الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العملة اليمنية والانهيار المتواصل

عارف علي العمري

2010 / 4 / 1
الادارة و الاقتصاد


تمر العملة اليمنية هذه الأيام بأسوأ مراحلها منذ نصف قرن تقريباً، فالريال اليمني في تراجع مستمر أمام الدولار، حيث وصل صرف الدولار إلى 222 ريالاً يمنياً –خلال الأسبوع الماضي- مع توقعات بازدياد التدهور. كثير من المتابعين توقعوا استمرار تراجع الريال أمام الدولار نتيجة عقم السياسة النقدية التي تتبعها الحكومة في الحفاظ على استمرار العملة، فالمخاوف مازالت مستمرة في هذا الجانب في ظل افتقار البنك المركزي لأدوات فاعلة في الحفاظ على سعر الصرف، باستثناء سياسته اليتيمة المتمثلة برفد سوق الصرف بكميات من الدولارات بين الحين والآخر والتي كان آخرها الاثنين الماضي بـ 100 مليون دولار لتغطية احتياجات البنوك التجارية وشركات الصرافة في اليمن من العملة الأجنبية. يأتي هذا التدهور للريال اليمني في ظل تراجع الاحتياطي النقدي الأجنبي للبنك المركزي اليمني، حيث سجلت احتياطيات اليمن من النقد الأجنبي العام الماضي قرابة سبعة مليارات دولار متراجعة بمقدار مليار و157 مليون عن عام 2008م البالغة ثمانية مليارات و157 مليون دولار.

وأظهر تقرير صادر عن البنك المركزي اليمني أن مجموعة ميزانية البنك بلغت تريليون و873 مليار ريال بارتفاع طفيف بلغ ثمانية مليارات ريال عن عام2008م.

وسجل حجم العرض النقدي ارتفاعاً بمقدار 135 مليار ليصل إلى تريليونين و12 مليار ريال بنهاية العام الماضي مقارنة مع تريليون و877 مليار ريال بنهاية 2008م.

وانخفض صافي الأصول الخارجية للجهاز المصرفي اليمني بمقدار 50 مليار ريال مسجلاً تريليون و807 مليارات ريال بنهاية ذات العام مقارنة مع تريليون و857 مليار ريال عام2008م.

في حين بلغ صافي المطالبات على الحكومة بنهاية العام الماضي رصيدا مديناً بمبلغ 533 مليار ريال مقارنة مع رصيد مدين قدره 94 مليار ريال بنهاية عام2008م بزيادة كبيرة تصل إلى 439 مليار ريال.

بينما انخفضت المطالبات على القطاع الخاص بمقدار 11 مليار ريال بنهاية العام الماضي لتصل إلى قرابة 500 مليار ريال مقارنة بـ 511 مليار ريال عام2008.

