الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كفى صمتاً...أم كفى كلاماً!

جان كورد

2010 / 4 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


‏12‏ نيسان‏، 2010
من القصص الأسطورية الرائعة التي قرأتها مؤخراً، قصة "الأمل" للكاتبين باول وكارين آندرسون، التي تروي عن مخلوقات غير بشرية، تقوم باختطاف اطفال البشر وهم في المهد، فتأخذهم إلى عالمها السري تحت الأرض، لتربي تلك الأطفال تربية قاسية تعتمد على التعذيب المستمر والانضباط الشديد، وتعلمهم لغتهم الأم بحد أدنى، وشيئاً من لغة هذه المخلوقات (الكوبولد)، بحيث لايستطيعون فهم اللغتين بما فيه الكفاية، فلا تتطور معارفهم ولا يتمكنون من تعميق الحوار بينهم، أو تنمية ذائهم، وعندما تصل قامة أحد المخطوفين إلى حد ما طولاً، يقام احتفال خاص به ويتم توديعه للعودة إلى"العالم الأخضر" الذي يسمعون من (الكوبولد)عنه الأساطير، وكأنه في مكان آخر بعيد عنهم جداً، فيزداد التنافس بين الأطفال حتى ينمو كل واحد منهم عن طريقة ممارسة الألعاب والأعمال الشاقة بسرعة، ليتسنى لهم رؤية ذلك "العالم الأخضر"...ولكن أحدهم يكتشف بعد الفحص والتمحيص والمتابعة والمراقبة أن الذي يتم توديعه من قبل (الكوبولد) لايخرج إلى عالم النور والحياة في الحرية مطلقاً، وانما يقاد إلى المقصلة ويتم تقطيع أوصاله وتقديمه لحماً طازجاً في وليمة فاخرة...
هذا الاكتشاف الرهيب يدفعه إلى اتخاذ قرار للخروج من تلك الأزمة ولانقاذ حياة الآخرين الذين لايعلمون الحقيقة...
هل سيصدقه أقرانه إن قال لهم الحقيقة؟ هل سيخبرون عنه لدى سلطات (الكوبولد) الوحشية لينالوا لديهم بعض الرضا، ويقللوا بذلك من التعذيب الممارس عليهم، وليحصلوا على وجبة من الطعام الذي هم في جوع مستمر إليه؟...
وفي النهاية، حيث يرى الموقف خطراً جداً، والمسألة مسألة حياة وموت، ليس بالنسبة إليه فحسب وانما لكل أولئك الصغار المخطوفين، يقرر أن لايتكلّم وانما يقوم بعمل ما من أجل حريته وحرية من يعيش معه في ذلك السجن...
وهكذا هو حال شعبنا السوري في ظل (الكوبولد) البعثي، حيث يتعرّض كل يوم إلى مزيد من المآسي في حياته، والمعارضة هي كذلك الصبي الذي اكتشف الجريمة ولايدري ماذا يفعل...
والأمر الأشد مرارة هنا، هو أن النظام يحسّن من جبهته ويقويها بدعامات عربية، ويحاول استعادة مكانته اللبنانية عن طريق دق الأسافين بين القوى الوطنية، واستخدام جزرة كبيرة لاقتناص فصائلها الواحدة تلو الأخرى، كما فعل الرئيس الراحل أثناء الحرب اللبنانية وقبلها، ويزيد من تعتيم القبو السوري باسدال المزيد من ستائر "البروكسي" الاعلامية، وبارهاب تجاه الأصوات الحرة، والقاء مزيد من القصص الأسطورية عن "الازدهار" باستخدام كبار القصصيين والمطربين العطريين والشعبانيين وبعض الفلاسفة والملالي، لكي لايدرك أحد ما حجم المآسي، وينقاد بسهولة مغمض العيون باتجاه المقصلة، التي يظن الطريق إليها طريقاً إلى الحرية والديموقراطية والتقدّم الحضاري... في حين أن جبهة المعارضة بمختلف أليافها والوانها تبدو وكأنها لم تتخذ قرارها بعد. فهل ستهب مثل ذلك الصبي لايجاد وسيلة لانقاذ الشعب بها من مقصلة النظام أم ستكتفي بالكلام...ومزيد من الكلام.
ما يضحكني هنا هو أن تقول معارضة قيرغيزيا بجراة لامثيل لرئيس الجمهورية:" يالله بره...أنت لاتصلح للحكم!"، في حين تحاول فصائل سورية معارضة اختلاق الأعذار للنظام، ووصفه ب"صاحب الموقف الشجاع تجاه غزّة"، رغم أن إفلاسه لايقل عن افلاس أي حكم دكتاتوري وفساده أعظم من فساد أبشع نظام فاسد في العالم كله...فلو كان النظام شجاعاً حقاً لاتخذ ذات "الموقف الشجاع" من "الجولان واسكندرون" اللتين هما أولى بالاهتمام من "غزة" لأنهما جزءان من الأرض السورية، كما كان النظام يقول لنا في المدارس والمصانع والثكنات...
ولذا أقول بأن شعار "كفى صمتاً" لا يطابق تماماً الحال المزرية التي عليها واقع شعبنا السوري، وانما يجب طرح هذا الشعار كبديل "لايكفي كلاماً!"، وهذا يعني اتخاذ قرار للانتهاء من مقصلة النظام التي صنعها بقوّة الفكر البعثي الظلامي، وللانطلاق بالشعب المأسور إلى "العالم الأخضر" عالم الحرية والحياة الكريمة للإنسانية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Brigands : حين تتزعم فاتنة ايطالية عصابات قطاع الطرق


.. الطلاب المعتصمون في جامعة كولومبيا أيام ينتمون لخلفيات عرقية




.. خلاف بين نتنياهو وحلفائه.. مجلس الحرب الإسرائيلي يبحث ملف ال


.. تواصل فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب بمشاركة 25 دولة| #مراس




.. السيول تجتاح عدة مناطق في اليمن بسبب الأمطار الغزيرة| #مراسل