الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حقوق الإنسان في العراق المؤمن و حقوق الكلاب في دول الغرب الكافر

سامية نوري كربيت

2010 / 4 / 7
حقوق الانسان



حقوق الإنسان في العراق المؤمن وحقوق الكلاب في دول الغرب الكافر

قبل أن أوضح فكرة عنوان المقال واطرح للبحث الامثلة المقارنة هناك سؤال مهم يطرح نفسه على الساحة السياسية العراقية منذ أن تولى المالكي رئاسة الحكومة العراقية تحت شعار دولة القانون , والسؤال هو هل طبق المالكي القانون في العراق ؟ أم كانت دولة القانون شعارا استغل فيه اسم القانون بأبشع صوره ؟ وللوصول إلى الحقيقة أود أن أناقش الموضوع بشكل أكاديمي بعيدا عن العواطف والتهريج الذي ساد الساحة السياسية في العراق بعد عام 2003 .
إن المجتمع لا يستقيم أمره إلا إذا سار على قواعد بينة واضحة يأتمر بها الناس جميعا ويخضعون لأحكامها ويتصرفون على هديها , وهذه القواعد إنما تهدف إلى إقامة التوازن بين الحريات المتعارضة والمصالح المختلفة المتضاربة حتى يتحقق النظام والاستقرار , ويسود العدل بين الأفراد بحيث لا يطغي قوي على ضعيف ولا يتحكم فرد في الآخرين , ونلاحظ أن هناك تلازما وارتباطا وثيقا بين المجتمع وفكرة القانون فلا يوجد مجتمع متحضر دون أن يوجد له قانون يحكمه وينظمه , ويمكن الوصول إلى تعريف مبدئي للقانون بأنه مجموعة القواعد التي تنظم الروابط الاجتماعية فتحكم سلوك الأفراد وعلاقاتهم في المجتمع والتي تقسر فيها السلطة العامة في المجتمع الناس على إتباعها ولو بالقوة عند الاقتضاء .
فالقانون ضرورة اقتضتها ظروف معيشة الإنسان مع غيره حيث تتعدد المصالح وتتضارب وتتعارض الحريات , ويتحتم على الفرد إذا أراد العيش في جماعة يسودها السلام والاستقرار أن يتنازل عن شئ من حريته المطلقة حتى يتمكن من التمتع بحريته على وجه سليم , وفي ذات الوقت يتسنى للآخرين التمتع بحريتهم بنفس الشروط , ذلك إن التعارض الذي ينشأ بين الحريات المختلفة لا يمكن أن يحل إلا بتحديدها , وهذا التحديد يفرغ في شكل قواعد يجب على كل فرد أن يتبعها في علاقاته مع الآخرين , ومن مجموع هذه القواعد يتكون القانون , وموضوعيا يتصف القانون بالعمومية فهو يطبق على كل الناس بالتساوي دون تمييز مما يمنع تمتع أفراد أو مجموعات بحريات وحقوق دون غيرهم .
وتتمحور النظرية السياسية الديمقراطية تقليديا حول فكرة فرض بعض الضوابط على عمل السلطة في الدولة بحيث تمتلك هذه السلطة الإمكانات الضرورية لممارسة نشاطها إنما بالشكل الذي لا يؤدي إلى انتهاكها لحقوق الإفراد وحرياتهم , بيد إن الأمر ليس بهذه السهولة كما قد يترائ للبعض , فالسلطة تغوي والطرف الذي يقبض عليها يمتلك بنظر البعض ميلا فطريا إلى إساءة استعمالها لذلك كان لابد من ابتكار وسيلة لمحاربة هذه الظاهرة , وتم ذلك عن طريق محاولة ضبط السلطة بواسطة القاعدة القانونية , أي منع السلطة من التصرف العشوائي وإخضاعها لضوابط معينة مصوغة في إطار نصوص قانونية وهذا ما يطلق عليه تسميات مختلفة منها دولة القانون , أولوية القانون , سيادة القانون .
فقد اعتبر القانون تقليديا بمثابة الحكم بين السلطة والأفراد , يساوي بين الفريقين ويخضعهما لنصوصه وبذلك أصبح المؤتمن الأول على تنظيم الحريات والحقوق , ولا ننسى هذا الموقع المميز الذي خصص للقانون في الإعلان الفرنسي لحقوق الإنسان الذي يعكس الثقة الكبرى لليبرالية به , واعتبار القانون بمثابة أداة أساسية للحد من تمادي سلطة الدولة ومزاجيتها , ولحماية حقوق الأفراد وحياتهم وإعطائه مركز الصدارة وذلك لأنه من الناحية الشكلية وتبعا للتقاليد الليبرالية يعتبر أداة للتعبير عن الإرادة العامة وهو القاعدة الصادرة عن الطرف المالك لهذه الإرادة , أي الشعب أو من يمثله من نواب منتخبين بصورة ديمقراطية وان صياغته تتم وفق إجراءات معينة تدعم الثقة به كوسيلة لحماية الحقوق والحريات فهو صادر من الشعب بواسطة ممثليه الذين صوتوا عليه ولا يمكن لهؤلاء أن يضعوا قوانين تقمع حرياتهم .
