الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحو الذكرى الثمانين لتأسيس الحزب الشيوعي السوري محطات هامة في تاريخ منظمة الحزب الشيوعي في الجزيرة

عزيز عمرو

2004 / 7 / 24
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


تؤكد بعض المصادر الموثوقه بأن منظمة الجزيرة هي من المنظمات العريقة و القديمة في حزبنا الشيوعي السوري , فكما يقول الباحث " زياد الملا " في كتابه " صفحات من تاريخ الحزب الشيوعي السوري ( 1924- 1954 ) ما يلي : في التاسع من كانون الأول عام 1925 و في خضم الغضب الشعبي ضد الاستعمار الفرنسي عقد الحزب مؤتمره الأول , و حضر هذا المؤتمر ( 15 مندوب ) يمثلون منظمات الحزب المتواجدة آنذاك في حلب – إنطاكية – أسكندرون – بكفيا – بيروت – زحلة – دمشق- الجزيرة .
و المنظمة حسب بعض المعلومات التي حصلت عليها من ذاكرة بعض الرفاق الأوائل قد بدأت نشاطها فعلياً في أواسط الثلاثينيات على يد بعض الرفاق الأرمن الذين أنهوا دراستهم من الخارج و تحديداً الرفيق الدكتور " إنجيان " الذي تخرج في هذه الفترة من فرنسا قدم إلى الجزيرة و هو متأثراً بالحزب الشيوعي الفرنسي , و فتح عيادته في البداية بمدينة المالكية ثم أنتقل إلى مدينة عامودا و ساهم الدكتور إنجيان على نشر الأفكار الماركسية في محافظة الجزيرة و ذلك من خلال علاقاته و صلاته و معارفه . ثم كلف الرفيق " جان صعيب "و هو من لبنان للعمل في الجزيرة و فعلاً كما سمعت فتح محل كوى للتمويه , و لعب الرفيق جان دوراً كبيراً في تشكيل التنظيم في عدد من مدن الجزيرة , و كان للرفاق ( عبد الجليل سيريس – و ناصر حده ) أيضاً دوراً مهماً في مساعدة الرفيق جان و غيره لنشر الأفكار و تعزيز التنظيم ,ثم جاء دور الرفاق : أراكيل – رمو شيخو – عبد الأحد عبدلكي – عثمان برو – آرام مادويان – ملكي عيسى – أيوب شمعون – نوري الخالدي – رشيد كرد – ملا رشيد , و غيرهم من الرفاق , فأكملوا المسيرة .
ساندت منظمة الحزب في الجزيرة منذ بداياتها بالرغم من قلة إمكانياتها آنذاك و بأشكال مختلفة الشخصيات و الوجوه الوطنية في المحافظة ضد الاحتلال الفرنسي منهم سعيد آغا الدقوري – حسين أسعد بينار عليا , و فلاحي بيان دور و غيرهم و وقفت المنظمة ضد المخططات الفرنسية التقسيمية التي استهدفت إلى فصل الجزيرة عن سوريا أسوة ً بالمحافظات الأخرى .
وقد نشرت الجريدة المركزية" نضال الشعب " عدد 72 آب 1950 مقالة في الصفحة الأولى مظاهرة القامشلي جاء فيها : قامت منظمة الحزب الشيوعي في الجزيرة , و المنظمات الشعبية الديمقراطية الأخرى بدور كبير في محاربة النعرات القومية الطائفية , و في تغذية الكره للاستعمار و الرجعية , و تطوير الشعور الوطني الصحيح و الإخاء الأممي الجامع , ففي صفوف هذه المنظمات تنتظم الجماهير الشعبية العربية و الكردية و الأرمينية و السريانية على السواء في جيش وطني و أممي واحد دون تمييز بين قومية و قومية أو عرق و عرق أو دين و دين .
و كان قد جاء في أول وثيقة برنامجية للحزب الشيوعي السوري عام 1931 : تحرير الجموع السورية بدون فرق بين الجنسيات و الأديان من مسلمين و مسيحيين و دروز و علويين و أرمن و شركس و أكراد.
