الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إيران و تركيا... أيهما نختار؟

عبد القادر الحوت

2010 / 4 / 5
السياسة والعلاقات الدولية


في ظل ضياع أي مشروع سياسي عربي و في ظل غياب اليسار العلماني عن تقديم أي طرح جديد بعيدًا عن الفلسفة الإيديولوجية، تعيش دولنا و شعوبنا حالة ضياع.
تُترجم هذه الحالة عبر فقدان الثقة بقدرتنا على القيام بنهضة تنويرية ثقافية و إقتصادية. فنلجأ إما إلى الحنين إلى الماضي بكل ما يحمله من أخطاء و أفكار سلبية (كما تفعل الحركات الإسلامية) أو إلى السير بمشروع أجنبي و التحول إلى دول ذمّة لهذا المشروع.

بعد سقوط المشروع الأمريكي أو على الأقل إضعافه بشكل كبير أفقد أي تأثير له، تتأرجح شعوبنا بين ثلاثة خيارات :
1- الخيار الإسلامي بمختلف أشكاله، إخوانية، طالبانية، إعتدالية، وهابية، صدرية...
2 - المشروع الإيراني
3 - المشروع التركي

الخيار الإسلامي الأول قديم. بدأ بالصعود بشكل جدي بعد الأزمة البترولية عام 1973، على الرغم من أن خلفياته السياسية بدأت مع هزيمة حرب الـ67 و وفاة عبد الناصر عام 70.
إستفاد هذا المشروع إذن من إنهيار سياسة و شرعية القيادة المصرية بعد وفاة عبد الناصر، بالإضافة إلى تدمير لبنان، "قلم العرب الثقافي"، في الحرب الأهلية عام 1975.
سقوط العراق بيد صدام حسين و سوريا بيد الأسد، بالإضافة إلى الثورة الإسلامية في إيران، كلها جعلت هذا المشروع ينفجر سياسيًا في الوطن العربي.

و لكن هذا المشروع لم يتحول إلى خطر عسكري إلا بعد بدء الحرب في أفغانستان و الدعم الأمريكي الكبير للحركات الإسلامية.
بعد تشريع القتل بإسم الدين، إنتشرت الحركات الإسلامية بشكل كبير في الوطن العربي و بدأت بإرتكاب المجازر و الإغتيالات.
فمن الإغتيالات بحق المقاومة الشيوعية و اليسارية في لبنان إلى المجازر و عمليات السبي في الجزائر، مرورًا بمجازر الإخوان المسلمين في مصر و سوريا.
مع بزوغ نجم القاعدة و بن لادن، إنتقلت الحركات الإسلامية من الفكر الإنقلابي إلى الفكر التكفيري. بحيث لم يعد الهدف الإنقلاب على النظام و الوصول إلى السلطة، بل أصبح أيضًا تغيير عادات الشعوب و قتل كل من يختلف عن رأيهم و فكرهم.

اليوم، رغم فشل هذا التيار الإسلامي فإنه ما زال يحاول عبر ممارسة التقية السياسية و الإجتماعية فيما يُسمى "بالإعتدال". أي إدّعاء قبول الآخر و الظهور بمظهر جميل على الفضائيات من أجل إغراء الشعب العربي.
و ما إن يصلوا إلى السلطة حتى يظهروا بشكلهم الحقيقي الذي لا يختلف عن الحركات المتطرفة.

في المقابل، يظهر المشروع الإيراني بثوب ديني محافظ و لكنه رغم الحملات الإعلامية التي يشنها منذ ثلاثين عامًا، فهذا لم يشفع حيث ما زال يُعتبر مشروع "شيعي" في الشارع العربي.
صحيح أن بعض القوميين السابقين قد إنضموا لهذا المشروع و أن جزء من الشعوب العربية تتعاطف مع مواقفه فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية. و لكن رغم ذلك، فما زال الحقد الطائفي واضح لدى الطرفين.

