الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ويسالونك عن الحب

رشيد الفهد

2010 / 4 / 3
كتابات ساخرة


يلجأ الناس في هذه الأيام إلى رجل الدين لفض نزاعاتهم العائلية ولا يفضلون من اجل هذا اللجوء إلى فنان تشكيلي أو أديب ، لا ادري ربما لكون الأديب يقدس نصه أكثر مما يقدس رجل الدين النص المقدس! .
ولهذا جاءني صاحبي ( عدنان ) بعد أن راحت زوجته ( دلال) تطالبه بالانفصال , راجيا حث احد رجال الدين ممن اعرفهم التدخل للتأثير على (دلال) وأهلها بغية العدول عن قرارها بعد أن قاده حظه العاثر إلى الخيانة، ولو أنها خيانة تعد بحسب رأي العديد من (المحللين) و(المراقبين) الذكور خيانة من الدرجة الرابعة أو حتى العاشرة كونها لا تتعدى مكالمات أجراها عبر الهاتف مع أحدى الفتيات والله اعلم.
قصدت منزل صاحبي رجل الدين الذي فارقته منذ مدة . طلبت منه في بداية اللقاء أن يجمع ما في جعبته من نصوص وأقوال تتعلق بالمغفرة , مغفرة البشر للبشر, نظر إلي مندهشا وقال:-( ما هذا الإيمان الذي نزل عليك من السماء دفعة واحدة ؟ ) !!،طلبت منه ذلك استعدادا للتوجه إلى (دلال ) التي لا تزال تقيم عند أهلها منذ اندلاع الأزمة مرحبا بفكرة الوساطة لعودة الأمور إلى ما كانت عليه.
وفي الطريق إلى منزل أهلها رجوته أيضا أن لا يتحدث هناك عن الجنة والنار،فالجنة في هذه الأيام بحسب اعتقاد العراقيين بعيدة المنال, فهي في تصورهم محجوزة للأثرياء والميسورين القدماء منهم والجدد!، أما النار فلم تعد تخيفهم ، بل هي اليوم تخشى على نفسها منهم نظرا للفواجع والأحزان والكوارث التي أبت أن تفارقهم، عندها وعلى الفور رد علي السيد ساخرا: (أنت بهذا لم تبق لي شيء أتحدث عنه) ،ضحك وضحكت أنا أيضا وواصلنا مسيرنا فيما ظل (عدنان) بعيدا في حالة ترقب شديد ينتظر عما ستسفر عنه المداولات.
انتهت الزيارة وعدنا ادراجنا من غير( دلال ) , فقد ظلت على موقفها المتشدد الرافض للتهدئة الداعي للانفصال , ويبدو أن المرأة لم تستفيق بعد من اثر الصدمة , إلا أننا تمكنا في النهاية من استمالة أهلها إلى جانب عدنان ،وبهذا لم تحقق الزيارة أهدافها كاملة.
شكرت السيد على مسعاه النبيل واعدا إياه بوليمة لا ترتقي في كل الأحوال إلى مستوى الولائم التي يقيمها عادة قادة الكيانات السياسية .
جارنا ( أبو جمان) رماني باقتراح يقضي بضرورة إجراء مقابلة خاصة بين الاثنين على انفراد ولا بأس إذا ما أقيم اللقاء عند أهلها واصفا هذا التدبير على انه الحل الأمثل.
و(أبو جمان) هذا كان يعمل منذ مطلع شبابه معارضا للأنظمة المتعاقبة التي حكمت البلاد ولم يجنِِ من عمله سوى خيبة الأمل .
وافق (عدنان) على فكرة اللقاء بها , ذهبنا سوية , وهناك استقبلنا والدها بحديث جميل دار في حديقة المنزل, لا يخلو حديثه من اهانات مبطنة لـ( عدنان) تجاوزها و غضَ الطرفَ عنها, بعد ذلك تمت دعوته إلى المقابلة بعيدا داخل المنزل .
بعد انتظار صعب مشوب بالقلق استغرق اقل من ربع ساعة اطل علينا( عدنان) وهو في غاية الارتياح تطرز وجهه ابتسامة عريضة و جميلة في إشارة واضحة إلى انفراج الأزمة, عندها أصابتني الدهشة ،ذهلتُ وسالتُ نفسي في تلك اللحظات : ماذا جرى بينهما ليكون الصلح عاجلا على هذا النحو في مدة قياسية بعد المحاولات الحثيثة الصعبة التي جرى بذلها طيلة الأشهر القلية الماضية؟
(عدنان) وضّح لي الأمر فيما بعد بقوله :-( دخلت عليها وكانت جالسة في إحدى الغرف ،أسرعت إليها , قبلتها, فبكت, وراحت تلومني وظلت على هذا المنوال حتى قبلتها ثانية, وعند الثالثة ابتسمت ابتسامة الرضا وبهذا انقضى الأمر تماما )!!.
تأملتُ المشهد بعناية وأدركتُ على نحو سريع : انه الحب,, هذا الذي يمكنه أن يتعرض إلى هزّات أو كبوات لكنه لن يتوارى أبدا .
احد مشاهير العالم قال بعد أن مضى على زواجه خمسة وأربعون عاما :( طيلة السنين المنصرمة لم تخطر على بالي فكرة الطلاق، ربما من جراءها خطرت فكرة الانتحار أو الموت.. أما الطلاق فلا ...لا أبدا ) .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ويسألونك عن الحب عنوان رائع
عبد الحسين طاهر ( 2012 / 7 / 12 - 08:14 )
والمقال اروع والله اين كنت ..ابو حيدرمقالاتك قلائد بنكهت ونفس انساني رائع
اين هم من هذه الاباع انا مبهور حقا..صاحبك عبد الحسين طاهر

اخر الافلام

.. ما حقيقة اعتماد اللغة العربية في السنغال كلغة رسمية؟ ترندينغ


.. عدت سنة على رحيله.. -مصطفى درويش- الفنان ابن البلد الجدع




.. فدوى مواهب: المخرجة المصرية المعتزلة تثير الجدل بدرس عن الشي


.. الأسطى عزيز عجينة المخرج العبقري????




.. الفنانة الجميلة رانيا يوسف في لقاء حصري مع #ON_Set وأسرار لأ