و لعبت منظمة الحزب في الجزيرة في ذلك الوقت و في الخمسينات بالتحديد على جمع 7000 توقيع على نداء ستوكهولم بتحريم السلاح الذري , و كان للرفيق رشيد كرد الدور الأساسي في جمع هذه التواقيع إلى جانب الرفاق الآخرين .
وقادت المنظمة مظاهرة (24- تموز 1950 ) في مدينة القامشلي ضد العدوان الأمير كي على كوريا , و ضد البيان الثلاثي , و صعد أحد الرفاق المتظاهرين على مظلة الشرطي في قلب الساحة في مدينة القامشلي و ألقى خطاباً قوياً دعا فيه إلى الاتحاد و التضامن مع الشعب الكوري , و ضد الاستعمار الأنكلو الأمير كي الفرنسي و ضد المشاريع الحربية الاستعمارية الهاشمية و غيرها و في سبيل تحريم القنبلة الذرية و دعم السلم و للدفاع عن معيشة الشعب ضد الاحتكار و الغلاء و غيره من المطالب الوطنية و الديمقراطية و الشعبية آنذاك , و من المعروف إن الشخص الذي قاد و ألقى الكلمة هو الشاعر الكردي جكرخين لأنه كان سكرتير منظمة أنصار السلم في منظمة الجزيرة . للعلم إن منظمة أنصار السلم في الجزيرة شاركت في ذلك الوقت في مؤتمر أنصار السلم في بيروت و كان الوفد مؤلفاً من الرفاق : جكرخين – رشيد كرد – ملا رشيد . و دخلوا لبنان سراً بمساعدة الرفاق في لبنان و شاركت الجزيرة مع وفد أنصار السلم إلى الصين و الإتحاد السوفييتي بشخصية فضيلة الشيخ المرحوم ملا شيخموس القرقاطي الذي كان صديقاً للحزب الشيوعي السوري . و ساهمت المنظمة في الاجتماع الموسع عام 1962 لاتحاد الشباب الديمقراطي في دمشق و الذي كان بمثابة أعادة التأسيس و في هذا الاجتماع تنازل الرفيق واصل فيصل كسكرتير اتحاد الشباب الديمقراطي للرفيق يعقوب كرو و كلف الرفيق كاتب المقال كسكرتير اتحاد الشباب في الجزيرة و عضواً في اللجنة التنفيذية .
و قادت المنظمة أهم المعارك الفلاحية في الجزيرة ضد الإقطاع و أهم هذه المعارك دارت في قرية أبو راسين بقيادة الرفيق رفاعي – وقرية علي فرو بقيادة الرفيق عابد شريف – و قرية كريبري بقيادة ملا سليمان – وقرية شدي بقيادة الرفيق سليمان حاج حسن – و قرية خجوك بقيادة الرفيق حسن عدله – وقرية نيف بقيادة الرفيق أحمد سلو – و في منطقة جراحي الرفيق نهروز – وقرية خانه سري بقيادة الرفيق مصطفى ظاظا و قرية تل خنزير بقيادة الرفيق إبراهيم سيفو و غيرهم من الرفاق في كافة مناطق الجزيرة , و أعتقل منهم العشرات بل المئات و أستشهد البعض منهم و على رأسهم الرفيق حاج عمر هيواني كل ذلك في سبيل توزيع الأرض على الفلاحين و وضع حد لمظالم الإقطاعيين و بعض الآغوات في محافظة الجزيرة .
ولعبت المنظمة دوراً أساسياً في تأسيس العديد من النقابات العمالية و خاصة نقابة العتاله برئاسة الرفيق عثمان إبراهيم و نقابة الميكانيك برئاسة الرفيق ملكي عيسى.
و وقفت منظمة الجزيرة ببسالة ضد النظام الدكتاتوري أيام ( عامر – سراج ) و لعبت دوراً مهماً إلى جانب التنظيمات الأخرى في الجزيرة لتعرية هذا النظام المعادي لأبسط مفاهيم الديمقراطية و الحرية و الإنسانية و حافظت المنظمة على تنظيمها في كافة مدن و أكثرية قرى الجزيرة بالرغم من الملاحقة و الاعتقالات , و دخل العديد من الرفاق( سجن المزة ) المشهور و منهم الرفاق : صبحي أنطون - رشيد كرد – يعقوب كرو – شريف مجدو – حنا أصلان – زوراب – فرج . وغيرهم من الذين اعتقلوا في سجون أخرى من المحافظة و أستشهد بعض من الرفاق تحت التعذيب أمثال جمال شركس أو بعد أخلاء سبيلهم بفترة قصيرة و منهم رشيد كرد , كل ذلك أيضاً دفاعاً عن الديمقراطية و العدالة الاجتماعية و مطالب الجماهير الشعبية .
