الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أبو مجاهد فوق القانون وهزال الادعاء باستقلالية القضاء / القاضي منير حداد نموذجا

جاسم المطير

2010 / 4 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


قرأت خبرا صغيرا عن خلاف سياسي ــ إداري أدى إلى تشويه سمعة قاض عراقي هو السيد منير حداد باتهامه بتزوير وثائق رسمية أو ما شابه . هذا الخبر لا يدل على (نهوض قضائي جديد) كما تشير الكثير من التقارير الصحفية ذات الصبغة الدعائية حول نمو مبدأ العمل المفترض من اجل عدالة المستقبل ومن اجل (استقلال القضاء العراقي) الذي لم تتوفر ، حتى الآن ، نتائج تعزز هذا التحول المهم . يبدو واضحا من بعض المواقف القضائية ذات الجهود المترتبة من الوضع الجديد ان الشيء الوحيد المستقطب في المحاكم العراقية ما بعد عام 2003 هو تقدم بعض مشاهد وصور المحاكمات الكبرى التي جرت بحق الدكتاتور صدام حسين وبعض رموز نظامه . غير أن الملاحظ من قصص وشكاوى المواطنين ومن رسائل تصلني شخصيا من بغداد كلها تعبر وتكشف استمرار الوضع القسري في المسرحيات اللا أخلاقية الجارية في كثير من مراكز الشرطة العراقية ومن مئات الأمثلة في المحاكم العراقية بمختلف أنواعها ، الجنائية والجزائية ومحاكم البداية والأحوال الشخصية وغيرها . كل عيون المواطنين الواعين والصحفيين المراقبين تؤكد أن القضاء العراقي لم يقدم أي نموذج عن نشاطات القضاة من حيث التحرر من النفوذ السلطوي والفساد المالي ومن حيث التجرد من الانحياز . ربما هذا الاتجاه القضائي العام يشهده الناس في محاكم كثيرة ، في بغداد وجميع المحافظات ، هو تعبير عن الاستجابة لضغط من قوة سياسية معينة أو من ميليشيا معينة أو من تهديدات سرية وعلنية تقع على هذا القاضي أو المحقق أو ذاك .
المثال الذي تقدمه قضية القاضي منير حداد ، التي كانت خلال الأيام الماضية قد برزت فيها إلى السطح القضائي والسياسي والصحافي العراقي ، يدل بوضوح على وجود تجاذب سياسي من قبل القوى والتكتلات الحزبية المتعددة ، الموجودة في مختلف نواحي الحياة العراقية بما فيها الناحية القضائية .
لا شك أن وجود مراكز قوى سياسية متعددة ضاغطة على القضاء وعلى القضاة الافراد وعلى هيئات قضائية تؤدي حتما إلى :
(1) نشوء مجابهة فوضوية داخل السلطة القضائية كانعكاس للمجابهات الموجودة في السلطتين التشريعية والتنفيذية مما يعزز نظرات الشكوك إلى العدالة .
(2) تجعل القضاة فريسة لفاسدين من غوغائيين ، برلمانيين ووزراء ومدراء عامين ، تصبح فيها الساحة القضائية خاضعة تماما للخلفيات السياسية وللطبيعة المزاجية لبعض قادة الدولة .
(3) نتائج النقطتين الأولى والثانية تؤدي حتما إلى تفكيك المجتمع والى عودة الشعور بالمرارة والألم لدى المواطنين الذين يراجعون سوح المحاكم علاوة على حاجة الوطن إلى إجراءات طويلة باهظة من اجل تحقيق استقلال القضاء كأجراء أساسي مرتقب لصيانة الديمقراطية وحقوق الإنسان .
مهما قيل ويقال عن (استقلال القضاء العراقي) فأن شكله التقليدي الموروث عن النظام السابق ما زال مطبقا في التصريحات الصحفية والتلفزيونية ، لكن الواقع يؤكد أن روح اليأس والكآبة ما زالت تغشى المواطنين عموما عند شعورهم بهزيمة العدالة العراقية ، التي لم تظهر بعدها ، كما هو متوقع ، طليعة القضاة المتميزين بــ(إرادة الاستقلالية) من القادرين على مجابهة الخيار المستحيل المفروض من الميليشيا ومن بعض قوى الحيتان السياسية.
ليس في مجتمعنا المتخلف حق مضمون ولا عدالة كاملة .اغلب القضاة الشرفاء ما زالوا عاجزين عن أن يصبحوا قوة ذات قيمة تناضل من اجل تحقيق التغيير القضائي العراقي وإنقاذه من مأساة الإكراه .
لو ثبتنا أنظارنا على المنطق الذي خضعت له أحكام معاملة القاضي منير حداد ، المتهم بالتجاوز والتزوير ، لوجدنا خضوعها لمعطيات (الحرب الباردة) بين مراكز القوى السياسية المتعددة في البلاد ، مما جعل قدرها ليس بيد الله ولا بيد القانون ، بل بيد قيادات سياسية متنازعة ، تكشف عن الوجه الحقيقي لبعض وقائع القضاء العراقي ، التي تدخلت فيها بشأن القاضي منير حداد بما فيها ( نزعات حسن النية ) من قبل كبار قادة الحكومة من قبل مكاتب القادة السياسيين في البلاد ، مثل الرئيس جلال الطالباني ونائبه عادل عبد المهدي . حتى وزير المالية تدخل على خط الوساطة في القضية .
بالمقابل اتهم وجه السيد منير حداد اتهاما صريحا ، في مقابلة تلفزيونية ، موجها إلى مكتب سكرتير رئيس الوزراء باستغلال نفوذه في وضح النهار من اجل إبعاده من مركزه القضائي . فقد بيّن منير حداد أنه "نقل إلى إقليم كردستان قبل سنتين، وأعيد عن طريق مجلس الرئاسة الذي يمتلك صلاحية إلغاء نقله وإعادته نائبا لرئيس المحكمة عارف شاهين الذي أصدر أمر مباشرته بالدوام.." .
