الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خماسية الخريف

ابراهيم البهرزي

2010 / 4 / 1
الادب والفن


يكتبُ بغزارة
مُغتنماً الايام َ المعتّقةَ
تلك التي تلْصفُ في قعر الدنّ
متحاشية ً الانسكابَ ...
يكتب ُ بلزوجتها الكثيفة َ
كأِنَّ يداه ُ ساقا ذبابة ٍ
تورّطتا :
(هَزجا ً يحك ُّ ذراعه ُ بذراعه ِ
فِعلَ المُكبِّ على الزناد ِ الاجذم ِ )
ذاك َعنترة َ الذي كان َ يقتحم ُ بغزارة ٍ
نبيذ َ الموت ِ .....
وهو َ
حيث ُ لا نبيذا ً يُميت ُ
ولا معركة ًواحدة ًمُشرّفة ً
يكتبُ بغزارة ٍ ,
اسْتيقظ َ متاخّرا ً عن عَبث ِ الصحو َِ
التفت َ الى الامام ِ
حيث ُ يتربّص ُ ذلكَ الظل ُّ المسلوخ ُ عن ظُلمة ِ النفْس ِ
ومَضى الى الوراء قُدما ً
كمغزلٍ يتراجع ُ عن ذخيرة ِ نَسيجه ِ
يتحرّر ُ نحيلا ً كأزْميلٍ
ويكتب ُ بغزارة
على القلب ِ
على قلبه ِ المحزّزُ بتلكَ السطورِ الناغرة ِ.....

(2)



تجلس ُ الكراسي على عُشْبة ِ الحديقة ِ
لا يجلس ُ عليها احد ٌ ,
له ُ طريقة ٌ في التربّع ِ على الارض ِ
والتأمّلِ في فراغ ِ الكراسي
انّه ُ ينتظر ُ تلك َ الريح ِ المُفاجئة ِ
ريح َ اواخر ِ الخريف ...
حَسنا ً ها قد هبّت ْ تلك َ الريح
فَصارَ له ُ انيسا ً يشغل ُ الكراسي ...
في خريفه ِ ينتظرُ تلك َ الاشياء َ :
الورق ُ الاصفر ُ الاحمرُ المذهّب ُ
يَستلقي من تعب ٍ على الكراسي
الورق ُ الاصفرُ المتساقط ُ من اشجار ِ حديقته ِ
واشجاره ِ...

(3)
حين َ زلّت ْ به ِ قدمه ُ
منَ الدُرجة ِ الأولى في السُلّم ِ
لم يك ُ ثملا ً
ولا مُبّلل َ القدم ِ او حافيا ً
ولا الدُرجة ُ عوجاء َ كما تقول ُ الامثال ُ السائرة ُ
أِنّه ُ , ومثله ُ الكثيرُ , وربّما الجميع ُ
يَسقطون َ من الدُرجات ِ الاولى للسلالم ِ
حين ينمو في قراراتهم العميقة ِ
مِثل َ ورم ٍِ غير َ محسوس ٍ
ذلك َ الايمان ُ بأنَّ :
صعود َ السلالم ِ وهبوطها
ليس َ الا ضَربا ً من العادات ِ السيّئة ِ ..


(4)


