الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إسرائيل في قلب الاستراتيجية الأميركية للشرق الأوسط الكبير

نايف سلوم
كاتب وباحث وناقد وطبيب سوري

(Nayf Saloom)

2004 / 7 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


ها نحن نشهد بداية القصف الإعلامي الأمريكي البريطاني على السودان ومعهما الهجوم "المسلح" للأمين "الخاص" للأمم المتحدة كوفي عنّان. تمهيداً لتدخل عسكري متعدد الجنسيات "ذو نزعة إنسانية " حسب عبارة نعوم تشومسكي في مقالة له منشورة في العدد 5/ 6أيار حزيران0 200 من مجلة "الآداب" اللبنانية . يبدأ القصف على دارفور وهو الإقليم الغربي من السودان ، وقد يذكرنا هذا بإقليم تيمور الشرقية في إندونيسيا وكانت بثينة شعبان قد أشارت إلى إقليم دار فور في مقالة لها بعنوان "ما الفرق بين دار فور وفلسطين ؟" نشرتها الجريدة الالكترونية السودانية "سودان أون لاين" و"كلنا شركاء" . تقول بثينة: "حين قرأت منذ أسابيع، عنواناً في جريدة «الهيرالد تريبيون» يقول «أوقفوا الإبادة الجماعية لهذا الشعب»، قلت في نفسي، وقبل أن أبدأ قراءة المقال: أخيراً أدرك العالم أن الشعب الفلسطيني يتعرض لحملة إبادة عنصرية بغيضة. لكن ما أن بدأت القراءة حتى أدركت أن المقال يتحدث عن دارفور في السودان وليس عن فلسطين. وأخذت، منذ ذلك الوقت، أتابع ما يجري في المنطقتين، وأقارن بين ردود الفعل الأميركية والغربية هنا وهناك، إلى أن توصلت إلى الاستنتاج، بأن عمليات الإبادة المنظمة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني وفق خطة منظمة تجهر علناً أنها سوف تستمر في اغتيال الفلسطينيين العرب ـ مسيحيين ومسلمين ـ وتهدم منازلهم وتضع شبابهم في السجون، لا تحظى على الإطلاق بالاهتمام الذي تحظى به عمليات القتل ضد أي بشر آخرين وفي أي مكان وُجدوا. "
هذا الاهتمام الأميركي البريطاني بالمشاكل الإنسانية لسكان دار فور سوف يشكل حصاراً إضافياً لشعب فلسطين بدل أن ينصفهم بالتماثل مع أي سكان آخرين أو شعب آخر. وذلك لما يشكله السودان من عمق حيوي لمصر ذلك البلد العربي الذي يصنف من دول الطوق الكبيرة حول إسرائيل وكما العراق يشكل عمقاً حيوياً بالنسبة لسوريا ولفلسطين ولبنان ، فإن السودان يلعب هذا الدور الحيوي من الناحية الجيوسياسية والمائية بالنسبة لمصر.من هنا يكون استهدافه هو التالي بعد العراق . صحيح أن بعض الاستراتيجيين الأميركيين يعتبرون احتلال العراق غير كاف لشل فاعلية إيران بخصوص دعم القضيتين اللبنانية والفلسطينية ، وأن احتلال العراق يتوجب إكماله بإنهاك النظام الإيراني أو حتى إسقاطه . إلا أن الهدف السوداني أكثر إغراءً كون عناصره "الإنسانية "باتت جاهزة من حيث الذرائع . لقد بدأت التحضيرات الإعلامية والدبلوماسية الدولية . فقد طلب طوني بلير رئيس وزراء بريطانيا من دولته وضع الخطط اللازمة للتحرك تجاه حكومة السودان بما فيها التدخل العسكري ، كما هدد كولن باول وزير الخارجية الأميركي السودان بفرض عقوبات اقتصادية تمهيداً للتدخل الإنساني العسكري المباشر . وعاضدهم كوفي عنّان الأمين "الخاص " للأمم المتحدة محذراً السودان من عدم التجاوب مع "المجتمع" الدولي.
أحياناً تظهر تشابهات مثيرة للفضول . فالاكتشافات النفطية الجديدة في السودان، والحركة المعارضة في الجنوب، والدور السياسي /الحيوي والمائي للسودان بالنسبة لمصر ، تقابلها مكانة العراق النفطية والحيوية جيوسياسياً بالنسبة لسوريا ، ووجود أقلية كردية معارضة في الشمال ، وكل من مصر وسوريا دولتان رئيسيتان كطوق لإسرائيل . كل ذلك يؤشر إلى الدور الأساسي والاستراتيجي الذي تلعبه إسرائيل في حسابات السياسة الأميركية في الشرق الأوسط الكبير المأمول. وهكذا تضمن إسرائيل "مؤخرتها" وتتوجه إلى الداخل كي تصفي حساباتها مع الحركات "الإرهابية " ويكون التدخل الإنساني الأمريكي البريطاني في دارفور قد ضاعف مأساة الشعب الفلسطيني الإنسانية ومعه الشعوب العربية . وتكون مصالح إسرائيل في قلب الاستراتيجية الأميركية للشرق الأوسط الكبير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حلقة نار من تحدي الثقة مع مريانا غريب ????


.. الجيش الروسي يستهدف تجمعات للقوات الأوكرانية داخل خنادقها #س




.. الطفل هيثم من غزة يتمنى رجوع ذراعه التي بترها الاحتلال


.. بالخريطة التفاعلية.. القسام تقصف مقر قيادة للجيش الإسرائيلي




.. القصف الإسرائيلي المتواصل يدمر ملامح حي الزيتون