و كانت للمرأة الشيوعية دوراً مهماً إلى جانب الرفاق في مواصلة التنظيم و فضح النظام الديكتاتوري , فقد قامت بتوزيع المنشورات الحزبية السرية و حماية الرفاق الملاحقين و أبرز تلك الرفيقات : فاطمة كالو أم سليم – عمشة خليل أم شلال – غزالة إبراهيم أم شهاب - أم جنكو – أم أسكندر – فاطمة أم سنانيك – فاطمة أومري – أم بشير – أم حاتم – أم عابد شريف – مارين سروه ... و غيرهن العشرات من الرفيقات اللواتي لعبن دوراً كبيراً في حماية الكادر و المنظمة في تلك الظروف الصعبة .
و كان لمنظمة الحزب في الجزيرة دوراً مشرفاً في مساعدة الحزب الشيوعي العراقي و بعض القوى الوطنية الكردية , فاستقبلت بالأحضان المئات من الرفاق و الرفيقات الهاربين من ظلم و اضطهاد النظام الفاشي في العراق آنذاك و لم يخلوا بيت من الشيوعيين و أصدقائهم في الجزيرة إلا و في استضافتهم أكثر من رفيق من الحزب الشيوعي العراقي و قامت بأكثر من حملة تبرعات لهذا الحزب .
و أرسلت المنظمة العشرات بل المئات من الرفاق للتطوع إلى جانب المنظمات الفلسطينية و الذين ساهموا بشرف الدفاع عن القضية الفلسطينية ضد العدوان الإسرائيلي الغاشم و جرح العديد منهم . وفي عام 1948 و في معارك فلسطين كان لأبناء الجزيرة فوج خاص بهم و أبدوا بسالة فائقة و أستشهد أكثر من 35 مواطن عرباً و كرداً و سريان .
و استنكرت جرائم نظام صدام في قصف مدينة حلبجة الكردية بالأسلحة الكيماوية و أصدر الحزب أكثر من بيان بهذا الخصوص .
ووجهت اللجنة المنطقية في الجزيرة نداء إلى الفصائل الكردية المتقاتلة و وقتئذ في كردستان العراق بوقف اقتتال الأخوة جاء فيه : إننا في الحزب الشيوعي السوري نظرنا و ننظر إلى نضال الشعب الكردي و حركته التحررية بكل احترام وتقدير كونها حركة حليفة لنا و لحركة التحرر الوطني العربية , و حرصاً منا على كل نقطة دم تهدر نتوجه على قيادة و قواعد جميع فصائل الحركة الكردية و إلى جميع القوى الوطنية و التقدمية العربية و التركية و الإيرانية لوقف اقتتال الإخوة و نزيف الدم . و كان لهذا البيان صدى إيجابياً واسعاً لدى أبناء الجزيرة من مختلف القوميات و الأديان و القوى السياسية .
و وقفت المنظمة ببسالة في الستينات ضد تهجير الفلاحين من قراهم و أعتقل العشرات من الرفاق و الرفيقات و أرسلت عشرات الوفود على الجهات المسؤولة لمنع تهجير الفلاحين .
كما أرسلت العديد من الوفود إلى العاصمة دمشق و قابلوا الجهات المسؤولة مطالبين بضرورة عودة الرفيق خالد بكداش إلى الوطن .