لا امتلك ُ ايمانا ً جازما ً بهذه ِ الحكاية
رغم َ انني استعيدُها مرارا ً بنشوة ِ اليقين ِ :
كان َ منزل ُ جدي يطل ُّ على مُنحدرِ النهر ِ
وكانت جدتي تكرّر ُ موّالها :
لاتهبط َ النهرَ ابدا ً , فجنيّة ُ الماء تخْطفُك َ
ولن تعود َ ابدا ً للمنزل ِ ...
وأَوّلُ ما حلَّ ماء ُ الذكورة ِ بي
أِلْتهبَتْ بي رغبة ٌ لجنيّات ِ الماء ِ ,
على حَذر ٍ كنت ُ اهبط ُ الماء َ
ثمَّ صرتُ اتجاسَرُ رُويدا ً
حتى صرت ُ ابلغ ُ الجهةَ الاخرى من النهر ِ واعود ُ للمنزل ِ
وكان سروالي َ الداخليَ المُبلل َ ,
حين تصر جدتي على امتحان صدقي به
يكشف ُ عن عقوقي
--جنيّات ُ الماء ِ يّسْتأْمنَّ الاولادَ عاما ً ورُبّما عامين ِ , فلا تتباهي !
هكذا تريد ُ توكيد َ حكمتها بَطيئة َ الاستجابة.ِ..
منزل ُ جدي المطل ُّ على النهر ِ تهدّمَ , وشَحبَ النهرُ
حتى غدا ساقية ً واهنة ً
غير اني في هذا الخريف ِ الحقيقي
اجد ُ كلّما عدت ُ صوب َ تلك الاطلال
اجد ُ َ الكثير من الجنيّات ِ اللواتي كنت ُ آويتَهن َّ بمنزل ِ جدّي
بعيدا ً عن عيون ِ جدّتي ,
يُراودنَني على العودة ِ صوب َ نهر ِ اعراسنا المُتواري ..
وهذه قصّة ٌ حقيقيّة ٌ
عشتُها بملأِ اليقين ِ
انا ذلك الماديُّ الديالكتيكيُّ الامينْ......

(5)




تاخذ ُ المنزل َ أَمْ الحقيبة َ ؟
تاخذ ُ الطائرة َ أَمْ المقبرة َ ؟
تاخذ ُ الحنين َ ام الحنان َ ؟
تاخذ ُالذكرى ام النسيان ؟
تاخذ ُ الجار ام السطوحَ المفوحة َ ؟
تاخذ ُ الهويّة َ ام الهواية َ المزمنةَ ؟
تاخذ ُ الطمانينة َ ام المغامرة َ؟
تاخذ ُ الرفقة َام الاكتشاف ؟
تاخذ ُ الامَّ ام الزوجة َ ؟
تاخذ ُ الثلج َ ام الشمسَ ؟
تاخذ ُ الصحّة َ ام الطبيب َ؟
تاخذ ُ الاهل َ ام الجنّة َ ؟
هذه ِ كلّها بالتاكيد ِ اسئلة ٌ سخيفة ٌ في قصيدة ٍ سخيفة ٍ..
لانك َ حين َ لا تكون ُ سخيفا ً ينبغي ان تقول َ :
آخذ ُ المنزل َوالجّنة َ والطائرة َ والصحّة َ والمقبرة َ والطبيب َ والذكرى والمغامرة َ والحقيبة َوالهويّة َ والحنان َوالاكتشاف َوالحنين َ والهويّة َ والنسيانَ والرفقة َ والجار َ والشمسَ والامَّ والثلج َوالهواية َ المزمنة َ والزوجة َ والاكتشاف َ والسطوح َ المفتوحة َ والطمأنينةَ والصحّة َ وكل ما لا تدري...
الخيارات ُ احيانا ً
تجعلك َ ان لا تختار َ سوى السؤال السخيف...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ما أشبه فتق الريح بدن الخمر!
حميد ( 2010 / 4 / 1 - 15:59 )
الأخ إبراهيم
مثل هذا الكلام قاله قبلك تي أس إليوت وعديدون.السؤال الصعب جدآ هل نستطيع أن نقف بأقدام ثابتة في أرض من الطين.ستقول بما لديك من طيبة نعم فعلت ذلك. لكن العبرة دائما في الخاتمة أي أن نقف ثابتين دائما في أرض طينية زلقة. بين الصدق والكذب هناك شعرة واحدة وما أشبه فتق الريح ـ الكروة ـ بدن الخمر، أليس كذلك؟!.محبتي .مثنى حميد


