الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانتخابات العراقية... نُفَايَة من نفايات مزبلة التاريخ

حزب العمال التونسي

2010 / 4 / 3
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق


مثلما كان متوقعا انتهت الانتخابات العراقية بلا مفاجآت وحافظ الائتلاف الرجعي المدعوم من الاحتلال على مواقعه. وهذه النتيجة تؤكد مرة أخرى أن "العملية السياسية" التي يشرف عليها الاحتلال لن تأتي بجديد، وكل من راهن عليها خاب أمله ولم يجن منها شيئا.
ورغم التطبيل الإعلامي فإن هذه الانتخابات لم تأت بجديد بل كرّست الواقع المرّ الذي فرضه الاحتلال على الشعب العراقي. والهدف من هذه المهزلة الانتخابية ومن كل "العملية السياسية" هو محاولة فرض حكومة عميلة على الشعب العراقي تكون قادرة على حماية مصالح الاحتلال الذي لم يعد بإمكانه البقاء بعد الضربات الموجعة التي ما فتئ يتلقاها على يد المقاومة العراقية. وهذه الانتخابات هي محطة أخرى على درب تكريس هذا الواقع وتحقيق هذا الهدف. وكما هو معلوم فإن القوى السياسية التي "فازت" في هذه الانتخابات هي قوى رجعية وطائفية تكوّنت تحت رعاية وإشراف الاحتلال ووضعت اليد في اليد معه ومع قوى إقليمية تحاول إيجاد موقع قدم لها في العراق، ومن أهم هذه القوى الإقليمية إيران التي ازداد نفوذها في العراق بعد هذه الانتخابات حيث أن أغلب "الفائزين" لا يخفون عمالتهم للنظام الإيراني. وهذا في الحقيقة يضع الإدارة الأمريكية في مأزق لأنها بعد كل الذي فعلته في العراق من تقتيل وتشريد ها هي اليوم تساهم بشكل مباشر في صعود حكومة عميلة لإيران التي تعتبرها رأس حربة في المنطقة وهو ما سيصعّب مهمّتها في علاقة بالملف النووي الذي يبدو أن إيران ماضية فيه رغم كل التهديدات والعقوبات. وما الجولة التي يقوم بها نائب الرئيس الأمريكي أوباما في المنطقة إلا دليل على أن طبول الحرب بدأت تدق. فقد عوّدتنا الامبريالية الأمريكية على أنها كلما أكثرت الحديث عن السلام فإن ذلك يعني أنها تـُعدّ لحرب عدوانية جديدة في المنطقة. ومن غير المستبعد أن الهدف الحقيقي من هذه الجولة هو التحضير لتوجيه ضربة لإيران وليس "تحريك عملية السلام" كما هو مصرّح به. فالإدارة الأمريكية مقتنعة أن الوقت لا يعمل لصالحها وأنه كلما أجّلت عدوانها على إيران إلا وصعّبت على نفسها الأمر. لكنّ شنّ عدوان على إيران أو حتى توجيه ضربة سريعة ونوعية لمنشآتها النووية لن يمرّ بسلام وقد يزيد من مصاعب الولايات المتحدة الواقعة في المستنقعين العراقي والأفغاني المجاورين لإيران. ومن شأن توجيه هذه الضربة خلط جميع الأوراق وتحويل المنطقة إلى برميل بارود قابل للانفجار في أيّ لحظة وقد تعلن الفصائل العميلة للمحتل في العراق عن رفضها لهذه الضربة وتتحوّل إلى المعسكر الإيراني، أو على الأقل لا تتعاون بشكل جيّد مع الإدارة الأمريكية في صورة عدوانها على إيران. وهذا سيؤدي إلى فوضى عامة لن تكون في أي حال من الأحوال في صالح الولايات المتحدة. كما أن الائتلاف الرجعي في العراق لن يكون من السهل عليه الخروج من تحت عباءة الاحتلال والاحتماء بإيران في صورة نشوب حرب بين هذين البلدين لأن تشابك المصالح بين هذا الائتلاف وبين الاحتلال لا يمكن فكّه بسهولة باعتبار وأن وجود هذا الائتلاف مرتبط بوجود الاحتلال ولن تقدر إيران على حمايته من ضربات