الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أم الجرائم أو الحلقة المفقودة في محكمة صدام الامريكية

سعد الدين ابوالحب

2004 / 7 / 23
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


مثل ملايين العراقيين وغيرهم ممن شاهد مؤخرا صدام حسين مكبلا وهو يدخل احد قصوره السابقة، لم يكن في مقدوري ايقاف السيل العارم في مخيلتي لصور واحداث العراق التي كان له فيها دور اجرامي فاعل منذ 1959. فقد حاولت كغيري تفسير صوره الصامتة، المفروضة باوامرالمحتل الامريكي الصهيوني للعراق وعملائه اليوم، في المحكمة المهزلة التي يحاول الاحتلال من خلالها جاهدا سدل الستار على جرائمه اولا، وخاصة تلك الجرائم التي لعب فيها اللوبي الصهيوني الامريكي عبر ادارات البيت الابيض دور العراب والشريك المباشر للعراب المحلي صدام حسين . فرغم ان وكالات الانباء سربت اتهام صدام حسين المحق لجورج بوش على انه هو المجرم الحقيقي، الا اننا لم نستمع بعد اية جرائم اراد صدام اعلانها باتهامه.

ولاننا، وكما كان متوقعا، لم وسوف لن نسمع لائحة الجرائم الكاملة هذه من كلا المجرمين، نجد انفسنا ملزمين بتسليط الاضواء على الجريمة الام التي مهدت الطريق لغالبية الجرائم الصدامية او الجرائم الامريكية او جرائمهما المشتركة. فادانة صدام حسين بجرائم القتل ليست مهمة صعبة اطلاقا فقد اعترف هو بمشاركته بجريمة محاولة اغتيال رئيس العراق الشرعي عام 1959 وبكونه من ابطال دهاليز قصر النهاية المشؤوم وجهاز حنين سيء الصيت. الا ان انتقاله من مجرم صغير نسبيا الى مجرم دولي متهم بجرائم الابادة الجماعية والاستهتار الفاضح بالقوانين الدولية والسياسة والدينية والانسانية لم يتم الا بعد ارتكابه ام الجرائم: حرب الاعتداء الامريكية الصهيونية على الشعب الايراني. فقد كانت جريمته المشتركة مع الغرب ومشايخ الخليج هذه نقلة اجرامية نوعية بحق في حياته السياسية. وقد جرى التمهيد لها مباشرة بعد انتصار الشعب الايراني على الشاه المدعوم اسرائيليا وامريكيا. فتمهيدا لام الجرائم وعبرها، وبمباركة امريكية فعالة، قام صدام بتصفية المعارضة الداخلية بجميع اصنافها بما فيها المعارضة البعثية وفرض مرحلة العبادة الشخصية والاستبداد الغاشم. ويتذكر الكثير نباح الاذاعة العراقية باغنية "صدام غالي" الاستفزازية ليل نهار في صيف عام 1979.

