الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-خبز الله- لعمر علوي ناسنا أو ولادة جيل جديد من القصاصين في المغرب

مصطفى لغتيري

2010 / 4 / 12
الادب والفن


"خبز الله" لعمر علوي ناسنا أو ولادة جيل جديد من القصاصين في المغرب
مصطفى لغتيري



اغتنى المشهد القصصي المغربي في العقد الأول من الألفية الثالثة بمجموعة من الأسماء الجديدة ، التي-للأسف- لم يلتفت النقد القصصي في بلادنا إلى السرود التي تجترحها ، و التي تبدو لي من خلال متابعتي المتواضعة لما تم إصداره إلى حد الآن من مجاميع قصصية، أنها تتميز بخصوصيات دالة ، على مستوى تقنيات الكتابة ، و هي تؤشر على أن هذا الجيل الجديد يمتلك شيئا نوعيا يغني به مدونة القص المغربي .. و مما لفت انتباهي على الخصوص- في هذا المجال- صياغة الجملة القصصية عند هذا الجيل الجديد، و التي تبدو أكثر نضجا و قصصية و رشاقة ، إذ أنها تخلصت من الزوائد التي غالبا ما تكبح انطلاقة النص القصصي ، و تحيد به عن الهدف الذي يتغيا الوصول إليه .


و من النصوص التي استوقفتني بهذا الصدد ، و التي تدعم الادعاء الذي ذهبت إليه ،المجموعة القصصية "خبز الله " للقاص عمر علوي ناسنا الصادرة عام 2010 والتي تضم بين دفتيها مجموعة كبيرة من القصص ، منها نصوص تنتمي إلى القصة القصيرة و أخرى إلى القصة القصيرة جدا.
و لعل أول ما يثير القارئ في هذه المجموعة القصصية الجميلة ، جملتها القصصية ، التي توظف إلى حد بعيد تقنية بناء الجملة في القصة القصيرة جدا ، بما يعني أنها مركزة و مكثفة ولا تحفل بالمحسنات البلاغية الزائدة ، بل تنبني بشكل مباشر و جاف و صادم ، طامحة بذلك إلى خلق نوع من النثر الخالص ، الذي يذكرنا بالنصوص اللامعة للكاتب الأمريكي ارنيست همنغواي . هذه الظاهرة الكتابية ، التي يشترك فيها الكاتب مع بعض القصاصين الجدد ، اخترقت قصص المجموعة بأكملها ، و سأحاول تسليط الضوء عليها من خلال إيراد بعض النماج من نصوص المجموعة ، و سأركز على افتتاحيات القصص ، التي تخلصت من الطابع الرومانسي في الكتابة ، الذي دأب بعض القصاصين على افتتاح قصصهم به ، مضيعين الجهد و الوقت في تنميقات لغوية فارغة لا تفيد القص فتيلا ، لذا نجد القصة عند عمر علوي ناسنا أدارت وجهها لهذه الديباجة التقليدية التي عفا الزمن عنها ، ليقتحم فضاء القص و تيماته بشكل مباشر، دون حاجته إلى أي توطئة ، إنه يقذف القارئ في أتون القصة دون أن يعده لذلك ، باعتماده على جمل مباشرة ، تكتفي بما يلزمها إلى أقصى الحدود ، فهي غالبا ما تقتصر على العمدة في انبنائها ، و تتخلص من الفضلة إلا إذا فرضتها الضرورة القصوى ، مبتعدة بذلك عن الأوصاف و النعوت الفائضة عن اللزوم ، و التي تضفي على النصوص مسحة رومانسية تجاوزها منطق القص و زمانه . و سأورد بعض افتتاحيات القصص للبرهنة على ذلك .. يقول السارد في قصة لعبة الغميضة:


الطفلة الشقراء التي تلعب معي هناك ، سأعرف فيما بعد أنها عاهرة.
أما قصة "خروف و دم " فيفتتحها القاص بقول السارد:


قال الصغير لأبيه صبيحة العيد
- أبي أرجوك لا تذبح الخروف الجميل ، لقد كلمني أمس ، و تمسح بيدي ، و كانت عيناه تبرقان ، و هو يتناول العشب من يدي.
فيما تبدأ قصة "المسدس المائي ب:


- يا أبي أريدك أن تشتري لي مسدسا مائيا.
أما قصة "طز.." فيبدأ كاتالي:


-غدا سينفذ فيك حكم الإعدام.



و في قصة "تأثيث رغبة " فاختار القاص أن يبدأها بقول السارد :امرأة تقتعد كرسيا قصبيا ، تقرأ ديوانا شعريا بعنوان"طفولة نهد".هذه النماذج من افتتاحيات القصص القصيرة في المجموعة تمنح القارئ فكرة عن النهج الذي ارتضاه القاص عمر علوي ناسنا في بناء جملته القصصية ، التي تبدو قوية و متخلصة من أوهام استدراج القارى نحو النصوص، أو تملقه بزخرفات بلاغية لا طائل منها ، و هي- بذلك- متخففة من الزوائد الثقيلة ، و هذا ما يجعلها رشيقة و قوية و محايدة ، و تلك -لعمري- ميزة اتسمت بها القصة القصيرة جدا ، فاقتبستها منها القصة القصيرة ، و خاصة مع الجيل القصصي الجديد ، الذي يبدو واعدا ، ينصت بعمق إلى نبض القصة في بلادنا ،و المدى الذي بلغت إليه ، و لعل هذا ما يجنبه تكرار التجارب السابقة ، و هذا ما يدفعني إلى الادعاء بأن الجيل الجديد من القصاصين ، ومن خلال استفادته من تقنيات بناء جمل القصة القصيرة جدا في كتابته لنصوص القصة القصيرة ، سيكسب هذه الأخيرة نفسا و دما جديدين ، هي في أمس الحاجة إليهما ، لتستمر على درب الإبداع و التجديد، ولا تصاب بالتكلس و تصلب الشرايين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو يوثق اعتداء مغني الراب الأميركي ديدي على صديقته في فند


.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز جسديًا على صديقته في




.. حفيد طه حسين في حوار خاص يكشف أسرار جديدة في حياة عميد الأد


.. فنان إيطالي يقف دقيقة صمت خلال حفله دعما لفلسطين




.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز -ديدي- جسدياً على صدي