الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يزيد زرهوني العلماني ،في صراع مع السلفيين

الطيب آيت حمودة

2010 / 4 / 10
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


اشتد النقاش هذه الأيام ، والجزائر مقبلة على تطوير وثائق هوية مواطنيها من جواز سفر ، وبطاقة تعريف وطنية ، إلى وثائق بيومترية بمواصفات عالمية ، تسمح بمحاربة التزوير ، والإختراق ، لضرب مراقبة محكمة في التواصل مع الخارج ، وإحكام طوق أمني في ظل تفاقم ضربات الإرهاب بأشكاله وأنواعه ، وهو ما استدعى فرض إجراءات قانونية على صور الطالبين للوثائق الهوياتية منها إظهار صورة الوجه كاملا بالأذنين ، والتخفيف من كثافة اللحية لأصحابها .
لو عدنا إلى هدف وثائق الهوية بتنوعها ، لوجدنا أن المقصد منها هو التعرف على أصحابها حيطة من التزوير ، ولكي يتأتى ذلك يتحتم على أعضاء الرقابة إجراء فحص نظري تطابقي بين ماهو ظاهر في صورة وثيقة الهوية ، وما يقابلها من ملامح على الشخص الحامل لهذه الوثيقة ؟ ولا يتسنى ذلك إلا بالتعرف على خصائص الوجه والعيون والأذنين والشعر وهي أمور ثابته ، زيادة على التعرف على بعض من الخصائص المتغيرة ، كالشوارب واللحي ، أو الندوب والقروح البارزة التي يمكن إلتآمها أو ذهابها بعد العلاج .
عندما أصدر وزير الداخلية يزيد زرهوني تعليماته وضوابطه ، لم يكن يتوقع هذه الهزة العنيفة ، لأن الرجل في تقديري إداري لا علاقة له بالأمور الهوياتية والدينية ، وبالتالي فهو مطالب بإحكام سلطته على وزارته حسب القوانين المخولة له ، وتلك قوانين مستمدة من أرشيف الإدارة العلمانية المتوارثة عن فرنسا ، والدولة في حقيقتها علمانية أكثر منها إسلامية ، وقد عودنا هذا الوزير بتدخلاته الفجة ، وتصرفاته الحمقاء ، وهو السبب في اندلاع ثورة الأمازيغ بمقتل الطالب الشاب ماسينيسا قرماح داخل حرم ضبطية الشرطة ، تحت وقع التعذيب والإهانة ، وزاد الأمر تعقيدا بتصريحاته البليدة الكاذبة بأن هذا الشاب منحرف أخلاقيا ، له سوابق قضائية ... ! وهي أمور تظهر خفايا الرجل ، وصفاته الاستبدادية ، وروحه العنادية والعدائية ، التي ترضي أطرافا في الدولة ، ولولا ذلك لسقط مسرعا من أعلى وزارته انتحارا ، كما يفعل الرجال الأحرار ، غير أن ذلك لن يكون في ظل الرداءة العامة التي تعيشها المجتمعات المغاربية في عمومها.
عندما نستطلع ما يقوله وزير الداخلية نستشف أن الأمر فيه علمانية زائدة ، ولعل مجتمع شمال إفريقيا ورجالاته ينحوان في الغالب إلى التشدد ، فهم مسلمون أكثر أسلاما من غيرهم ، وعربا أكثر عروبة حتى من عرب المشرق ؟، وعلمانيون أكثر علمانية من فرنسا ؟، وهو ما أعطى تصورا للبعض بأن وزارة الداخلية تعمل على التضييق على الإسلاميين ، إما أن يستجيبوا للتعليمات ، أو يحرموا من جوازات السفر ، وهو ما فجر نقمة لا يمكن لوزير الداخلية النجاة منها ، وكان بمقدوره أن يتملص منها بطرق أذكى لو كان حصيفا ، وهي فرصة مواتية للإسلاميين ضرب الوزير والوزارة تحت ستار الدين، والعاطفة الإسلامية ، دون الرجوع الى فتاوى المعتدلين المحليين، أوالمشارقة أمثال الطنطاوي الذي أفتى بخلع الحجاب باعتباره عادة وليس عبادة ، وجمال البنا في كتابه جناية قبيلة ( حدثنا) .
