الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التملّق السياسي لنظام -غير ديموقراطي- جريمة بحق الانسانية

جان كورد

2010 / 3 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


‏الإثنين‏، 29‏ آذار‏، 2010
نقلت جريدة "الجماهير" الحلبية التابعة للنظام السوري الحاكم، يوم الأحد بتاريخ 28/3/2010 خبراً مفاده أن المفكر العراقي الدكتور عبد الحسين شعبان قد ألقى محاضرة أقيمت برعاية الدكتور محمد يوسف الهاشم أمين فرع الحزب بالجامعة بعنوان (تضاريس السياسة وجدل السيادة) في جامعة حلب، بعد سبع سنوات من الاحتلال الأمريكي للعراق، ذكر فيها لمستمعيه بأن "الاحتلال قد سعى إلى تحويل جميع العراقيين من شعب موحد الى اقليات مختلفة من أجل تسويق مفهوم حقوق الاقليات وبالتالي طمس الهوية العروبية للعراق، وتسفيه أي انتماء يربط بين العراقيين وامتدادهم الطبيعي والتاريخي في الامة العربية" وكذلك سعى الأمريكان إلى "تفتيت المجتمع العراقي إلى كيانات اثنية وطائفية" بدعوى "الديمقراطية الزائفة!"...
قد يبدو للوهلة الأولى بأن مثل هذا الكلام كثير، يقال ويكتب هنا وهناك، لايغيّر من الحال شيئاً، ولا يهتم به أحد لأنه مجرّد "شقشقة لسان!"، إلا أن هذا الكلام يصدر عن مفكر سياسي ومثقف عراقي كبير، ألآ وهو الدكتور عبد الحسين شعبان، الذي يكاد يمحو الحقائق التاريخية للعراق هنا، ويتملّق النظام السوري بكل صراحة... فالذي يصف "التجربة الديموقراطية" الوحيدة في العراق من عهد نوري السعيد إلى عهد نوري المالكي، بأنها "زائفة!" ليس بمفكر صادق وانما هو مخرّب سياسي فعلاً، فهو يحتقر ارادة ملايين العراقيين، مسلمين ومسيحيين وصابئة ويزيديين وفيليين وزردشتيين وملحدين ويهوداً، شيوعيين واسلاميين وديموقراطيين وليبراليين، شيعة وسنة، عرباً وكورداً ومن غيرهما، هؤلاء الذين ذهبوا إلى صناديق الاقتراع واختاروا ممثليهم في حرية لم يشهدها العراق طوال عقود...ولا يمكن أن يصدر هكذا "فكر زائف" إلا عن رجل يتملّق نظام البعث السوري، وفي مدينة حلب بالذات، المدينة التي تعاني لعقود من الزمن من فقدان الديموقراطية والحرية وتنتهك فيها حقوق الإنسان كل حين.
كيف تكون الديموقراطية الحقيقية أيها المفكّر المتملّق لنظام يعادي الديموقراطية؟
بالانتخاب وتبادل السلطة؟
بالتعددية الحزبية والسياسية؟
بحرية الصحافة؟
بحرية التنقّل؟
أم بنقد الأجهزة التنفيذية؟ ...
فإذا كانت هذه هي الديموقراطية، فقل لنا –بربّك- هل العراق يسير في هذا الاتجاه أم لا، وهل خطى خطواته الأولى على هذا الطريق أم لا...؟ لقد تغيّر عدة رؤساء في سبع سنوات، وتغيّر رؤساء وزراء في ذات المدة، وتعج بغداد بوكالات ومحطات الأنباء العراقية وبمراكز الأحزاب السياسية، وبالجرائد الحرّة التابعة للأحزاب أو لاعلاميين مستقلين، ويتمتّع فيها أبناء الأقليات الدينية والعرقية بكثير من حقوقها المنصوص عليها في الدستور...فهل كان هذا متوفراً في العهد السابق؟ عهد "الشعب العربي الموحّد!"
وما قصّة الشعب الموحّد الذي تتشدّق به فجاء الأمريكان لتقسيمه إلى طوائف وأقليات؟
