الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثورية الديالكتيك

أنور نجم الدين

2010 / 4 / 10
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


يقول ماركس: "أصبح الديالكتيك، من وجهه الصوفي، زيًّا شائعًا في ألمانيا؛ ذلك لأنه خُيِّل للناس أنه يمجد الأوضاع القائمة. أما من وجهه العقلاني فهو فضيحة وفاحشة في نظر الطبقات الحاكمة، ومفكريها المذهبيين؛ ذلك لأن الديالكتيك يُدرج في المفهوم الايجابي للأوضاع القائمة، في الوقت نفسه، مفهوم نفيها المحتوم، وتهديمها الضروري – كارل ماركس، رأس المال، ترجمة محمد عيتاني، ص 23".

فما كان الوضع القائم في ألمانيا؟ ومن كانوا الطبقات الحاكمة في ذلك الزمن؟ ولماذا كان يُدرج الديالكتيك ضمن المفهوم الايجابي، أو النقدي والثوري في ذلك الزمن؟ وأي وضع كان نفيه محتومًا، وتهديمه ضروريًّا؟

هذا ما نحاول جوابه من خلال أطروحات ماركس نفسه.

في (التاريخ بين ماركس وهيغل)، قلنا:
"في (نقد فلسفة الحق عند هيغل) و(الأيديولوجية الألمانية) و(رأس المال) يكرر ماركس نفس موضوعه عن الاختلاف التَّاريخي بين الاقتصاد الإنجليزي، والفرنسي، والاقتصاد الألماني" ، وقلنا صراحة: "فبالمقارنة مع الإنجليز والفرنسيين، لم يتقدم الإنتاج الرَّأسمالي في ألمانيا، وشروط الصِّراع بين الطَّبقات الحديثة لمجتمع كهذا، أي البرجوازية والبروليتاريا، إلاَّ في وقت متأخر من التَّاريخ، وليس الإنجليز فحسب، بل وحتى الفرنسيون أيضاً، كانوا متقدمين في هذا الصِّراع، بالمقارنة مع الألمان بنصف قرن أو أكثر، فبعد أكثر من (150) سنة على الأقل، من تاريخ الصِّراع الحديث بين الطَّبقات الحديثة في بريطانيا و(50) سنة من تاريخ هذا الصِّراع في فرنسا، انخرطت البرجوازية الألمانية التي يسميها ماركس البرجوازية الصَّغيرة، بالمقارنة مع البرجوازية الإنجليزية المسنة والبرجوازية الفرنسية، في الصِّراع مع ماضي الشُّعوب العصرية"، كما وقلنا: " لذلك سيكون من الطَّبيعي أنْ تتأخر البرجوازية الألمانية، التي كانت صغيرة جداً بالمقارنة مع البرجوازية الإنجليزية العملاقة، والبرجوازية الفرنسية النَّاضجة تمام النُّضج، في الانخراط في الصِّراع مع ماضي الألمان، أو بالأحرى، أنْ يتأخر صراع البروليتاريا مع البرجوازية القزمية الألمانية، إلى أجل غير معروف في التَّاريخ، وأنْ تعبر هذه البرجوازية الصَّغيرة، غير متكاملة بالمعنى الحديث للكلمة، عن حركتها في الفلسفة الألمانية"، المصدر: الحوار المتمدن، http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=191036).

وهكذا، فمن غير الممكن فهم تعبير "المفهوم الايجابي أو الثوري للديالكتيك" لدى ماركس إلا من خلال ارتباطه بالزمن التاريخي الذي كان الديالكتيك فيه زيًّا شائعًا في ألمانيا، فماركس يتبع القاعدة التاريخية الآتية في كل ما يتعلق بالأفكار:

"علينا أن نسأل أنفسنا: لماذا نرى مبدأً ما ظهر في القرن الحادي عشر أو في القرن الثامن عشر ولم يظهر في عصر آخر - ماركس، بؤس الفلسفة".

وعلينا أيضًا أن نسأل أنفسنا لماذا يصبح مبدأً ما ثوريًّا في مرحلة تاريخية معينة، ويصبح رجعيًّا في مرحلة تاريخية أخرى.

