الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


للحزن وللموت عيون لاتحصى

فاطمة العراقية

2010 / 4 / 3
حقوق الانسان


نهار ليس ككل النهارات .والجمعة كعادتها عند العراقيين تكون ثقيلة مابعد الظهر .
الا تلك الجمعة التي تاطرت بحضور كل الاخوة والابناء والعائلة .
وهي تحتضن الوالدة المبجلة التي اعطت الزوج والولد البكر .في حرب غبية كحرب الثمانينات .وحمدت الله على حفظه لباقي اولادها ..
مبتهجة والاولاد وزوجاتهم يطوفون حول حدقاتها متمنين لها جمعة مباركة وهانئة ..كل هذا ورائحة الوجبة المعدة تعبق باجواء البيت السعيد .
افترشوا الصالة الكبيرة حول المائدة التي تتوسطها (صينية الدولمة الشهية )
والكل يمزح وينتقد هنا .ويمتدح هناك لتلك الانامل التي اعدت وساهمت بالاعداد لهذا (القدر الكبير ).
انقضى النهار مستعجلا .ليسرع الابن الثالث لتسلسل الابناء .بالمغادرة الابن الذي يحمل علامة مميزة من الفطنة والذكاء .وكانه ابن السبعين في اعطاء المشورة لاخوته والحرص عليهم وحمل همومهم كلها وفض احتياجاتهم .الابن الذي
.ذاع صيته بحب الناس وتقديم المعونة للصغير قبل الكبير... غادر المنزل مستعجلا من .
شمخ به اخوته وامهم المكلومة.وهي تشكر ربها بكرة واصيلا بانها به نفضت عنها غبار ورماد سنينها المرة ..
لكن الجمعة التي اختلفت في مرورها السريع هذه المرة لن تكتمل بعد وتتم السعادة للجميع .(وان عين الكلادة )خرج مسرعا لمشوار يقضيه في السوق القريب .
ولم يدر بخلده ان هناك من يتربص به وبمئات من الشباب امثاله .وهم بين مرح الفتوة التي تعبق برائحة القداح والشبوي ...وعبق السمك النهري الذي ينبعث من نهر الخالص .وهو يسير بطيئا مهملا .
ضج المساء مدويا وارتفع فائرا بدم الابرياء حاملا اشلاء متناثرة ترتفع الى عنان السماء .مكلمة ربها باي ذنب قتلت ..وباي ذنب ذبح ذلك المساء وتسخم .كمن تتقيئه مداخن المواقد ..تهاطلت الاشلاء وقطع الحديد المتطاير وهو يطيح برقاب ..واضلع .وايدي .وارجل .ووو (والله اكبر )وياايتها النفس المطمئنة ارجعي الى ربك ؟؟!!
من ارجعك ايتها النفس .ومن اباح لهذا السفاح ان يقطف تلك الارواح الطاهرة والبريئة .بعجالة البرق ..نعم قامت القيامة وفار الدم العراقي من جديد .وتحطمت كل الامال .وارتعشت مرعوبة الارض من قسوة ابناء البشر وظلالتهم المتوحشة ..
رن هاتفي معلنا ان لي بين اهل عراقي من يمت صلة لرحم امي واهل مدينة الاجداد ..
وان القريب المجتهد بينهم .. ومن القريبات الائي ترملن .وهن في سن العشرين والثلاثين .وبيوت فقدت الاربعة اشقاء .والثلاثة .. ومن لم يعثر عليه حتى ولو يد او رجل .او حتى عظم ..فقط خاتم يحمله اخيه ...تصدقون ؟؟!! ...نعم وهو يذرف الدموع حرقة ولوعة وتساؤل ...(هذا الي بقى من اخي )
اذن انقضت الجمعة لم تكن خفيفة اومستعجلة .وخمد هديل حمامها ..ونامت الازقة والبساتين نائحة .لاسراب الملائكة الغضة التي ارتفعت روحها الى السماء .... ولازال الدم يراق ..وياكل لحم العراق ..
وهناك البقية تغزل من لحمنا ودمنا افراحا ومسرات ...

فاطمة العراقية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لكاتبة الحزن والموت
عبد الإله العكدة ( 2010 / 4 / 3 - 01:47 )
أنحني إجلالا وتقديرا أمام كل الأمهات الفلسطينيات والعراقيات ،اللاتي كن أكبر ضحايا الإحتلال و الإقتتال الطائفي و الإثني في كلا البلدين، كان عليهن دفع فاتورة جائرة وقاسية جدا مقابل تاريخ لم يشهدنه و لم يكن فيه شريكات ...لكنني تعلمت من أستاذي الشهيد عمر بنجلون أن أعيش على الأمل و لو كان بعيدا جدا. الموت ، على الرغم من أوجاعه،هو ذاك الجانب من الوجود الذي يعطي معنى للحياة ويبعث على الحرص عليها