أما ما يقوله المجتمع الجزائري كرد فعل عن الإجراء ، فهو ينم عن سذاجة وإيمان فطريين ، والعاطفة فيه متغلبة عن سلطان العقل ، وهو ما يبرز ظاهرة التمسك بالقشور دون اللب ، فالمُستنكر في أنظمة حكمنا لا يقتصر على الحجاب ، والخمار، واللحية ، بقدر ما يضرب في عمق الكيان الحقيقي للدولة ، فأين الإسلام الحقيقي في تشريعاتنا ؟، وفي نظام حكمنا ؟، وفي بنوكنا ؟، وفي علاقاتنا الداخلية والخارجية ؟ وفي صراعاتنا داخل خيمة الإسلام .... وفي ... وفي.... .
إن الأمر لا يعدو أن يكون زوبعة في فنجان ، وهو مثيل لتساؤل أهل العراق عن جواز الصلاة بدم بعوضة ، متناسين أودية من الدماء سالت في كربلاء !!
فوزارة الداخلية لم تمنع الحجاب ولا اللّحي في الحياة العامة ، باعتبارهما من الحقوق الشخصية ، لكنها ترى حقها في ضبط وثائقها التعريفية ، والتعرف على حامليها من حيث لون البشرة ،ولون العينين ، ونوع الشعر وملامح الوجه ، وشكل الأذنين وغيره فالغاية منها منزهة عن تعاليم الدين ، وما يثار ضدها يعد من قبيل ( المؤامرة العكسية)، فما قول فقهائنا والمتشددين منا ، في تعرية المسافرين بوسائل جديدة تكشف المستور بوسائل تقنية مستحدثة في مطارات هيثرو ، ونيويورك ، ولوس أنجلس ، فتتم تعريتنا وكشف عوراتنا من حيث نعلم أو لا نعلم ؟ إنه قانون المتفوق الذي يخترق العباءات والسراويل والخماروالبرقع !، وقد يتوصلون مستقبلا لضبطنا ورأية ما في دورنا وديارنا وغرف نومنا ، وداخل أوطاننا ؟. أو إن شئت قل معرفة ما يدور بخلدنا !!؟ وما على المسلمين إلا ابتكار ما يمنعهم من ذلك إن كان لهم سبيل ، ولا أعتقد أن يتم ذلك في ظل التحجر الذي تعيشه الأمة من محيطها إلى خليجها .
إن ما يثار من قضايا في النقاشات المحتدمة في مجتمعنا بين المعسكرين العلماني والإسلامي، هو عنوان كبير لفيلم تراجيدي قد يحتاج لمخرج بارع على شاكلة يوسف شاهين ، ليحوله إلى واقع يظهر سذاجة الأمة التي تتقاتل على تمرة ، والبون الشاسع بين تفكيرنا العاطفي الباطني، وتفكير الغرب العقلاني ، الذي فسح المجال واسعا في مجتمعاته للتفاعل البشري بمختلف أشكاله وأنواعه ومعتقداته ، في وقت نعيش فيه نحن ارتكاسات ونكوصات وتقوقعا حول الذات ، فاسحين المجال لغيرنا تبوء مكانة راقيه تمكنهم من الأرض وما عليها ، والسماء وما فوقها ، قواد لا منقادين ، ونستمر نحن في تقاتلنا على قشور الإسلام لا لبه وكنهه ، الذي فُهّمناه خطأ عن طريق تعاليم الفقهاء بمرجعيات رجعية أكثر منها تقدمية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الخلل في الفراغ الاعلامي
حمدي حميد الدين ( 2010 / 4 / 10 - 13:11 )
كان على الوزير الا يستفيض في الشروحات وان يكتفي بتصريح موجز ثم يوعز الى ذوي الكفاءة والخبرة في شرح التعليمات عبر وسائل الاعلام ويترك مجال المناورة له ولا يحمل نفسه مسؤولية ما يقع كما يفعل جميع الساسة المحنكين