ويمكن تلخيص وجهة نظر ماركس عن الأوضاع القائمة في ألمانيا آنذاك، والطبقات الحاكمة، وثورية الديالكتيك، التي يتحدث عنها ماركس، على الشكل الآتي:

يقول ماركس: "الأمراء يجدون أنفسهم في صراع مع المَلَكية، والبيروقراطية مع النَّبالة، والبورجوازية معهم جميعاً، في حين أنَّ البروليتاري لا يلبث أنْ يبدأ الصِّراع ضدَّ البورجوازي - كارل ماركس، نقد فلسفة الحق عند هيغل".

بمعنى أن الصراع بين الطبقات الحديثة للمجتمع البرجوازي، لم يبدأ بعد في ألمانيا، فكيف يا ترى بمستطاع التاريخ أن يطرح شيئًا آخر سوى ما طرحته البرجوازية؟ فالبرنامج التاريخي هنا، يلخص فيما تطمح إليه البرجوازية الناشئة، لا البروليتاريا، فكان كل تحول في وضع ألمانيا يعبر عن ثورية البرجوازية، ولا تعبر ثورية الديالكتيك والفلسفة على العموم -في هذه المرحلة- إلا عن ثورية البرجوازية بالمقارنة التاريخية مع المَلَكية.

يقول ماركس: "إنَّ ما يكون عند الشُّعوب المتقدمة (يقصد ماركس الانجليز والفرنسيون)، لهو تعبير عن صراع عملي مع الوضع السِّياسي العصري، وهو وضع لم يتوفر بعد في ألمانيا"، أو "بذرة الحياة الواقعية عند الشَّعب الألماني لم تفرّخ حتى الآن إلاَّ في دماغه" (أي في الفلسفة الديالكتيكية بالتحديد)، "إنِّ الكفاح ضدَّ الوضع السِّياسي الحاضر في ألمانيا، هو الصِّراع ضدَّ ماضي الشُّعوب العصرية – نفس المرجع السابق"، أي ضد المَلَكية، فكيف إذاً بمستطاع التاريخ أن يعبر فكرياً عن ثورية هذه الحركة خارج الفلسفة الديالكتيكية التي آنذاك زياً شائعاً في ألمانيا؟

وهكذا، فالمصيبة هي أن الجدليين لا يرون العلاقة بين الأفكار وعصورها المختلفة، فالديالكتيك (نقدي وثوري) في كل مرحلة من مراحل التاريخ، ولكن لماذا؟ لأن ماركس يقول ذلك.
أما ما هي الحجة التاريخية لثورية الديالكتيك في تلك المرحلة في ألمانيا لدى ماركس؟ فهذا شيء لا يخص الجدليين؛ لأن الجدل قانون مطلق للحركة والتطور حسب إنجلس.

أما ماركس فيقول صراحة: "وبديهي أنَّ كُتاب المقالات الرخيصة في ألمانیا یصرخون متهمین بالسفسطة الهیغلیة، غیر أنَّ مجلة (الرَّسول الأوروبي) وھي مجلة روسیة تصدر في سان بطرسبرج، أعلنت في عددھا الصادر في أیار عام (1872م) في مقالة مكرسة بكاملھا للطَّریقة المعتمدة في كتاب (رأس المال) أنَّ طریقتي في البحث ھي طریقة واقعیة بصورة دقیقة، ولكنَّ طریقة عرضي لسوء الحظ، متمشیة مع الأسلوب الدیالكتیكي الألماني – كارل ماركس، رأس المال، ترجمة محمد عيتاني، ص 19".

ماذا يعبر هذا التفريق بين الطريقة الواقعية وأسلوب الديالكتيك الألماني من قبل ماركس، غير إبراز التناقض بين الطريقتين الواقعية (المادية) والدياكتيكية (المثالية)؟

يواصل ماركس ويقول: "لقد نقدت الجانب الصوفي من ديالكتيك هيغل منذ ثلاثين عاماً تقريباً، في عهد كان ما يزال فيه دياليكتيك هيغل زياً شائعاً (ولكن حين كنت أؤلف الجزء الأول من (رأس المال) كان أبناء الجيل الجديد، أولئك النَّزقون، المدعون، التَّافهون الذين يسيطرون اليوم على ألمانيا المثقفة، يزهون بأنْ يعتبروا هيغل كما أعتبر البطل موسى مندلسون، وسبينوزا، في عهد لسنج، يعني أنَّهم يعتبرونه، (كلباً ميتاً)، لذلك أعلنت نفسي بصراحة تلميذاً لهيغل، بل إنَّني عمدت في بعض أجزاء الفصل المخصص لنظرية القيمة إلى تبني طريقته الخاصة في التَّعبير) – نفس المرجع، ص 22".

