الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المحاولة الاخيرة

سلمان النقاش

2010 / 4 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


ربما هي المحاولة الاخيرة والحاسمة لتحقيق الطموح الشخصي للسياسي العراقي اياد علاوي في تولي الموقع الاول للحكم في العراق ، هذا الرجل الذي ينتمي الى عائلة عراقية كان لها اثر ضمن المجال السياسي العراقي منذ اواخر الحكم العثماني وبداية تشكيل الدولة العراقية الحديثة ولهذه العائلة عدد كبير من الذين استلموا مناصب حكومية في العهد الملكي العراقي مثل المهندس المعماري المعروف جعفر علاوي (وزير الاسكان العراقي السابق) والدكتور عبد الامير علاوي (طبيب اطفال ووزير للصحة) والدكتور علي علاوي (وزير مالية ووزير دفاع) والدكتور محمد علاوي (وزير اتصالات).
كان علاوي عضواً في حزب البعث وعضواً في المجلس القطري. اختلف مع رئيس الجمهورية ونائبه وترك العراق إلى بيروت عام 1971. ترك بيروت عام 1972م، إلى لندن لاكمال الدراسات العليا. انتخب مسؤولاً للتنظيم القومي لحزب البعث في أوروبا الغربية وبعض بلدان الخليج العربي عام 1973م, عندما كان ارتباط التنظيم القومي مع القيادة القومية في بيروت، واستقال رسمياً من حزب البعث عام 1975م.
أسس منذ عام 1974م تنظيماً سرياً مع بعض العراقيين منهم د.تحسين معله وهاني الفكيكي واللواء الركن حسن النقيب والعقيد سليم شاكر والمقدم الطبيب صلاح شبيب. تعرض لمحاولة اغتيال في شهر شباط 1978م وبقى في المستشفى لأكثر من عام. استمر في تطوير التنظيم السري مع الأشخاص أعلاه وغيرهم. أعلن عن التنظيم بشكل علني في بيروت عام 1990م وسميت الحركة (حركة الوفاق الوطني العراقي) انتخب امينا عاما للحركة عام 1991م وجدد انتخابه كامين عام للحركة عام 1993م.
تم اختياره عام 2003م في مجلس الحكم العراقي الذي أسسته قوات التحالف الدولي في العراق. اذ عينته سلطة الائتلاف المؤقتة برئاسة الحاكم المدني الأمريكي بول بريمر وبقرار من الأمم المتحدة رئيساً للوزراء في أول حكومة مؤقتة في العراق بعد سقوط النظام السابق.
ولانه كان على دراية كافية بشكل الدولة القادم وطبيعته ،فضل علاوي بداية الساحة العلمانية للعب فيها وابتعد بهذا القدر او ذاك عن التعاطي مع المشروع السياسي الديني ظنا منه انه بذلك يحاكي الصورة المفترضة لمشروع التغيير الذي قادته الولايات المتحدة الامريكية وتسهر على ادامته وحمايته ،لا بل انه تعامل خلال الفترة المؤقتة مع المعارضين لهذا المشروع بطريقة اظهرته انه لا يميل مع النهج المسلح لاعادة استقرار وسيادة العراق .. لكن الاحداث هذه اسست لبداية استقطاب طائفي تعكز على نتائج العمليات الحربية واثرها في اشاعة الفوضى وتأخر تشكيل اسس الدولة المفترضة ..ومن هنا بدأت الخارطة السياسية تنزلق بشكل سريع نحو مستنقع الطائفية الدبق .. لكن علاوي اصر على التمسك بنهجه وظن ان اصراره على ذلك سوف يساعده على كسب التأييد الجماهيري والشعبي في حالة دخوله في حلبة المنافسة الانتخابية مع اقطاب اثبتت التجربة ان لهم اليد الاقوى في جر الشارع العراقي نحو ثقافة الاختلاف الطائفي التي ولدت وانتجت مآسي وصور بشعة من منظور التحضر الانساني .. واعتمادا على هذا جمع علاوي الحركات والتيارات والاحزاب والشخصيات السياسية من لها تاريخ سياسي فاعل على الساحة العراقية قبل تموز 1968 ومن لهم ميل من المتنفذين الحديثين على الساحة لتوجهاته .. لكن الامور لم تجر كما خطط لها فانتخابات كانون الثاني 2005 حددت توجه الشارع العراقي السياسي عند مفترق الطائفية بمفهومه الثقافي الانتمائي مع العلم ان المكون السني في هذه الانتخابات فضل البقاء خارج اللعبة الانتخابية منتظرا نتائج التصعيد العنيف الذي تبنته التنظيمات المتطرفة ،وبرغم انه كان على رأس السلطة وبيده كافة الياتها وماكناتها الا انه لم يتمكن من نيل الاغلبية لتشكيل الحكومة الانتقالية اذ حصل على اربعين مقعدا ابعدته عن المنافسة بعيدا ليتحضر لانتخابات مجلس النواب الدائم بنفس وشكل وتوجه قائمته الا انه هذه المرة حصل على 25 مقعدا ليشكل كتلة صغيرة في برلمان صار واضح المعالم من ناحية مكوناته .. ليبدأ مشوار التحضير لانتخابات عام 2010 واضعا امامه امكانية تعثر الفائزين وبناء كتلة سياسية لا يمكنها القبول الا باغلبية المقاعد للوصول الى طموحه واستعادة طريق المجد السياسي الذي افلت منه نتيجة تعقد الوضع العراقي وتشابك المصالح الاقليمية والدولية والمحلية على ارضه .
