الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حصن الحرية

أمينة النقاش

2004 / 7 / 22
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


فيما عدا بعض التجاوزات اللفظية والاتهامات المرسلة في الندوات العامة وفي بعض الفضائيات العربية، فقد اتسمت ردود الفعل الغاضبة علي فيلم «بحب السيما»، بقدر عال من المسئولية واحترام القانون. لم يلجأ الأقباط الذين أغضبهم الفيلم إلي التظاهر وحرق المملتكات العامة، بل لجأوا إلي القضاء حصننا الأخير لنيل الحقوق إذا كانت لنا حقوق، ولعل عدم تدخل الكنيسة في الجدل الدائر حول الفيلم، لعب دوراً أساسياً، في ضبط إيقاع ردود الأفعال الانفعالية والعاطفية الغاضبة منه، وتسييرها في إطار قانوني، وهو موقف متوقع من قيادة الكنيسة المصرية المثقفة والمستنيرة.

وبناء علي ما سبق، تنظر محكمة عابدين للأمور المستعجلة السبت المقبل 24 يوليو، دعوي من محام قبطي لوقف عرض الفيلم، بينما يترافع محامون من 15 منظمة حقوقية، بينهم أقباط دفاعاً عن استمرار عرضه، وطبقاً لما جري لفيلم «المهاجر» يتوقع كثيرون أن ترفض الدعوي، لأنها مثل قضايا الحسبة مرفوعة من غير ذي صفة أو مصلحة. كما تنظر محكمة القضاء الإداري دعوي أخري ضد الرقابة علي المصنفات الفنية، بسحب الترخيص الذي منحته للموافقة علي عرض الفيلم، وهي دعوي قد تلقي مصير سابقتها بالرفض، بعد أن جعل القانون الجهة الوحيدة التي لها حق الدعوي العمومية في الطعن علي القرارات الحكومية في قضايا الحسبة هي النيابة العامة.

ويبقي أخطر ما يواجه فيلم «بحب السيما» التحقيق الذي تجريه النيابة العامة في البلاغ الذي تقدم به أحد القضاة الأقباط، ويتهم الفيلم بازدراء الأديان، وهي تهمة تصل عقوبتها في حال ثبوتها إلي ثلاث سنوات حبس.

لقد استمعت النيابة إلي أقوال الفنانين المشاركين في الفيلم وإلي أقوال الدكتور مدكور ثابت رئيس الرقابة علي المصنفات الفنية، الذي لم يسمح بإجازة الفيلم، إلا بعد عرضه علي نخبة من كبار المثقفين بينهم أكثر من عشرة من الأقباط، وصفوا الفيلم بأنه واحد من أفضل الأفلام المصرية التي دخلت بعذوبة ورقي إلي عالم الأقباط، وصورت حياتهم الاجتماعية بشكل غير مسبوق في تاريخ السينما المصرية.

حسناً فعل الغاضبون علي الفيلم بالاحتكام للقانون، واللجوء إلي القضاء، للفصل فيما يختلفون بشأنه، ولأننا نثق قي القضاء المصري، والنيابة العامة جزء من ، الذي يحفل بتاريخ ناصع في إقرار العدالة وصون حريات الاعتقاد والتفكير والتعبير والرأي، وأنه حصن لحرية الإبداع، فإن القرار الذي نتوقع صدوره من النيابة العامة، هو حفظ التحقيق، لاسيما ومئات من المثقفين الأقباط، قد ساندوا الفيلم، ورأوا أنه لا يتضمن من قريب أو بعيد أي إساءة للدين، واعتبروا رافعي الدعاوي القضائية مفرطين في حساسيتهم الدينية، لا أكثر ولا أقل.

ولعل قرار حفظ التحقيق يكون درساً لتلك الفئات التي اعتادت أن تستسهل التكفير والتخوين علي التفكير والمصادرة والمنع علي الحوار.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. امتحان عسير ينتظر إيران بعد وفاة رئيسي.. إلى أين ستمضي طهران


.. إجماع إسرائيلي على رفض قرار الجنائية الدولية ضد نتنياهو بصفت




.. مشاهير يوجهون رسالة إلى زوجة بايدن لحثها على اتخاذ موقف تجاه


.. استشهاد 10 فلسطينيين جراء استهداف الاحتلال منزلا لعائلة الكح




.. وفاة الرئيس الإيراني ووزير خارجيته، ماهي التبعات السياسية في