الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المطالب الأميركية ومؤشرات الرد الإسرائيلي

محمد السهلي

2010 / 4 / 8
القضية الفلسطينية



دخلت التجاذبات الأميركية ـ الإسرائيلية مرحلة جديدة عندما حولت إدارة أوباما مطالبها التي طرحتها على نتنياهو بشأن الاستيطان في القدس إلى رزمة من الطلبات تفترض واشنطن أن تنفيذها يشكل مدخلا لاستئناف المفاوضات بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني.
وفيما سعى البعض إلى إعطاء انطباع بأن الإدارة الأميركية تزيد من ضغطها على حكومة نتنياهو وأنها تخوض معركة دبلوماسية وسياسية بالإنابة عن الجانب الفلسطيني، توضح قراءة الطلبات الأميركية أن معظمها يعود إلى بنود الخطة الأميركية التي طرحتها على رام الله وتل أبيب قبل ثلاثة أشهر وهي تفصيل إضافي لما ورد تحت عنوان «بوادر زرع الثقة» في الخطة المذكورة باستثناء ما له علاقة بالاستيطان في القدس الشرقية ربطا بالتطورات الأخيرة لناحية انفلات الاستيطان والتهويد وإعلان عطاءات جديدة خلال زيارة نائب الوزير الأميركي بايدن إلى إسرائيل.
وفيما أكدت الإدارة الأميركية على وضع جميع ملفات القضايا الأساسية على طاولة التفاوض أعادت تجديد موعد السنتين كإطار زمني لانتهاء المفاوضات بشأن «الحل الدائم» بما فيها القدس واللاجئون والحدود والاستيطان والأمن والمياه وغيرها..
الحراك السياسي هذا قابله على الجانب الإسرائيلي استمرار الموقف المتمسك بتوسعة الاستيطان وحملات التهويد.. ولفت الانتباه أن الحكومة الإسرائيلية بما فيها رئيسها نتنياهو تجاهلت تماما تصريحات ويزر الخارجية أفيغدور ليبرمان الذي طالب حكومته بإبلاغ الولايات المتحدة بوضوح أنها لن توقف البناء الاستيطاني في القدس الشرقية. وذهب إلى أبعد من ذلك عندما أعلن أنه يجب على الحكومة الإسرائيلية أن تواصل الاستيطان حتى في المستوطنات التي أعلن عن تجميد البناء فيها جزئيا لمدة عشرة أشهر.
أما رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو فقد كرر مواقفه المعهودة على الرغم من أنه يظهر أحيانا بأنه على وشك بلورة موقف داخل المجلس الوزاري المصغر بما يشكل ردا رسميا على المطالب الأميركية حتى نهاية المهلة التي أعلنتها واشنطن وتنتهي يوم 12 نيسان / إبريل الجاري.
وفيما كانت صحف إسرائيلية عدة قد ذكرت بأن نتنياهو يفكر جديا بعدم الذهاب إلى واشنطن لحضور مؤتمر تقليص التسلح النووي تحاشيا للقاء الرئيس أوباما، إلا أن صحفا أخرى نقلت عن مصادر مقربة من نتنياهو بأنه سيشارك في المؤتمر ويلتقي الرئيس الأميركي ومعه الرد الإسرائيلي ولكن ـ بحسب المصادر ـ سينقله شفهيا وليس مكتوبا كما طلبت واشنطن.
نشير هنا إلى أن عددا غير قليل من المطالب الأميركية كانت قد حظيت بموافقة نتنياهو وخاصة تلك التي تتعلق بإجراءات جزئية من نمط إزالة بعض الحواجز وتخفيف الحصار عن قطاع غزة (جزئيا) وتسليم بعض المناطق المصنفة (ج) بحسب أوسلو إلى السلطة الفلسطينية وكذلك الأمر بما يخص الإفراج عن أسرى فلسطينيين.
لكن الخلاف الجوهري مع مطلب واشنطن يتعلق بسبب التوتر معها، وهو ما يتعلق بالاستيطان وهو يسعى لتظهير رفض مجلسه الوزاري بتجميد الاستيطان وربما لا يزال يسعى إلى تجنيد قوى ضغط داخل الولايات المتحدة من أجل تعديل مطالب إدارة أوباما لجهة تجاوز المطالب المباشرة الخاصة بالاستيطان وخاصة في القدس.