وفيما سجل حجم العملة المصدرة قرابة 552 مليار ريال بنهاية العام الماضي.. ارتفع الرصيد القائم لقيمة سندات الحكومة (لفترة ثلاث سنوات) إلى قرابة 366 مليار ريال، وهي سندات خاصة بصناديق التقاعد والتأمينات بدأت الحكومة بإصدارها منذ بداية عام2009م لمدة ثلاث سنوات بفائدة 7 بالمائة.
انهيار الريال المتواصل امام العملات الاجنبية ينحني منحى الخطر من خلال ازدياد عدد الفقراء وسحق الطبقة المتوسطة, مما يؤشر على انهيار الدولة في اليمن, فخلال عشرون عاماً من عمر الوحدة لا زالت العملة في انهيار مستمر, ويوشك ان ياتي اليوم الذي يرتفع فيه الدولار امام الريال اليمني الى الف ريال .
قلق من مصير مجهول لعملة وطن عريق
استمرار تدهور قيمة الريال اليمني أمام الدولار الأمريكي الذي وصل الى 222 ريال مؤشر اعتبره اقتصاديون فشلاً للسياسة النقدية المتبعة من قبل البنك المركزي اليمني المعتمدة على رفد السوق بالعملة الصعبة دون وجود دراسات مسبقة عن حجم الطلب وهو ما يعني استنزاف الاحتياطي النقدي من العملة الأجنبية للبلاد من قبل المضاربين.
الارتفاعات المتكررة للدولار أمام الريال لا تخضع لعوامل اقتصادية خاصة وأن الواردات ثابتة والأسعار العالمية للسلع الغذائية منخفضة وهو ما يؤكد عدم وجود سياسة كلية متناسقة تأخذ في الحسبان الجانبين المالي والنقدي والجانب الحقيقي حيث نجد أن السياسة المالية لا ترتبط ارتباطا وثيقا بالسياسة النقدية لعدم وجود تنسيق على مستوى الاقتصاد الكلي بين الجهات المعنية كما لا يوجد اتفاق بين إدارة الاقتصاد الحقيقي والسياستين النقدية والمالية.
عدم وجود دراسات واقعية للوضع الاقتصادي تساهم في طمأنة المتعاملين في السوق المحلية جعلت القرارات المتخذة في الشأن الاقتصادي تعتمد عل التخمينات وتستند إلى توقعات مرتبطة بالشائعات أكثر من ارتباطها بالحقيقة.
ويؤكد اقتصاديون أن مسلسل تراجع الريال أمام الدولار سيستمر وذلك نتيجة افتراض البنك المركزي منذ تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي أن سعر الريال الحقيقي أمام العملات الأجنبية أعلى مما هو موجود وبالتالي انتهج سياسة تسمح في مضمونها بارتفاع تدريجي في سعر الدولار وهذه هي أحد الأخطاء التي أدت إلى تراجع حقيقي وملموس في سعر الريال ما جعل المتعاملين يؤمنون بحقيقة أن التراجع في سعر الريال عملية مستمرة وبالتالي يكون الدولار اضمن لحفظ المدخرات من الريال,وكان المفترض من البنك المركزي عند تحريره سعر الريال أن السعر الذي كان في منتصف التسعينات هو سعر حقيقي ويضع السياسات المناسبة لاستقرار سعر الصرف عدا الحالات التي تبررها ظروف اقتصادية.
والكارثة أن رفد البنك المركزي للسوق المحلي بالدولار ليس مرتبطا بحجم الطلب والاستيراد الحقيقي وكمية المتحصلات من العملة الصعبة وبالتالي حجم الفجوة اللازم تغطيتها وهو ما يتطلب بالضرورة دراسة حجم الطلب بالتنسيق مع وزارتي التخطيط والمالية لعمل سياسة متكاملة اقتصادية ومالية تعزز عملية النمو الاقتصادي والحد من الاستيراد غير الضروري وتعزيز جانب التصدير غير النفطي إلى جانب طمأنة المتعاملين بالعملة الوطنية.
كما يرجح الخبراء عدم استقرار سعر العملة الوطنية إلى وجود أشخاص من مافيا الفساد تقوم بالمضاربة من أجل هز الثقة بالاقتصاد الوطني وبالتالي هز الثقة بأسعار الصرف والاستفادة من عملية البيع والشراء في العملة وهذه الأعمال لابد من دراستها واتخاذ الإجراءات للحد منها.
كما يعتبر الدور القاصر للبنوك التجارية المحلية في عملية التنمية أحد الأسباب الرئيسية لعملية المضاربة كونها تأخذ ولا تعطي كما أن القانون الذي ينظم نشاط الصيارفة أعطاها كافة الامتيازات دون ان يكون عليها أي واجبات فمثلا هناك دول عربية لا تمنح شركات الصرافة تراخيص مزاولة المهنة إلا من خلال ربطها بالبنوك التجارية وإعطائها حداً معيناً للتعامل اليومي وما فاض على ذلك يتم توريده للبنك المركزي لكن في اليمن يتم تهريب أو إخراج الفائض إلى الخارج ووضعه في البنوك التجارية كما أن فتح باب الاستيراد على مصراعيه دون هوادة أحد العوامل للمضاربة بالدولار لأنه اختلط الحابل بالنابل بدعوى الانفتاح الاقتصادي الأمر الذي أدى إلى اختلال هيكلي في ميزان المدفوعات الذي رافق تحرير حساب رأس المال وكل ذلك على حساب إيرادات النفط التي أصبحت تشكل ما يزيد عن 90 % من صادرات اليمن السلعية بالإضافة إلى انتشار واتساع ظاهرة الدولاره.
الجمعية اليمنية لحماية المستهلك اعربت عن قلقها البالغ لهذا التدهور الحاد لسعر صرف الريال ، لافتة إلى أن هذا التدهور يزيد من قلق المستهلكين خصوصا وأن اليمن يستورد ما تزيد نسبته عن 95 بالمائه من احتياجاته الأساسية من الخارج .
الجمعية وفي بيان طالبت الحكومة سرعة إتخاذ إجراءات فاعلة ومسؤولة بالشراكة الحقيقية بين السلطات النقدية وكافة الجهات المؤثرة في السوق بغية التوصل الى خطوات عاجلة لمعالجة هذا التدهور ، التي أكدت تأثيراته المباشرة على أسعار السلع الأساسية و تفاقم ظاهرة التضخم السعري .
ووفقا لبيانات حديثة للجمعية اليمنية لحماية المستهلك فان هناك أكثر من عشرة ملايين من فقراء المستهلكين في اليمن -اي نصف السكان - بينهم ثلاثة ملايين تحت خط الفقر يعجزون عن الايفاء باحتياجاتهم الأساسية ، مشيرة إلى أن ٢٣٪ من الأطفال يعانون من عوز الغذاء.
الايفاء باحتياجاتهم الأساسية ، مشيرة إلى أن ٢٣٪ من الأطفال يعانون من عوز الغذاء.
وأوضحت جمعية حماية المتسهلك إلى أن من شأن ذلك أن يضيف أعباء على كاهل المستهلكين الذين يواجهون صعوبات كبيرة في الايفاء باحتياجاتهم الأساسية وبلوغ الحد الأدنى المفترض من الأمن الغذائي والاستقرار المعيشي -( ما يعني بلوغ حد المجاعة وفقا لمتخصصين) .
وأعربت الجمعية عن أملها في أن يتركز اهتمام وزارة التجارة والصناعة في الوقت الراهن على إعادة إحياء الجمعيات الاستهلاكية التى تعنى بالتموين الاستهلاكي كونها تشكل مطلبا ملحا في ظل سوق استهلاكية تعاني من مظاهر الاحتكار والاستغلال وعدم الاستقرار في الاسعار وتفتقد الى التنافسية، وهو ما يشكل تناقضاً صارخاً مع آلية السوق والضمانات التي يكفلها قانون تشجيع المنافسات ومنع الاحتكار.