غير أن التصرفات الاجتماعية ذات الطابع الريفي البدائي لبست لباسا رسميا من قبل شخص (رسمي) كبير الشأن في الحكومة العراقية يحمل اسما حركيا (أبو جهاد) يعمل بوظيفة سكرتير رئيس الوزراء في محاولة لفرض رغبة شخصية لأغراض شخصية ، غير منفصلة عن سلطة الفساد الإداري ، التي تؤثر بالنتيجة على هيبة الدولة وعلى موضوعة استقلال القضاء . ففي أول يوم من تعيين القاضي منير حداد( كان مرشحا في قائمة الائتلاف العراقي ) تلقى اتصالا هاتفيا من سكرتير رئيس الوزراء ( رئيس قائمة دولة القانون ) ويدعى كاطع الركابي والمعروف بكنية أبي مجاهد، ناشده فيه بعدم التوجه إلى المحكمة، والبقاء في منزله، لتهدئة الأمور"، وفق قول القاضي منير حداد .
كان الشعب يتوقع ان الفساد القضائي قد ولى مع الدكتاتور صدام حسين ونظامه ، لكن يبدو أن ضجيج المفخخات والخلافات السياسية ومشاكل الانتخابات البرلمانية وصراعاتها المثيرة ، غطت على معاناة الكثير من القضاة كما اخفت حقيقة ان النظام القضائي العراقي ما زال كما كان في اغلب مسيرته التاريخية يحكم بين الناس ليس بالعدل والحرية وبمبادئ الديمقراطية ، بل كما في السابق اعتمادا على الجزمة والخوذة ، أي بالقسر والقوة . بتخطيط مسبق أو من دونه فأن من كوارث القضاء العراقي الجديد أن قاضيا كبيرا معروفا وقع تحت عسف وقسوة جزمة وخوذة ( أبو مجاهد ) بمعناها السلطوي الإداري . هذا العسف باقل الحالات هو صورة من صور الاستبداد تحت الشمس .
الممارسة الحقيقية للحرية غير موجودة في كثير من القضايا العراقية كما أكد القاضي منير حداد على مثال واحد يتعلق بقضيته . هذا المثال يكشف عن انعدام علاقة العدالة بين قادة الدولة أنفسهم ، كاشفين ، بذات الوقت وبجلاء تام ، عن استمرار(المعارك الوظيفية) بين الخصوم السياسيين والفكريين ، رغم الإشارات الصحفية التي تشير إلى قرب اتحاد الائتلافين دولة القانون والوطني العراقي .
إن التناقض بين رجل يتصور نفسه (فوق القانون) هو السكرتير أبو مجاهد وبين رجل آخر يتصور نفسه انه يدافع عن القانون إنما هو تعبير عن جوهر القضية السياسية داخل اطار الطائفية السياسية ، وهي بلا ريب ، شكل من أشكال الفساد الإداري واستبداده إذ عبر عن هذا الجوهر القاضي منير حداد بتصريحه عن عبث الإدارة السياسية في سكرتارية رئيس الوزراء بقوله : "حقيقة الأمر هي أن أبو مجاهد يحاول تنصيب أحد الأشخاص المقربين إليه ويدعى ناظم فرمان العبودي بصفة رئيس للمحكمة"، لافتا إلى أن هذا الشخص "هو عضو في محكمة التمييز، وتم ترشيح ابنه ضمن قائمة ائتلاف دولة القانون".
أي أفكار هذه التي صرنا نسمعها على الشاشات الفضائية ..؟ فقد غدا الصراع على المناصب شكل من أشكال التواطؤ مع الفساد لإلحاق الأذى بمصالح الناس والشعب كله حين نلاحظ في بعض ردود منير حداد رؤية استبدادية عدوانية واقعة عليه من خلال قوله "هذه الإجراءات التي تحدث هي عبارة عن مؤامرة يقودها أبو مجاهد سكرتير رئيس الوزراء ، من دون علم رئيس الوزراء أو مدير مكتبه بالأمر، بهدف إبعادي عن منصبي لمصالح شخصية"، موضحا أن "أبو مجاهد أكد لي في الاتصال أن قوة عسكرية ستتوجه الى المحكمة وستمنعني من الذهاب إليها، وفي حال مخالفتي للأوامر، فأنني سأتعرض للقتل".
كانت قوة أمنية من مكتب رئاسة الوزراء طوقت مبنى المحكمة الجنائية العليا داخل المنطقة الخضراء وسط بغداد، في الخامس والعشرين من الشهر الماضي، ومنعت القاضي حداد من الدخول إلى المبنى، وهو ما اعتبره منير حداد تعديا على سلطة القانون واستقلالية القضاء. وأكد حداد أنه كان يحمل كتابا رسميا من رئاسة الجمهورية بإعادة تعيينه في منصبه.
أقول أن وجود هذه الأمثلة من السلوكية التسلطية تؤدي أولا وقبل كل شيء إلى حرمان مجتمعنا العراقي من التوجه نحو الديمقراطية إذا ما حرم هذا التوجه من قيادة واعية في السلطة التنفيذية . التاريخ الإنساني ، كله ، يعلمنا بأمثلة كثيرة وعديدة ترينا أن الديمقراطية إذا انقلبت إلى فوضى فأن الفوضى تنقلب إلى استبداد حتما .
أظن أن مكتب رئيس الوزراء مطالب الآن باتخاذ خطوات حرة منفتحة لكي يمكن حل مشكلة انعدام الاستقلالية في القضاء بنوعية هذا التصرف من قبل سكرتير أعلى مسئول في السلطة التنفيذية ، كما هو معلوم أن أي تدبير وقائي كفيل وحده باستئصال أمراض بعض سكرتاريي القيادات السياسية المتمتعين بصلاحيات مطلقة تجنح إلى الاستبداد ومعاملة الآخر كعبد يستحق العقاب .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بصرة لاهاي في 3 – 4 - 2010








