الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مطارات ...عربية

البتول الهاشمية

2004 / 7 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


لا أدري أكان صوتا أم سوطا ذاك الذي جاءني من احد كبار مسئولي بلجيكا يطالب فيه الاتحاد الأوربي فقط بتسجيل أسماء العابرين والمتنقلين بين الدول العربية لا لشئ إلا بحثا عن إحصاءات دقيقة تكون عونا للباحثين في رسم مؤشرات صحيحة للسياحة فتذكرت ذلك الرجل الذي لوح لنا بالعبور فعرفنا من خلاله فقط إننا على مشارف دولة أوربية جديدة ..ولم املك إلا أن أطيع مخيلتي وافتح باب الذاكرة لآلاف من رجال الشرطة والاستخبارات العربية وموظفي الاستقبال والتفتيش وعدت مكرهه لذلك اليوم الذي سافرت فيه إلى واحدة من الدول العربية الشقيقة كما نسمع من نشرات الأخبار ومعلقي الرياضة وكان برفقتي ولدي الصغير
يومها وقفت أمام مفتش الجمرك لأثبت له أنني لست مهربة ومررت أمام أكثر من شاشة للتصوير وأنا أراقب حقائبي المنكوبة التي تناثرت منها الألبسة وهدايا من جئت لأزورهم ..أمسكت بالصغير الذي كاد أن يندفع نحو المفتش الذي راح يعبث بدميته الحسناء ويقلبها بكل الاتجاهات وهمست في أذنه انه يداعبها فقط ..كذبت عليه طبعا فكيف عساني أقنعه إن تلك الشقراء البلاستيكية التي طالما رفض أن ينام بعيدا عنها متهمة بحيازة المخدرات حتى تثبت براءتها
مر وقت طويل قبل أن أجد نفسي أمام ثياب أنيقة أخرى تخفي خلفها واحدا من أتباع وزير هتلر غوبلز الذي كان يتحسس مسدسه كلما سمع كلمة ثقافة ..راح يقلب صفحات كتاب كنت قد اصطحبته لأسلي نفسي به فترة الرحلة حتى أليس قصة الصغير لم تسلم من التصفح والتفتيش بعد عودتها من بلاد العجائب ...كانت الأنظار تتجه نحو رجل بلحية يسير باضطراب في محاولة فاشلة ليبدو عاديا فهو يدرك أيضا أن اللحية قد تصبح فجأة دليل أدانه بنفس الطريقة التي يكون الكتاب فيها جواز سفر إلى دهاليز المعتقلات ..لذلك فالابتسامة مطلوبة على اعتبار إن كل حركة محسوبة عليك في تلك البقعة المحفوفة بالمخاطر حيث تشعر بالرهبة وأنت برئ وبالغربة وأنت فوق ثرى وطنك , نسيت أني املك جواز سفر ولم أتذكره إلا حين رايته يقفز من يد إلى أخرى
بدون سابق إنذار اجتازنا أمريكي بسرعة ..كان يضع علما على رأسه والأبواب ذليلة أمامه على طريقة افتح يا سمسم ...جاء بعدنا بساعة وربما أكثر ومع هذا فقد تفوق علينا كعادته وهو القادم من عصر السرعة ..وتذكرت برنامجا تلفزيونيا يصور طوابير العرب في المطارات الأمريكية بأصابع ملوثة بحبر البصمات ووجوه ملت كاميرات تصوير رجال الاف بي أي , صغيري يريد دورة مياه ولا من سبيل لأجعله يفهم إننا محاصرين بالعروبة فالمسكين لا يعرف شيئا عن إخوانه في الفلوجة وغزة , شغلته بأشياء جميلة ستكون بانتظاره فور خروجنا من هنا ...ولكن متى ..رددت في نفسي
أشار لي الموظف بالاقتراب , سألته عن جواز سفري فاخبرني انه بانتظاري هناك ودل على رجل أخر راح يقلب في دفتر ضخم أمامه محشو بأسماء إلى جانبها إشارات سوداء وحمراء وبألوان أخرى وكلها عربية , مرت الساعات تباعا وبعد مئة توقيع وختم وكوة استقبال وألف مجلد وحاسوب أشار الموظف إن وداعا , أشرت إليه غير مصدقة هل يمكنني الخروج ...أومأ بنعم ..أمسكت بالصغير وانطلقت مسرعة قبل أن يغيروا رأيهم ..استقبلني بعدها بهو واسع حيث كان الآلاف من المسافرين ينتظرون حقائبهم لتولد من غرف التفتيش المخبري الدقيق ..شعرت إن قدماي ستخونني فاستندت إلى جدار بعد أن خذلتني كل الخطب والبرامج والكتب التي قرأتها عن العروبة الممتدة بحسب زعمهم من المحيط إلى الخليج , وقررت أن اغتال وقت الانتظار بان اشغل نفسي باستعراض شريط ذكريات المدرسة أمامي وكالعادة حضر الضيف الثقيل ذلك اليوم البائس الذي تلقيت فيه في يوم واحد صفعتين على وجهي الأولى كانت من مدرس اللغة العربية لأنني نسيت المقطع الأخير من أنشودة بلاد العرب أوطاني والثانية كانت من مدرس الجغرافيا عندما فاتني أن أضع دولة الكويت كواحدة من الحدود الشرقية وأنا ارسم خريطة وطني ..........المسكين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا بعد سيطرة إسرائيل على معبر رفح وما موقف القاهرة ؟| المس


.. أوكرانيا تعلن إحباط مخطط لاغتيال زيلينسكي أشرفت عليه روسيا




.. انتفاضة الطلبة ضد الحرب الإسرائيلية في غزة تتمدد في أوروبا


.. ضغوط أمريكية على إسرائيل لإعادة فتح المعابر لإدخال المساعدات




.. قطع الرباط الصليبي الأمامي وعلاجه | #برنامج_التشخيص