والى ذلك حذّر مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي من تدهور سعر الريال اليمني إثر تراجع احتياطي النقد الأجنبي إلى حوالي 6 مليار دولار، بما لا يغطي سوى 8 أشهر من الواردات الأساسية فقط.
وقال المركز في بيان "إن الاختلالات التي يعانيها الاقتصاد اليمني، جراء تراجع الصادرات اليمنية مقابل الواردات، يضع العملة اليمنية "الريال" أمام تحد صعب، لاسيما مع تراجع احتياطي اليمن من النقد الأجنبي إلى نحو 6 مليار دولار، بنقص ملياري دولار عن بداية العام الجاري".
واعتبر أن ضخ البنك المركزي لكميات كبيرة من النقود المخزنة لديه، وطباعة فئات جديدة من العملة اليمنية "الريال" سيترتب عليه زيادة في التضخم، وارتفاع في أسعار السلع والمنتجات في الأسواق.
وأوضح المركز أنه تابع بقلق ضخ كميات كبيرة من فئة "100 ريال، و 50 ريالاً" للسوق، دون أن يواكبه نمو اقتصادي وإنتاجي في الاقتصاد الوطني، الأمر الذي يضعف قيمة العملة، ويزيد من حدة الأسعار.
وطالب المركز، البنك المركزي بإعادة النظر في إدارته للسياسة النقدية، بما يوقف تآكل الاحتياطي النقدي لليمن، من خلال تنشيط حركة الصادرات للمنتجات والسلع اليمنية، وإعادة النظر في نفقات الموازنة، وجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية، وتنشيط القطاعات الحيوية كالسياحة والأسماك .
والى ذلك اعتبرت أحزاب اللقاء المشترك التدهور المريع للعملة الوطنية (الريال اليمني) أمام العملات الأجنبية أهم وأخطر مظهر للتدهور الاقتصادي والمالي.
وقال المجلس الأعلى للقاء المشترك في بلاغ صحفي إن التبريرات التي تقدمها السلطة للتدهور المريع لسعر الريال لا تعني سوى أنها فقدت القدرة والأهلية في مواجهة هذه المشكلة الخطيرة التي نتجت في الأساس عن سياساتها الخاطئة وإهمالها لقضايا ومعاناة الناس.
وحذر مجلس المشترك الأعلى من خطورة تدهور سعر صرف الريال على الحياة المعيشية للمواطنين، مؤكداً بأن هذا التدهور المريع للريال يضيف عبئاً كبيراً على كاهل الشعب بسبب ما يقود إليه من آثار سلبية وخطيرة على الوضع الاقتصادي والمعيشي للمواطنين .
وقال البلاغ الصحفي - أنه لا يمكن النظر إلى الموقف السلبي للسلطة والحكومة وأجهزتها تجاه ما يكتنف الأوضاع الاقتصادية من تدهور خطير إلا بأنه تواطؤ يعكس الفساد وعدم الكفاءة في إدارة شؤون البلاد.
وأضاف: إن التدهور الخطير في سعر صرف الريال يضع حياة المواطنين ومعيشتهم في طريق المجهول فالغلاء الذي يطحن المواطنين في معيشتهم سيزداد حدة وخطورة حيث أن القيمة الحقيقية للأجور والمرتبات ستنخفض إلى أدنى معدلاتها مما ينذر بكوارث اجتماعية خاصة وأن إصلاحات الأجور والمرتبات قد توقفت عند المرحلة الثانية من إستراتيجية الأجور، وبلا مبالاة بالاستحقاقات التي ترتبت عن رفع الدعم عن المواد الغذائية وإطلاق حرية الأسعار العشوائية المنهكة والمهلكة للمواطن والتي فاقت قدرت تحمله.
ودعا المشترك منظمات المجتمع المدني والنقابات للتصدي لهذه السياسات الخاطئة التي أدمنتها الحكومة بمختلف الوسائل والاحتجاجات السلمية لأن مواصلة السير في هذا الطريق الخاطئ ستكون له عواقبه الوخيمة على الجميع.