2 - هل من منقذ؟؟
زهراء ( 2010 / 4 / 3 - 11:22 )
على مدار سبع سنوات ..تقف أمام عيني علامات الأستفهام تبحث عن جواب ..هل من منقذ لهذا الجرح العراقي النازف ..ملعونة تجاربنا التي جعلت للحياة والموت طعم واحد ..أسأل من يقف وراء هذا الفعل الشنيع ..هل سيحرك هؤلاء الأبرياء شعرة في رأس أحدهم فيترك لك كرسيه ؟ لو أن ملايين الأبرياء قد حركوا مشاعر الطاغيه أثناء فترة حكمه فأن أساليبكم اللا أنسانيه ستثمر..لن نبقى نبكي نزيفاً لاينقطع ..لابد من صرخة من أجل التغيير ..لن نكون بأسوء من حالنا هذا ..من لا يعرف أبجدية قيادة وطن وحماية أرواح الأبرياء عليه أن يخجل من نفسه ويترك شعباً لم يجد على يديه وأيدي حلفائه غير القتل والتهجير والفقر والخراب ..لابارك الله فيهم ولا في عقيدتهم ،إن كان لهم عقيده .. ضحايا الخالص الأبرياء والموصل وبغداد ليسوا بحاجة لوفد من هذا الحزب أو ذاك لتعزيتهم وأنما بحاجه لحماية أرواح الناجيين من هذه الجرائم ليكن لأطفالنا أمل في غد آمن.
فائق تقديرنا سيدتي وألمنا لهذه المأساة التي نرجو أن تكون خاتمة مرحله سوداء.


3 - الموت والحزن سمة بيوتنا
فاطمة الفلاحي ( 2010 / 4 / 3 - 12:49 )

العزيزة فاتي

اعتذر على اتصالي وعتبي على شوق بريدي لرسائلك سيدتي

صدمني حزنك وادمى قلبي

متى يكف عنا هذا الحزن المقيت ، هل ياترى نبقى نحلم بغد مشرق ،خالي من الاحقاد من كل صنوف البشر ؟

ولو انه كالسرطان يستشري بهم، لِمَ لم ينتقيهم ويريحنا منهم ؟ ، بل يحتضن

خيرة شبابنا واهلينا وهم يتشدقون من على كراسيهم العفنة بهم

اواسيك سيدتي وخجلة اني لم اكن بقربك


4 - عنوان يؤلمني
فاطمة العراقية ( 2010 / 4 / 3 - 17:51 )
الاخ عبد الاله .اخترت عنوانا المني كثيرا
ولكاتبة الحزن والموت شعب يقتل ويذبح وكل الخلق تتفرج
واكيد لن تخلو.حياتنا من الامل
شكرا جزيلا


5 - شكرا يازهراء
فاطمة العراقية ( 2010 / 4 / 3 - 18:06 )
الامل في غد امن .هذا هو املنا عزيزتي وصدقي الماساة لازالت مخيفة ومرعبة.


6 - فاتي عطري الدائم
فاطمة العراقية ( 2010 / 4 / 3 - 18:15 )
سلامة قلبك المرهف
ودمت لي سندا حتى ولو كنت بعيدة عني
وعتبك جعلني اشعر بحجم روعة الترابط الذي يجمعنا
سلاما عليك وعلى كل شبر تقيمين فيه


7 - تحيه
فيصل البيطار ( 2010 / 4 / 4 - 09:15 )
مازال الموت التكفيري يجول في أنحاء العراق وإن كان قد إرتد في معظمه على أصحابه ، لامجال للمقارنه بين ما كان العراق عليه قبل سنوات ثلاث وما هو فيه الآن ، نعم نريد عراق آمن مستقر دون أشلاء تتطاير وخواتم لا أصحاب لها .... هذا ما سيصنعه العراقيون بسواعدهم وعقولهم فهو شعب أكبر من العبث وأعقل من القتل والتكفير .
لك تحياتي سيدتي الكريمه .


8 - في حضرة الحزن
شذى احمد ( 2010 / 4 / 4 - 09:39 )
في حضرة الحزن والفاجعة لااملك الا ان اصمت ..اصمت ..اصمت


9 - نعم سيبقى العراق معافى بااهله
فاطمة العراقية ( 2010 / 4 / 4 - 11:00 )
هم مرضى باشكالية التشظي والنار والموت
ونحن مدججون بالامل .والالق ..والفرح لدجلة وفراتها رغم مايلقون .
دمت اخي الفاضل ..فيصل البيطار .


10 - فاح شذاك ايتها الشذى العراقي الاصيل
فاطمة العراقية ( 2010 / 4 / 4 - 11:04 )
شكرا .وسلاما لصمتك ..
كوني واثقة ستبقى النوارس تغني لدجلة
وربابة الهور تصدح بحب عراقنا .
لاننا جبلنا للحب .والغناء .والعطاء
محبتي الكبيرة

اخر الافلام

.. معاناة النازحين في رفح تزداد مع انعدام الظروف الصحية وتهديد


.. الأمم المتحدة: المعبران الرئيسيان لإدخال المساعدات إلى قطاع




.. كيف سيواجه اللبنانيون المخططات الغربية في ملف النازحين؟ وأي


.. طلاب العلوم السياسية بفرنسا يتظاهرون دعمًا لغزة




.. علي بركة: في الاتفاق الذي وافقنا عليه لا يوجد أي شرط أو قيود