وهكذا، فالدِّياليكتيك كان ثوريًّا في زمن نهوض البرجوازية ضد النظام السياسي والعلاقات الاقتصادية القديمة التي كانت تعيق تقدم النظام الاقتصادي الرأسمالي في ألمانيا.
وبعد انتقال الصراع من بين النبالة والبرجوازية، إلى البرجوازية والبروليتاريا، فانتهت ثورية البرجوازية وديالكتيكها.
أما الدِّياليكتيك لم يصبح إطلاقًا منهجًا لتفسير العالم، والمجتمع، والحركة، والتطور لدى الماديين، ولم يكن الدِّياليكتيك بالنسبة لماركس سوى طريقة في التَّعبير، في الجزء المخصص لنظرية القيمة فقط.
أما لماذا ينسب الجدليون الدِّياليكتيك إلى ماركس، فهذا يعود إلى عدم تفريقهم بين منهج ماركس ومنهج إنجلس، فلدى إنجلس يتوقف العالم عن الحركة، ما لم يخضع لما يسمى بالقوانين الديالكتيكية، ولا يعود هذا إلا إلى الافتقار في النظرة المادية إلى التاريخ.
ورغم انتقاد إنجلس بعنف الكثير من جوانب منهجه في كتابه (أنتي دوهرنغ)، فمع ذلك لا يمكن للجدليين أن ينظروا إلى هذا الكتاب إلا بشكل صوفي، فعلينا أن نردد ما يردده إنجلس من أذكار الديالكتيكية، ونقبل كل ما لا يقبل إنجلس نفسه، لأن إنجلس هو الذي يعلم بكل ما يدور حولنا في العالم، وكل ما يقوله فهو حق وصواب، وغير قابل للجدل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الدياليكتيك قوانين
mohamed ( 2010 / 4 / 10 - 15:53 )
الدياليكتيك هو مجموعة من القوانين تتطور بموجبها مختلف الظواهر ولقد تم إكتشاف هذه القوانين عبر صيرورة تاريخية ومن طرف مجموعة من الفلاسفة فهيكل مثلا تحدث عن الدياليكتيك ودوره في تطور الفكر ليأتي بعدو ماركس فتحدث عنه في المادة أي وضع الدياليكتيك في وضعيته الصحيحة
أما حين نتحدث عن الدياليكتيك يجب ألا ننسى أنه منهج لتحليل يمكننا من إدراك ودراست الظواهر طبيعية كانت أو إجتماعية بغض النظر ‘ن الحقبة الزمنية فإذا حللنل المجتمع البدائي وفق القوانين الدياليكيتيكية سنفهم لماذا قام المجتمع العبودي على أنقاضه أي أن الدياليكتيك إكتشف مع ظهور البرجوازية لكن فعله في المجتمع والطبيعة كان مند الأزل وسيبقى إلى الأبد
أما إذا كنت تنكر علمية الديالكتيك؟ فماهي إذن القوانين التي يتطور بموجبها المجتمع و الطبيعة على حد سواء ؟ أما أن هذا التطور يحصل بشكل عشوائي؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟


2 - مداخلة رقم 1
أنور نجم الدين ( 2010 / 4 / 10 - 17:09 )
إذا قلنا ان الديالكتيك قانون فاعل في كل المجتمعات، فيجب أن نقر بأن المجتمع الشيوعي سوف يتحول بالضرورة إلى مجتمع آخر بفعل قانون نفي النفي مثلاً. فهل هذا صحيح؟
اننا نقول كلا، إن إخضاع المجتمع لحركة واعية، يعني القضاء النهائي على كل قلق بصدد العودة إلى الوراء، أو الانتقال من جديد إلى مجتمع غير معروف لدى البشرية، فإن ضبط القوانين التي تسبب الاختلال في التوازن الاقتصادي، والسيطرة على قانون المزاحمة يعني في الواقع السيطرة على خطورة قانون نفي النفي. فالقوانين المادية إذاً تقف هنا ضد القوانين الديالكتيكية.
وهكذا، فإذا قلنا ان نفي النفي قانون فاعل في كل مجتمع، فيجب أن نسأل: ما مصير المجتمع الشيوعي إذاً؟ أما إذا قلنا لا ينطبق نفي النفي على المجتمع الشيوعي، فنعني بذلك أن الديالكتيك ليس قانوناً، لأن القوانين تجري وفق ظوابط محددة لا يقبل قضاء وقدر أو الصدفة (عودة السوفيت من الاشتراكية إلى الراسمالية مثلاً)، فضرورة حدوث الأشياء كامنة في قوانين وجود الأشياء ذاتها، ففي الضرورة العلمية لا وجود لحوادث عشوائية، فكل حركة، تجري بصورة منتظمة وخاضعة لحتمية نيوتن الطبيعية، وحتمية ماركس التاريخية.


