيرة. وفي حين شكل مبدأ السيادة جوهر التفاوض السوري حين توقفت المفاوضات بسبب عشرة أمتار فقط على ضفة بحيرة طبريا، كان العرب الآخرون يفرّطون بأرضهم وسيادتهم من أجل كسب ود أمريكا وإسرائيل.
إنها عملية خلط للوقائع التي عايشناها وعرفناها ـ ومن المهين السكوت عنها ما دمنا نعرف الحقيقة ـ بقصد إظهار أن ما جرى كان الخيار الصحيح بدليل أن الجميع مشى إليه وتسابق مع الآخرين لبلوغه، لكن البعض كان أكثر شطارة وحذاقة فحصل على ما حصل عليه. هذا غير صحيح ومن مشى إلى التسوية كان يعرف أنه مخطئ، وأنه يحاول كسب الرضا على حساب غيره، وأنه يتنازل من دون مقابل. وقد ثبتت صحة ذلك مما نراه على الأرض الآن بعدما نجحت إسرائيل باستفراد كل دولة عربية على حدة سواء في عقد التسويات أو إقامة العلاقات الدبلوماسية. وهم الآن يدركون أن كل ما تم بات يشكل عبئا عليهم، ويسبب سخط شعوبهم.
الآن وقد توقف الكلام عن " اللغة الخشبية" التي كانوا يلومون سوريا على استخدامها، عليهم أن يتذكروا أن دمشق هي الوحيدة التي رفضت الركض والهرولة إلى مؤتمر شرم الشيخ في 1996 من أجل مكافحة الإرهاب قبل تعريف الإرهاب. وأن سورية وحدها التي تحفظت على الشهور الأربعة للمفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل قبل أسابيع من الآن، وثبت أنها ترى أبعد من الجميع بدليل تراجع العرب عنها بعد أيام لأن إسرائيل لم تعبأ بها. وحدها سوريا كانت تدرك، أو لا تريد أن تغطي الحقائق بالأوهام وحسن النوايا الزائف، أن الإرهاب ـ ما لم يتم تعريفه بشكل دقيق ـ سيكون سلاحا بيد الولايات المتحدة وإسرائيل تستخدمانه ضد الفلسطينيين والعرب وضد كل من لا يخدم مصالحهما. وأن سوريا كانت دائما تطالب بوجود راع نزيه ومحايد في أي مفاوضات مع إسرائيل، بينما سارعت الدول العربية الأخرى لإعطاء "السعدان" الأمريكي كل الجبنة المتنازع عليها. وها نحن الآن نرى كيف يصبح الفلسطيني أو أي عربي يرفض احتلال أو مصادرة أرضه أو هدم بيته إرهابيا.
إن الكتاب والمحللين الذين رأوا فيما يسمى " الاعتدال" حلا لكل مشكلات المنطقة، يكتشفون الآن أن هذا المسار لم يقدم لهم ولا لغيرهم شيئا. وربما كان مصير مبادرة السلام العربية واعتراف قمة سيرت بعجز الأنظمة العربية أوضح مثال على أن مخالفيهم في الرأي والموقف لم يكونوا مخطئين، على الأقل. وقد بات عليهم أن يقولوا شيئا مختلفا ويكفّوا عن طمس الحقائق وتمييع المواقف في وقت تبدو فيه المنطقة مقبلة على أحداث أكثر أهمية وخطورة. فهل يستطيعون أن يقولوا كلمة حق أو يسكتوا؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة ما بعد الحرب.. ترقب لإمكانية تطبيق دعوة نشر قوات دولية ف


.. الشحنة الأولى من المساعدات الإنسانية تصل إلى غزة عبر الميناء




.. مظاهرة في العاصمة الأردنية عمان دعما للمقاومة الفلسطينية في


.. إعلام إسرائيلي: الغارة الجوية على جنين استهدفت خلية كانت تعت




.. ”كاذبون“.. متظاهرة تقاطع الوفد الإسرائيلي بالعدل الدولية في