لقد كانت تلك الحرب عرس حقيقي للدم. فقد ساق من خلالها صدام حسين وجلاوزته ملايين العراقييين كالخراف في حرب تحمس لها وادارها غلاة الطائفيين والعنصريين العراقيين والعرب وخدام الامريكان من الخليج الى المحيط، بينما عارضها السواد الاعظم من ابناء الشعب العراقي. وتجرأ ت عبرها اقلية من ابناء السنة في العراق على بث سمومها الطائفية ونشر ممارستها العشائرية فكان بطلها خير الله طلفاح، خال ومربي صدام حسين ووالد زوجته، يصول ويجول دون رقيب حتى انه وصف الشيعة العراقيين المعارضين في الغالب للحرب، بعد اتهامهم بالاصول الايرانية، بالذباب. بل وتجرأ البعض المتصهين من ابناء الاقليات الغير اسلامية تحت غطاء الحرب على مهاجمة الاغلبية الشيعية المسلمة وعلمائها، او اية حركة اسلامية اخرى، علنيا. ومهدت هذه الحرب الطريق الى الاعدامات الجماعية حيث نصبت المشانق في الشوارع العامة واستخدمت روتينيا الاسلحة الكمياوية، التي باعها الامريكان لنظام صدام حسين جاهزة في البداية قبل ان يعمل نظامه على انتاجها محليا بعدما اكتشاف مزاياها الحربية. ومورست عبرها اساليب الاغتصاب والحرائق والسرقة بحق المدن الايرانية المسالمة تمهيدا لاستخدامها فيما بعد في المدن العراقية. لقد جلبت حرب الاعتداء الجبانة هذه بنجاح باهر الدمار الشامل كما ارادت لها الدوائر الصهيونية. فحرب الكويت لم تكن الا نتاج مكمل للحرب العراقية الايرانية بعدما حقق الصهاينة الامريكان هدفهم باضعاف العراق واغراقه بالديون وعزل قيادته داخليا. وعندما رفض صدام الانصياع الكامل لهم لم يتوانى المجرمون الامريكان من اكمال مخططهم عبر التدخل المباشر والاحتلال وعبر استخدام اسلحة الدمار الشامل. كاستعمالهم للقنابل الفراغية واسلحة اليورانيوم وفرضهم الحصار المجرم على الشعب العراقي الذي سبب الموت والخراب الكامل في حياة المدنيين حيث كانت جريمة الحصار الامريكية هذه اكبر الف مرة من جميع جرائم صدام حسين.

ان الحديث عن ام الجرائم، حرب صدام على ايران، ودروسها وعبرها بالغ الاهمية اليوم حيث يستعد المتطرفين الصهاينة الامريكان لمغامرتهم الاستعمارية القادمة في الشرق الاسلامي و ويهيؤا الاجواء مرة اخرى، عبر اذنابهم في حكومة الاحتلال، سواء كانو من العملاء المباشرين او الانتهازيين او المتصهينين او ممن يعتقد انهم يستخدمون المحتل المجرم لجلب الديقراطية، بالتحضير لتوريط العراق بام جرائم خاطفة جديدة. فرغم ان ايران لم يكن لها اطماع توسعية في العراق وكانت جريمتها الاساسية رفضها الخضوع لاملاءات الصهاينة الامريكان، تذرع صدام بموقفها السياسي المساند للشعب العراقي وبضعة مناوشات حدودية مفتعلة لاشعال حرب انتهاك الحرمات، وذلك لفرض نظامه المستبد. تماما كما يتذرع اليوم علاوي وزيباري والشعلان ومن خلفهم المحتلين بمواقف ايران وسوريا السياسية المشرفة في رفض الاحتلال لخلق المواجهة المسلحة مع جاري العراق الوحيدين الذين دعموا العراقيين بالخبز والمأوى والموقف السياسي الشريف منذ ان سدل الظلام الامريكي بضلاله على ارض الرافدين بعد ام الجرائم الاولى. ان احد المعايير الاساسية لوطنية ونقاء العراقي اليوم وكما كانت دائما موقفه من حرب امريكا الصهيونية على الجارة ايران عام 1980. ولذا لم يكن مفاجئا لنا غياب الحرب العراقية الايرانية من لائحة الاتهامات في محكمة صدام الغير شرعية الراهنة. فحكام بغداد وقاضيهم الشاب، الذي لم يكن ناجحا جدا في ادائه لقواعد اللعبة الامريكية كما يبدو، هم مرتزقة عراقيين لجيش محتل حتى وان لم يقصدوا ذلك. ومحكمة صدام حسين واركانه في ظل الاحتلال الامريكي هي محكمة امريكية هدفها اساسا خدمة مصالح الهيمنة الامريكية في العراق والمنطقة فهي بذلك ليست في مصلحة الشعب العراقي في هذه المرحلة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا.. مظاهرة في ذكرى النكبة الفلسطينية تندد بالحرب الإسرائ


.. مسيرة تجوب شوارع العاصمة البريطانية لندن تطالب بوقف بيع الأس




.. تشييع جثمان مقاوم فلسطيني قتل في غارة إسرائيلية على مخيم جني


.. بثلاث رصاصات.. أخ يقتل شقيقته في جريمة بشعة تهز #العراق #سوش




.. الجيش الإسرائيلي: دخول أول شحنة مساعدات إنسانية عبر الرصيف ا