3 - الدياليكتيك قوانين
mohamed ( 2010 / 4 / 10 - 19:13 )
إن الدياليكتيك عبارة عن مجموعة من القوانين التي يتطور بموجبها المجتمع . مادمت مصر على معرفة مصير المجتمع الشيوعي بعد خضوعه لقوانين الدياليكتيك سأقول بأن المجتمع إلشيوعي لن يتحول إلى أي مجتمع أخر رغم خضوعه لقوانين الدياليكتيك لأنه لا يحمل التناقض في داخله أي بين قوى الإنتاج وعلاقة الإنتاج وبالتالي يستحيل وجود وحدة وصراع الأضداد الذي يليه التغير الكمي يؤدي إلى القفزة النعية ومنه إلى نفي النفي أما إستمرار تطور المجتمع الشيوعي فهو أمر محتوم نظرا لإستمرار التناقض رغم أنه ليس بين علاقات الإنتاج وقوى الإنتاج أو بين الإنسان والإنسان بل بين الإنسان والطبيعة
إذن فالدياليكتيك هو مجموعة قوانين تفعل داخل المجتمع والطبيعة وستبقى قائمة مادام التناقض مستمر؟


4 - مداخلة رقم 3
أنور نجم الدين ( 2010 / 4 / 11 - 07:05 )
ففي مداخلتكم نجد أنه: يستحيل وجود (وحدة وصراع الأضداد – قانون 1) الذي يليه (التغير الكمي يؤدي إلى القفزة النوعية -–قانون 2) ومنه إلى (نفي النفي -–قانون 3).

وماذا يبقى إذاً من فعل الديالكتيك؟ فحسب الماديين الديالكتيكيين تشمل هذه القوانين كل المجتمعات. وهكذا، فإما قانون وحدة الأضداد، والتغيرات النوعية ينطبق على المجتمع الشيوعي ايضاً، وإما الديالكتيك ليس سوى اختلاق العقل، وبالأحرى فانه ليس قانوناً بل تصورات منطقية معقولة للفلاسفة. وبقدر ما هو غير معقول أن نقول ان الجاذبية قانون فاعل في الطبيعة هنا وغير فاعل في الطبيعة هناك، بقدر ما هو غير معقول أن نقول أن الديالكتيك يتوقف عن عمله فجأة في مرحلة معينة من التاريخ.
فالأمر الغريب هنا هو أن الديالكتيكيين يحاولون اثبات الشيوعية من خلال ديالكتيكية الحركة للمجتمع، أما فجأة يقعون في قوقع يثبت العكس: اللامعقول!
أما ما يسمى بالتناقض بين المحتمع والطبيعة فموجود في كل مرحلة من مراحل تطور المجتمعات، وإذا قلنا انها تعبير عن وحدة الأضداد، فنقع في قوقع ثاني، لأن حدوث نفي النفي في هذه الوحدة المادية، مثله مثل نفي النفي في المجتمع الشيوعي، غير ممكن.


5 - لنتخيل2
محمد ( 2010 / 4 / 11 - 11:56 )
لنتخيل أن أحد الماركسيين المذهبيين يدخل على ماركس وهو في مكتبة لندن غارق في أبحاثه الاقتصادية والتاريخية ويقول له: ان التاريخ يتحرك وفق قوانين أبدية هي قوانين الديالكتيك، فسيبتسم ماركس ابتسامته الساخرة ويقول له: بالنسبة لنا إن ما يسمى بالقوانين الاقتصادية ليست قوانين خالدة من قوانين الطبيعة. إنها قوانين تاريخية تنشأ وتزول. كما أن قواعد الاقتصاد السياسي الحديث... هي بالنسبة لنا تلخيص للقوانين والظروف التي يمكن فقط للمجتمع البورجوازي العيش في ظلها. باختصار إنها ظروف الإنتاج والتبادل في ذلك المجتمع، وقد جرى التعبير عنها بطريقة مجردة ومختصرة. لذا فانه بالنسبة لنا لا يمكن لأي من هذه القوانين أن يكون أقدم من المجتمع البورجوازي الحديث، بما أنها تعبير عن ظروف البورجوازية المحضة –ماركس، اما اذا أردت البحث عن قوانين أبدية للتاريخ فعليك التوجه الى ألمانيا حيث الديالكتيك لا يزال زيا شائعا


