الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل يتجه الاقتصاد العالم إل »التدمير الخلاق«؟!

سعد هجرس

2010 / 3 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


فى منظمة التجارة العالمية تتساو الرءوس، لدرجة أن الولايات المتحدة الأمريكية -بهيلها وهيلمانها- لا تحظ سو بنفس القوة التصويتية الت تتمتع بها رواندا.. فهل هناك »ديمقراطية« أفضل من ذلك؟!
السؤال طرحته التطورات الدراماتيكية الت شهدها النظام الاقتصاد العالم ف ظل طوفان »العولمة« والت كان من أبرز معالمها ميلاد منظمة التجارة العالمية عام 1995 بعد ثمان سنوات من المباحثات و»جر التهليل للمنظمة ف الصحف الأمريكية باعتبارها جوهرة النظام الاقتصاد العالم.. وصور أنصارها ما يقارب العشرين اتفاقاً تجاريا - الت تشكل أساس منظمة التجارة العالمية - باعتبارها حاوية لمنظومة من القواعد المتعددة الت ستتكفل بالقضاء عل القوة والتعسف ف العلاقات التجارية، وذلك عن طريق إخضاعها كل من القو والضعيف لمنظومة واحدة من القواعد يعززها جهاز كفء وقراراته ملزمة«.
هذا »الأمل« الورد المشار إليه ف السطور السابقة وضعه الباحث الاقتصاد المرموق »والدن بيلو« تحت مجهر البحث العلم والتحليل الموضوع.
ولنا أن نتوقع إجابة مهمة، تعود أهميتها لسببين:
السبب الأول نابع من أهمية الموضوع، والسبب الثان نابع من »شخص« المجيب. فهو أحد المدافعين البارزين عن العدالة والتنمية الدولية، وأحد أبرز النقاد المستقلين ف »الجنوب« للإجراءات الاقتصادية العالمية الجارية، وهو الرجل الذ أنشأ »مؤسسة عين عل جنوب العالم«، وه مؤسسة بحثية ف السياسات مقرها بانجكوك عاصمة تايلاند، وشغل قبل ذلك منصب المدير التنفيذ لمعهد سياسات الغذاء والتنمية (الغذاء أولاً) ف أوكلاند بكاليفورنيا، كما عمل أستاذا ف جامعة »برنستون« وف جامعة »بيركل«، وله العديد من المؤلفات المهمة.
ومن بينها هذا الكتاب الذ يجيب عن السؤال السابق.
الكتاب هو »من أجل عولمة بديلة - أفكار حول اقتصاد عالم جديد« -الذ أحسن المشروع القوم للترجمة بصدده مرتين:
المرة الأول لوضعه ضمن قائمة المركز القوم للترجمة، والمرة الثانية لأن الدكتور جابر عصفور قد عهد بترجمته إل الزميلة الأستاذة فريدة النقاش رئيس تحرير »الأهال« ورئيس مجلس أمناء ملتق الهيئات لتنمية المرأة والكاتبة الصحفية والناقدة المعروفة، والت نجحت ف إهداء المكتبة العربية ترجمة سلسة وواعية.
***
ونعود للسؤال والجواب.. فيقول »بيلو« إن »الدول النامية الت كان قد راودها الأمل أن تكون منظمة التجارة العالمية قادرة عل إحداث نوع من الإنصاف ف التجارة الدولية.. أصبحت توافق بالإجماع عل أن معظم ما حصدته من عضويتها -ف هذه المنظمة- هو خسارة لا مكسب، وقد وقفت هذه البلدان باستماتة ضد المزيد من فتح أسواقها، إلا فيما حدث تحت ضغط الإجبار والترهيب«.
ويرصد الباحث مأزق منظمة التجارة العالمية، وهو مأزق لا ينفصل عن أزمة »المشروع العولم« -الذ كان تأسيس منظمة التجارة العالمية هو إنجازه الأساس- وتواكب مأزق »المشروع العولم« مع بروز سياسة الهيمنة الأمريكية المنفردة عل النظام الاقتصاد العالم وعل سياسة واشنطن الخارجية عموما.