هل تعتقد بأن الشعب السوري الذي تحاول اسماعه صوتك النشاز هذا جاهل أو غبي لهذه الدرجة، فلا يعلم شيئاً عن تاريخ العراق، منذ مذبحتي النجف وكربلاء، في نهاية عهد الخلافة الراشدة. ألم يكن تاريخ العراق تاريخ طوائف وأقليات باستمرار. وهل كان الشيعة يتألمون في عهد صدام "الموّحد" نتيجة سياساته الطائفية أم لا؟ وماذا كان وضع الشعب الكوردي في اقليم كوردستان العراق، والكورد الفيليين في بغداد، أثناء حكم دولة "الشعب الموحّد!" قبل مجيء الأمريكان وهروب صاحب "العراق العربي" إلى جحر ضب بالقرب من الفلوجة...تاركاً جيشه في معمعة الحرب المقدسة بدون قائد؟ ...
ولماذا توقف قتال الكورد ضد الحكومة المركزية يا أستاذ عبد الحسين شعبان؟ أما كان بامكانهم القيام ببعض العمليات كما يقوم بها الضاريون وفلول البعثيين على الأقل؟
من الذي فتت العراق إلى طوائف وأقليات، نحن الشرقيون بتفكيرنا المذهبي الطائفي المتزمت، الأقلياتي، المناطقي والعشائري، أم الجنود الأمريكان الذين لايعلمون حقيقة خلافاتنا الكثيرة بشكل جيد؟
وماذا نفع العراق تمسكه بالهوية "العروبية" حتى اليوم؟ هل حرر بها "فلسطين" أو "الجولان" أو "عربستان" أو منع جنوب السودان ودارفور والصحراء الغربية عن المطالبة بحقوقها في ادارة ذاتها، أم أن هذه "العروبية" جلبت للإنسان العراقي عار الهزائم المتتالية ومنعت عنه الحرية والديموقراطية وسلبته حقوق الإنسان؟
وماذا غيّرت "سوريا العربية!" من الخريطة السياسية وتضاريسها، سوى التنازل عن لواء الاسكندرون والحلم باستعادة "الجولان" دون قتال أو جهاد؟
المفكر عبد الحسين شعبان في سكرة "العروبية" ينسى التاريخ العراقي الذي كان على الدوام تاريخ الصراع الطائفي، وإن لم يكن علناً كما هو اليوم، بسبب توافر حرية الكلام واستخدام المنابر العلنية، وكان صراعاً بين المركز العراقي والكورد الذين شعروا على الدوام بمعاناة كبيرة وتعرّضوا لمآسي رهيبة وجرائم ابادة فظيعة على أيدي حكام بغداد، منذ الحجاج الثقفي وإلى صدام التكريتيز
المفكر الدكتور عبد الحسين شعبان، الذي يعتبر "التجربة الديموقراطية" في العراق "زائفة"، قد يرى في عودة البعثيين والضاريين إلى حكم العراق "ديموقراطية حقيقية!"، ولذا يتملّق حكام سوريا ويحاضر في حلب عارضاً نفسه كأكبر مدافع عن "الشعب الموحّد" "وعن "العروبة" في العراق، وكمعادٍ للديموقراطية التعددية "الزائفة" للمالكي والعلاوي والهاشمي والحكيم والصدر والطالباني في بغداد، ويرى في منح الكورد فيدرالية تحت قيادة البارزاني ضمن حدود العراق الموحّد تنازلاً عن "عروبة العراق"...
هذا ليس إلاّ تملّقاً وسط مدينة حلب الشهباء لنظام الأسد في دمشق، ولا يمكن أن تكون أفكاراً نبيلة لمفكر مثل الدكتور عبد الحسين شعبان، الذي كنا نأمل منه غير هذا الكلام أمام طلاب جامعة، الذين ليسوا بأغبياء ولا جهلة، ويدركون تماماً ما يجري في البلد الجار والشقيق، العراق الحر الديموقراطي التعددي الفيدرالي الاتحادي، ويتمنون لو تمكّنوا هم أيضاً من التوجه إلى صناديق الاقتراع في بلدهم بحرية مثل العراقيين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تعرف على السباق ذاتي القيادة الأول في العالم في أبوظبي | #سك


.. لحظة قصف الاحتلال منزلا في بيت لاهيا شمال قطاع غزة




.. نائب رئيس حركة حماس في غزة: تسلمنا رد إسرائيل الرسمي على موق


.. لحظة اغتيال البلوغر العراقية أم فهد وسط بغداد من قبل مسلح عل




.. لضمان عدم تكرارها مرة أخرى..محكمة توجه لائحة اتهامات ضد ناخب