2 - لماذا لم يعدنا الدجالون بالشعر في الجنة ؟
الحكيم البابلي ( 2010 / 4 / 1 - 18:49 )
عزيزنا البهرزي
كنتُ وددتُ لو أسهبت في المقطع الرابع من القصيدة ، أو فصلته عن بقية المقاطع ، وأوصلتهُ بسفر أو أسفار أخرى
ربما هي طريقة الشاعر في إبتسار الحلم أو الحقيقة ، وهي طريقة جميلة للتشويق والتكهن كلٌ على طريقته ، لكنها تبقى عند البعض وكأن الشاعر قدم لنا رشفة خمر مقدسة وختم فوهة الدن بالشمع
ومع هذا يبقى المقطع الرابع مدخلاً لقصيدة أطول تأخذنا لعالم الثمالة بكل موسيقاه وألوانه الغريبة ، أو للوحة نثرية مموسقة تسكرنا بالحرف المعتق في ذاكرة الشاعر وجنيات تحليقه في سماوات لا تفتح أبوابها للمخصيين فكرياً
أشعارك يا صاحبي خمرة لن يرفضها حتى من كان يصدق إنه سيمنع من دخول الفردوس - الموعود - إذا شربها
تحياتي


3 - ادمان واستفسار
علي السعيد ( 2010 / 4 / 1 - 21:59 )
أرضيت بمروج التمدن وأفل قلمك عن كتابات الحوار والسياسة ؟ أم قد حدث شيء لا نعلمه ؟أو قد جعلت الشعر أكثر صدقا من كلام الحوار والسياسة ؟ في أجواء السياسة وواقعنا حديث لا ينتهي ,فحياتنا كما عهدناها مابين الشك واليقين ,مابين الحقيقة والسراب , كيف ... ونحن في أزمة واحباط في أجواء ملغمة ومسمومة . مع تقديري واحترامي...وشوق لمن يكتب ويمضي دون عذر أو وداع .


4 - توفر عناصر الثراء هذه في قصائدك
حميد ( 2010 / 4 / 1 - 22:07 )
الأخ إبراهيم
تكملة لتعقيبي على قصيدتك.في العادة إنني لا أدخل في صفحة أديب أو كاتب إلا إذا كنت أكن لما يكتبة التقدير والإحترام لكني أحاذر من المديح الذي يشي بالتملق والسطحية والإخوانية الزائفة...الشعر الجيد , وأنت مني أعرف , هو الذي يفسر بطرق مختلفة ويثير في المتلقي نوازع مختلفة وشجون وإستفزازت متقابلة بين الأديب وقارئه.توفر عناصر الثراء هذه في قصائدك هي التي دفعتني للكتابة أسفل قصيدتك.لست ناقدآ ولا أدعي الحكمة المخصية المقنعة بالرهاب لأقول أكثرمن ذلك بل أنا قاريء متواضع وحين أعجب بقصيدة شاعر أوجه له النقد البناء وأطالبه بالتحليق الحقيقي إلى درجة النبوة بمعناها المادي وليس الميتافيزيقي.محبتي وأحترامي. مثنى حميد مجيد


5 - رائع
رحيم الغالبي ( 2010 / 4 / 2 - 01:14 )
لااقول غير مبدع ورائع انك اكبر من اقوالي....


6 - اوافق الحكيم البابلي
سهاد امجد ( 2010 / 4 / 2 - 07:47 )
الاخ النبيل البهرزي
أتفق مع الحكيم البابلي بخصوص المقطع الرابع، وانا ارى ان الاخوانيات بدأت تنحسر وبدأ البابلي يصحو من نشوته بعد ان راجع معاني كلمة امتداد. هل بالامكان بعد ان خفت موجة الاخوانيات ان اطلب منك بود ان ترفق بقواعد اللغة العربية لكي تكون امتدادا حقيقيا لكبار شعرائنا، ربما ان تترك تحريك الكلمات لكي لا تزيد الطين بلة. لا بأس ان تطلب من احد الاصدقاء العارفين بقواعد اللغة العربية لكي يشرف على لغة القصيدة. وكما تعرف وانت استاذنا بأن اداة الشاعر هي لغته، والله والله لم اكن اود ان اطرح هذا لولا محبتي لشعرك.


