الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا بعد فشل مباحثات -انعدام الثقة- الأميركية - الإسرائيلية؟

ماجد الشيخ

2010 / 4 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


طالما سعى المشروع الغربي لتأكيد تماثله وتطابق مصالحه مع المشروع الصهيوني في فلسطين والمنطقة العربية، بينما عملت إسرائيل في أعقاب قيامها، على تأكيد مثل هذا التماثل والتطابق، ونجحت في ذلك طوال الوقت، إلاّ قليلا. أما الآن بالتحديد، فقد حان الوقت لإحداث نوع من "الافتراق الجزئي" بين مصالح ومطامح المشروعين، انطلاقا من تعيين حدود التمايز بين الأهداف الآنية بما تحويه من إشكالات، وذلك بغض النظر عن تطابق رؤيتيهما للأهداف الإستراتيجية، تلك التي تنطوي على احتمالات وإمكانية إعادة انتظام، ذاك "الافتراق الجزئي" الإسرائيلي، إلى صف الإستراتيجية الغربية، وأهدافها الهيمنية على ما قد يتجاوز حدود منطقة "الشرق الأوسط الكبير".

ويبدو أن الائتلاف الحكومي الإسرائيلي، الأكثر يمينية في تاريخ الحكومات التي قامت في إسرائيل، وهو يتشبث بانحيازه إلى أهدافه الأيديولوجية، بعيدا من أي براغماتية، وإلى مصالحه الآنية المباشرة، بعيدا من التنسيق مع القوى الغربية لمواءمة مصالحهما في هذه المنطقة من العالم، وخصوصا الولايات المتحدة؛ لم يعد هذا الائتلاف يقيم أي وزن لإمكانية نشوء تعارضات محتملة، لسياساته الاستيطانية، أو لتشدده إزاء التسوية على مسار المفاوضات مع السلطة الفلسطينية خاصة، وهو ما دعا قائد القيادة الوسطى الأميركية الجنرال ديفيد بترايوس، للاستنتاج أن مثل هذه السياسة الإسرائيلية، تدفع بمعطيات المنطقة والعالم لتعريض جنود الولايات المتحدة والتحالف الغربي للخطر، على ما هو الحال في أفغانستان والعراق وفي غيرها من مناطق التوتر في العالم.

ولأن المطالب الأميركية من إسرائيل وحكومتها، تحمل طابعا سياسيا، في وقت يسعى الائتلاف الحكومي اليميني للتمسك بمنطلقاته الأيديولوجية، حفاظا على طابع الحكومة اليميني وأهدافها الاستيطانية، لكسب ونيل ثقة قوى اليمين الديني والاستيطاني القومي التي جاءت بأحزاب التركيبة الائتلافية الحالية إلى الحكومة، فقد نشأت الفجوة العميقة من عدم الثقة، في مباحثات واشنطن، التي انتهت إلى عدم الاتفاق على القضايا التي جرى البحث فيها، وفي مقدمتها مسألة الاستيطان، واستئناف المفاوضات المباشرة وغير المباشرة، على المسار الفلسطيني.

وقد حملت "مباحثات انعدام الثقة" بحسب متابعات الإعلام الإسرائيلي، سلسلة مطالب اعتبرت كفيلة بتفكيك الحكومة، من قبيل استمرار تجميد البناء الاستيطاني، حتى بعد انتهاء مدة التجميد المؤقت في أيلول/سبتمبر المقبل، وتسليم السلطة الفلسطينية المناطق التي كانت تحت مسؤوليتها الأمنية قبل الانتفاضة الثانية في تشرين الأول/أكتوبر 2000، وإطلاق سراح بضعة مئات من الأسرى الفلسطينيين، كبادرة حسن نية تجاه رئيس السلطة، على أن تقوم إسرائيل بشرح موقفها قريبا بشأن الحدود واللاجئين والقدس، وموافقة الحكومة على أن المفاوضات حول الحل الدائم، يمكن أن تُستكمل خلال سنتين من بدايتها.

وعلى ما يتضح من المطالب الأميركية، فإن إدارة أوباما أرادت "توريط" نتانياهو باتخاذ مواقف مسبقة، طالما امتنعت حكومته، كما الحكومات السابقة من اتخاذها، إزاء مفاوضات تسوية غامضة أصلا، ومستحيلة، لا تريد إسرائيل عبرها كشف أوراقها كاملة، خاصة أمام طرف أو مجموعة أطراف، لا تمتلك عناصر القوة والضغط الكافية، لفرض رؤيتها لطبيعة التسوية السياسية العتيدة المنشودة للصراع في هذه المنطقة.

