الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


(حكومة بالريموت كنترول ) إلى أين تريد إيران الوصول بالعراق

حيدر نواف المسعودي

2010 / 4 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


وأنا استمع إلى منولوج الفنان والشاعر الوطني العراقي الراحل الذي تجسد كلماته وأشعاره ومنولوجاته مصائبنا وهمومنا في كل زمان وكأنه كتب هذه المنولوجات لتحكي في كل زمن هموم ومعاناة العراقيين :
منه منه منه كلهه منه
مصايبنه وطلايبنه كلهه منه
يا عرب كلمن هب ودب
ملجوم أفاده ومتعذب
ومصيبتنه ندري كلهه منه
عند سماع هذا المنولوج لا ادري لماذا قفز إلى ذهني مباشرة خبر سفر ساسة وقادة ورؤساء الكتل الفائزة في الانتخابات البرلمانية العراقية إلى إيران لأخذ المشورة والنصح والتوجيهات والقرارات في تشكيل الحكومة العراقية المقبلة انطلاقا من إيمان هؤلاء الساسة والقادة بالأغنية العراقية القائلة : ( إلا أحرك قلبك ) إغاظة لكل العراقيين الآخرين المعادين لإيران والعملية السياسية وولاية الفقيه، ولان الساسة العراقيين حريصين جدا على إرضاء الإرادة والرغبة الإيرانية قبل رضى ومباركة وإرادة وخيار الشعب العراقي التي جسدها في انتخابات يوم 7/3/2010.
اعلم جيدا أن البعض من الموالين لإيران ، وأيتام الأحزاب والائتلافات الحاكمة الآن ، وبعد أن يقرؤوا المقالة سيقولون هذا بعثي أو إرهابي أو طائفي أو عميل أمريكي .
كما هو شانهم دائما إزاء كل من يعارض أو ينتقد أو يختلف مع سياساتهم وحكمهم ومارفقه من إخفاقات أو إساءات وأخطاء السلطة وأحزابها ، فان كان المعارض للسلطة وأحزابها يتهم بهذه التهم ، فهذا عميل أمريكي ، وذاك بريطاني ، والأخر سعودي ، وغيرهم عميل سوري ... الخ.
فبماذا يمكن تسمية من اجتمعوا في طهران لتشكيل الحكومة المقبلة وتحت الوصاية والإرادة الإيرانية ؟
فبعد أن رفض ائتلاف دولة القانون الاعتراف بخسارته في الانتخابات وبعد أن لم يجد وسيلة لتمرير إرادته على مفوضية الانتخابات من اجل تغيير النتائج وبعد أن أعلن تهديده بإشعال العنف في العراق إن لم يفز هو بالانتخابات انطلاقا من الحكمة البائدة القائلة ( ما أنطي العراق غير بس تراب ) ، بعد كل ذلك هرع السيد المالكي وقيادات حزبه وائتلافه إلى إيران مسرعين مفزوعين ليجدوا في أحضانها الأمان ، والحلول السحرية لقلب هذه الهزيمة انتصارا ولو بالقوة ( وغصبن على خشوم العدا حكومتنا تبقه صامدة ) يعني على رأي المثل الشعبي ( الما رضه بجزه رضه بجزه وخروف ) أو المثل القائل : ( تريد أرنب اخذ أرنب تريد غزال اخذ أرنب ) .
وحين سالت احد أعضاء احد أحزاب السلطة والمجتمعين في إيران لتشكيل الحكومة العراقية ، عن السبب في ذهابهم إلى إيران لتشكيل الحكومة أجاب قائلا : ( لان الأمريكان عندهم كاميرات للتجسس في كل مكان في العراق ولا يوجد مكان امن للتفاوض والتباحث والتشاور حول تشكيل الحكومة إلا في إيران ) ، يعني الواق واق ماتصلح مكان امن للتشاور بدل إيران .