إن الحكومة في الدولة لاتعني أكثر من الجهاز العضوي الذي ينهض باسمها ولحسابها بمهام الحكم بمقتضى نظام قانوني مسبق تتجسد من ثناياه شرعية الحكم , كما إنها تعني السلطة التنفيذية فقط أي السلطة التي تقوم بتنفيذ القوانين وإدارة المرافق العامة , إلا أن السلطة التنفيذية واتصالها المباشر بالأفراد جعل الناس يعتادون أن يروا في السلطة التنفيذية المحرك الأول والإدارة السياسية العليا للدولة لذلك خصوها بكلمة حكومة لبيان أنها هي الهيئة الحاكمة التي تحكم مباشرة وخاصة في العالم الثالث .
وعندما تعطي حكومة لنفسها تعريفا ما عليها أن تمتثل لتطبيق معنى ذلك التعريف وعندما أطلق المالكي على قائمته الانتخابية اسم دولة القانون فعليه أن يلتزم بكل ما تعنيه تلك الكلمة بعد أن تسلم رئاسة الحكومة باعتباره المسؤول الأول عن إدارة الدولة بعيدا عن المزايدات والشعارات وبعيدا عن كونها دولة قانون في وسائل الإعلام وفي التصريحات الصحفية , وفعليا بعيدة عن كل ما يمت إلى القانون بصلة , وفي مقدمة مسؤولياته حماية حقوق الإنسان التي هدرت بشكل لم يسبق له مثيل في تاريخ العراق منذ أيام هولاكو وجنكيزخان .
إن المذابح التي تجري بحق الأقليات تقع مسؤوليتها القانونية على عاتق الحكومة التي يترأسها المالكي وعلى المالكي نفسه , فهو المسؤول الأول بحكم موقعه عن حماية أرواح وممتلكات جميع المواطنين بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية والعرقية والطائفية , والذي يحدث في العراق هو اعتداء صارخ على حقوق الإنسان وخاصة حقه في الحياة , كما انه المسؤول الأول عن تدهور الوضع الاقتصادي وما ترتب عليه من امتهان لحقوق الإنسان في العراق ومسؤوليته تكمن بكونه على رأس السلطة التنفيذية وإذا كان غير قادرا على إدارة البلاد وتحسين الوضع الاقتصادي فليتنحى ويدع المجال لغيره , إن من العار على حكومة تدعي أن رئيسها ينتمي إلى قائمة تسمى دولة القانون وهي ابعد ما تكون عن القانون , أن يتم تبادل أشرطة بورنو ( أفلام جنسية ) هنا في أوربا بين رجال الجاليات العربية لنساء فقيرات من كل أنحاء العراق اضطررن إلى بيع أجسادهن لسد رمق أولادهن بعد أن ضاقت بهن سبل العيش وأخذت لهن هذه الأفلام دون علمهن ومن قبل سفلة الناس ومن الحاقدين على العراق من الذين في قلوبهم أمراض وليس مرض واحد والمدفوعين بحقدهم التاريخي على العراق .
لقد هدرت حقوق الإنسان في العراق إلى درجة لا يمكن تخيلها من افتقاد المواطنين إلى ابسط مقومات الحياة الكريمة وفي جميع المجالات سواء أكانت صحية أو معيشية أو دراسية أو ترفيهية والى الكثير من ابسط الحقوق مما دفعني لإجراء مقارنة سريعة بين حقوق الفرد العراقي التي هدرت وبين حقوق الكلاب في أوربا , مع الاعتذار الشديد وأسفي البالغ لإجراء هذه المقارنة لأبناء بلدي الأعزاء فهم تاج على رؤوس الذين يحكموهم ولكن أحيانا على الكاتب أن يتخطى الخطوط الحمراء لإيصال رسالته لمن لا يخجل ويقبل بان تصل أوضاع شعبه إلى هذا المستوى من الانحدار والهدر في كرامته وإنسانيته وان تصل الحاجة بأبنائه للبحث في القمامة عن