الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إصلاح الجمعيات السكنية ومحاربة الفساد فيها يتطلب إصلاحاً سياسياً في البلاد

عمر قشاش

2004 / 7 / 23
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


إن مقياس تقدم أي مجتمع أو نظام سياسي هو في مدى نجاحه في توفير شروط حياة جديدة ومريحة تؤمن للمواطن الأمن والاستقرار والكرامة والحياة المعاشية والصحية والتعليم والسكن المريح ...
وحديثنا هنا يتركز حول موضوع السكن ...
مع تزايد النمو السكاني السريع في سورية, أخذت تبرز الحاجة إلى حل أزمة السكن للمواطنين ذوي الدخل المحدود, وقد بادرت المؤسسة العامة للإسكان منذ عام 1961, بإنشاء وحدات سكنية شعبية /36/ ألف وحده وزعتها على المواطنين ذوي الدخل المحدود , بأسعار معقولة, وتسديد ثمنها على أقساط شهرية, لكن هذا التبرير رغم أهميته, كان قاصراً ولم يحل أزمة السكن, بل ازدادت الحاجة إلى حلول أكثر فاعلية ..
وقد بادر المواطنون بتأسيس جمعيات تعاونية سكنية, وتأسس حتى عام 1990 مئات الجمعيات في سورية كتوجه جيد من أجل المساهمة في إنشاء المساكن الشعبية في المدن, لحل أزمة السكن للعمال والموظفين وذوي الدخل المحدود, وقد قدمت الدولة الأراضي للجمعيات بأسعار رمزية, مساهمة منها لتسهيل عمل الجمعيات في بناء شقق سكنية بمساحة تتراوح من /100 ـ 150/ كحد أقصى لكل عضو مشترك في الجمعية وقد تحقق إقبال كبير من المواطنين على تأسيس جمعيات سكنية وخاصة منذ بداية عام 1970, وأصبح عدد الجمعيات السكنية يقدر ب /1000/ ألف جمعية ..
ورغم أهمية الإنجازات التي حققتها هذه الجمعيات لأعضائها إلا أن الإدارة بعض هذه الجمعيات ارتكبت ولا تزال أخطاء وانتهاكات قانونية مخالفة لنظامها الداخلي, وذلك من خلال التلاعب بزيادة التكاليف البناء ..
ومثالنا هنا يتعلق بجمعية الزهراء التعاونية للسكن بحلب, مثلاً تكلفة متر البناء السكني العادي حسب الدراسات العلمية, يجب أن لا يتعدى /5ـ6/ آلاف ليرة سورية, بينما يباع البيت للمشترك عضو الجمعية بسعر المتر من /7ـ8/ آلاف ليرة خلافاً للقيمة الفعلية للتكلفة في كل مراحل البناء, وعلاوة على ذلك يفرض على المشترك مبالغ إضافية قبل استلام البيت, تتراوح من /100ـ200/ ألف ليرة سورية, نفقات مختلفة, وفقاً لحسابات إدارة الجمعية التي هي أيضاً غير قانونية وغير واقعية .
وهنا يجري التواطؤ بين بعض رؤساء الجمعيات مع المتعهدين الذين يقومون بتنفيذ بناء الشقق السكنية, ومن خلال لجان المشتريات على الأسعار من اجل تنظيم فواتير حسب الاتفاق, لتغطية السرقة وكما يبدو أن بذرة الفساد والرشوة وسرقة المال العام تسللت إلى هذه الجمعيات, وانزلق بعض رؤسائها في مستنقع الفساد .
وقد بدأت الجمعيات تتعامل مع أعضائها كتاجر بناء تبيع البيت بسعر أعلى من التكلفة, وكثيراً ما يباع البيت أكثر من مرة لغير المشتركين خلافاً للقانون ونظام الجمعية ..
مثال على ذلك, جمعية الزهراء, وجمعية الثورة بحلب, حيث أن الاختلاسات وسرقة المال العام لهذه الجمعيات تقدر بمئات الملايين والليرات السورية, وإن رؤساء هذه الجمعيات في السجون الآن بسبب ارتكابهم جريمة الفساد والرشوة ..