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اللي يدري يدري .. والما يدري ... !
مارسيل فيليب / أبو فادي ( 2010 / 4 / 3 - 15:34 )
ليس غريباً ان يبادر ابو مجاهد الأسترالي والذي يعرفه اكثرية عراقيي مدينة سدني ليتحكم بمنع قاضي لممارسة مهامه الوظيفية يحمل كتابا رسميا من رئاسة الجمهورية بإعادة تعيينه في منصبه ، فقد قرانا السلام على عراقنا ، يوم قام رئيس وزراء دولة ( العراق الديمقراطي الجديد ) منذ زمن الجعفري بتعيين ممثل حزب الدعوه في استراليا وشخص متوسط الثقافة ، ومتلقي اعانة اجتماعية من الحكومة الأسترالية ، خريج ثانوية عامة ، بمنصب سكرتير لرئيس دولة ، ومنح درجة وزير بكل المنافع المادية .. وليلتحق كل اولاده وبناته وزوجاتهم وازواجهم بدرجات وظيفية في سفارات العراق في دول اوربا .. ولا يتخذ بحقه اي اجراء او تحقيق رغم تقديم عشرات الشكاوي على فساده وسلوكياته .
يقول الشاعر الكبير مظفر النواب ... أغفروا لي حزني وخمري وغضبي
وكلماتي القاسية .... سيقول البعض بذيئاً .. لا بأس
أروني موقفاً اكثر بذاءة مما نحن فيه ..!
مع التحية لمساميرك اليومية الرائعة أستاذي العزيز .


2 - كل شيء في هذا البلد فاسد
علي ( 2010 / 4 / 3 - 21:08 )
لا حكومة شرعية ,لا قانون ,لاعدالة ,سوى بلطجة المافيا , نعم من يدير البلد مافيا , أفسدوا كل شيْ ,القضاء ,دوائر الدولة , الوزارات , الانتخابات .الكل في هذا البلد محبط , يائس , حزين .لاشيء يأتي من حكومة الفساد غير الفساد والمال الحرام ,الفساد بكل الوانه ,وتبين بان الطاغية صدام أشرف منهم , وأنبل منهم .