6 - الدياليكتيك قوانين
mohamed ( 2010 / 4 / 11 - 12:53 )
أعتقد أنك لم تفهم جيدا ما حولت قوله لم أقل أن الدياليكتيك لم يعد يفعل في المجتمع الشيوعي بل العكس لكن غياب التناقض بين علاقات الإنتاج والقوى المنتجة في المجتمع الشيوعي يجعله غير قابل -المجتمع الشيوعي- للنفي لأن علاقات الإنتاج لن تقف أبدا كمعرقل لتطور القوى المنتجة بقدر ما أن الطبيعة هي التي ستقف موقف المعرقل لأن الإنتاج سيؤدي بالضرورة إلى إستنزف ثرواتها وسيكون الإنسان مجبرا على حل هذا التناقض قد تقول أن الحل المعقول وفق الدياليكتيك هو نفي الطبيعة لكن هذا غير صحيح على الإطلاق فقد تنتفي الطبيعة لكن ليس من الوجود بل من مسلسل الإنتاج ربما سيعتمد الإنسان على مصادر أخرى للثروات غير الطبيعة وهكذا سيكون الدياليكتيك قد فعل فعله دون أن ينتفي لا المجتمع الشيوعي ولا الطبيعة
أما التناقض مع الطبيعة فقد كان مند الأزل إلا أنه كان ثانوي لأن النتاقض الرئيسي الذي كان ولازال إلى يومنا هذا يحجب التناقض مع الطبيعة هو التناقض بين الإنسان والإنسان أي التناقض بين علاقات الإنتاج و القوى المنتجة


7 - مداخلة رقم 6
أنور نجم الدين ( 2010 / 4 / 11 - 16:38 )
في مداخلة رقم 3، انك تقول -يستحيل وجود وحدة وصراع الأضداد-، طبعاً بسبب غياب التناقض بين القوى المنتجة وعلاقات الإنتاج، وبالأحرى غياب الطبقات.

اني اتفق كل الاتفاق مع ما ورد اعلاه.

وماذا يعني إذاً: -لم أقل أن الدياليكتيك لم يعد يفعل في المجتمع الشيوعي – مداخلة رقم 6-؟ ان غياب (وحدة الأضداد) يعني غياب فعل الديالكتيك، لأن كل عملية ديالكتيكية تبدأ بالضرورة من وحدة الأضداد.

ولكن إذا نريد أم لا نريد، فالديالكتيك سوف يبقى بصورة أبدية، إذا اعتبرنا أن الديالكتيك قانوناً، وكل ظاهرة من الظواهر، الاجتماعية أم الطبيعية، من ضمنها المجتمع الشيوعي وحتى الجاذبية، تخضع منذ الأزل للديالكتيك دون إرادة.

ولكن تخيل لو كان تخضع الجاذبية للديالكتيك. فماذا يحدث؟
سوف ينتقل العالم من الوجود إلى العدم. ولكن ليس لدينا أي قلق مادام لا نجد وحدة الأضداد في الجاذبية.
وإذا رجعنا مثلاً إلى المجتمع البدائي، فلا نجد الديالكتيك في هذا المجتمع، نظراً لانعدام وحدة الأضداد فيه. ولكن كان لا بد ان يتحول هذا المجتمع إلى مجتمع طبقي بفعل التحولات التاريخية لا التحولات الديالكتيكية.


