الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المعارضة.. بثقافة الردة

الهادي خليفي

2010 / 4 / 12
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية


دعا ادونيس الشعوب العربية الى معارضة معارضاتها لانها – بحسبه – تواجه السلط الحاكمة بوسائلها والآليات والفكر الذي تستمد منه الاخيرة قوتها واستمرارها .ودون الوقوع في تسويد العام فان الكثير من المعارضات على امتداد الخارطة العربية لم تغادر ابدا الملعب الذي سُطِّرت خطوطه وفق ما يريح السلطة فلم تجازف بمخالفة قوانينه التي تحميها او تغذيها .ان تلك الخطوط والقوانين التي تسند الاستبداد العربي ولم تخاطر المعارضات العربية بتجاوزها او التمرد عليها هي روح التقليد والتوحيد في الثقافة العربية الاسلامية في وجهها السائد.
ان هذه الثقافة تعادي منذ اكثر من 14 قرنا – عدا استثناءات قليلة – التعدد والتجديد وتقوم على الثبات والتوحيد وهي بذلك ترسي انماطا وقوالب للفكر وتؤسس لحالة جمود في واقعها تجنح به الى الدوران في حلقة مفرغة حول نرجسية تستلذ استعادة انتاج الذات ..ان الثقافة العربية الاسلامية ترتد الى اسس /مصادر عقدية والى تراكم رمزي /عاداتي وترسب تقاليدي والى موروث تاريخي يتسم بتضخيم "انانا" الحضارية ولا يُرى فيها الاخر الا كدوني /ضد ..انها ثقافة تتزاوج فيها اللغة بالمقدس والعادات بالعبادات والتقويم بالرسالة الدينية حتى ليستحيل استبطانها كقناعة ايمانية تقديسها واجب والمحافظة عليها في اشكالها الايقونية مؤكدة والدفاع عن قيمها ومعاييرها لازم..
لا تنظر ثقافتنا الى الجديد /المستجد الا كبدعة او ضلالة وهي بعد سيطرتها على الوجدان العام – رغم محاولات اختراق بين حين وحين - تواجه كل تغيير او مسعى في اتجاهه برد قاس ، انفعالي يتجسم في استنكار ديني وعقاب سلطوي واحتقار وامتهان اجتماعيين ...انها توهم بان حالة الجمود حالة مثلى تؤمن السلام النفسي والطمأنينة في تضاد صارخ لحقيقة علمية تحكم الطبيعة هي "حالة التحول والتغير"
ترفض ثقافتنا التعدد والاختلاف وتحرص على تامين وحدة الجماعة تحت سقف الحكم الواحد والدين الواحد والفكر الواحد واللغة الواحدة و...و..و..ولان الشورى مثلا تتطلب تنوعا في الراي واختلافا فالثقافة فكرا وممارسة تهملها وتبقيها شعارا ممنوع التطبيق منذ سقيفة بني ساعدة الى حين الساعة ..ويخضع الفكر الى اسر اللغة حيث لا مكان له خارجها ..تخضع اللغة الى اسر الدين ..والدين اسير النص ..وفهم النص اسير قولٍ سلف من الفقهاء ،فقهاء الحكم والسلطان ويخضع الحكم الى اسر المُلك والملك اسير الغلبة او "العصبية" حيث لا مكان للشورى ولا للتداول السلمي على السلطة ولا للاختلاف ..حيث فقط الرضوخ والطاعة والخنوع ..دائرة مغلقة تولد تابيدا في الحكم وتقليدا في اللغة وانغلاقا في الدين و..وعيا قطيعيا وطاعة عمياء بين الناس .
يقف القطيع المؤمن بثقافة الثبات /الجمود خط صدٍّ دائم لكل فعل او فكر او سلوك يستهدف خلخلة واقع الحال ويستنفر قواه لتتجند في مواجهة الخطر المهدد مستدعيا تجذر ثقافته في مشاعر جموعه وفي رومنسية دراماتيكية يتم تصوير فعل التغيير رفضا لمجموع الرموز والبنى والعلاقات المشكلة للهوية الثقافية ولان العقل في المنطقة العربية لايزال قبعلميا (قبل – علمي) ولا يعتمد النقد المنهجي والتحليل او التفكيك وتفسير الظواهر اعتمادا على التجربة فانه في النهاية يخضع لتاثير دعاوة (بروبقندا)الثقافة القائمة ثقافة الاستكانة الى حالة الثبات ..
