الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ستارت 2 : آمال التوقيع ومنغّصات المصادقة

ماجد الشيخ

2010 / 4 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


يتوج توقيع الاتفاقية الجديدة لتقليص الأسلحة الإستراتيجية الهجومية، كبديل عن اتفاقية "ستارت 1"، عاما كاملا من المفاوضات المكثفة بين موسكو وواشنطن، ما من شأنه إضفاء بُعد جديد إلى الأبعاد التي تكتنف العلاقات بين الاتحاد الروسي والولايات المتحدة من جهة، وحلف الناتو وروسيا من جهة أخرى. ذلك أن الخفض الجديد الذي حددته الاتفاقية الجديدة في أكبر ترسانتين للأسلحة النووية في العالم، ربما يقود في المنظور المستقبلي إلى تصور عالم خال من الأسلحة النووية، أو هذا على الأقل ما يحلم به بعض أشد المتفائلين في الجانبين الروسي والأميركي، وعلى نطاق أوسع عبر العالم.

تنص المعاهدة الجديدة على خفض عدد الرؤوس النووية العاملة، والتي ينشرها الجانبان، إلى 1550 رأس نووي لكل منهما، أي أقل بقرابة الثلثين مما نصت عليه معاهدة "ستارت 1"، وأقل بنسبة 30 بالمئة عن سقف ما تحدده اتفاقية موسكو عام 2002 للبلدين بحلول 2012.

وإذ تشكل الوثيقة المزمع توقيعها والمصادقة عليها فيما بعد، أحد نماذج التنازلات المتبادلة في المجالين العسكري والسياسي، وإشارة إلى واقع الندّية التي باتت تستشعرها وتتعاطى بموجبها روسيا إزاء علاقاتها بالولايات المتحدة، فإن الأهم هو الالتزام بواقع الكشف والشفافية، واتزان وتوازن الطرفين في مجال بناء علاقات أكثر جدية وتعاونا على الصعيد الدولي. فالمعاهدة الجديدة التي ستخلف معاهدة خفض الأسلحة الاستراتيجية (ستارت 1) لن تدخل حيز التنفيذ دون تمريرها وإقرارها في مجلسي النواب الأميركي، وكذا الروسي، حيث يُتوقع أن تواجه سجالا حادا في مجلس الشيوخ الأميركي، بينما سيعود ذلك بالنفع على الرئيس أوباما، حيث سيكون توقيعه للاتفاقية، أول إنجاز له على صعيد السياسة الخارجية، ما سيعطي دفعة جديدة لإدارته في مجال العلاقات مع روسيا.

وفي كل الأحوال، لن يؤدي توقيع المعاهدة الجديدة، إلى إيجاد حلول أوتوماتيكية لإشكالات العلاقة التنافسية والمحورية، وحتى القطبية التي تدور ضمن حلقتها الدائرية العلاقات الروسية – الأميركية، وحتى الروسية – الأطلسية، بين الحين والآخر، خصوصا إزاء سياسات تدخّلية في الفضاء السوفييتي السابق، والتي كانت أدت بعد تحسن ملحوظ، إلى نكوصها والعودة بها إلى أدنى المستويات، لا سيما في أعقاب الحرب الروسية – الجورجية صيف عام 2008. إضافة إلى تشكّك روسيا الدائم بالنوايا الأميركية – الأطلسية، خاصة لجهة خشيتها من أن يؤدي خفض ترسانتها النووية الهجومية إلى انكشافها؛ إذا ما مضت الولايات المتحدة في بناء درع صاروخية في شرق أوروبا، واستمرت دول نووية أخرى في زيادة مخزوناتها من الأسلحة النووية.