أضف إلى ذلك أن الأدب العربي منذ أكثر من ألف عام يشمل على العديد من النقد و الشتائم بحق الفرس و يحمل نظرة إستعلائية عنصرية عربية ضد الشعب الفارسي المهزوم... فإقتصار التأييد للمشروع الإيراني على العراق و سوريا و لبنان يُصبح مفهومًا.

أما المشروع التركي الذي ظهر فجأة مع وصول الإسلاميين إلى السلطة في تركيا، فإنه لا يختلف إطلاقًا عن المشروع الإيراني.
و لكن رغم أنه مشروع قومي يهدف إلى حماية مصالح تركيا و تقويتها على حساب شعوب المنطقة، فهذا المشروع يحظى بصدى عاطفي لدى الشعوب العربية. لماذا؟

لقد أيقن أردوغان أن شعوبنا هي شعوب عاطفية تُحب المظاهر و هو أمر إستغلّه بشكل محترف.
على الرغم من أن بلاده تطبّع مع إسرائيل و تقيم معها علاقات تجارية و حتى عسكرية.. فإن أردوغان يعرف أن جزء كبير من الشعب العربي، و بالأخص اليوم بعد مرور أربعة عقود من سطوة أساطير و رجعية الإسلاميين، سينسى كل علاقات تركيا بإسرائيل و بأمريكا مقابل بعض الكلام المعسول إعلاميًا.

و يعرف أيضا أردوغان أن الكلام مجاني و لا يُلزم أحد. يستطيع أردوغان أن يغري شعوبنا ببعض العبارات و الشعارات المؤيدة لفلسطين أو بمسرحية إعلامية في دافوس.
تركيا إستفادت من هذه المناورات، و لكن هل تحسّن حال الفلسطينيين؟ هل إنفكّ الحصار على غزة بسبب أقوال أردوغان أو الغول التركي؟
كم أسير فلسطيني حرر أردوغان؟

الواقع أن المشروع الإيراني و المشروع التركي مشابهًا جدًا. كلاهما مشروعان قوميان يهدفان إلى حماية مصالح إيران و تركيا.
الغلاف الدين هو مجرد حصان طروادة تسخدمها هذه الدولتان من أجل تمرير مشروعها عند الشعوب العربية، السنية و الشيعية.

أما المزايدة في قضية فلسطين، فهي قمة العجرفة من قبل دولة تقيم علاقات مباشرة مع إسرائيل (تركيا) أو تشتري السلاح سرًا من إسرائيل (إيران).
ثلاثة مشاريع، كلّها تهدف إلى تدمير أي أمل لشعوبنا بنهضة عربية ثقافية و إقتصادية جديدة.

الحل الوحيد هو بمشروع عربي يساري علماني يحمل تطلعات شعوبنا نحو الحرية الإجتماعية و تحرير أراضينا المحتلة و المساواة الإقتصادية و الإجتماعية.
أما لهذا اليسار أن يستفيق؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - انتظر
سمير ( 2010 / 4 / 4 - 21:55 )
لا يوجد تيار علماني في الدول العربية أنتم تعدون على الأصابع


2 - تعليق خفيف
محمد الخليفه ( 2010 / 4 / 5 - 10:00 )
يا أستاذ عبد القادر إنني أوافقك الرأي حول أهداف إيران وتركيا تجاه العالم العربي وخاصة دول الشرق الأوسط ، فشهاب الدين أظرط من أخيه كما يقول المثل، وشكرأ

اخر الافلام

.. هل سيؤدي تعليق شحنة الأسلحة الأمريكية لإسرائيل للضغط على نتن


.. الشرطة الهولندية تفض اعتصام طلاب مؤيدين لغزة بجامعة أمستردام




.. هل بدأت معركة الولايات المتأرجحة بين بايدن وترامب؟ | #أميركا


.. طالبة تلاحق رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شفيق وتطالبها بالاستقا




.. بايدن يقول إنه لن يزود إسرائيل بأسلحة لاجتياح رفح.. ما دلالة