إن هيئة الرقابة والتفتيش لا تزال تبحث في وضع جمعية الثورة السكنية وانتهاكاتها القانونية العديدة..
إن الهدف الأساسي من إنشاء هذه الجمعيات السكنية هو حل أزمة السكن للموظفين وذوي الدخل المحدود, وبناء شقق سكنية متواضعة بمساحة تتراوح ما بين /100ـ150/ ولكن في الواقع وفي كثير من الحالات فإن إدارة هذه الجمعيات تجاوزت صلاحياتها المنصوص عنها في النظام الداخلي, وتسجل للبعض شقق بمساحات تراوح من /200ـ700/ متر, لقاء رشاوى تدفع لرئيس الجمعية ثمن هذه التجاوزات ..
وهنا لا بد من الإشارة إلى أن إدارة الجمعيات السكنية تعقد اجتماعات دورية تبحث في أعمال وإنجازات البناء التي ينفذها المتعهدون والنفقات المالية بتفاصيلها, وتتخذ قرارات بشأنها ,وهذه القرارات يجب أن تخضع للاتحاد التعاوني السكني لمراقبتها وتدقيقها, والتأكد من قانونيتها وشرعيتها كذلك يجب أن تعرض القرارات على لجنة الخدمات الفنية في قسم الجمعيات السكنية لتدقيقها ..
وقد أصبح معروفاً أن تغطية الانتهاكات والفساد المالي للجمعيات السكنية يتم أيضاً بواسطة الفساد والرشوة لجهة الرقابة و يستند بعض الرؤساء الفاسدين في الجمعيات في تصرفاتهم وسرقاتهم المالية أيضاً إلى حماية بعض المسؤولين من أجهزة الدولة الأمنية, مقابل تقديم هدايا ثمينة لهم تصل إلى تسجيل بيوت مجانية يغطى ثمنها من سرقة الأموال العامة للجمعية, من اجل حمايتهم عند الضرورة .
إن ظاهرة الفساد والانتهاكات القانونية للجمعيات التعاونية السكنية ليست محصورة في الجمعيات التعاونية المختلفة, بل هي موجودة في كل المؤسسات العامة للدولة, وإن أهم وأخطر هذه الظاهرة هي في القضاء العادي والإداري ..
وإني أرى من اجل الحفاظ على حقوق المواطنين, أعضاء الجمعيات من التلاعب والتصرفات غير القانونية, إخضاع هذه الجمعيات للمراقبة الشديدة من قبل المختصين بدراسة الأسعار والتكلفة, دراسة معقولة وعلمية ومحاسبة المسيئين لهذا القطاع الهام من جامعي الأموال, حيث أن هذا القطاع يعتبر من أهم ما يجمع من أموال المواطنين, ويقدر بمئات المليارات من الليرات السورية ..
إن محاربة الفساد والوضع العام في البلاد, يتطلب إصلاحاً سياسياً, وذلك بإجراء التغيير الديمقراطي في البلاد, وذلك بوقف العمل بقانون الطوارئ, وإطلاق الحريات الديمقراطية للشعب, وإصدار قانون ديمقراطي للأحزاب, وصحافة حرة, وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين معتقلي الرأي ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قتلة مخدّرون أم حراس للعدالة؟.. الحشاشين وأسرار أول تنظيم لل


.. وكالة رويترز: قطر تدرس مستقبل المكتب السياسي لحركة حماس في أ




.. أوكرانيا تستهدف القرم.. كيف غيّرت الصواريخ معادلة الحرب؟| #ا


.. وصول وفدين من حماس وقطر إلى القاهرة سعيا لاستكمال المفاوضات




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - وفد من حماس يصل إلى القاهرة لاستكم