لذا بات الروس، بحسب رئيس هيئة الأركان العامة الجنرال نيقولاي ماكاروف، يعتقدون أنه وبمجرد توقيع المعاهدة الجديدة، فإنه يجب أن تبدأ مرحلة تالية، ألا وهي إشراك كل الدول النووية في عملية تقليص الأسلحة الإستراتيجية، ولا بد من عقد اتفاقية من شأنها أن توقف سباق التسلح في العالم بأسره. وفي وقت سوف يستمر العمل بالمعاهدة القديمة تلقائيا، فإن الاتفاقية الجديدة ستكون عبارة عن معاهدة جديدة نوعيا، ينبغي أن تقود إلى تقليص منظومات الدرع الصاروخية، وهي نقطة خلافية سوف تستمر على ما يبدو حتى بعد التوقيع.

ولهذا كان هذا التقليص، مثار اعتراض أعضاء في مجلس الشيوخ، كانوا وجهوا في 17 شباط (فبراير) الماضي رسالة إلى الجنرال جيمس جونز، مساعد الرئيس أوباما لشؤون الأمن القومي، أعربوا فيها عن قلقهم بشأن إصرار الروس على وضع قيود على منظومة الدفاع المضادة للصواريخ الباليستية، ودعت الرسالة الإدارة الأميركية إلى رفض مثل هذه البنود التي من شأنها تقييد قدرات الدرع الصاروخية الأميركية مستقبلا. من هنا إمكانية نشوء تعقيدات سجالية وجدالية داخل مجلس الشيوخ الإميركي، إذا ما استمرت القيود على منظومة الدفاع المضادة للصواريخ ضمن بنود المعاهدة الجديدة.

بالتوازي مع ذلك، يسعى الروس إلى عقد معاهدة جديدة للأمن الأوروبي، من شأنها أن تقود إلى تفادي النزاعات في القارة الأوروبية، وذلك ما راهن عليه الرئيس ديمتري ميدفيديف منذ توليه السلطة، إذ اعتبر أن باروميتر علاقات روسيا بالولايات المتحدة من جهة، ودول الناتو من جهة أخرى، هو إنفاذ المبادرة الروسية الخاصة بالأمن الأوروبي، والعامل الحاسم هنا هو مدى جهوزية شركاء روسيا لتوثيق مبدأ عدم تجزئة الأمن في المنطقة الأوروبية الأطلسية، وذلك حتى لا تتكرر مثيلات تلك النزاعات المسلحة في الساحة الأوروبية، مثلما حصل صيف العام 2008 بين جورجيا وأوسيتيا الجنوبية، وهذا دونه تعاون أوروبي مع روسيا، يضع حدا لجذور النزاعات المسلحة في الفضاء السوفييتي السابق، ويخلق أسسا لتعاون مشترك يمكنه محاصرة عصابات الإرهاب النشطة في منطقة القوقاز، حيث قامت بعض مجموعاتها بتوجيه ضربات تفجيرية إنتحارية قبل أيام في كل من موسكو وداغستان. فهل إذا ما مرّ التوقيع على المعاهدة، يمكن للمصادقة عليها أن تنجو من منغصات الاعتراضات المتبادلة من قبل برلمانيي البلدين، وذلك من قبيل معارضة الجمهوريين داخل الكونغرس الأميركي، كنوع من المناكفة مع الديمقراطيين، ومن قبيل إعلان رئيس مجلس الدوما الروسي بوريس غريزلوف، أن المجلس قد لا يصادق على المعاهدة، في حال خلت من ذاك النص الصريح الذي يربط الأسلحة الهجومية والدفاعية، بمعنى تسامحها إزاء إقامة منظومات أسلحة مضادة للصواريخ في شرق أوروبا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا: انقسام الجمهوريون وأمل تبعثه الجبهة الشعبية الجديدة


.. هل تتجه فرنسا نحو المجهول بعد قرار ماكرون حل البرلمان وإجراء




.. حزب الله.. كيف أصبح العدو الأكثر شراسة لإسرائيل منذ عام 1973


.. ترامب ينتقد زيلينسكي ويصفه -بأفضل رجل مبيعات-| #أميركا_اليوم




.. تصادم قطارين في الهند يودي بالعشرات