و أكدت المنظمة و على لسان ممثليها في كل اللقاءات في المحافظة ومع الوفود المركزية الحكومية و الحزبية و خاصة ً أثناء زيارة الرئيس الدكتور بشار الأسد و وقوفها إلى جانب السياسة الوطنية السورية ضد التهديدات الأمريكية الإسرائيلية , و حرصها الشديد على الوحدة الوطنية , و طالبت دوماً بضرورة تعزيز دور الجبهة الوطنية التقدمية و تعزيز و توسيع الديمقراطية و حماية المكتسبات التقدمية التي تحققت لصالح العمال والفلاحين و جميع الكادحين و خاصة ً القطاع العام , و قانوني الإصلاح الزراعي و العلاقات الزراعية و قرارات لجان الاعتماد , و ضرورة إلغاء نتائج إحصاء عام 1962 بحق الأكراد و كل القرارات الاستثنائية الأخرى في الجزيرة و ذلك من أجل تعزيز الوحدة الوطنية و حماية السياسة السورية الوطنية .
ولكن هذا لا يعني أبداً , إن قيادة المنظمة لم تقع في بعض الأخطاء خلال هذه المسيرة الطويلة و هذا يعود بالدرجة الأولى كما اعتقد إلى الإمكانيات الثقافية المتواضعة لعدد من هؤلاء القياديين في المنظمة , و كذلك المزاجية و الفردية في اختيار الكادر الأساسي , و عدم التمييز أحياناً و أثناء التحالفات بين بقايا الإقطاع و الفلاح الغني و المتوسط , و كذلك ممارسة بعض المواقف المتطرفة أحياناً حيال الأديان التي كانت لا تنسجم مع المرحلة و واقع المحافظة , و أيضاً لم تعير المنظمة الاهتمام اللازم بقضايا الأقليات و القوميات كما يجب و كما تؤكد الماركسية و غيرها من الأخطاء التي دفعت المنظمة ضريبتها .
إن شيوعيي الجزيرة , و أصدقائهم يعتزون بتاريخ حزبهم و منظمتهم و يفتخرون بصمود و تضحيات رفاقهم الأوائل الذين أعطوا و يعطون للشعب و الوطن عرقهم و دمهم , و ينحنون أجلالاً لشهداء حزبهم و منظمتهم , و يعاهدون أن يبقوا أوفياء مخلصين صادقين , لهذا التاريخ المجيد , و أن يتابعوا المسيرة و رفع الراية بالرغم من كل الصعوبات و التعرجات و الانتكاسات التي حدثت للحركة الشيوعية مستفيدين من الأخطاء و النواقص بعيداً عن الجمود و التحجر و العدمية و احتكار الحقيقة و أن يكونوا مع جميع القوى الوطنية و التقدمية الأخرى و في سبيل و طن حر و شعب سعيد , فشيوعيي الجزيرة و أصدقائهم سيحتفلون بهذا العام بمناسبة الذكرى الثمانين لتأسيس حزبهم و هم ينظرون باعتزاز كبير إلى الماضي و يستمدون منه عزيمة أكبر و ثقة أكبر إلى المستقبل و هم أيضاً أكثر تصميماً و إرادة للتغلب على بعض الصعوبات الموجودة منطلقين من مصلحة الوطن و الشعب بعداً عن القضايا الذاتية مستوعبين تعقيدات المرحلة فكرياً و سياسياً و تنظيمياً , و كذلك جدية المتغيرات التي حدثت و تحدث و ضرورة ملاقاتها و مواكبتها , مدركين بنفس الوقت شراسة التآمر الأمير كي الصهيوني و تنوعه على كل القوى الخيرة في المنطقة و العالم و الأساليب القذرة و البراقة الذي يستخدمه هذا التآمر و كذلك الضغوطات التي تتعرض لها المنظمة نتيجة ما يحدث في الدول المجاورة , واثقين بالرغم من كل الصعوبات و التعقيدات من حتمية انتصار الديمقراطية و العدالة الاجتماعية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تسيطر على الجانب الفلسطيني من معبر رفح.. وتوقف دخول


.. بعد قتله جنديين.. حزب الله يستهدف مجدداً ضباطاً إسرائيليين ب




.. هل سيطرة إسرائيل على معبر رفح مقدمة للسيطرة على المدينة بكام


.. شقاق متزايد في علاقة الحليفين.. غضب إسرائيلي من -الفخ الأمير




.. ترامب يتهم بايدن بتزوير المحاكمة لأهداف سياسية