الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ديمقراطية الدم

اكرام الراوي

2010 / 4 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


قبل سبع سنوات , كان الفرح يعم العراق رغم الفوضى الوحشية التي رافقت ذلك الفرح, كان فرحا” جنونيا وهستيريا , اذ لم يكن يصدق العراقيين ان حكم الطاغية قد انتهى بلا رجعة وانهم سيتنفسوا الصعداء يعد عقود من الاضطهاد وتكميم الافواه , كانوا بانتظار ان يروا عراقا” حرا” , يسوده العدل وتعمه المساواة بين مواطنيه , وكانوا ينتظرون بفارغ الصبر , الازدهار والحياة الكريمة ,وان تستغل طاقاتهم في بناء وازدهار العراق , والانفتاح على العالم وثوراته العلمية والتكنولوجية المذهلة التي بقي منقطعا” وبعيدا” عنها ابان حكم الطاغية .
كما حلم جميع العراقيين المشتتين في منافي الارض العودة الى احضان وطنهم واهلهم واحبتهم ورفاق صباهم .
وهاهو العام السابع بعد القضاء على الدكتاتور بمساعدة صديقتنا وحليفتنا (امريكا) , والمشهد يصور لنا بوضوح مطلق حجم التطور والتقدم والحريات والمساواة والاستقرار الذي يعيشه العراق , شعب يعيش في ازهى وابهى عصوره وهو يشهد عصر الديمقراطية الامريكية , التي ينفذها ويقودها ساسة العراق اليافعين الذين لايمتلكون اية خبرة في العمل السياسي الحقيقي , كما انهم ليس لديهم ولاء مطلق للعراق, والدليل على ذلك ما يشهده العراق اليوم من فوضى وصراع مستميت من اجل السلطة والكراسي.
الديمقراطية التي جاءت بها امريكا وحلفائها من ساسة العراق الجدد , هي ديمقراطية الدم , فمنذ دخول الصديقة امريكا لتحرير العراق برفقة (هؤلاء الساسة) وحتى اليوم تحولت احلام العراقيين بالاستقرار الى رعب وخوف , واحلامهم بحياة كريمة الى حياة مهينة لم يحصلوا حتى ولو جزء صغير يحفظ لهم كرامتهم وانسانيتهم, اذ لم تأتي لهم الديمقراطية المزعومة الا بالدم والموت والذل.
وبعد مرور كل تلك السنوات على (تحرير العراق) , تشير الاحداث والظروف التي مرت بالعراق انه قد يكون بالفعل تحرر من حكم مستبد دكتاتوري , الا انه اصبح محكوم عليه بالقتل والموت والترهيب , وبوسائل اختلفت على مدى السنوات السبع وسائلها بالرغم من ان الهدف واحد , فمن الاحزمة الناسفة الى السيارات المفخخة الى الاغتيالات الوحشية , الى الخطف, الى التهجير , الى الاستيلاء على ممتلكات العراقيين وتقديمها هدايا سخية للحلفاء ليحتلوا البلد بطريقة غير مباشرة , وغيرها من الوسائل الوحشية والللاانسانية .
من المسوؤل عن استمرار نزيف الدم العراقي؟ من هو شيطان الموت والقتل في العراق؟ من يقف وراء الالم المستمر للامهات العراقيات؟ اي كائن ذاك الذي ينتعش لرؤية الاشلاء الممزقة والدمار يلحق بكل حياة ويريد
قتل ما تبقى من روح في العراق؟الى من نشير باصبع الاتهام ؟ هل الى امريكا التي حررت العراق وجاءت بالديمقراطية لشعب بقي عشرات السنين مغيبا” ومكمما” ولايفقه شيئا” عن الديمقراطية؟ ام الى القاعدة التي اصبح كل فعل شرير وكل جريمة في العالم تلحق بها؟ ام الى الاحزاب العراقية التي لا اعرف كم يبلغ عددها لكثرتها , التي تسخر كل الطاقات من اجل حماية عناصرها وكسب المزيد من المكاسب الشخصية, ام الى دول الجوار التي يستخدمها هولاء (الساسة) كشماعة لتعليق فشلهم عليها, فالسني يتهم ايران با دخال الارهاب والموت والدمار الى العراق, والشيعي يحمل السعودية وفلول البعث المنحل مسوؤلية تدمير العراق وهدمه وادخاله في فوضى لا نعرف امدا” محددا” لانتهائها,والاكراد يرمون باللوم على تركيا في تهديد امنهم واطماعها المستمرة في نفط كركوك بالرغم من ان الاكراد ينعموا منذ حرب الكويت وحتى الان باوضاع وحياة لم يكونوا ليحلموا بها.
ازاء كل ذلك , وبالرغم من ان الشعب العراقي المسحوق الذي مازال يواجه يوميا” الموت والدمار وغياب اية ضمانات له ليعيش كانسان طبيعي ينعم بابسط حقوقه المشروعة , بالرغم من ان الشعب بدأ يكشف اوراق من يدعون انهم حريصو على العراق وامنه واستقراره ويعملون من اجل الشعب ورفاهيته , الا ان هذا الشعب وللاسف اصبح وبسبب قلة وعيه السياسي العوبة بيد الاحزاب المتصارعة على المناصب والكراسي, والدليل الانتخابات الاخيرة , وحملات التشكيك والاتهامات لبعضهم البعض دون اية مراعاة لمصلحة الشعب العليا , والعمل على اخراجه من الهاوية التي اسقطهم بها ( صدام ومن ثم امريكا وتلك الاحزاب).
واليوم لابد لكل من يلعب في مسرح العراق السياسي , ان يصحو ضميره وينكر ذاته من اجل الشعب العراقي , العراق ا مس واليوم وطوال السنوات السبع الماضية كان يحتاج الى صحوة من قبل كل الشرفاء فيه من اجل اخراج الشعب العراقي من مستنقع الموت والدمار الذي اغرق فيه ومازاال , نحن بحاجة اليوم الى نكران ذواتنا من اجل ابناء شعبنا , بحاجة الى قوى شريفة وطنية ضاربة تقف بالمرصاد لكل من يعبثوا بمصائر العراقيين وتاريخ ومقدرات العراق .
كفانا جبنا” وصمتا” ازاء قاتلنا وسارق حريتنا وفرح اطفالنا.
لاهاي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شبح -الحي الميت- السنوار يخيم على قراءة الإعلام الإسرائيلي ل


.. الحركة الطلابية في الجامعات : هل توجد أطراف توظف الاحتجاجات




.. جنود ماكرون أو طائرات ال F16 .. من يصل أولاً إلى أوكرانيا؟؟


.. القناة 12الإسرائيلية: إسرائيل استخدمت قطر لتعمّق الانقسام ال




.. التنين الصيني يفرد جناحيه بوجه أميركا.. وأوروبا تائهة! | #ال