الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المغامرة الفلسطينية

جهاد الرنتيسي

2010 / 4 / 11
القضية الفلسطينية


تتحدد حاجة البحث ، عن الخيط الرفيع ، بين الخيالات والاوهام، في التفكير الفلسطيني ، على ارضية الاقتراب من المنزلقات ، التي تهدد المنجز السياسي ، وتفاقم المأزق ، الذي تصل اليه القضية الوطنية ، الممتدة جذورها الى عصب التحولات، في منطقة حبلى بالمفاجآت .

وتتكئ هذه الحاجة راهنا ، على وعي باستحالة استمرار سير الاحداث ، على خط مستقيم ، دون منعطفات .

فالاقتراب ، من نهايات مرحلة ، وبدايات اخرى ، مرورا بالمنعطفات الحادة بعض الملامح الاساسية للقضايا المعقدة ، التي يتداخل فيها التاريخ مع الجغرافيا ، وتختلط الايديولوجيا بالميثولوجيا.

والمؤشرات المتوفرة ، لا تترك مجالا ، لتحييد فكرة عبثية الاعتقاد بدوام الاوضاع على ما هي عليه في المدى المنظور ، مما يولد حاجة التفكير بصوت عال ، لتجاوز المنعطف المقبل ، باقل قدر من الخسائر ، اذا لم تكن المكاسب ممكنة .

لكن ملابسات حالة التنافر ، بين خطابي الازمة الفلسطينيين ، تثير الشكوك في العمل بهذه القاعدة .

ففي تجليات الخيال السياسي ، يتجاهل الخطاب الاقرب الى التفكير الواقعي ، بشكل او بآخر ، واقعا يصعب تجاهله ، الامر الذي يهدد بفشل الوصول الى الهدف المطلوب .

وتحت تأثير الوهم ، والفهم الخاطئ للمعطيات ، ومحدودية القدرة على قراءة المشهد ، وتقدير مكامن القوة والضعف في التحالفات الاقليمية ، يروج الخطاب الآخر لمغامرة ، تجر الويلات على الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية .


في سياقات استعراضه ، لاستعدادات اعلان الدولة ، يكشف رئيس الوزراء الفلسطيني د . سلام فياض عن تصورات ، تكاد ان تكون مكتملة ، لكيفية التعامل مع المشهد الدولي .

وتقوم هذه التصورات على مواصلة العمل لخلق واقع جديد من خلال بناء مؤسسات دولة ، وانظمة حكومية ، وادارة مؤسسات ، وانضاج العمل المؤسسي والاداري ، بالشكل الذي يقنع العواصم المؤثرة في القرار الكوني بان لدى الفلسطينيين هيكلية دولة ، على ارض الواقع .

اهمية هذه الخطوات تكمن في قوة المثال الذي سيتم تقديمه ، لانتزاع الذريعة الاسرائيلية التي تصور الفلسطينيين بانهم غير قادرين على حكم انفسهم ، وايجاد مناخ دولي ضاغط لانهاء الاحتلال .

فمن شأن هذا الانجاز في حال تحقيقه ـ حسب رؤية فياض ـ تحويل مفهوم حل الدولتين الى احتمال ، ومن ثم المضي بهذا الاحتمال ، ليصبح واقعا على الارض .

ولا يسقط رئيس الوزراء الفلسطيني خلال تنظيره لجدوى خطوات توفير اسس الدولة العصرية ـ المبنية على فهم عميق للتفكير الغربي وامكانيات المجتمع الفلسطيني ورغبته في الحياة ـ خيارات العمل الشعبي لانهاء الاحتلال من خلال مقاومة سلمية بعض اشكالها التظاهر ضد وجود المستوطنين وجنود الاحتلال على الاراضي الفلسطينية ومقاطعة منتجات المستوطنات .

لكن عمق فهم رئيس الوزراء الفلسطيني للمشهد الكوني ، والعوامل المؤثرة في اتخاذ القرار الدولي ، واهمية الراي العام العالمي ، لم يحل دون وجود بعض الثغرات في المعادلة المبنية على التقاء البعد الاخلاقي الاممي مع المصلحة الكونية في حل القضية الفلسطينية .

اخطر هذه الثغرات مايرتبط بالامر الواقع والمتغيرات التي يكرسها الجانب الاسرائيلي على الاراضي الفلسطينية وقدرة المجتمع الدولي على توحيد موقفه واتخاذ الاجراءات الكافية لانهاء الاحتلال .

والواضح من طريقة تفكير فياض التي تعبر عن رؤية القيادة الفلسطينية ان الدخول في لعبة التواريخ ياتي في سياق سد هذه الثغرات .

فقد جاءت فترة العامين المحددة للانتهاء من اقامة مؤسسات الدولة تحديا للذات باجبارها على المثابرة في الوصول الى الغايات واقناع الاخر بجدية العمل لانجاز مؤسسات الدولة .

لكن احتمالات النجاح في سد الثغرات لم تنه الشكوك التي تثيرها سياسة حافة الهاوية التي يتبعها رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو في تعامله مع الدعوات الاميركية لوقف الاستيطان وسوابق ادارة الرئيس باراك اوباما في التراجع عن مواقفها امام التعنت الاسرائيلي .

في المقابل تكشف وجهة النظر الفلسطينية المضادة عن حالة من العدم السياسي لدى تعاطيها مع الجهد النظري والعملي غير المسبوق ـ من حيث نضوجه ـ في قراءة تعقيدات المعادلة الدولية .