المقاومة. ولو كانت إيران قادرة على حماية عملائها لفعلت ذلك في أفغانستان. فالنظام الإيراني ينظر بقلق شديد إلى ما يجري في هذا البلد بعد الانتصارات الميدانية التي حققتها حركة طالبان المعادية لإيران والضربات الموجعة التي يتلقاها بشكل يومي التحالف الاستعماري بقيادة أمريكا. وهذا ما يفسّر زيارة أحمدي نجاد إلى أفغانستان وعدم تحرّجه من لقاء أحمد كرزاي رمز العمالة في هذا البلد وتأكيد مساندته له موجها نقدا لقوات الحلف الأطلسي المتواجدة في هذا البلد والتي تدعم حكومة كرزاي. وهذا الخلط والتضارب في المواقف يعكس المأزق الحقيقي الذي بات يشعر به نظام إيران فهو من ناحية في صراع مع الولايات المتحدة وهو في نفس الوقت يدعم حكومات عميلة لهذا المحتل. ولسائل أن يسأل: لماذا لا تدعم إيران حركات المقاومة في العراق وأفغانستان عوض "التنافس" مع الولايات المتحدة على استمالة حكومات رجعية وعميلة؟ الجواب هو أن إيران لا تتحرك إلا حسب نوازعها الطائفية وهي تعتقد أن الشيء الوحيد للحفاظ على مصالحها هو ربط علاقات جيدة مع هذه الحكومات العميلة لمحاولة الضغط بها في صراعها مع الولايات المتحدة.
إن أهم ما جاءت هذه الانتخابات هو تكريس هذه المعادلة التي ظهرت مباشرة بعد احتلال العراق وإسقاط نظام صدام حسين وهو أن إيران اختارت التغلغل في العراق عن طريق عملائها ودفعهم نحو الانخراط في المشروع السياسي الأمريكي والتصدي لكل عمليات المقاومة والعمل على التطهير الطائفي والسيطرة على العراق. وهذا ما نراه اليوم ماثلا: حكومة عراقية عميلة لنظامين متصارعين هما النظام الإيراني والنظام الأمريكي. وهو أمر قد لا يبدو منطقيا للوهلة الأولى وقلّ وندر أن شهد التاريخ مثيلا له، لكن هذه المعادلة الصعبة فرضتها في الحقيقة قوة المقاومة العراقية خاصة في بداية الاحتلال حيث لم يعد أمام الاحتلال خيارات عديدة ولم يبق أمامه سوى التعاون مع النظام الإيراني، عدوّه اللدود، للخروج من المستنقع. لكننا نرى اليوم هذا المستنقع يزداد اتساعا وأمريكا التي أسقطت صدام حسين نراها اليوم وكأنها تسلّم العراق على طبق من ذهب لإيران! وحتى احتلال أفغانستان كان إلى حدّ ما في صالح إيران التي تخلصت من غريم لها وهو طالبان التي طالما شكلت قلقا مباشرا لها.
من جهة أخرى فإن هذه الانتخابات سوف لن يكون لها تأثير كبير على المقاومة العراقية. فالحال بقي على ما هو عليه وسيظل حبل التواصل مقطوعا بينها وبين الحكومة التي ستتشكل بناء على هذه الانتخابات. لكن يمكن للمقاومة العراقية الاستفادة من نتائج هذه الانتخابات لأنها كرّست الرأي السائد لدى معظم العراقيين وهو أن أحوالهم لن تتغير بواسطة الانتخابات أو بواسطة الحكومة العميلة المنبثقة عنها لأنّ كل المبادرات السياسية التي عقبت الاحتلال غير شرعية، لأنها لا تعبّر عن إرادة الشعب العراقي وإنما هي صناعة استعمارية أمريكية. وبإمكان المقاومة استغلال الاستياء الذي خلفته نتائج هذه الانتخابات وما صاحبها من استفزاز لمشاعر العراقيين ومن تزوير على نطاق واسع ومن انتقادات حتى من داخل العصابة المنضوية داخل العملية السياسية، والعمل على التقدم للشعب العراقي ببديل واضح وببرامج تقطع مع الطائفية وتنير الطريق أمامه. ولا يمكنها تحقيق ذلك إلا إذا قطعت هي نفسها مع الطائفية. فالحقيقة المرة التي يعلمها الجميع اليوم هي أن المقاومة الموجودة اليوم على الساحة العراقية هي مقاومة طائفية رغم الشعارات المعادية لذلك. وهذا يعود بالأساس إلى أن الاحتلال عمل منذ انتصابه بالعراق على بذر الطائفية ورعايتها حتى أضحى كل شيء طائفيا وانتقلت هذه العدوى إلى المقاومة التي انخرط أغلبها في صراع طائفي ووقعت بذلك في الفخ الذي نصبته لها الفصائل الرجعية التي بنت نفسها على أساس طائفي لأنها لا تملك برنامجا سياسيا.