في هذا الإطار، وداخل المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر يبرز موقف إيهود باراك وزير الحرب ورئيس حزب العمل، الذي يدعو إلى إعطاء الأولوية في العلاقات مع الإدارة الأميركية لموضوعة الملف النووي الإيراني وهو يلمح إلى إمكانية إجراء مقايضة مع أوباما مفادها التفاعل مع طلبات الإدارة الأميركية بشأن ملف التسوية مع الفلسطينيين مقابل إعطاء الأولوية للملف الإيراني. وقد ألمح مقربون من باراك إلى أن موقفه هذا يستند إلى فهمه لمسألة المفاوضات الإسرائيلية ـ الفلسطينية وقد خاضه في سنوات ولايته كرئيس للوزراء حتى العام 2001 ووصلت إلى طريق مسدود في صيف العام 2000.
مضمون هذا الفهم يقول إن بإمكان إسرائيل أن تطرح تصوراتها بقوة داخل المفاوضات مهما كان جدول الأعمال الموضوع على طاولتها، وبأن تجميد الاستيطان المؤقت لن يضر إسرائيل طالما ستحقق هي من موقع القوة رؤيتها لمستقبل الأراضي الفلسطينية وخاصة فيما يتعلق بالقدس. وهذا الكلام يتقاطع مع حديث للرئيس الأميركي أوباما منذ أشار لنتنياهو بأن إسرائيل هي الأقوى في المعادلة القائمة في المنطقة وبالتالي لن تتضرر جديا من الوقف المؤقت للاستيطان. يضاف إلى ذلك مجموعة من التصريحات على لسان مسؤولين في الإدارة الأميركية وقد تحدثوا صراحة عن إمكانية قيام إسرائيل بالتوسع الاستيطاني في المناطق والمستوطنات التي ستحدد المفاوضات أنها خارج حدود الدولة الفلسطينية.
وإذا رابطنا هذه المعطيات جميعها، إضافة إلى الموقف الأميركي «الواضح» تجاه قضيتي اللاجئين والأمن وهو يتطابق إلى حد كبير مع الموقف الإسرائيلي فإنه من المنطقي أن نستنتج بأن الضغط الأميركي القائم للوصول بالجانبين إلى بوابة قائمة المفاوضات ضمن المعادلة القائمة سيضع الفلسطينيين أمام مرحلة صعبة لأنهم سيكونون الطرف الأضعف في حلبة المفاوضات في ظل ما تعيشه الحالة الفلسطينية جراء الانقسام الحاد وتداعياته الذي يشكل تهميشا للبرنامج الوطني وبالتالي الاستراتيجية التفاوضية أحد تجليات هذا الانقسام وكوارثه.
وكنا قد أشرنا سابقا إلى أن التجاذبات الأميركية ـ الإسرائيلية حول موضوعة الاستيطان ستنعكس بالضرورة على وضع الائتلاف الحاكم في إسرائيل وفق سيناريوهات عدة. وسيبدو الوضع أكثر ملموسية بهذا الشأن في حال لم يبحث هذا الائتلاف عن تقاطعات متاحة مع الموقف الأميركي ويرجح بعض المتابعين هنا بأن يقوم نتنياهو في هذه الحالة بقلب الطاولة أمام الجميع ويسعى مع حزبه ومن ثم مع ائتلافه الحكومي إلى انتخابات كنيست مبكرة.
فهل سيمضي نتنياهو حتى النهاية مغامرا بكل شيء هروبا من خسارة كل شيء بحسب تقديراته في حال أقدم على قرار بوقف الاستيطان في القدس والضفة، أم أنه سيلجأ إلى التفاعل مع فكرة الدخول بالمفاوضات وفق المطالب الأميركية (ربما ينجح في تعديلها) يتقدم من الرئيس الأميركي باقتراح آليات معينة للمفاوضات تجعل النقاش يدور حول سبل تنفيذ «بوادر زرع الثقة» وترحيل القضايا الأساسية كما فعل أولمرت وليفني بما يكفل له إدامتها لفترة تقترب من توقيت الانتخابات الأميركية النصفية على أمل تزايد التجاذبات الأميركية الداخلية واحتمال تحسين مواقع حلفائه في الخريطة السياسية الأميركية وخلق معادلة مختلفة تمكنه من استعادة الأنفاس والعودة مجددا وبقوة لتعويض ما «فاته» على صعيد الاستيطان والتهويد؟.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجامعات الأميركية... تظاهرات طلابية دعما لغزة | #غرفة_الأخب


.. الجنوب اللبناني... مخاوف من الانزلاق إلى حرب مفتوحة بين حزب 




.. حرب المسيرات تستعر بين موسكو وكييف | #غرفة_الأخبار


.. جماعة الحوثي تهدد... الولايات المتحدة لن تجد طريقا واحدا آمن




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - كتائب القسام تنشر فيديو لمحتجزين ي