الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أسرى سايكس بيكو

ثائر دوري

2004 / 7 / 22
الادب والفن


من رواية صدرت طبعتها الإلكترونية على موقع ناشري الإلكتروني
http://www.nashiri.net/
الكتب الإلكترونية – الرواية

نواة المشفى الأساسية ، التي بناها الفرنسيون ، هي عبارة عن بناءين متعامدين على شكل حرف
L
وفق الطراز الكولونيالي الذي كان سائداً في ذلك الوقت ، سقوف عالية مغطاة بقرميد أحمر ما زال محافظاً على لونه رغم مرور أكثر من نصف قرن عليه . و يشغل هذه النواة حالياً أقسام أمراض العين و جراحتها و التوليد و الأمراض النسائية و الجراحة العظمية و أمراض الأنف و الأذن و الحنجرة ، و غرف عمليات يطلق عليها الآن ، غرفة العمليات القديمة .
اختار الفرنسيون هذا المكان لأنه كان بعيدا عن المدينة ، وسط بساتين البرتقال القريبة من البحر وزرعوا حوله أشجار صنوبر و نخيل و صفصاف . و بعد الاستقلال ظل هذا المكان أشبه بحديقة إذ كان يتنزه به سكان المدينة أيام عطلهم و في أيام الربيع . لكن في ستينيات هذا القرن بدأ الزحف العمراني ، فاقتربت المدينة رويداً رويداً ، ببطء لكن بثبات ، و في ذلك الزمان أضيف إلى المشفى من الجهة الشمالية مبنى جديد مكون من خمس طبقات ، يشغلها اليوم : قسم الجراحة ، و غرف العمليات الجديدة ، و جناح الأطباء .
بني هذا المبنى و فق طراز المباني السائد عالمياً في الستينيات ، أسقف أقل ارتفاعاً و تمديدات الكهرباء خارجية و لم يحسب حساب المصاعد إلا بعد تعديلات تمت في السبعينيات و بالطبع تم بناء هذا القسم على حساب قطع الأشجار . و في السبعينات أضيف مبنى جديد من الجهة الشرقية مكون من خمس طبقات أيضا على الطراز السائد عالمياً في ذلك الوقت ، لذلك فإن أسقفه أقل ارتفاعاً و تم تزويده بالخدمات من المصاعد إلى تمديدات الكهرباء الداخلية . و أخيراً في التسعينات أضيف قسم الإسعاف من الجهة الغربية . و بهذا تمت إحاطة النواة الأساسية التي بناها الفرنسيون بالمباني فأخفيت تماماً عن عين الناظر الخارجي ، لكن من يدخل إلى المشفى سيكتشف سريعاً أن النواة الفرنسية هي مركز المشفى ، و أن المباني الجديدة رغم حجمها الكبير هي مجرد إضافات و لا تملك أي انسجام بأنماطها المعمارية المختلفة ، فكل منها يعكس الطراز المعماري السائد عالمياً وقت بنائه . يضاف إلى ذلك محاولات لمهندسين معماريين فاشلين لإضافة لمسة من فن العمارة الإسلامية على هذه المباني ، و ذلك بوضع قوس هنا و آخر هناك فزاد ذلك من تنافر المباني و عدم انسجامها . كما أن أشجار الصنوبر و النخيل انقرضت بسبب القطع المستمر و إحلال كتل الباطون مكانها . لقد تحول المكان إلى كتلة من الباطون و تجاوزته المدينة في توسعها فوصلت المباني إلى شاطئ البحر و صار الشارع الرئيسي يمر من أمام باب المشفى الواقع في الجهة الشرقية .
قال :
- تشويه حقيقي ، كم يشبه هذا المشفى تاريخنا الحديث ، نواة فرنسية و إضافات لا تمتلك أصالة و لا روح مبدعة ، و لا أي انسجام . أبدلنا الأشجار بكتل من الباطون المتنافر و كل ما بنيناه يتمحور على النواة الفرنسية .
نحن أسرى لسايكس بيكو . فالمدن خط مراكزها الفرنسيون و نحن بنينا بشكل مشوه حولها ، القانون مترجم بتصرف عن القانون الفرنسي ، و هذا التصرف هو أسوأ من النقل الحرفي . سمعت اليوم في الأخبار أن بعض أهل جزر القمر يطالبون بعودة الاستعمار الفرنسي .
هز رأسه و قال :
- هكذا استقلال يؤدي لهذه النتائج .
صمت برهة ، ثم كررت من جديد :
- نحن أسرى لسايكس بيكو .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عاجل.. تفاصيل إصابة الفنانة سمية الألفى بحالة اختناق فى حريق


.. لطلاب الثانوية العامة.. المراجعة النهائية لمادة اللغة الإسبا




.. أين ظهر نجم الفنانة الألبانية الأصول -دوا ليبا-؟


.. الفنان الكوميدي بدر صالح: في كل مدينة يوجد قوانين خاصة للسوا




.. تحليلات كوميدية من الفنان بدر صالح لطرق السواقة المختلفة وال