وقد لاحظنا خلال هذه الانتخابات تنامي الخطاب الطائفي رغم أن الجميع يندّدون بذلك. وأصبح الصراع حول عروبة رئيس العراق. وكأن عروبة العراق لا يمكن إثباتها إلا عن طريق رئيس عربي بغض النظر عن طبيعة السياسة التي سينتهجها. وهذا يعكس المستوى المتدني التي أضحت عليه هذه الأرهاط التي باعت العراق بأبخس الأثمان وارتمت في أحضان المحتل. فلو خـُيّر مثلا الشعب العراقي بين رئيس عربي عميل وبين رئيس عراقي غير عربي لكنه وطني وديمقراطي فإننا لا نشك لحظة أن الشعب العراقي سيختار الرئيس الثاني. فالمشكلة لم تعد في البرامج السياسية ولا في طبيعة القوائم المتنافسة وموقفها من المشكلة الأساسية التي يعاني منها العراق، أي الاحتلال، بل مع من هو عربي وغير عربي و بين من هو سني وغير سني وبين من هو شيعي وغير شيعي،إلخ. وهو خطاب يعود بنا إلى العصور الوسطى وقلّما رأينا له اليوم مثيلا في أيّ دولة مهما كانت متخلفة.
إن العراق اليوم يحتل المراتب الأخيرة في التخلف الاجتماعي والاقتصادي والسياسي. وحطّم أرقاما قياسية في ارتفاع معدلات البطالة والجريمة والأمية وانتشار الأوبئة ووفيات الأطفال وغيرها من الأمراض التي تمكـّن العراق من القضاء عليها في عهد صدام حسين حتى أصبح مثالا لمعظم الدول النامية خاصة في مجال التعليم والخدمات الاجتماعية. هذا ما جناه الاحتلال على العراق. خلاصة القول أن الانتخابات الأخيرة هي نفاية أخرى من نفايات مزبلة التاريخ. وهي حلقة من حلقات مشروع الاحتلال. ولن تغيّر شيئا من واقع العراقيين، إلا إذا نظرنا إلى المسألة من وجهة إقليمية وتزايد النفوذ الإيراني في العراق ومزيد تعميق أزمة الاحتلال ومدى تأثير ذلك على المقاومة العراقية التي مع الأسف الشديد لم تتمكن من العودة بقوة إلى مسرح الأحداث بسبب طائفيتها والخلفية الإيديولوجية الرجعية التي تقود أغلب فصائلها. لكن لا يمكن لهذا الوضع أن يستمر طويلا وسيتمكن الشعب العراقي إن عاجلا أو آجلا من طرد المحتل وكنس عملائه من أمثال المالكي والجلبي وعلاوي وغيرهم ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - رد على الحزب
--ابو فراس السويد ( 2010 / 4 / 3 - 18:21 )
والله عجيب كل هؤلاء عملاء ومثلهم اكثر لصوص --طيب من هو الجيد برايكم ياحزبنا الشيوعى التونسى وبالتالى انتم وما عليكم التدخل بشؤون العراق الداخلى --انا متاسف عليكم لانكم لم تحصلوا على اى مقعد فى البرلمان العراقى واقصد الحزب الشيوعى العراقى --وبالتالى لماذا يكون التيار الاسلامى فى موقع متقدم عنكم ---مو عيب ان يفوز مقتدى الصدر الامى على حميد مجيد الشيوعى والسياسى الكبير --اكيد هناك خلل كبير فى المعادله --اعتقد الحزب الشيوعى العمالى التونسى ليس فرع وهو ضد الجزب الشيوعى العراقى --ارجوكم اهتموا ببلادكم وشوفوا انتخاباتكم والسيد زين العابدين صار له قرن من الزمان يحكمكم --هل لايوجد رجل كفؤء يحكم تونس واجدر منه -