ويتوقف »بيلو« أمام ثلاث لحظات ساهمت ف تعميق أزمة المشروع العولم:
* الأول ه الأزمة الأسيوية عام 1997 الت كسرت شوكة نمور شرق آسيا الفخورة بنفسها، وبينت أن واحداً من معتقدات العولمة القائم عل تحرير حركة رأسمال المال للدفع بتدفقات أكثر حرية لرأس المال، وبخاصة لرأس المال المضارب، وبينت أن كل هذه العناصر يمكن أن تزعزع الاستقرار بعمق، علما بأن الأزمة المالة الآسوة كانت الثامنة ضمن أزمات كبرة منذ تحرر التدفقات المالة ف نهاة سبعنات القرن الماض.
ولمعرفة مد عمق زعزعة الاستقرار الذ أحدثته عملة تحرر أسواق رأس المال استشهد المؤلف بالتجربة التالاندة حث سقط ملون مواطن تحت خط الفقر، والتجربة الأندونسة حث لق نفس المصر 21 ملون مواطن.
* وجاءت اللحظة الثانة ف أزمة المشروع العولم عند الانهار الذ حدث للاجتماع الوزار الثالث لمنظمة التجارة العالمة ف ساتل ف دسمبر عام 1999. ومثلت سياتل التقاطع القاتل لثلاثة منابع للسخط والصراع أخذت تتفاعل فما بنها لبعض الوقت: حث رفضت الدول النامة أشكال عدم الانصاف ف اتفاقة جولة أورجوا، وحث انطلقت معارضة شعبة ضمن منظمة التجارة العالمة عل المستو العالم من قطاعات واسعة من المجتمع المدن العالم تضم فلاحن وصادن ونقابيين ومدافعن عن البئة تضررت من اتفاقات منظمة التجارة العالمة، وحث نشبت أضا نزاعات مستعصة بن الاتحاد الأوروب والولاات المتحدة الأمركة خاصة ف الزراعة والت جر القفز علها ف اتفاقات جولة أورجوا.
وتفاعلت هذه العناصر الثلاثة لتوجد الانفجار ف ساتل، وبنما كانت الدول النامة تعلن تمردها عل دكتاتورة الشمال ف مركز مؤتمر ساتل، احتشد خمسون ألف مواطن ف الشوارع، بنما حالت الخلافات بن الاتحاد الأوروب والولاات المتحدة دون أن عملا بصورة منسقة معا لانقاذ المؤتمر الوزار، الأمر الذ جعل وزر الدولة البرطان »ستفن بارز« جاهر بالقول إن منظمة التجارة العالمة لن كون بوسعها أن تواصل الوجود ف شكلها الحال ولابد من إجراء تغرات جذرة وجوهرة حت تستطع أن تلب احتاجات أعضائها المائة والأربعة وثلاثن.
* أما اللحظة الثالثة ف أزمة المنظمة فقد جاءت مع انهار البورصات ونهاة الازدهار الاقتصاد ف عصر كلنتون، ولم كن ذلك مجرد انفجار الفقاعة وإنما كان ارهاصاً بالدخول إل دوامة احد الأزمات الاقتصادية الدورية للرأسمالية، وهو ما وصفه الاقتصاد الشهير جوزيف شومبيتر بقوله: »يبدو أن الاقتصاد العالم يتجه نحو فترة طويلة من التدمير الخلاق«.
وهو تعبير يذكرنا بشعار وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كوندوليزا رايس عن »الفوض الخلاقة«.