فالتصورات شبه المكتملة ، لتجاوز العقبات ، التي تعترض استعادة بعض الحق الفلسطيني تتحول الى اداة لمساعدة الاحتلال الاسرائيلي حين يتم النظر اليها من خلال زوايا رؤية حركتي الاسلام السياسي الفلسطيني .

ولتبرير هذه الرؤية ، تحرص حركتا حماس والجهاد ، على تغييب النزعات العقلانية ، في تفكير قيادة السلطة ، والتشويش على بعض الاضاءات ، المفترض ابرازها والاستفادة منها .

فالبناء شبهة من وجهة نظر الفصيلين ، والاجهزة الامنية الفلسطينية ، التي تتولى حفظ الامن في الضفة ، مجرد جيش للجنرال كيث دايتون ، مهمته ملاحقة المقاومين ، ومحاولة تثبيت الفلسطينيين على ارضهم من خلال تحسين ظروفهم المعيشية استجابة لاطروحة السلام الاقتصادي التي تحدث عنها بنيامين نتنياهو لدى تشكيله حكومته اليمينية ، ومجرد اعلان الدولة يلغي بشكل اوتوماتيكي حق اللاجئين في العودة .

والواضح من خلال البدائل التي يقدمها الاسلام السياسي نزوعه للهدم بدلا من البناء .

فهناك ثلاثة خيارات يتحدث عنها امين عام حركة الجهاد الاسلامي رمضان شلح في سياق دعوته لسحب مبادرة السلام العربية .

يتمثل الخيار الاول في سحب مبادرة السلام العربية ، وطرح مبادرة اخرى ، على اعتبار ان المبادرة البديلة ، ستكون افضل حالا من المبادرة المسحوبة ، متجاهلا ان المبادرات تعبير عن الواقع ، اكثر منها تجسيد للرغبات .

وبما ان الواقع العربي اكثر سوء من الزمن الذي طرحت فيه المبادرة العربية لن تكون المبادرة البديلة افضل من المبادرة المسحوبة .

الخيار الثاني اعلان الحرب على اسرائيل دون اعطاء الاعتبار لموازين القوى على الارض المحتلة لصالح الجانب الاسرائيلي ـ حسب دعاة التوازن الاستراتيجي ـ والوضع الدولي ، واحتمالات استعادة اسرائيل لصورة الضحية التي افتقدتها خلال قمعها للشعب الفلسطيني .

كما ان التطورات التي شهدتها المنطقة ، منذ الخروج من مربع اللاحرب واللاسلم، اثبتت ان النتائج المحتملة للحروب لن تكون افضل من نتائج عملية السلام .

ولا يبتعد الخيار الثالث ، والمتمثل في العودة الى حالة اللاحرب واللاسلم من حيث غرابته عن الخيارين الاول والثاني ، فهناك دول عربية وقعت اتفاقيات سلام مع اسرائيل ، والدول التي لم توقع بعد تلهث وراء مفاوضات غير مباشرة مع الجانب الاسرائيلي .

الا ان الخيارات الثلاثة التي تحدث عنها القيادي الفلسطيني تخدم اطراف اقليمية كايران الباحثة عن بؤرة تصعيد بديلة للبؤرة العراقية التي تتجه مؤشراتها نحو الخروج من دائرة النفوذ الايراني والبؤرة اللبنانية المحكومة منذ حرب تموز 2006 بقوانين مختلفة عما كانت عليه من قبل .

والواضح ان امين عام ثاني حركات الاسلام السياسي الفلسطيني طرح خياراته التدميرية الثلاثة مأخوذا بقوة الدفع التي املت عليه اطلاق عبارته الشهيرة التي جاء فيها ان اي عدوان على ايران يعد عدوانا على اطراف لقاءات دمشق التي عقدت خلال زيارة الرئيس الايراني احمدي نجاد للعاصمة السورية وشارك فيها امين عام حزب الله حسن نصر الله وقادة فصائل فلسطينية بينها حماس والجهاد .

كما تخدم الخيارات الثلاثة الموقف السوري الباحث عن حرب تحريك تخفف من وطأة تفاقم الازمات السورية المركبة .

بذلك ينقسم مأزق التعاطي الفلسطيني مع الازمة الراهنة بين تيار عقلاني واقعي استطاع قراءة المشهد الدولي بدقة دون الحذر من خطورة المبالغة في التوقعات وآخر مغامر ارتبط بحسابات قوى اقليمية لا ترى في القضية الفلسطينية سوى اداة يتم توظيفها في خدمة مصالحها .

ولا شك ان المغامرة بالمنجز السياسي الفلسطيني تفوق من حيث خطورتها المبالغة في تقدير نتائج البناء وعملية السلام .

ففي الحالة الاولى يدفع الفلسطينيون ثمن الهزيمة من دمائهم ومنجزهم السياسي ، وفي الحالة الثانية يبقى امام الفلسطينيين القدرة على البحث عن خيارات اخرى بديلة للمقاومة كخيار الدولة ثنائية القومية مستفيدين من العامل الديموغرافي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تغلق -الجزيرة- والقناة القطرية تندد بـ-فعل إجرامي- •


.. حسابات حماس ونتنياهو.. عقبة في طريق المفاوضات | #ملف_اليوم




.. حرب غزة.. مفاوضاتُ التهدئة في القاهرة تتواصل


.. وزير الاتصالات الإسرائيلي: الحكومة قررت بالإجماع إغلاق بوق ا




.. تضرر المباني والشوارع في مستوطنة كريات شمونة جراء استهدافها