7 - قصيدة استثنائية لشاعر استثنائي
صديق ( 2010 / 4 / 3 - 04:09 )
القصيدة المنشورة للشاعر ابراهيم البهرزي هي استثنائية لشاعر استثنائي اسس لفرادته منذ مدة طويلة و لكن ملاحظات المعلق سهاد امجد ينبغي ان تؤخذ بنظر الاعتبار فيما يخص اللغة .
حيث لا نبيذاً يميت مثلا ، فنبيذ ينبغي ألاّ تنون لانها نافية للجنس و يكون الصحيح لا نبيذَ
.
ورد ايضا في القصيدة : في خريفه ِ ينتظرُ تلك َ الاشياء َ :
الورق ُ الاصفر ُ الاحمرُ المذهّب.
و الصحيح الورقَ الاصفرَ لانها بدل لمبدل منه مفعول به - تلك - .
و ورد ايضا لا تهبطَ النهر بفتح آخر الفعل تهبط و لما كانت لا هي ناهية فينبغي ان تكون اصل الحركة السكون لا نها جازمة و لكن التقاء ساكنين يجعل الحركة الصحيحة الكسر فيكون الصحيح لا تهبطِ النهر
ورد ايضا مايلي : وكان سروالي َ الداخليَ المُبلل َ ,
يكشف ُ عن عقوقي .
و الصحيح سروالي بدون تحريك و اصل الحركة الرفع لانه اسم كان منع من ظهور الحركة الثقل. ثم تأتي صفاتها الداخلي بالضم لانها صفة لمرفوع.
و جاء في القصيدة : هكذا تريد توكيد حكمتها بطيئةَ الاستجابة اي بفتح كلمة بطيئة و الصحيح بالكسر لان حكمتها مضاف اليه مجرور و ليس مفعولا به و توكيد هي المفعول به
مع ود


8 - الى صديق
سهاد امجد ( 2010 / 4 / 3 - 09:03 )
بما انك صديق للكاتب، اما كان اولى بك ان تخاطبه مباشرة، وارى انك صرفت وقتا في التنبيش ولكنك مع الاسف لم تر الاكثر نشازا قواعديا.
كأِنَّ يداه ُ ساقا ذبابة
فغاب عنك ان اسم كأن وهو مثنى ينصب بالياء (كأن يديه)، فلا تلم صديقك ايها (الصديق).


9 - تعليق
سيمون خوري ( 2010 / 4 / 3 - 09:18 )
أخي إبراهيم العزيز ، القصيدة بصدق جميلة جداً وتحمل أفكاراً ربما تعبر عما يراودنا في بلدان المنفى ، أعجبني جداً المقطع الثالث والرابع . ربما لكون له صلة مخفية بموضوع كراسي الحكم التي نتمنى أن تصبح فارغة عما قريب من شاغليها. أخي إبراهيم كل التقدير لك مع تحياتي


10 - النص الاول
فاطمة الفلاحي ( 2010 / 4 / 3 - 17:15 )
المكرم ابراهيم البهرزي


في النص الاول راق لي توظيف الصور وتكثيف صورها الشعرية ، وبالاخص تدجين الكلمات وتطويعها وفق ذاكرة مكتنزة بالذيذ من الصور الشعرية


كنت القاً ، وشكرا لهذا الجمال

اخر الافلام

.. بطل الفنون القتالية حبيب نورمحمدوف يطالب ترمب بوقف الحرب في


.. حريق في شقة الفنانة سمية الا?لفي بـ الجيزة وتعرضها للاختناق




.. منصة بحرينية عالمية لتعليم تلاوة القرآن الكريم واللغة العربي


.. -الفن ضربة حظ-... هذا ما قاله الفنان علي جاسم عن -المشاهدات




.. إصابة الفنانة سمية الألفى بحالة اختناق فى حريق شقتها بالجيزة