الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الغزل التركي الايراني المتواصل هل يرقى الى تزاوج المصالح ؟

دياري صالح مجيد

2010 / 3 / 29
السياسة والعلاقات الدولية


لم تفرز من قبل قمة من القمم التي عقدتها ما يعرف بجامعة الدول العربية مؤشرات ذات علاقة بالمنطقة بشكل عام , مثلما افرزته القمة الاخيرة التي دعا فيها صراحة السيد عمر موسى الى تحقيق نوع من التضامن وفتح ابواب الحوار مع اهم دول الجوار الجغرافي العربي المؤثرة في صلب تفاعلات الاحداث التي تشهدها المنطقة ككل , وهي كل من ايران وتركيا التي اصبحت اليوم من اهم الاصدقاء بعد ان اعتاد الخطاب السياسي العربي على وصف ايران خاصة بانها المهدد الحقيقي للامن القومي العربي والى كونها في نظر البعض بانها اكثر تهديداً لهذا الامن من اسرائيل ذاتها التي ينظر لها البعض بشكل او باخر على انها المصدر الذي لابد وان تتم الاستعانة به للوقوف بوجه التوجهات الايرانية في المنطقة , ولعل هذا هو السر الكامن في توجهات بعض الدول العربية من اسرائيل التي تنقدها في العلن وتقيم الولائم مع قادتها في السر على شرف الدم العربي المستباح دوماً وابداً في ظل هذه القمم الصورية , التي يبدوا انها اليوم تريد الابتعاد عن هذه الصورية بالتقرب اكثر من هاتين الدولتين وربما بضوء اخضر امريكي .

لم تنقطع خلال مجمل الاشهر الماضية الزيارات الرسمية المتبادلة بين المسؤولين الايرانين والاتراك , اذ اتسمت بتواصلها المستمر سواء بصورة مباشرة عبر لقاء قيادات متقدمة من كلا البلدين في مناسبات متعددة , او بصورة غير مباشرة عبر لقاءات جانبية بينهما اما على هامش مؤتمر او ندوة او غيرها من المناسبات ذات البعد الدبلوماسي وربما ذات الصبغة الاكاديمية , المهم ان هنالك دائما طائراً يحلق في سماء البلدين يعبر عن تواجد المصالح المشتركة لهما ليس في الجو الشرق اوسطي فحسب وانما يتعدى ذلك الحدود الجغرافية الضيقة لهذه المنطقة نحو دول اسيا الوسطى والقوقاز ذات المكانة الجيوبولتيكية المتميزة في السياسة الايرانية و التركية على السواء , فاذا ماكان للاتراك والايرانيين ارث تاريخي ومصالح ستراتيجية في المنطقة العربية بشكل خاص , تضرب جذورها في فترات تاريخية بعيدة وتقوم على مجموعة مهمة من مقومات التواصل الجغرافي والسياسي مع دول هذه المنطقة , فان ذات المعادلة تجد لها صورة مشابهة تصل الى حد التطابق في كثير من الاحيان مع ما جرى ويجري بين هذين البلدين في المنطقة الاخرى وهي اسيا الوسطى والقوقاز , لذلك نجد اليوم ان المبعوث التركي الخاص الى طهران والذي اجتمع مؤخراً مع الرئيس الايراني احمدي نجاد يوم الخميس الماضي , قدم الى نجاد رسالة رسمية من القيادة التركية تدعوه فيها الى حضور المؤتمر الدولي الذي سُيعقد في استنبطول حول الامن والتعاون في اسيا الوسطى , وهي دعوة مهمة تحمل في طياتها اكثر من رسالة شفاهية خاصة في ظل رمزية الحدث الذي سيضم اهم الاطراف الفاعلة في رسم خارطة الاحداث السياسية في ذلك الجزء المهم من العالم والذي عادة ما يُغيب عن الاضواء ولا تُركز عليه الرؤى التي بعد يبدو انها لم تدرك حجم التفاعل الذي بدء يلف الاحداث ما بين هاذين الاقيليمين الذين يعدان من اهم الاقاليم الاستراتيجية في عالم اليوم ويشكلان في ذات الوقت مصدراً من مصادر الارق للعديد من القوى الدولية المؤثرة في العالم ومنها بالتاكيد الولايات المتحدة وروسيا وكذلك الصين , هذا اضافة الى الادوار المؤثرة لقوى الجوار الجغرافي الممثلة بكل من تركيا وايران التي سمحت لها اقدار الجغرافية والتاريخ في لعب اهم دور في هذه الاجزاء مجتمعة حتى بدا ان كثير من تعقيدات المشهد السياسي او تطوراته الايجابية فيهما قد جاء بفعل التفاهمات او التعارض في وجهات النظر والعقيدة الاستراتيجية التي وسمت بها مصالح هاتين الدولتين وعبر فترات زمنية مختلفة .

اليوم يبدوا المشهد السياسي في طريقة تشكل مغايرة عبر تقديم الامريكان للاتراك كنائب عنهم للعب في المنطقة بما يضمن مصالحاً خاصة لهم وبما يتيح للاتراك ذاتهم نوعاً من الحرية في الفعل وربما الحركة السياسية التي تحقق هذه المصالح , في مقابل الدعم الذي تحظى به ايران من قبل روسيا في لعب دور تنوب به عن مصلحة هذه الدولة ذات الثقل المهم في مجمل المنطقة , وربما ياتي ذلك في ظل ادراك امريكي خاص بان الاتراك لهم القدرة على التفاهم مع الايرانين خاصة وان النخبة السياسية في ايران لديها الاستعداد والجاهزية للتعامل مع الاتراك طالما يتحدث الطرفان لغة واحدة يفهمها كلاهما في مجال السياسة .

