الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التأزم الإيراني وإشكاليات التحول

معتز حيسو

2010 / 4 / 3
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


من البداهة بمكان أن تنعكس آثار الأزمة الإيرانية على محيطها الإقليمي، ويتحدد شكل تجليات تطاول هذه الآثار على قاعدة الترابط أو التناقض التي تحكم شكل ومستوى هذه العلاقة، ويتحدد التناقض الإقليمي في سياق العلاقات السياسية (ظاهرياً ونسبياً) على أساس الموقف من المشروع الأمريكي الإسرائيلي للمنطقة.
قبل استعراض إشكاليات التحولات الإقليمية، نرى ضرورة التوقف عند بعض مظاهر التناقضات الإيرانية داخلياً، والتي تتجلى بكونها أزمة اجتماعية ذات مستويات متعددة، فعلى المستوى الاقتصادي يعاني الاقتصاد الإيراني منذ أكثر من ربع قرن أزمة إصلاح اقتصادي يقوده الإصلاحيين ( علي أكبر هاشمي رافسنجاني، والسيد محمد خاتمي ) وفق آليات تستجيب للدوائر المالية الدولية ( صندوق النقد الدولي، البنك الدولي)، يسودها تنامي ظواهر الفساد، واغتناء فاحش عبر السوق السوداء، ساهم في تناميها احتكار الدولة للتجارة الخارجية، وحسب فوربيس (( يحتكر رافسنجاني وعائلته زهاء ربع ثروة البلد. مما يجعله أحد أكبر أثرياء العالم، إنه نظام رأسمالي يقسم البلد إلى أراضي تسيّر كلا منها أسرة ، آل رافسنجاني:البترول والفستق وتجارة السلاح،وآل جناتي: احتكار السكر،وحرّاس الثورة: أسواق التجميل والمخدرات.... وحسب ترتيب الأصول بالعملة الأجنبية والذهب في البنوك العالمية، تمتلك الجمهورية الإسلامية 40 مليار دولار، مما يضعها ضمن أغنى بلدان العالم.
وتزداد أهمية هذه الأرقام إذا قيست بالدين الخارجي لجمهورية إيران الذي لا يتوقف عن الارتفاع. إن دينا خارجيا يبلغ زهاء 24 مليار دولار واستدانة جارية للبنك المركزي تفوق 11 مليار دولار يثقلان كاهل اقتصاد البلد و يقلصان هامش مناورات النظام الإسلامي. وتقدر نسبة البطالة التي تتركز في أوساط الخريجين بـ 40%. وترجح التقديرات على ضرورة تأمين مليون فرصة العمل سنوياً . ويدل تقرير للأمم المتحدة على أن أكثر من 550000 طفل في إيران يعيشون بأقل من دولار في اليوم. ويورد نفس التقرير أن 35.5% من السكان يعيشون بأقل من دولارين في اليوم في وقت تضاعفت فيه أسعار البترول ثلاث مرات منذ سنتين.))
بمستوى آخر فإن النظام الإيراني الجمهوري يعبّر في الواقع عن نظام كلياني إيديولوجي متشدد تحكمه أطراف دينية تمارس دور الوصاية على الفرد، ومن هنا تتشكل أزمة الحريات الشخصية للمرأة تحديداً وباقي الفئات والشرائح الاجتماعية عموماً، ويتقاطع هذا مع التضييق المستمر على الحريات السياسية، ويتقاطع واقع الحريات العامة المتأزم، مع إصرار الحكومة الإيرانية على تطوير برنامجها النووي، الذي تنعكس تكاليفه على المستوى المعاشي و تقييد الحريات السياسية والعامة تحت ضغط المتشددين من الداخل، وضغط القوى الخارجية.