إما احد قيادات الأحزاب المجتمعة في طهران فقد رفض جملة وتفصيلا ادعاءات المدعين والحاسدين ممن اتهموا حزبه وائتلافه بأنه موجود في إيران لسماع توجيهات وقرارات وخطط إيران لتشكيل الحكومة المقبلة وقال : ( إن من يدعون ذلك فهم يتصيدون بالماء العكر ، لان ائتلافهم ذهب إلى إيران ضمن وفد حكومي ورسمي يتصدره رئيس الجمهورية بناء على دعوة موجهة من الجمهورية الإيرانية للمشاركة في احتفالات أعياد نوروز ) ، والعاقل يفتهم .
إن كنت تدري فتلك مصيبة وان كنت لا تدري فالمصيبة أعظم ، وان كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب ، فالظاهر إن السيد القيادي يتصور أن ( اللي يحجي هندي واللي يسمع من الدبات ) .
لا اعلم لماذا أصرت الجمهورية الإسلامية على دعوة الائتلافات الفائزة في الانتخابات ولثلاث ائتلافات فقط ، ولماذا كانت الدعوة لهذا العام تحديدا دون الأعوام السابقة ، وما علاقة بعض الشخصيات التي حضرت الدعوة والتي لا تمثل موقعا رسميا أو حكوميا كما يدعي السيد القيادي بان الوفد حكومي ورسمي .
ثم هل إن احتفالات الجمهورية الإسلامية بأعياد نوروز أهم من الشأن الداخلي ولاسيما إن البلد يمر بمرحلة حساسة وحرجة سيما بعد إعلان النتائج والخلافات الحادة بين القوى السياسية بصدد تشكيل الحكومة ، والفراغ التشريعي والحكومي الذي يمر به البلد بعد انتهاء فترة البرلمان والحكومة وضرورة الإسراع في إجراءات انعقاد البرلمان وتشكيل الحكومة ، فهل حضور أعياد نوروز الايرانية اهم من كل ذلك وتستدعي مغادرة الجميع قادة وساسة وحكوميين للبلاد ، او لم يكن من الأولى مثلا أن يحضر رئيس الجمهورية العراقية القمة العربية في ليبيا بدلا من السفر لحضور احتفالات نوروز الإيرانية .
ولكن يبدو إن حكومتنا تسعى إلى اعتماد التكنولوجيا والوسائل الحديثة في إدارة البلاد حيث وعلى اعتبار إننا في عصر ( الريموت كنترول ) فان الساسة والقادة ورموز الحكومة والسلطة ورؤساء الكتل الفائزة يميلون إلى تشكيل حكومة عراقية عن بعد ب ( الريموت كنترول ) ، تمهيدا لحكم العراق عن بعد أو عبر الحدود أو عبر القارات مستقبلا ( الحكم عن بعد بالريموت كنترول ) ، كأحد التطبيقات المتقدمة لما يسمى ب ( الحكومة الالكترونية ) .
ولكن أليس من الغريب جدا والمضحك المبكي جدا حقيقة هو انتقال الساسة والقادة العراقيين بهذه السرعة إلى طهران لتشكيل الحكومة العراقية ، وإنني بحاجة لجواب شاف وواضح ومحدد لهذا التهافت على إيران .
إن لون الانتخابات البنفسجي لما يزول بعد عن أنامل العراقيين ، ولكن يبدو أن الشعب الإيراني هو من انتخب وليس الشعب العراقي ، أو أن العراقيين انتخبوا بالنيابة عن الإيرانيين ، ويبدو أن تنصيب وإزاحة الملوك يتم بإرادة وفرمان إيراني وبمباركة العمامة والولي الفقيه الإيراني ، ولا مشروعية مطلقا لأي حكومة ما لم تنل رضى السيد الإيراني وتحظى بتقبيل أيادي آيات ورهابر ( جمع رهبر ) إيران.
