الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حرّية الكذب

عادل عطية
كاتب صحفي، وقاص، وشاعر مصري

(Adel Attia)

2010 / 3 / 30
كتابات ساخرة



هناك من يريد أن يكون حراً لا أن يصبح حراً ، فإذا به ينهزم في بداية امتحان الحرًية ، فيجري وراء طيف الحرية ، معتقداً أنه يستطيع أن يفعل ما يريد !
وحرّية الكذب ، واحدة من الخطايا التي لا تليق بإنسان خلقه الله على أعظم صورة ، واسمى مثـال ؛ فهي لا تقف عند حدود أذية الغير، والذي يمارسها يتحدّى حتى وخزات ضميره .
قد نجد في الصحف والفضائيات من يمارس حرية الكذب ، وخصوصاً عندما يتعلق الأمر بمعتقدات الآخر ، ومع ذلك نجد من يجابه هذه الحرية ، ويكشف زيفها ، وخداعها ، وتأثيراتها الهدامة .
ولكني حتى هذه اللحظة ، لم أجد أحداً يواجة حرية الكذب ، التي تمارسها الفضائيات ، بوعي منها أو بدونه ، من خلال ما تبثه من اعلانات ملتمعة برّاقة ، ولكنها كالقبور المُبيّضة من الخارج وبداخلها الموت !
إعلانات كثيرة ، تخرج من عباءة الكذب ، تخدع المشاهد ، وتهز بعنف القيم والمبادئ ، التي غرسناها بإيمان وصبر في نفوس فلذات اكبادنا .
انظروا إعلاناً عن أحد منظفات الملابس ، وكيف يسكبون على قطعة من الملابس ما يلوّثها ، وكيف يصّعبون أمر نظافتها بكيّها بالمكواة ، وفي النهاية تعود القطعة أكثر نظـافة من يـوم شرائها !..
أذكر أن بعض قطرات من الحبر ، سقطت على بنطالي ، ولم أحاول اعاقة تنظيفها بأي وسيلة من الوسائل التي يتحدانا بها هذا الإعلان ، ورغم ذلك لا تزال البقع باقية وشــاهدة على خداعي !
ويمكنكم أن تقيسوا على هذا المنوال ، إعلانات أخرى لا تعد ولا تحصى عن منتجات ، تمتاز بخاماتها الرديئة ، أوتتمتع بعيوب صناعية ، وبعضها لديه أمر خفي بالتعطّب فور أن تدخل في نطاق بيوتنا !
وهنا تحضرني قصة باندورا ، التي خُلقت حسب الأسطورة الإغريقية من الماء والتراب ، ومُنحت العديد من المزايا مثل : الجمال ، والاقناع ، وعزف الموسيقى ، بينما مُنعت من فتح صندوق أُهدى لها ، ولكن حبها للفضول دفعها لفتحه ، فخرجت منـه كل شرور البشرية من جشـع ، وغرور ، وافتـراء ، وكذب ، وحسد ... أسرعت باندورا لإغلاق الصندوق ، ولكن لم يكن قد بقي فيه إلا قيمة واحدة لم تخرج ، هي : " الأمل " .
فهل من أحد يخرج هذا الأمل من قمقمه ؛ ليلامس احلامنا وتطلعاتنا ، بأن تراجع الفضائيات ما تبثه من إعلانات ، وتتأكد من صدقه قبل بثه ؟!...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عمرو الفقي: التعاون مع مهرجان الرياض لرعاية بعض المسرحيات وا


.. ثقافة البرلمان تشيد بتفاصيل الموسم الثاني لمهرجان العلمين وت




.. اللهم كما علمت آدم الأسماء كلها علم طلاب الثانوية من فضلك


.. كلمة الفنان أحمد أمين للحديث عن مهرجان -نبتة لمحتوى الطفل وا




.. فيلم عن نجاحات الدورة الأولى لمهرجان العلمين الجديدة