بداهة يتحدد شكل ومستوى علاقة المجتمع الدولي مع إيران على عدة مستويات، إذ أن الموقف من إيران يتحدد على أساس علاقتها مع بعض الأطراف العراقية، ومن سياستها التدخلية التي توظفّ للضغط على الولايات المتحدة ،والمستوى الآخر هو التحالفات التي تعمل الحكومة الإيرانية على صياغتها مع محيطها الإقليمي ( دول الممانعة)، وموقفها من الكيان الإسرائيلي. لكن استمرار تطوير البرنامج النووي، وبالتالي امتلاكها السلاح النووي يشكل خطاً أحمر للأمريكان، وتجاوزه يعني بداهة تغيّر موازين القوى الإقليمية. بمعنى آخر توفر إمكانية تفجير المنطقة،أو إيصالها لحافة الانفجار الذي تتساوق مجرياته مع زيادة التكتلات الإقليمية على محوري الممانعة والاعتدال، و لم تنجح السياسات الأمريكية كما بات واضحاً من خلخلة المسار اللبناني السوري وحركة حماس عن إيران التي تشكل ثقلاً إقليمياً وحلقة وصل بين هذه الأطراف. و فشل السياسيات الأمريكية في المنطقة يكمن بشكل أساسي بحكم الترابط الأمريكي الإسرائيلي عضوياً وبنيوياً، وسعيها للهيمنة على المنطقة، دون أن يعني هذا بالمقابل سلامة النهج السياسي والأيديولوجي الإيراني، وهذا لا يتناقض مع حق كافة الدول والشعوب التمسك بتقرير مصيرهم دون تدخلات أو إملاءات خارجية، وضرورة الاحتفاظ بالمقاومة كحق مشروع، يقوم ويتأسس لمصلحة الإنسان الفرد الحر، أي يفترض أن تكون المقاومة تعزيزاً للإنسانية الإنسان واستقلاله، وعلى هذا يجب أن لا تكون المقاومة في سياق قمع الحريات السياسية والعامة.
إن زيادة حدة التكتلات الإقليمية، المترافقة مع زيادة تسريع وتيرة التحضير للحرب، وفي أدنى الحالات فرض عقوبات اقتصادية وسياسية.. رداً على تجاهل إيران للمقررات الدولية والأشكال المقترحة لحل أزمة الملف النووي. يضع المنطقة على حافة الانفجار، و من المؤكد بأن تداعيات الحرب لن تنحصر في منطقة شرق المتوسط ودول الخليج العربي وإيران، بل من المرجح بأن تتوسع على طول قوس التوتر الممتد من أفغانستان حتى فلسطين. وخطورة انفجار بهذا المستوى، ينبع من أن القوس المذكور يتميز ببنية اجتماعية داخلية متصدعة وجاهزة للتفجير كونها تحتوي جملة من التناقضات البنيوية / مذهبية، إثنية، سياسية، عشائرية.../، وتحديداً إذا ساهم في تفجيرها عاملاً خارجياً. ورجحان هذا الاحتمال، سببه الفشل في عزل إيران عن محيطها الإقليمي أولاً، وثانياً محدودية إمكانية تشكيل تحالف دولي ضد إيران، كالذي شاهدناه في حرب الخليج الثانية. لكن يبقى خيار الحرب المفتوحة والشاملة الذي تهدد به الدول المستهدفة هو الأصعب نتيجة لتعقد وتنوع ارتباطاتها مع الصين الهند روسيا دبي ...ويتقاطع ما ذكرناه مع تعمق الأزمة الاقتصادية عالمياً، و ترى بعض الجهات بأن أحد المخارج من الأزمة الاقتصادية يكمن بالتخلص من الفائض السكاني، والقوس المذكور يحمل وفق مزاعمهم الخيار الأفضل، لارتفاع كثافته السكانية، و ارتفاع معدلات الفقر،التنوع الإثني والطائفي والقومي.. أي يحمل إمكانية التفجير من الداخل، وما يؤكد هذا المخرج الغريب هو أن الحرب تبقى خياراً أساسياً للخروج من الأزمات الاقتصادية.
وأخيراً يجب التأكيد بأن التخلص من أسلحة الدمار الشامل يشكل الحل الأسلم للإنسان والبيئة، ولصعوبة تحقيق هذا الخيار في الأفق المنظور فإن العالم سيبقى تحت رحمة من يمتلكونه، تحديداً في ظل اختلال موازين القوى الإقليمية والعالمية.
**************************************************************************








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلينكن مصمم على التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار بين حماس وإسر


.. شبح الحرب يخيم على جبهة لبنان| #الظهيرة




.. ماهي وضعية النوم الخاصة بك؟| #الصباح


.. غارات إسرائيلية تستهدف كفركلا وميس الجبل جنوب لبنان| #الظهير




.. إسرائيل منعت أكثر من 225 ألف عامل فلسطيني من الوصول لأماكن ع