الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حواسم جديدة بعد موسم الانتخابات

عباس جبر

2010 / 4 / 1
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق


يبدو إن هناك مشكلة كبيرة في بنية المجتمع العراقي لايفهمه إلا الراسخون في العلم ، وان كان البعض من العلماء جازف نوعا ما بتفسير بعض الظواهر الاجتماعية للمجتمع العراقي وتحذلق حينا وتفلسف حين أخر كما هو الحال في الدكتور علي الوردي ، الذي اغنى المكتبة من كتبه مثيرة للجدل ، لمحات اجتماعية ن ودراسة في طبيعة المجتمع العراق ، أو كتابه شخصية الفرد العراقي ، وكل ما كتب الوردي يعلم انه ينحت بصخر ويغرف من بحر ، في مجتمع غلب عليه الولاء للعشيرة وللطائفة ، أما الوطن فانه مفهوم متذبذب لدى العراقيين تغلب عليه المجاملات والمزايدات لحساب هذه الفئة أو تلك ، وكل ما كتبه الدكتور لا يتعدى إن يكون ألا إلقاء حجارة في ماء راكد ، ائار فيها الجدال بين المثقفين ولم يصل رحمه الله إلى إشباع لإسالته ، بل على العكس كسب العداء من رجال الدين والمثقفين على حد سواء حتى قال في حوارات خاصة انه اقسم إن لا يجادل عراقي ، لقد اعزي الازدواجية في تركيبة الفرد العراقي من طبيعة البداوة والنظام الزراعي الذي رزح عهود طويلة في ظل النظام الإقطاعي ، إذ غلب على ابن الصحراء أن يكون قاسيا وينظر إلى الأمور من جانب الغلاظة ، أما الريفي فانه ينظر إلى الأمور من جانب عاطفي وبكائي ، وقد يلجا الريفي إلى استعمال كل الوسائل للوصول إلى غايته كالمسكنة واستدرار عطف الأخر ، وكما نعلم ليس هناك ثوابت في علم المجتمعات فما يصح في مجتمع غربي قد لا يصح في مجتمع شرقي له تقاليده المتميزة التي غلب عليها القهر والظلم وتجنب السلاطين ، ولعل وسائل الاعتراض في العراقيين أيضا تختلف عن غيرها في بلدان أخرى كأمريكا ، و هذا ناجم من إن الشعب في واد والحكومة في واد وليس هناك نقطة التقاء وبهذا ضعفت المواطنة عند الشعب ، واستفحلت المخاتلة والاستئثار عند الحكام ، وما أن تضعف الحكومة ويتوقف الرقيب الأمني حتى تبرز صفة الانتقام عند الشعب المستضعف ، وأول ما يلجا إليه نهب ممتلكات الدولة حيث يعتبرها مباحة حتى وان كانت ليس ذي فائدة ، وقد شهدت السنوات القريبة الماضية ثورة الجياع والحفاة والعدوانيون على ممتلكات الدولة ، فلم يسلم مرفق تجاري أو صحي أو خدمي من الأيادي العابثة ، وقد لاحظنا كيف البعض تجاسر على المستشفيات ، وقام بسرقة ونهب الأجهزة الطبية والأسرة وكل ما خف حمله وغلى ثمنه ليكون مصيره الخراب والتلف ، اذكر أن هناك مجموعة دخلت على احد مستشفيات بغداد ، واقتحمت غرفة الطوارئ التي كانت تستضيف احد المرضى وقد زوده الطبيب بالمغذي ، إذ عملت تلك المجموعة بسلب الطبيب وكل مايملكه من سماعة فحص وبدله ، وسرير المريض الذي أصبح طريد السرير بعد إن سلب منه ، ومن هذه الظاهرة الكثير ، أين العيب وأين المشكلة ، هل بالإمكان أن نجعل الشعب إن يتصالح مع نفسه ، وهل على الحكومة إن تعزز في ولاء المواطن للمباني والمؤسسات ، ونشهد مستقبلا من يدافع عن بناياته وحاجاته ، وهل من سبيل أن نعرف الدوافع لدى هؤلاء الأفراد المخربين ، وهل هذا السلوك العدواني جزء من عمليه الاعتراض على المسئولين ، فكنا نسمع من بعض المخربين وهو يحمل الغنائم إن هذا حصته من النفط ، هل يعي المواطن حقه المغتصب ، أم أن عين الرقيب ترصد من يسرق سريرا وكرسيا ومعرضا ولا ترصد من يسرق قوت الشعب وهو يرتدي بزة الملائكة وربطة العنق الإفرنجية ، أن ما حصل بعد الانتخابات من سرقة ونهب الملصقات الحديدية والالمونية ما هو إلى حلقة في سلسلة طويلة لظاهرة اجتماعية لابد أن يتفهمها السياسيون قبل علماء الاجتماع لأنها سرعان ما تهدد حياتهم ومتاعهم وعليهم أن يتعضوا من السابقين ، إن خلق شعب متعلم وانتشال الأسر الفقيرة من الجهل والفقر كل هذا يصب في مصلحة المجتمع ويقوي أواصر العلاقة بين القاعدة والهرم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ليبيا: ماذا وراء لقاء رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني


.. صفاقس التونسية: ما المسكوت عنه في أزمة الهجرة غير النظامية؟




.. تونس: ما رد فعل الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي بعد فتح تحقيق


.. تبون: -لاتنازل ولا مساومة- في ملف الذاكرة مع فرنسا




.. ما حقيقة فيديو لنزوح هائل من رفح؟ • فرانس 24 / FRANCE 24