3 - القاضى منير حداد الذى اشرف على اعدام صدام
على عجيل منهل ( 2010 / 4 / 4 - 07:09 )
اخى الاستاذ جاسم المطير المحترم ان مشكلة هذا القاضى هو المكلف فى30ديسمبر عام2006 على اعدام صدام, والمشرف القانونى على تنفيذ حكم الاعدام هوو السيد منقذ الفرعون المدعى العام وكلف بذالك من قبل السيد المالكى ويقول ان الذى حضر الاعدام فى الكاظمية دائرة المخابرات كل من صاحبك ابو مجاهد الاسترالى و موفق الرتعيى و خضير الخزاعى وزير التربيه و صادق الركابى المستشار السياسى وسامى العسكرى من قادة حزب الدعوة وطارق نجم مدير مكتب المالكى وعبد الكريم العنزى من الدعوة تنظيم العراق. وتم التنفيذ فى الساعة4 صباحا يوم30 12 2006 ومشكلة هذا الرجل انه فضح الطابع االمسرحى او بلغة,, اخوتنا الصريين التهريج ,,فى عملية تنفيذ الاعدام, وحولت الى مسرحية وهوسات وشخصنة, وتصوير العملية بالهانديات التلفون, وهكذا شلة سياسية وهكذا مستشار همام ومجموعة سياسية لم تعترض على الاعدام يوم العيد, حيث نفذ اول ايام العيد. وكل هذه الامور لم يوافق القاضى عليها وعليه تم ابعاده الى كردستان ولا اعرف لماذا تم معاقبة من اشرف على محاكمة صدام وابعادهم عن مناصبهم لماذا السيد الموسوى ابعد والقاضى عبد الرحمن ارسل وزيرا فى حكومة كردستان,


4 - القاضى منير حداد
على عجيل منهل ( 2010 / 4 / 4 - 07:20 )
القسم الثانى لااعرف لماذا يعامل السيد القاضى منير حداد وترسل اليه قوة عسكرية لمنعة من دخول المحكمة .ويتهم انة مزور اوراق التعين. ان هذه المجموعة التى قدمت اعدام صدام على شكل هرجة وايعدتها عن الطابع الساسى وجعلت امرها عبارة عن انتقام شخصى يجب محاكمتها, لانها اساءت الى الشعب العراقى وحركته الوطنية البعيدة عن الانتقام والتجريح والسؤال الى من يهمه الامر ومن هو لااعرفه لماذا يتم معاقبة من اشرف على اعدام صدام وبرزان والجزراوى والبندر. تحياتى الى الاخ المطير


5 - الى المعلق علي
سعد السعيدي ـ بغداد هولندا ( 2010 / 4 / 4 - 14:46 )

تقول في تعليقك : لا حكومة شرعية ,لا قانون ,لاعدالة ,سوى بلطجة المافيا..أفسدوا كل شيْ...الخ.

نعم فلقد تم إفساد كل شيء وربما اكثر مما فعله صدام. ولكن هل هذا سبب كاف للانكفاء والتواري في الظلمات والتراجع ؟
تتكون في العراق حاليآ ومنذ سبع سنوات تجربة فريدة على مستوى البلد والمنطقة. الا وهي تجربة الديمقراطية والحريات العامة الحقيقية. اهم ما في الاخيرة هي حرية الفرد المطلقة غير الممنوعة في التعبير عن رأيه بشكل بناء والمشاركة في نقد المظاهر الضارة مع اقتراح طرق تقويم الاعوجاج دون خوف من الملاحقة. على هذا لا ارى في التعليقات ما يخرج من دوامة النواح المحبط على هذا وذاك من المظاهر الفاسدة في العراق. وتختفي تقريبآ كل مطالبات التغيير او التقويم او قلع الممارسات السلبية. ويظهر هذا في معظم ردود الافعال على تطورات ما بعد الانتخابات الحالية. إذ يكتفي المعلقون باللطم والنواح على سوء الاوضاع دون التفكير بطرق للخروج من الدوامة. فعلام انشأنا إذن نظامآ ديمقراطيآ وندافع عن حرية الرأي ؟

اخر الافلام

.. طارق متري: هذه هي قصة القرار 1701 بشأن لبنان • فرانس 24


.. حزب المحافظين في المملكة المتحدة يختار زعيما جديدا: هل يكون




.. الرئيس الفرنسي يدعو إلى وقف الأسلحة نحو إسرائيل ويأسف لخيارا


.. ماكرون يؤيد وقف توريد السلاح لإسرائيل.. ونتنياهو يرد -عار عل




.. باسكال مونان : نتنياهو يستفيد من الفترة الضبابية في الولايات