النظام الجزائري غبي وخصومه يستفيدون من غباوته واول غباوة هي الاستمرار في غلق السمعي البصري كما انه لا يريد الاستفادة من كفاءات النخبة الجامعية الموالية للحداثة لان حواشي النظام لا تزال تتغلغل فيها الرداءة التي تخشى ان يكشفها الخطاب المباشر مع الشعب غبر وسائل الاعلام الثقيلة التي تظهر فيها كفاءة الشخص او محدوديته

الاسلامويون اشتفلوا سنين طويلة وهاهم اليوم في راحة تامة لان الدهماء اصبحت طوع ايديهم والسنتهم وهم مستعدون لاستلام السلطة لانهم القوة الوحيدة في البلد اما غيرهم فمجرد فقاعات لا اكثر هذا هو المستقبل الاسود الذي ينتظر الجزائر


2 - مهزلة
عبد القادر أنيس ( 2010 / 4 / 10 - 17:35 )
يزيد زرهوني لا هو علماني ولا هو إسلامي، ولا هو قابل للتصنيف يا أخي الطيب. منذ أيام رأيناه يتحذلق بالدين ويشرح لنا (بلى قادرين على أن نسوي بنانه) بحجة أن في هذه الآية البسيطة إعجازا، ليحلب بذلك في إناء علي بلحاج الإرهابي الذي يتحدى السلطة ولا يجد أمامه إلا وزيرا ضعيفا نسي بسرعة العشرية السوداء التي تسبب فيها أمثاله وأمثال علي بلحاج. زرهوني انتهازي بوسعه أن يخدم أي سيد بلا وخز ضمير وسيكون قابلا للاستوزار في أي حكم حتى حكم علي بلحاج.
أثمن عاليا مقالك رغم بعض الهنات بسبب تدينك كما أثمن عاليا تعقيب السيد حمدي
الجزائر تعيش مهزلة لن تنتهي على خير.
تحياتي


3 - جزائرستان
جمال ( 2010 / 4 / 10 - 18:49 )
ربما يا سيدي الكاتب انت لست ملما جيدا بالشان الجزائري.
بحيث انك تقسمه بين الاسلاميين والعلامانيين وهذا في نضري المتواضع خطا كبير لان جزائر اليوم صارت قبيلةوامارة اسلامية واحدة موحدة لا يوجد بها لا علمانيون ولا تنويريون وحتى ان وجدوا على قلتهم فانهم مختابؤن يترقبون اية فرصة للهرب قبل ان يشنقوا في الميادين العامة لتركهم الصلاة مثلا.
وهذا كله تم بمؤمرة بين السلطة والاحزاب الاسلاموية لتمكين سيطرتها على هذا المجتمع الذي يتداعى ويتهاوى ويسير في طريق الجزائرستان.


4 - عندما يتحدث الابكم يزيد زرهوني
عبد الله عمران ( 2011 / 1 / 13 - 14:13 )
الأبكم يزيد زرهوني، المكلف بتكميم أفواه الشعب في الدّاخل ، وهو الذي لايعرف التحدث حتى باللهجة الدارجة وهذا مادفعني لتلقيببه بالأبكم ولايعرف لغة الحوارمع الشعب إلا بلغة الكذب والسفسطة في وضح النهاربدون حياء ولاحشمة ،وكأنه يتحدث مع أطفال رُضّع وليس مع شعب راشد.يتحدث عن الحجاب و عن امور العامة و هو لا يعرف حتى كيف يتوضا

اخر الافلام

.. المناظرة بين بايدن وترامب.. ما أبرز الادعاءات المضللة بعد أد


.. العمال يحسمون الانتخابات قبل أن تبدأ، ونايجل فاراج يعود من ج




.. لماذا صوت الفرنسيون لحزب مارين لوبان -التجمع الوطني-؟


.. ما نسبة المشاركة المتوقعة في عموم أسكتلندا بالانتخابات المبك




.. لجنة أممية تتهم سلطات باكستان باحتجاز عمران خان -تعسفا-