اطلالة على مراحل العملة اليمنية
- بعد قيام ثورة 26 سبتمبر 1962، قامت وزارة الخزانة آنذاك بسك الريال الفضي الجمهوري في مصر، كأول عملة وطنية أصدرت أواخر عام 1963. كما أصدرت وزارة الخزانة أواخر عام 1963 مجموعة من المسكوكات المعدنية سميت بالبقشة، مع العلم أن الريال يساوي 40 بقشة.
- بعد قيام ثورة 14 أكتوبر 1963، قررت سلطات اتحاد الجنوب العربي إقامة مؤسسة النقد للجنوب العربي. وفي الأول من نيسان 1965، وضع الدينار اليمني في التداول كأول عملة وطنية خاصة بالشطر الجنوبي من اليمن، لتحل محل العملة القديمة، وهي شلن شرق أفريقيا. وظهرت من الدينار عملات معدنية مختلفة.
- في مايو 1990، تقرر أن يعتبر الريال والدينار وحدة العملة الرسمية لليمن وأن يعتبر كل منهما قابلا للتداول ووسيلة دفع قانونية بقيمة تبادلية 26 ريالا للدينار. واستمر الدينار والريال يتداولان معاً حتى عام 1996، حين سُحب الدينار من التداول خلال فترة 3 أشهر في أعقاب صدور ورقة الـ200 ريال في مارس 1996، ومنذ 11 يونيو 1996 أصبح الريال هو العملة الوحيدة لليمن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عمال المحارة الترند عملوا فيديو جديد .. المنافسة اشتدت فى تل


.. أسعار الذهب اليوم الأحد 19 مايو 2024




.. الأسبوع وما بعد | قرار لبوتين يشير إلى تحول حرب أوكرانيا لصر


.. بنحو 50%.. تراجع حجم التبادل التجاري بين تركيا وإسرائيل




.. العربية ويكند الحلقة الكاملة | الاقتصاد مابين ترمب وبايدن..و