8 - فرقعة
متتبع ( 2010 / 4 / 11 - 16:56 )
لوأعدت بتأني قراءة النص الذي أوردته في بداية مقالك قبل أن تصفعه بتحليلك، فالذي يتكلم عنه ماركس ليس هو ماذهبت إليه أسئلتك، ماركس يتكلم عن أن الدياليكتيك يدرج المفهوم الايجابي للأوضاع القائمة، وفي نفس الوقت يدرج مفهوم نفيها المحتوم، أي أن (ها) في كلمة نفي تعود إلى الأوضاع القائمة وليس وضع الدياليكتيك هو من كان نفيه محتوما كما جاء في سؤالك
ففهم خاطئ للنص يؤدي إلي فرقعة تحليلية كهذا المقال


9 - الدياليكتيك قوانين
mohamed ( 2010 / 4 / 11 - 17:20 )
غياب الطبقات لايعني غياب الدياليكتيك
إن المجتمع الشيوعي خالي من الطبقات وبالتالي لا وجود للتناقض بين الطبقات منه يصبح التناقض الرئيسي بين الإنسان و الطبيعة وعلى هذا الأساس سيستمر فعل الدياليكتيك في هذا المجتمع
إضافة إلى أن التناقض بين الحاجة المتزايدة للإنسان وبين محدودية الموارد يفرض بالضرووة وجود صراع الأضداد ومنه إستمرار فعل الدياليكتيك وهذا ما يفسر إستمرار تطور القوى المنتجة لكن الشكل الذي تتخد علاقات الإنتاج لا يعيق تطور القوى المنتجة و هذا ما يفسر أزلية المجتمع الشيوعي
أما إذا تحدثنا عن غياب الدياليكتيك في المجتمع الشيوعي فسنكون سدج لأن غيابه يعني غياب التطور في حين أن القوى المنتجة مستمرة في تطورها


10 - هيغل وفيورباخ: أيديولوجيي البرجوازية
أنور نجم الدين ( 2010 / 4 / 11 - 17:21 )
في المقارنة بين الألمان والأمم الرأسمالية المتقدمة، يوضح ماركس رأيه على الشكل التالي:

-إنَّ أمماً عظمى – الفرنسيين، والأمريكيين الشَّماليين، والإنجليز – تعمد باستمرار إلى المقارنة فيما بينها على صعيد النَّظرية والممارسة على حد سواء، في المزاحمة وفي العلم، أمَّا البقالون الصِّغار والبرجوازيون الصِّغار مثل الألمان، الذين يخافون المقارنة والمزاحمة، فيختبئون خلف درع الفرادة التي يزودهم بها صنَّاع لصاقاتهم الفلسفية – كارل ماركس، الأيديولوجية الألمانية، ترجمة الدكتور فؤاد أيوب، ص 481-.

-إنَّ الفلسفة الألمانية بصورة خاصة هي نتيجة للبنية البرجوازية الصَّغيرة الألمانية – نفس المرجع، ص 487-.


11 - مداخلة رقم 8
أنور نجم الدين ( 2010 / 4 / 11 - 17:51 )
نعم، بالضبط، ان ما حاولنا أعلاه هو توضيح وجهة نظر ماركس بصدد النفي المحتوم للأوضاع القائمة، وهو الوضع التاريخي الذي ينتج الديالكتيك. فالمصيبة هي أن الجدليين لا يرون العلاقة بين الأفكار وعصورها المختلفة. فالفلسفة الألمانية (الديالكتيك) هي في الأساس فلسفة البرجوازية الألمانية (انظر مداخلة رقم 10).
وفي نقد (الاشتراكية الحقيقية) الألمانية، يقول ماركس: -انهم ينتزعون الأنظمة الشيوعية والكتابات النقدية والجدلية من الحركة الفعلية التي ليست تلك الكتابات سوى التعبير عنها ....
وهكذا فليست الاشتراكية الحقيقية سوى صورة مصعدة عن الشيوعية البروليتارية وأحزابها وشيعها التي من أصل واحد في فرنسا وانجلترا، مرسومة في سماء الذهن الألماني، وسماء العاطفة الألمانية .. وهكذا فهي لا تتوجه إلى البروليتاريين، بل إلى الطبقتين من البشر أكثر عدداً في ألمانيا، إلى البرجوازية الصغيرة بأوهامها الخيرية وإلى أيديولوجيي هذه البرجوازية الصغيرة بالذات، الفلاسفة وتلامذتهم - كارل ماركس، الأيديولوجية الألمانية، المجلد الثاني، ص 497، 498-.