ونتيجة للحركة الطبيعية لفعل قوانين تشكيل الدولة المستندة على الدستور الذي حظي بموافقة الشعب العراقي ضمن استفتاء جماهيري واسع والذي شارك فيه المكون السني بصياغات تضمن بعض مصالحه تمكنت الدولة من تحجيم المعارضة المسلحة العنيفة وحصرها في زاوية العمليات المعتمدة على افراد لا بل ان المكون السني نفسه رفض رفضا قاطعا اسلوب عملها وثقافته الغريبة جدا عن الواقع الاجتماعي العراقي .. لكن هذ لم يحل الاشكال الذي كان هذا المكون يعتقد به انه قد اصيب بضيم نتيجة تقاسم السلطة والنفوذ في ادارة البلد ، ونتيجة للارباك الذي نتج عن ادارة ملفات الدولة والاظطرار باتباع المحاصصة في ادارة شؤون الحياة العامة للمجتمع وما نتج عنه من فساد اداري ومالي كبير وتضرر مصالح الكثير وزيادة الاعتماد على المشاريع المخابراتية الاقليمية لادارة الفرق السياسية ، بدأ جزء من الشارع العراقي يميل الى الالتفات جزئيا الى الوراء وهذا ما اثبتته انتخابات مجالس المحافظات وتقدم بعض الشخصيات التي روجت لصور تستدعي تراث البعث وضرورة العودة الى طريقة ادارته ..
ولان انتخابات عام 2010 تعد بالنسبة لعلاوي مسألة مصيرية اعجبه النجاح الذي تحقق في الوسط السني لبعض الشخصيات والقبول به ففكر في استثمار جذوره ونشاطاته السياسية المبكرة وكذلك الدعاية المنافسة له على انه يميل الى هذا الفكر فقدم نفسه قائدا سياسيا لهذا المكون نحو هذه الانتخابات ، وفي مقال تحت عنوان: «شاب صلب يحاول ترويض العراق»، لاحظ الصحافي ديكستر فيلكينز ان ماضي علاوي مع حزب البعث يروق لبعض العراقيين.
يقول فيلكينز: يشتهر علاوي بمحاولاته اطاحة صدام حسين لفترة امتدت عشر سنوات تقريبا، لكنه هو نفسه بعثي،ويقول بعض نقاده المراقبين له( لكن على الرغم من ذلك يجذب هذا الرجل اولئك العراقيين الذين يفتقدون قبضة صدام الحديدية ووسائله في الامساك بقوة بدفة السلطة.)
واليوم حين حقق علاوي نسبة جيدة في انتخابات 2010 تمكن من الابقاء على صفته العلمانية لكنه لا يقوى على ابعاد صورة اصطفافه طائفيا رغم تناقض انتمائه الحقيقي مع هذا لكن الامر اثبت بما لايقبل الشك ان هناك تقاطعا ثقافيا مميزا بين مكونات الشعب العراقي يندرج تحت ارادات سياسية اقليمية تقف في تضاد واحيانا في صراع مع اجندات اقليمية واحيانا يتفق النقيضان لمواجه المشروع الامريكي .. لكن علاوي وقف حائرا امام اعتماده على لاعبين اقليميين ليسا على اتفاق دائم وهما السعودية وسوريا فقد تراجعت العلاقات السورية السعودية في عهد الرئيس بشار الاسد وذلك بسبب التوجه السعودي ودعم السعودية لجماعات في لبنان وانتقاد سورية لسياسة السعودية التي ساعدت على تفاقم الوضع في لبنان والاتجاه السعودي المغاير والبعيد عن المنطق تجاه بعض القضايا العربية الهامة، وكذلك من جهة انتقاد السعودية لسورية بسبب دعم المقاومة (حزب الله - حركة حماس) والتحالف السوري الإيراني، حيث قامت المملكة السعودية بدور لم ترضاه دمشق وتفاقمت الازمة بعد مقتل رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري وبسبب تشابك وتقاطع اوراق لمصالح خارجية وعدم الفهم والتحليل الصحيح للأوضاع الدولية والعربية من قبل السعودية والضغط الخارجي على السعودية مورس من قبل الكونغرس ومؤسسات وهيئات مختلفة لجعل السعودية واجبارها للوقوف ضد سورية وهذا ما حصل وهنا كان الخطأ ولعبت المصالح دورها في ذلك بعيدآ عن المنطق، رغم ذلك فأن العلاقات على مستويات شعبية كانت على افضل حال ولم تتأثر بالشكل التي كانت عليه العلاقات الرسمية.
لكن ايران هي الاقوى في المنطقة وهي التي تحدد الدور السوري ضمن مشروعها الاقليمي مقابل الابقاء على دور سوري مؤثر يضمن استمرار النظام لا بل حمايته ،ويبدو ان هذا كان في حسابات علاوي اذ تؤشر التسريبات الصحفية ان هناك نوع من الوساطة يبديها حزب الله لترطيب العلاقة بين علاوي وايران باتجاه الوقوف معه امام تكتل المالكي الغير متفق الى حد ما مع ايران..
اذن ان لم يكن ما اراده فاعتقد انه المشهد الاخير في مسرحه السياسي..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. متضامنون مع غزة في أمريكا يتصدون لمحاولة الشرطة فض الاعتصام


.. وسط خلافات متصاعدة.. بن غفير وسموتريتش يهاجمان وزير الدفاع ا




.. احتجاجات الطلاب تغلق جامعة للعلوم السياسية بفرنسا


.. الأمن اللبناني يوقف 7 أشخاص بتهمة اختطاف والاعتداء -المروع-




.. طلاب مؤيدون للفلسطينيين ينصبون خياما أمام أكبر جامعة في الم