ولا ادري لماذا مثلا لم يبادر السيد احمدي نجاد أو السيد الولي الفقيه الإيراني إلى الهرولة نحو العراق والى السيد الطالباني أو المالكي أو غيرهم لتشكيل حكومتهم الإيرانية بعد الانتخابات الديمقراطية التي جرت عندهم قبل عدة أشهر والتي لازال الشعب الإيراني يحتفل بنتائجها يوميا في الشوارع الإيرانية تحت سياط ورصاص وقنابل الحرس الثوري ، والذي كان من المؤمل أن يمارس نفس الدور في العراق فيما لو خسرت قوى وأحزاب السلطة في العراق الانتخابات تماما وأصرت على التمسك بالسلطة على رغم انف العراقيين ، رغم إنني قد سمعت من بعض أفراد هذه الأحزاب يؤكدون للعراقيين من المعارضين لهم قبل الانتخابات بالقول : (تنتخبونه ما تنتخبونه احنه فايزين غصبن عنكم وما محتاجين لأصواتكم ).
أعود لسؤالي عن عدم لجوء نجاد والولي الفقيه وحكومة وشعب العراق إلى حكام العراق لمساعدتهم في تشكيل حكومتهم وباعتقادي أن السبب هو إيمان الإيرانيين بالمثل الشعبي القائل ( انأ واخوي على ابن عمي واني وابن عمي على الغريب ).
ومن اجل التذكير فقط أشير إلى أن إيران تريد وبحسن نية دعم العراقيين في التحرر من الأمريكان ، فهي قد اعتادت دائما على دعم كل حركات التحرر ومعاداة الاستعمار في العالم ، بدءا بدعم طالبان والقاعدة بعد سقوط دولة طالبان في أفغانستان واستقبال شراذم طالبان في إيران وإيوائهم ومعالجتهم وتسهيل انتقالهم إلى كردستان العراق ودعم حركاتهم المتمثلة ب (أنصار الإسلام ) و( جند الإسلام ) و( حماس الثانية ) في مناطق حلبجة وطويلة التابعة للسليمانية والمحاذية للحدود الإيرانية ، والتي شهدت معارك دامية بين قوات الاتحاد الوطني الكردستاني ( حزب جلال الطالباني ) وهذه المجاميع الإرهابية خاصة في مناطق طويلة وقرية (خيلي حمه ) ، وكانت إيران قد احتضنت وآوت أسامة بن لادن بعد سقوط نظام طالبان في أفغانستان وقامت بمعالجة إصاباته وإخفاءه لفترة طويلة هناك .
ثم إن إيران قامت بدعم وإيواء قوات حزب العمال الكردستاني التركي المعروف ب( pkk ) حزب عبد الله أوجلان والذي شهد معارك وملاحقات عنيفة من قبل القوات التركية ولاسيما بعد اعتقال زعيمه عبد الله أوجلان ، وهروب أنصار وقوات هذا الحزب إلى خارج الأراضي التركية.
على أية حال أجد من الأفضل مواصلة الاستماع لمنولوجات الفنان والشاعر العراقي الوطني الراحل عزيز علي والتي أجد فيها متنفسا وأملا وباعثا على احتمال هذه الهستيريا :
كل حال يزول
ما تظل الدنيه ابهالحال
تتحول من حال الحال
هذا دوام الحال محال
والعالم مليان أسرار
أسرار أتحير الأفكار









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو: غانتس اختار أن يهدد رئيس الوزراء بدلا من حماس


.. انقسامات داخلية حادة تعصف بحكومة نتنياهو وتهدد بانهيار مجلس




.. بن غفير يرد بقوة على غانتس.. ويصفه بأنه بهلوان كبير


.. -اقطعوا العلاقات الآن-.. اعتصام الطلاب في جامعة ملبورن الأست




.. فلسطينيون يشيعون جثمان قائد بكتيبة جنين الشهيد إسلام خمايسة