الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصادق المهدي يكرر آراءه العنصرية

بابكر عباس الأمين

2010 / 4 / 8
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان



ما فتئ الصادق المهدي, رئيس الوزراء السوداني السابق, يكرر آراءه العنصرية البغيضة مرة ثانية قائلاً: "إن إنتخاب ياسر عرمان سيدخل البلاد في شلل داخلي حيث تكون الحركة الشعبية حاكمة في الشمال والجنوب." وما برح يطلق الكلام علي عواهنه دون أن يشرح الشلل الداخلي الذي سيصيب البلاد, في حالة حكم الحركة. ولإزالة جهلنا عن إستيعاب الأمر, ليته ضرب مثلاً بفوز أوباما, وما سببه من شلل أمريكا الداخلي. أو ليته ضرب لنا مثلاً بالشلل الذي أصاب جنوب أفريقيا بعد أن آل الحكم فيها للأفارقة, بدلاً عن البيض.

وجاء تبريره السخيف بأنه في حالة فوز عرمان, مرشح الحركة الشعبية, سيكون رئيس السودان مرؤساً من رئيس الجنوب, كأنما الجنوب دولة إسرائيل. ومكمن السخف في أن هناك دستوراً يحدد سلطات الرئيس ومسؤولياته, وعرمان مصدر ثقة بحيث أنه لن يطالب بتفويض ليفرض دكتاتورية مدنية أو طائفية أو عنصرية. وقال سيادته: "إن برنامجي هو الأفضل." إن المرء, ولا سيما الحاكم, يُحكم عليه بعمله وليس بالقول والتنظير وإطلاق الشعارات. لقد سمعنا خلال الديمقراطية الأخيرة مشروعه (نهج الصحوة الإسلامية). ما هو تعريف هذا المشروع, ماهي تفاصيله, كيف يعالج الإقتصاد والربا في القروض الخارجية, وكيف تكون العلاقة مع الجنوب؟ لم نسمع أبداً أجوبة لتلك الأسئلة حتي نهاية عهده. ربما كان الصادق أكثر إقناعاً للناخبين, وأكثر موضوعية لو ذكر مصنعاً أو مشروعاً واحداً أنجزه في حكومته الأولي عام 1966, أو الثانية عام 1986.

في سعيه لإشباع متعة السلطة, قاد إنشقاقاً ضد عمه الإمام الهادي عام 1965 بدعوي تحديث حزب الأمة, وضخ دماء شابة فيه ورفض جمع الإمام الهادي بين السلطتين السياسية والدينية واصفها بالبابوية. في تلك الحقبة, لم يبلغ الإمام الهادي, من الكبر عتيا. كان عمره - عطر الله ثراه - أقل من خمسين سنة. وما كان الإمام جاهلاً أو أميا, بل كان خريج فكتوريا (كلية فكتوريا). وبعد أن أقصي الصادق سلفه محمد أحمد المحجوب عام 1966, سقطت حكومته بعد تسعة أشهر. وبما أنه لا يطيق البقاء خارج السلطة, عقد إجتماعه الشهير تحت الشجرة, وكتب إلي قائد الجيش بعدم دستورية أحد القرارات. هذا يعني التحريض علي إنقلاب, لأن مكان تحدي القرارات في النظم الديمقراطية هو المحكمة الدستورية, وليس المكان الذي يصدر منه البيان الإنقلابي الأول. وقد إتضح الفشل السياسي للصادق في تلك الحقبة بحيث أن الناخبين أسقطوه في دائرة الجزيرة أبا, معقل طائفة الأنصار, في إنتخابات عام 1968.

كما ذكر الصادق بأنه سأل شيخ الأزهر عن جواز "بيعة من إغتصب الحكم بالقوة." وهل كان شيخ الأزهر في إجازة مفتوحة - في كوكب آخر - عندما عقد إتفاقه مع النظام الحالي؟ أما عن الإقتصاد, فقد قال بأنه سيعمل علي "تفكيك سيطرة المؤتمر الوطني علي الإقتصاد ولكن بعملية غير جراحية." وهذا التصريح يعيد إلي ذاكرتنا ماقاله أثناء حملته الإنتخابية عام 1985: "الأخوان المسلمين عملوا علي تخريب الإقتصاد عن طريق المصارف الإسلامية والمتاجرة بالدولار." و"الوحدة الوطنية لا تتم إلا بعزلهم." هل صادر أو أمَّم سيادته تلك المصارف أو فتح تحقيقاً في تلاعبها وما قامت به من إحتكار ومضاربة وتجارة الدولار؟ وهل عزل أخوانه عن الحكم؟ لم يفعل لأن ذلك من شأنه أن يغضب صهره, حسن الترابي, إن غضب الصهر لظلم عظيم.