12 - مداخلة رقم 9
أنور نجم الدين ( 2010 / 4 / 11 - 19:19 )
يقول ماركس: -إنَّ هذا التناقض يتلاشى ويتولد في الممارسة بصورة متصلة. وهكذا فليس المقصود (الوحدة السالبة) الهيغلية لطرفي التناقض، بل التلاشي الناشئ عن شروط مادية، عن نمط الحياة للأفراد، المشروط مادياً، وهو تلاشٍ يؤدي إلى زوال هذا التناقض وتجاوزه في وقت واحد – كارل ماركس، الأيديولوجية الألمانية-.

كما نعرف، لا يجتمع السالب مع السالب، فالسالب والسالب متنافرين، بمعنى أنه لا يمكن جذب الأشياء إلى بعضهما البعض من خلال جوانب متنافرة. فماركس يعالج الموضوع بصورة مختلفة تماماً عن الجدليين، فجانبي التناقض داخل الأشياء، تختفي مرة واحدة وفي آن واحد، فطبقة العبيد وطبقة الأسياد مثلاً، تختفي مرة واحدة وفي آن واحد.

يقول ماركس: -البروليتاريا والثروة نقيضان، وبهذه الصفة يشكلان كلا واحداً. ان كليهما شكلان من عالم الملكية الخاصة .. الملكية الخاصة، كملكية خاصة، كثروة، مضطرة للحفاظ على ذاتها، وبالتالي للحفاظ على نقيضها في الوجود وهو البروليتاريا .. والبروليتاريا من جهة أخرى، مضطرة كبروليتاريا أن تلغي نفسها وبالتالي أن تلغي نقيضها، تلغي شرط وجودها، ما يجعلها بروليتاريا، اي الملكية الخاصة-.


13 - الأخ العزيز mohamed
أنور نجم الدين ( 2010 / 4 / 11 - 20:49 )
ان كل تضاد حاصل في ثنائية حسب الديالكتيك، وسوف يحدث التحول من القديم إلى الجديد حسب قاعدة التراكمات الكمية، ونفي النفي، فعدم وجود القاعدة الأولى، أي ثنائية متضادة، يعني عدم وجود القاعدة الثانية أيضاً (الكم وكيف) والقاعدة الثالثة (نفي النفي). ان الديالكتيك ذات بُعد واحد، ويعمل كالقاعدة الآتية: 1، 2، 3، فنهاية فعله في عملية، أو قضاء الجديد على القديم، يعني العودة إلى ما بدأنا منه. ولكن من الممكن أن نتحدث عن قانون التغير دون الحديث عن وحدة الأضداد.

وهكذا، فالاعتراض الأول هو ان قانون الجاذبية، والمجتمع الشيوعي مثلاً، لا يتكون من وحدة ثنائية متضادة، وبالتالي لا يمكن أن يخضع لقوانين الديالكتيكية. أما الاعتراض الثاني، هو أن الجوانب المتناقضة للأشياء، تشكلان كلا واحدا، فكل من جانبي التناقض يوجد نظراً لوجود جانبه الآخر، فهم لا ينفون إذاً بعضهم البعض، بل يحافظون على بعضهما البعض بصورة متبادلة. وان الغاء طرف التناقض، يعني الغاء نقيضه في آن واحد (انظر مداخلة رقم 13).


14 - الدياليكتيك قوانين
mohamed ( 2010 / 4 / 12 - 00:10 )
لا أختلف معك في كل ما قلت فالدياليكتيك حينما يفعل في ظاهرة معينة شيئ بديهي أن تتعاقب قوانينه وفق ترتيبها المعروف إلا أن ما لم تستوعبه من مداخلاتي السابقة هو أن التناقض لا ينتفي في المجتمع الشيوعي حتى نتحدت عن غياب الثنائية المضادة
إن التناقض في المجتمع الشيوعي يبقى قائما بين الإنسان والطبيعة مما يؤدي بالضرورة إلى وجود صراع الأضداد أي وجود فعل الدياليكتيك وحين يأتي قانون نفي النفي سوف تنتفي الطبيعة لكن ليس من الوجود بل من مسلسل الإنتاج فقد يصبح الإنسان قادرا على توفير حاجياته من الطاقة وغيرها دون أن يعود إلى الطبيعة أي أن ينتج المواد الأولية التي سيستخدمها في الإنتاج -هذه تبقى مجرد فرضية-فتطور العلم قادر على خلق ما لايخطر في بال أحد
فلو تحدثنا عن غياب التناقض بشكل نهائي في المجتمع الشيوعي فهذا يعني توقف التطور وبالتالي توقف الحياة فالقوى المنتجة تواصل تطورها في هذا المجتمع لأن النتاقض موجود بين الحاجات المتزايدة للإنسان وبين محدودية الموارد
إن وجود الدياليكتيك لا ينفي وجود قوانين أخرى تهتم بمجال محدا مثلا الجادبية لها قوانينها