خلال ذلك اللقاء قال السيد نجاد الى المبعوث التركي (( ان وجود القوات الاجنبية في الاقليم والتدخل من قبل القوى الخارجية تشكل الاسباب الرئيسية للمشاكل في الشرق الاوسط (( والقوقاز )), وبان الامن الاقليمي والتنمية هي القضايا الرئيسية التي يمكن انجازها عبر التعاون ما يبن دول الاقليم ) , بالمقابل رد الضيف التركي في اشارة واضحة الى تاييد وجهة نظر مضيفه الايراني , بان الدول الاقليمية لديها رؤى ومصالح مشتركة وتصر على ان المشاكل الاقليمية يجب ان تُحل بدون تدخل القوى الاجنبية .

يبدو ان كلمات المسؤولين الايرانيين والاتراك ترسم عقيدة ستراتيجية جديدة لطبيعة التوجهات الحاكمة للعلاقات الثنائية بينهما في ظل الادوار المؤثرة التي تلعبها الدولتان معاً في العديد من المناطق خاصة فيما يتعلق بالملفات التي صدعت راس الادارة الامريكية وخلقت نوعاً من الانقسام بينها وبين الحليف الاستراتيجي لها في المنطقة وهي اسرائيل , ناهيك عن علاقة الطرفين بقوى الاسلام السياسي وبالعديد من التيارات المناهضة للامريكان , لذا يمكن للمرء ان يستشف من هذه اللقاءات والخطابات وكذلك رمزية المؤتمرات التي تُعقد ان هنالك نوعاً من الرؤى التي بدات بالفعل تنضج في مطابخ السياسة لكلا البلدين ربما بالاتجاه نحو اعادة ترتيب الاوضاع في المنطقة بطريقة يسودها نوع من الهدوء والحكمة التي عادة ما بدات تتصف بها ادارة اوباما التي تحاول الابتعاد عن صخب السياسة الانفعالية التي مارستها ادارة بوش من قبل .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - نتمنى أن تتوافق الدولتين الاسلاميتين
عبد الله بوفيم ( 2010 / 3 / 30 - 10:09 )
الصين والهند تتأهبان للعب أدوار توسعية خطيرة في آسيا عموما, وخاصة على الدول الاسلامية هناك. عقلاء تريكا وإيران, مدركان جدا للخطر القادم نحوهم, ومستفيدون مما حل ويحل بأفغانستان وباكستان حاليا, وما سيلحق العديد من الدول الاسلامية التي تباد شعوبها تحت مبررات واهية في آسيا
المسلمون والمؤمنون قد يقتتلون بينهم لكنهم ورغم ذلك مسلمون مؤمنون, من الواجب عليهم, أن يوحدوا الصفوف في وجه الكفر والوثينة التي قد تبيدهم جميعها
أمريكا أصبح دورها دورا شبة ثانوي, وهي في نظري تلعب آخر أدوارها في المنطقة, وأجلها في حدود سنوات معدودات, وإنما هي مسخرة لتمهيد الطريق لعدو أشد خطرا وفتكا هو العدو الوثني البودي والهندوسي
سيتعرض المسلمون في آسيا والشرق العربي عموما لغزو وثني جارف سيحدث من الدمار والخراب أكثر مما أحدثة التتار, لكن إن شاء الله رب العالمين, سيكون ذلك الغزو هو النار التي تحرق الشوائب من الدهب وتبقيه صافيا لا معا


2 - توضيح
دياري صالح مجيد ( 2010 / 3 / 31 - 15:49 )
السيد العزيز شكرا على التعليق . لكن هنالك اكثر من التباس اود توضيحه لشخصكم الكريم , اولا لا اتفق مع الراي القائل بان الخطر القادم بوذي من غيره فنحن المسلمون عادة ما نفسر حتى العلاقات الدولية من منظور اسلامي صرف والحقيقة الواضحة كالشمس هي المصالح لا غير , ثانيا لم اعرف كيف يتم النظر بشكل فعلي لمقولتك التالية (( المسلمون والمؤمنون قد يقتتلون بينهم لكنهم ورغم ذلك مسلمون مؤمنون)) طيب اليس من المفترض في هذه الحالة ان يكونوا اكثر الامم تعاونا وترابطا , لكن واقع الحال مغاير تماما وكما قلت لك انها المصالح ليس الا . ولك مني كل التقدير
د . دياري

اخر الافلام

.. مصدر أمني: ضربة إسرائيلية أصابت مبنى تديره قوات الأمن السوري


.. طائفة -الحريديم- تغلق طريقًا احتجاجًا على قانون التجنيد قرب




.. في اليوم العالمي لحرية الصحافة.. صحفيون من غزة يتحدثون عن تج


.. جائزة -حرية الصحافة- لجميع الفلسطينيين في غزة




.. الجيش الإسرائيلي.. سلسلة تعيينات جديدة على مستوى القيادة