وعن الجنوب, ذكر الصادق عن الحكومة الحالية: "عندما أعلنوا الجهاد كان تقرير المصير هو الثمن." لقد وضع المهدي أساسأ راسخاً لهذا النظام, كما وضع الأساس لإنفصال الجنوب بإجهاض مبادرة الميرغني دون أن يقدم بديلاً سياسياً. أما الحل العسكري, فقد فشل فيه فشلاً ذريعاً, فبدلاً عن تسليح الجيش, كانت سياسته تسليح قبائل التماس لحرب الحركة الشعبية. وبعد أن قال الصادق في ديسمبر 2009, بأنه: "ينوي تولي منصب تنفيذي الآن أو في المستقبل" أصبح اليوم المرشح الوحيد الذي بسببه "سيُنظر لهذه الإنتخابات بشيء من الإحترام الدولي." عكس التصريح الأول, فإن الثاني متوقع وغير مستغرب, لأن أقسي عقوبة يعاني منها الصادق وتعذبه أسوأ عذاب هي البقاء خارج السلطة وبعيداً عن دائرة الضوء.

لقد قُتل أربعة مواطنين برصاص الشرطة أثناء مظاهرات إحتجاج سلمية علي زيادة السلع الإستهلاكية الضرورية بنسبة 50 في المئة في عهد الصادق. وهذه فضيحة في النظم الديمقراطية, لأنها إنتهاك سافر لحق الإنسان في التعبير السلمي. والأمانة تقتضي أن نذكر أن مثل هذا لم يحدث في عهد النظام الحالي. كما إستوردت حكومة الصادق سيارات لأعضاء الجمعية التأسيسة, علي حساب دافع الضرائب ودون رسوم جمركية. ولما قُبض علي نصرالدين الهادي, من حزب الصادق المهدي, في محاولة تهريب يورانيوم, قال في تبجح, لا أعتقد أن يصدر مثله من مصطفي الطيب, خال عمر البشير: "لا توجد مادة دستورية تمنع حيازة اليورانيم."!!!! ثم أطل علينا ذات مرة وزيراُ من حزب الأمة قائلاً: "البلد حقتنا ونحنا أسيادا." !! شعب وبلد يعود تاريخه إلي عشرات الآلآف من السنين قبل ثورة محمد أحمد عام 1881, أحالها إلي سيارة أو مزرعة من ممتلكاته.

لقد نال نيلسون مانديا الإحترام, وسيذكره التاريخ لأنه رغم تضحيته بسبع وعشرين عاما في السجن, رفض خوض الإنتخابات مرة ثانية فاسحاً المجال "لضخ دماء شابة في الحزب" وفي الدولة. أو فيديل كاسترو, الذي قضي علي الأُمية في نفس الفترة التي إستهلكها الصادق في ثرثرة عقيمة بين (إلقاء قوانين سبتمبر في مزبلة التاريخ) أو (قوانين بديلة): ثلاث سنوات. بعبارة أخري, قضي كاسترو في ثلاث سنوات علي الأُمية, وفي ثلاث أعوام قضي الصادق علي الديمقراطية والوحدة الوطنية. ومع أن هذه فرضية غير متوقعة, ففي حالة فوزه بالرئاسة, فإن أول ما سيبحثه الإمام الصادق هو تعويض حزب الأمة عن الممتلكات التي صادرتها الإنقاذ.

* * *
تصويب:
أعتذر للقارئ الكريم عن ورود معلومة تاريخية خطأ في مقالي السابق. ورد أن محمد أحمد المحجوب, رئيس الوزراء الأسبق, ترشح لمنصب الأمين العام للأمم المتحدة, والصواب أنه ترشح لمنصب ممثل الدول العربية في الأمم المتحدة, وقامت أمريكا بشراء أصوات دول لإسقاطه وفاز بدلأ عنه ممثل لبنان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. زاخاروفا: على أوكرانيا أن تتعهد بأن تظل دولة محايدة


.. إيهاب جبارين: التصعيد الإسرائيلي على جبهة الضفة الغربية قد ي




.. ناشط كويتي يوثق خطر حياة الغزييين أمام تراكم القمامة والصرف


.. طلاب في جامعة بيرنستون في أمريكا يبدأون إضرابا عن الطعام تضا




.. إسرائيل تهدم منزلاً محاصراً في بلدة دير الغصون