2 - مجرد انشاء
عبد الكريم البدري ( 2010 / 4 / 3 - 20:20 )
انكم على ما يبدو تجيدون الكلام ليس الا دون ذكرالحلول العملية. واعتقد انكم لاتملكوها ودليلي على ذلك ان رئيسكم السيد زين الدين لازال قابعا على سدة الحكم منذ عشرات السنين دون ان تكلفوا نفسكم بالبحث عن الحلول العملية لتغييرذلك وتطلبون منا السيرعلى وفق ما تتصوره و هذاخطأ كبير, صحيح اننا لانخشى ويجب ان لانخشى ألأنتقاد لكن على ان يكون بناء عملي ينسجم والظروف التي تجري في بلدنا لا زت كلام ثوري فارغ.
تحياتي لنضالكم


3 - TO UNDERSTAND THE MODERN REALITY IS VERY SERI
Dr ALI RAWANDI ( 2010 / 4 / 3 - 20:20 )
هذا انموذج صارخ لليسار المتطرف واطروحاته النهيلستية ـالعدميةـ ،،والغريب انهم مثل الفطر في كل زمان ومكان،، والاغرب انهم يتمسحون بجلباب مار ك س العظيم ،الذي لم يدخر اي جهد من طاقته ،في حياته او ـمماته ـ في تسفيه ونقد المواقف المعادية للعلم والسباحة او معاداة حركة الواقع العصي ـبالطبع ـ للفهم من قبل كل القوى العدية للتقدم المضطرد والتدريجي ، وخاصة الفوضويين والعدمين سواء كان منهم الباكونيين القدماء او التروتسكين او الماويين وبقية الجوقة،،ان الراي اعام التقدمي الايراني المعاصر يدرك جدا اصل اللعبة في العراق الشقيق والجار ويساند مواقف الحزب الشيوعي العراقي اواقعي والعملي،ولابد ان الظروب هناك صعبا مثل بقية بلدان النطقة ومنها ظروف الشعب الايرني المعقد،،ولكن معاندة الوقع امر يسير وهي ليس من شيمة الشيوعين والماركسين الحقيقين اينما كانو


4 - خوش افكار ....ديمقراطيه؟؟؟؟؟؟
شمران الحيران ( 2010 / 4 / 3 - 20:43 )
من هل المال حمل جمال؟؟؟؟؟؟؟؟؟


5 - مصيبه وبلوه وابتلينه
سمير احمد ( 2010 / 4 / 4 - 10:20 )
وغيرها من الأمراض التي تمكـّن العراق من القضاء عليها في عهد صدام حسين حتى أصبح مثالا لمعظم الدول النامية خاصة في مجال التعليم والخدمات الاجتماعية
هذا بيان حزب العمال الشيوعي التونسي ام حزب البعث الفاشي التونسي
تمجيد لطاغيه مجرم سبب كل بلاء العراق من تخلف وجهل ومرض واميه وفقر وحروب واخيرا احتلال وكل تبعاته
شئ من الاحترام لشعب العراق الذي انهكه واستنزفه الطاغيه
الحد الادنى من الخجل مطلوب يا حزب العمال


6 - تحية الى الشعب العراقي
Martyr Kusseila ( 2010 / 4 / 4 - 13:25 )
نحن هنا في شمال افريقيا ندين الاحزاب التوتاليتارية الفاشية التي تمزج الاممية بالقومجية الاعرابية والا ما دخل حزيب شيوعجي تونسي في شان العراق الداخلي

هؤلاء الشيوعجيون يعيشون في الماضي المؤلم للشعوب التي عانت من ويلات الشيوعية ومن الاقتصاد المركزي المجمد ومن بروليتاريا الدهماء المتحكمة في النخب المتعلمة وما هؤلاء الا كشك حقير في ركن قصي مغمور فلا تكترثوا لهم

اخر الافلام

.. هل تسعى إسرائيل لـ-محو- غزة عن الخريطة فعلا؟| مسائية


.. زيلينسكي: الغرب يخشى هزيمة روسية في الحرب ولا يريد لكييف أن




.. جيروزاليم بوست: نتنياهو المدرج الأول على قائمة مسؤولين ألحقو


.. تقارير بريطانية: هجوم بصاروخ على ناقلة نفط ترفع علم بنما جنو




.. مشاهد من وداع شهيد جنين إسلام خمايسة