وإذ هبطت مباحثات "انعدام الثقة" إلى الحضيض، فلأنها اشتملت على مروحة واسعة من المسائل والقضايا التي تشهد تباينا واسعا في شأنها، من قبيل التباين إزاء الملف النووي الإيراني، وبحسب يديعوت أحرونوت (25/3) فقد نقلت عن مسؤولين في الإدارة الأميركية قولهم؛ "أن أوباما ألزم نتانياهو باتخاذ قرارات في حال استجاب لها، ستكون إسرائيل ضمن ائتلاف الولايات المتحدة، وإلاّ ستجد نفسها وحيدة أمام التهديد الإيراني". وحتى إزاء هذا الموضوع لم يجد نتانياهو حرجا من مطالبة واشنطن بالعمل وفق الرؤية الإسرائيلية، ليس بالعمل على فرض عقوبات صارمة، بل وبوضع وسائل قتالية تحت تصرف الحكومة الإسرائيلية، تكون كافية وكفيلة بمنع طهران أو ردعها من امتلاك الاسلحة النووية.

بالمقابل فإن وضع أوباما ثلاثة عشر مطلبا أمام نتانياهو، لم يكن من قبيل التعجيز، بقدر ما هو من قبيل التأكيد على وضع إسرائيل في إطار التحالف الغربي، وإلزامها كامل أهدافه وفقا لمصالحه وتطلعاته وطموحاته العامة للهيمنة، وللسياسات الأمنية الخاصة به وبأطرافه كافة، دون انتقاء طرف من أطرافه والعمل على خدمة مصالحه، كالطرف الإسرائيلي على سبيل المثال. ما يعني ضرورة استجابة الائتلاف الحكومي الإسرائيلي لعدد من المطالب الأميركية، لتسهيل تمتين مثل هذا التحالف القائم أصلا، وتوثيقه أكثر وتنميط إجماعه، وذلك لإيجاد مسارات تكفل حلحلة جدية لقضايا المنطقة؛ وإلاّ فإن استمرار التباينات إزاء تلك القضايا، لن يؤدي إلى أي نتيجة إيجابية، تمكّن واشنطن من حلحلة ما يؤرقها من سياسات احتلالها للعراق، وحربها في أفغانستان والباكستان في مواجهة مهام استئصال الإرهاب. ولهذا تبدو مقولة بترايوس في هذا الشأن، واحدة من اتجاهات وتوجهات السياسة الأميركية الساعية إلى تذليل عقبات كبرى أمام "استراتيجيات خروج" ممكنة، وبأثمان مقبولة، تخلّصها من "حروب الآلام" المتواصلة منذ العام 2001 وحتى يومنا هذا، الذي يشهد أزمة مالية واقتصادية عالمية، تستنزف ميزانيات دول كبرى منذ خريف العام 2008.

أخيرا.. هل يمكن إحالة اتهام بعض المصادر الإسرائيلية للرئيس الأميركي، بمحاولة إسقاط حكومة نتانياهو، بدلا من أن يوجه جهوده لإسقاط النظام الإيراني، إلى أن فشل مباحثات واشنطن لا رجعة عنها، وربما حملت تداعيات تضعضع ما أسميناه "التماثل والتطابق" في أهداف ومساعي المشروع الغربي بزعامة الولايات المتحدة، في المحطة الآنية الراهنة تحديدا، وأهداف ومساعي المشروع الإسرائيلي بزعامة أعتى قوى اليمين الديني والقومي الاستيطاني، فإلى أين يمكن أن تمضي أمور العلاقات البينية الأميركية – الإسرائيلية، خاصة وأن هناك من بدأ يتحدث عن أنه في كل مرة وضعت الولايات المتحدة ثقلها لإزاحة رئيس وزراء إسرائيلي، فإنها كانت تنجح بذلك، وهذا ما حدث في سبعينات القرن الماضي مع إسحاق رابين، عندما عارض السياسة الشرق أوسطية لكل من جيرالد فورد وجيمي كارتر وهنري كيسنجر في حينه، فهل تبلع إدارة أوباما إهاناتها، أم تحاول إزاحة نتانياهو، في ظل ضعف وتفكك الأحزاب المرشحة لوراثة ائتلافه الحكومي، وعدم قدرتها على تشكيل ائتلاف جديد؟.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مشاهد لجبال ترودوس في قبرص يغطيها الدخان الناتج عن حرائق الغ


.. قتلى ومفقودون بانهيارات أرضية بعد أمطار غزيرة في مقاطعة فوجي




.. الاستشاري النفسي أسامة النعيمي يوضح لصباح العربية متى يندم ا


.. منظمة ا?يكان الا?نفاق العالمي على الا?سلحة النووية بلغ 91 4




.. صباح العربية | أجواء العيد في مكة المكرمة