15 - لماذا الديالكتيك ليس قانوناً؟ 1
أنورنجمالدين ( 2010 / 4 / 12 - 08:43 )
زميلي العزيز! يسرني الاستمرار في النقاش معكم من خلال بريدي الألكتروني اعلاه، إذا كان يناسبكم.
صحيح كل الصحة: (ان غياب التناقض بشكل نهائي في المجتمع الشيوعي يعني توقف التطور). ولكن لا تنطبق وحدة الأضداد الديالكتيكية على هذا (التناقض)، وان ما يسمى بالتناقض بين الطبيعة والبشر، لا يمكن أن يخلق أي ثنائية متناقضة، حيث ان أحدهما يجب أن ينفي الآخر حسب الديالكتيك. وإذا لم يحدث هذا النفي المحتمل، فأين الديالكتيك إذاً؟
وهكذا، فنحن نتحدث عن القاعدة المادية للأشياء، ومنهج بحث هذه الأشياء، فإذا قلنا أن التناقض موجود في مكان ما في العالم، ولكن النفي النفي غير موجود، فنَسَفْنَا كل أساس الديالكتيك، فلا يمكن فصل القوانين الديالكتيكية عن بعضها البعض، وان كل فصل بينهما، يعني نفي الديالكتيك نفسه، أو تخريب قاعدته، منهجه، طريقته في البحث، فالديالكتيك اما غير موجود في الأساس، واما وجوده يشترط وجود ثلاث قوانين متسلسلة، فالتحول النوعي مثلاً، يجري من خلال نفي النفي، ونفي النفي يشترط وحدة الأضداد بصورة مسبقة ..


16 - لماذا الديالكتيك ليس قانوناً؟ 2
أنورنجم الدين ( 2010 / 4 / 12 - 08:44 )
.. فنحن نتحدث عن الديالكتيك باعتباره منهجاً للبحث، ونقول: ان هذا المنهج غير صالح للاستنتاجات الدقيقة والصحيحة، لأنه له بُعد واحد، وقاعدته مترددة في البحث. وهذا يعني يمكن ان ينطبق الديالكتيك على بعض الأشياء، ولكن لا ينطبق بالضرورة على كل الأشياء، الأمر الذي لا يجعله قانوناً.
إذاً فالسؤال الموجه إلى حضرتكم هو: هل يشمل الديالكتيك كل الأشياء، والمجتمعات، والعلاقات في العالم؟ إذا كان الجواب كلا، فنقر بأن الديالكتيك ليس قانوناً.

إذا حاولنا المقارنة بين قانون الجاذبية والديالكتيك مثلاً، فنر انه لا يمكن أن يوجد أي تردد في الأول، حيث ان قاعدته المادية في وحدة الأشياء هي نفسها، اينما كان في الكون، وهذا ما يجعله قانوناً، فهذا القانون خاضع لقواعد صارمة، لا يمكن أن يقبل أي تردد، الأمر الذي يساعدنا على تشخيص قاعدة القانون بصورة دقيقة، إذا اعتمدنا على منهج البحث العلمي.
وهكذا، فالتناقض بين القوانين المادية وما يسمى بالقوانين الديالكتيكية، هو أن القوانين المادية تجري وفق نظام محدد، لا يقبل أي تردد، أما القوانين الديالكتيكية فحاصل ملاحظات مجردة على الأشياء، لا دراسات علمية دقيقة.

اخر الافلام

.. جغرافيا مخيم جباليا تساعد الفصائل الفلسطينية على مهاجمة القو


.. Read the Socialist issue 1275 #socialist #socialism #gaza




.. كلب بوليسي يهاجم فرد شرطة بدلاً من المتظاهرين المتضامنين مع


.. اشتباكات بين الشرطة الأميركية ومتظاهرين مؤيدين للفلسطينيين ب




.. رئيسة حزب الخضر الأسترالي تتهم حزب العمال بدعم إسرائيل في ال