وباختصار فإنه يمكن القول إن الحماس الشديد الذ رافق إنشاء منظمة التجارة العالمية إثر انهيار الامبراطورية السوفيتية ف بداية تسعينيات القرن الماض قد تبدد تدريجيا، وف أقل من عقد واحد عبرت الرأسمالية العالمية من النصر إل الأزمة.. وكان الحاد عشر من سبتمبر مجرد انقلاب عل هذه الأزمة الممتدة.. ولكن الشروخ المتزايدة الاتساع ف النظام - بما ف ذلك نظم الديمقراطة الليبرالية جنبا إل جنب مع الهيمنة العسكرية الأمريكية الت لعبت دور الستارة الواقية والت لم يكن بوسعها أن تقوم بهذا الدور لزمن طويل أدت إل تحول الأزمة الاقتصادية إل أزمة شرعية، وأزمة الشرعية ه مقدمة ضرورية للتغيير.
وبالفعل فإن المرحلة الثانية من العولمة الت بدأت مع تفكيك الدولة الكينزية ف الثمانينات وصلت ذروتها ف التسعينيات استنفرت تعبيرات متباينة عن السع لبناء مجتمع آخر.
ولم تكن كل هذه التعبيرات تقدمية، وف رأ المؤلف أن ما يسم بـ »الإسلام الردايكال« كان أحد هذه التعبيرات غير التقدمية، بل انه شبهه بـ »الفاشية ف الثلاثينيات من القرن الماض«، ومهما يكن حكمنا الأخلاق عل الإسلام الراديكال فلا يستطيع أحد ان ينكر أن نجح ف نهاية القرن العشرين ف تعبئة ولاء أعداد كبيرة من الشباب عل امتداد العالم الإسلام لدرجة أن النخب الحاكمة المحافظة ف بعض البلدان الإسلامية وجدت نفسها مضطرة لاستعارة لغة هذه الراديكالية الإسلامية حت تواصل البقاء.
لكن هناك تعبيرات أخر عن رغبة مختلفة للتغيير، يمكن وصفها بالتقدمية، وبالذات تلك الت اجتمعت تحت مظلة »بورتو اليجر«، حيث أصبح موقع المنتد الاجتماع العالم بؤرة الحركة المتنامية ضد العولمة المتوحشة والملايين من الباحثين من عولمة بديلة ذات وجه إنسان.
وللحديث بقية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - التحية للاسلامين
هيما4000 ( 2010 / 3 / 31 - 22:01 )
تحليل جميل استازى لكن علينا ان نعيد تقيم الاسلام المقاوم لانة القوى الاكبر اللتى واجهت اليرالين الجدد بترسانتهم العسكرية وجيوش المفكرين مروجى نهاية التاريخ وصراع الحضارات ومروجى المسشيحية الصهيونية اصحاب شعار الحروب الصليبية واسمح لى بالاختلاف فمنظمة التجارة العالمية لاتجعل من امريكا رواندا فامريكا هى المهيمنة على المنظمة فى كل عملياتها ماقبل التصويت والمخالفات الامريكية للاتفاقات التجارية هى الاكثر وقليلا ماوقع الجزاء على شركاتها المستفيد الاكبر من المواجهة الامبريالية مع الاسلامين كانت القوى الصاعدة ف امريكا الاتينية بتكتلاتها السياسية والاقتصادية والقوى ف اسيا الصين وكثير من دول الاسيان واصارحك ان العالم ومصالح القوى المتصارعة اكبر ان تسيطر علية دولة او مجموعة دول فالفعل الانسانى يحمل الحديد داءما واتوقع انهيار اقتصادى شامل فى الدورة القادة فالمسكنات المالية والبنكية لن تجدى مع الخلل البنيوى للنظام الرأسمالى وازماتة المرحلة للمستقبل

اخر الافلام

.. تقارير تتوقع استمرار العلاقة بين القاعدة والحوثيين على النهج


.. الكشف عن نقطة خلاف أساسية بين خطاب بايدن والمقترح الإسرائيلي




.. إيران.. الرئيس الأسبق أحمدي نجاد يُقدّم ملف ترشحه للانتخابات


.. إدانة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب توحد صف الجمهوريين




.. الصور الأولى لاندلاع النيران في هضبة #الجولان نتيجة انفجار ص