الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-مهرجان الصورة- والوجه الصهيوني لفرنسا

محمود عبد الرحيم

2010 / 4 / 6
الادب والفن



لم أكن أتوقع أن تتصاعد أزمة الفيلم "الإسرائيلي" المشارك في "مهرجان الصورة" الذي ينظمه المركز الثقافي الفرنسي إلى هذه الدرجة ،ويصل الأمر إلى ممارسة ضغوط صهيونية على الخارجية الفرنسية ، تجعلها تصر على تحدى إجماع الجماعة الثقافية المصرية ،على رفض التطبيع مع الكيان الصهيوني، ومقاطعته على كافة الأصعدة ، عقابا له على جرائمه وعنصريته الممتدة بحق الشعوب العربية التى يمثل وعيها، ويعبر عن ضمائرها هؤلاء المثقفون والفنانون.

فقد تلقيت رسالة قبل حوالى أسبوع من المخرج المصري احمد عاطف يكشف فيها عن هذا الاختراق الصهيوني الذي يجرى بأيدي فرنسية، ويبين فيها حيثيات انسحابه من هذا المهرجان ، ومن هيئة تحكيمه، وقمت على الفور بالرد عليه، وتثمين موقفه الوطني والقومي والإنساني، وتوقعت أن الأزمة انتهت بسحب الفيلم ، جراء موقف عاطف المشرف، إلا أن الأمر صار على عكس هذه الوتيرة، بإعادة الفيلم إلى المهرجان استجابة ، وربما ممالأة من جانب الحكومة الفرنسية للكيان العنصري الذي راح- عبر صحفه ،ومؤسساته الصهيونية داخل وخارج تل أبيب- يتحدث بغير حق عن معاداة السامية، تلك الفزاعة التى يشهرها دوما في وجه الرافضين للظلم والعدوان ولجرائم الإبادة التى يرتكبها هؤلاء المعادون حقا ،وليس قولا للانسانية جميعها، وذلك على أرضية أخلاقية ، قبل أن تكون وطنية وعروبية.

وإن كان يجب أن نحتفى بأحمد عاطف على موقفه الشجاع المبادر من مشاركة فيلم"شبه طبيعي" للمخرجة الإسرائيلية كارين بن رافائيل التى خدمت بالجيش "الإسرائيلي"، ومن محاولة التوريط الفرنسي الخبيثة للمصريين في تطبيع ثقافي مرفوض ومستهجن، فإننا يجب أن نفخر بأن موقفه لم يعد فرديا ، ولحق به سريعا آخرون من السينمائيين المصريين، وعلى رأسهم نقيبهم مسعد فودة ، إلى جانب مؤسسات سينمائية عديدة كالمركز القومي للسينما والمعهد العالي للسينما قررت المقاطعة ووحدت موقف الرفض ، ما يمثل صفعة قوية لكل من إسرائيل وفرنسا، وهزيمة في معركة افتعلوها وتصوروا أنهم قادرون على كسبها ، متناسين أن إرادة الشعوب أقوى، وأكثر إصرارا من إصرارهم الاستعلائي، وأن ضغوطهم إن كانت تحدث أثرها مع الحكام ، لأسباب نعرفها جميعا ، فإن الوضعية هنا مختلفة تماما، حيث الذاكرة الشعبية لا تنسى ولا تقبل بعدو ملوثة أياديه بدمائنا ، ولو بعد ألف عام.

ربما كانت المفاجأة في هذه الأزمة هو موقف الخارجية المصرية الذي جاء جيدا، و لم يناقض موقف السينمائيين، وألقى باللائمة على الجانب الفرنسي الذي تحرك عن جهل أو قصد ضد قناعات غالبية الشعب المصري ، و في الأخير يريد أن يملي- كمستعمر قديم- إرادته ، ويستنكر موقف السينمائيين المصريين الجدير بالاحترام ، بالتناقض مع شعارات الحرية والإخاء والمساواة التى يرفعونها، ومنطق العدالة والقيم الأخلاقية الإنسانية.

إن قيمة هذه الأزمة التى تتواكب مع الذكرى الحادية والثلاثين لاتفاقية الاستسلام مع الكيان الصهيوني التى تورط فيها نظام السادات، ومع انهيار خيار التسوية ، وتسارع الإجراءات العدوانية الصهيونية في الأراضي الفلسطينية المحتلة ، تتجلى في أنها أثبتت أن ثمة جدارا صلبا من الممانعة الشعبية ، والرفض للتطبيع لا يزال قائما، وأن الرهان خاسر بكل المقاييس على انكسار هذا البنيان القوى مع مرور الوقت، ومع استقطاب بعض الانتهازيين أو الواهمين بإمكانية التعايش المشترك وقبول هذا الكيان العنصري بيننا.

إن هذه المناسبة يجب أن نستغلها لتأكيد التفاف الشعب المصري وطليعته المثقفة حول القضية الفلسطينية ، ودعمها بالشكل الواجب، ورفض الوجود الصهيوني على الأرض العربية المحتلة، والمطالبة مجددا بإسقاط اتفاقات العار مع هذا الكيان، وإن كان علينا أن نسجل اعتزازنا وفخرنا بكل من قال لا في وجه الصهيونية وأنصارها، فإننا يجب أن نصعد معركتنا الثقافية معهم ونفضح عنصريتهم ونهجهم الاستعماري المقيت، و لا ننسى في هذا السياق رجالهم في داخل مصر من المطبعين الذين يتوجب فضحهم من جديد، ووضع قائمة سوداء بأسمائهم ، ينضم إليها من خرج عن الإجماع ، وواصل المشاركة في هذا المهرجان بحجج واهية ، طمعا فى الرضاء الفرنسي مثل المخرجة نيفين شلبي وعزة شعبان.

كما أنه من الواجب إعلان مقاطعة المركز الثقافي الفرنسي ، وتصعيد الاحتجاج والتظاهر أمام السفارة الفرنسية بشكل سلمي حضاري إلى أن يتم إلغاء هذه الفعالية ، ويقدموا اعتذارا رسميا للشعب المصري كله ، ليس من قبل المركز فقط ، وإنما من قبل الخارجية الفرنسية، لأن عليهم أن يتعلموا الدرس جيدا ، ويحترموا ثوابت وقناعات هذا الشعب ولا يتجرؤوا عليه، ويتحالفوا ثانية مع الشيطان الصهيوني لاختراقنا ثقافيا، كما أن عدم تمرير هذا الموقف رسالة تحذيرية لكل المؤسسات الثقافية الأجنبية في مصر عليهم استيعابها ، ليحدث التواصل المتكافئ ،حتى لا يكون البديل القطيعة، فإن كنا نرحب بالانفتاح على كل رياح العالم الثقافية ، فإننا لن نسمح بأن تقتلعنا من جذورنا ، أو تمس قناعاتنا الوطنية والعروبية المؤسسة على قاعدة أخلاقية.
*كاتب صحفي مصري








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عاجل.. تفاصيل إصابة الفنانة سمية الألفى بحالة اختناق فى حريق


.. لطلاب الثانوية العامة.. المراجعة النهائية لمادة اللغة الإسبا




.. أين ظهر نجم الفنانة الألبانية الأصول -دوا ليبا-؟


.. الفنان الكوميدي بدر صالح: في كل مدينة يوجد قوانين خاصة للسوا




.. تحليلات كوميدية من الفنان بدر صالح لطرق السواقة المختلفة وال