الطعام , تلك المناظر التي تبث على شاشات وسائل الإعلام العربية والعالمية , وحكام العراق ليست لديهم ذرة من الكرامة والخجل لإيقاف ما يحدث هناك , وفي الوقت الذي فيه يلبسنا عار ما يحدث هناك يتكالبون هم على السحت الحرام من دون وازع من ضمير وأخلاق , والذين يؤلم أكثر أنهم منضوين تحت شعارات دينية أو مذهبية يتاجرون بها ويصلون بواسطتها إلى سدة الحكم , ويتبارون بالخطب العصماء المملؤة بالدجل والكذب وكل الذي يسعون إليه هو كراسي السلطة وما تعود عليهم به من مكاسب وإرباح وأرصدة وعقارات في الداخل والخارج .
إن المقارنة التي أحاول أن أجريها هي لتعريف من لم يعرف لحد الآن ماذا يعاني العراقي اليوم من امتهان بالإضافة إلى العنف والقتل اليومي وإرهاب الدولة وغير الدولة , مقارنة بالامتيازات التي تتمتع بها الكلاب في العالم الغربي والذي يتهم يوميا بل كل لحظة بالكفر , حيث أنها تتمتع بحق الحماية من الاعتداء عليها أو إبقائها بدون طعام أو شراب أو مأوى كما أنها تتلقى رعاية صحية مستمرة ودورية من قبل مراكز متخصصة وبإشراف أطباء ومراقبة صارمة من الشرطة المحلية التي من واجباتها متابعة أوضاع الحيوانات وتوفير جميع سبل الحياة السعيدة والراحة لهم , وحتى الاهتمام بأبسط التفاصيل التي لايمكن أن تخطر على بال جميع القادة والمسؤولين في دولنا العربية عند إدارتهم متطلبات وأوضاع شعوبهم العربية , حتى الرعاية النفسية للكلاب وشعورها المرهف بالحر أو البرد وكيفية حمايتها من عوامل اعتداء الطبيعة والإنسان , وإذا رغبت بالدخول بالتفاصيل فلن تكفيني عدة صفحات للحديث عن ذلك , وعلى كل من لا يصدق أن يبحث في مواقع الانترنيت ليجد العجب العجاب من القوانين التي تحمي حقوق الحيوان في الغرب الذي نلعنه من على المنابر الإعلامية ليلا ونهارا علنا ونحلم بالعيش فيه دائما وأبدا سرا , وهذا ليس بغريب علينا أليست الازدواجية من اخص صفات وخصائص اغلب قادتنا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - صدقت وأجدت عزيزتنا الكاتبة الكبيرة
ابو نشوان ( 2010 / 4 / 7 - 13:14 )
ابتداء لابد لي من تهنئة السيدة الباحثة ..والكاتبة المتميزة (السيدة سامية نوري كربيت )على هذه المقالة الرائعة والمعبرة.. واقول لها ان ماكتبته ينم عن معرفة دقيقة بما يجري في عراقنا وليتصور القارئ العزيز بانني شخصيا انطلق من بيتي الى محل عملي الذي لايبعد سوى 3 كيلومتر في الساعة 7 صباحا واصل في العاشرة بعد ان اعبر 17 سيطرة اضطر فيها وفي كل سيطرة ان اسلم على الجنود ..وانزل( جام )السيارة واقدم التوضيحات واجيب عن اسئلة تافهة وبدون ان اشعر بأي تقدير او احترام وانا كأستاذ جامعي اضطر لكظم غيظي حتى لااتعرض للاهانة وكل ما يجري بأسم عمليات حفظ القانون ..والله لو لم اكن احب العراق واحب مدينتي لكفرت بالبلد ولغادرته بدون رجعة ..اية حقوق يتكلم عليها المالكي والانسان لايأمن على نفسه حتى في غرفة نومه ،فقد يتعرض للمداهمة في الثالثة فجرا بعد ان يكسر باب داره ويدخل زوار الفجر ..القانون ضروري ومهم ولابد من تطبيقه قولا وفعلا ..شكرا للكاتبة وبوركت والى مزيد من المقالات المفيدة والمعبرة .

اخر الافلام

.. الأمم المتحدة تحذر من التصعيد في مدينة الفاشر في شمال دارفور


.. تكدس خيام النازحين غرب دير البلح وسط قطاع غزة




.. ما حدود تغير موقف الدول المانحة بعد تقرير حول الأونروا ؟ •


.. نتنياهو: أحكام المحكمة الجنائية الدولية لن تؤثر على تصرفات إ




.. الأمين العام للأمم المتحدة للعربية: عملية رفح سيكون لها تداع