تحفظ السلطة ذاتها عندما تؤمم الثقافة وتدعي حمايتها والوصاية على رموزها ..انها تؤمم القطيع اذ تنتصب حامية لثقافة تأسره ...السلطة تعيش باستبدادها في عناوين المحافظة والتاصيل حيث يستحيل التنميط والاتباع حدود الفعل القصوى ويصبح التمسك بانساق العلاقات القائمة والدفاع عن معايير القيم والاخلاق السائدة بنية محكمة الاغلاق واجبة الحفظ.
ان ثقافة الثبات/الجمود هي العائق الابستيمولوجي المسؤول عن فشل كل محاولات الاصلاح وان اي دعوة الى كسر قيودها رغم انها تفتح ابواب جحيم لا احد يعرف حجمه ومداه فانها العمل الذي يجب البدء به ..وهو ما يجب على المعارضات العربية ان تسلك نهجه ..
لابد للمعارضات العربية ان تتخلص من منطق الحساب وفق الربح والخسارة - وهي خاسرة ابدا وفق لعبة تجبر على خوضها دون المشاركة في وضع قوانينها – على هذه المعارضات ان تعدِّل بوصلتها في اتجاه ان يكون هدفها تحقيق ثقافة ارضيتها حداثية تفهم العالم فهما علميا وتفسر الظواهر وفق قانون التجربة وان تكون غايتها تحرير الانسان من كل اشكال الاستعباد والاعلاء من قيمته واعتباره غاية الغايات وارساء فصل واضح وتام بين الدين والدولة حتى يفقد الحاكم المستبد غطاء دينيا أظله طويلا وحتى يتحرر الدين من سجن رؤية الحاكم وتفسيره الاوحد له وحتى تكون الحجة الاكثر عقلانية هي الاجدى بالاتباع لا الحجة الاكثر قوة وغباء..على ثقافة هذه المعارضات ان تعمل في جلاء واضح من اجل مراجعة شاملة لمعاني قيمة الشرف والقطع مع حصرها في المعنى العضوي المتداول وسحبها على كل اشكال مواجهة الاستكبار والاستبداد والظلم واستبدال النظر الى المراة كموضوع للشهوة وللاطفال كعبيد ..ولا بد للغة ان تستحيل اكثر يسرا وتحررا واقل قداسة وتنميطا واعاقة للتفكير ..باختصار شديد لابد من البدء باحداث التغيير الثقافي ولو كان مؤلما لان الثقافة الحالية عاجزة عن الحاقنا بركب من تقدموا ومصرة على استبقائنا في حالة استعباد لم نعد لنقبل بها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - المسالة ثقافية
الشهيد كسيلة ( 2010 / 4 / 12 - 19:44 )
لا توجد ثقافة معارضة في العالم العربي بل هناك اجنحة وزبائنية تمارس الابتزاز وتكتب مواضيع انشائية وتكثر من العويل والولولة
الكل يتغذى من مورد واحد

لا حداثة ولا بدائل موثوق منها واظن ان النظام في تونس اكثر حداثة بل هو الحداثي الاقوى في العالم العربي وهو الذي يقاوم الظلامية والقومجية الاعرابية بينما تحالفت عليه شبه معارضات هي ذيول لفكر بائس اسلاموي (النهصة) وبعثي (القوميون) وليس لتونس عند هذه المعارضات اي نصيب سوى تنفيذ اجندات شرق اوسطية ويكفي ان النظام حمى تونس من الفتن الدينية والمغامرات الانقلابية ووفر الامن للشعب التونسي

هذه هي الحقيقة وحتى لا يفهم الفاهمون -ياسر- انا لست تونسيا حتى لا يقال انني عضو في حزب الرئيس بن علي


2 - حاذر المغالطات
وضاح شريف ( 2010 / 4 / 13 - 10:35 )
عفوا سيد -كسيلة-هل عبدالله العروي وهشام جعيط ومحمد اركون وبرهان غليون وجورج الطرابيشي وادوارد سعيد وادونيس ..و..و..زبانية وينزلون في اجنحة الحكم العربي المظلمة ؟؟ام هل لا يمكن لاعمال هؤلاء وغيرهم من المتحررين من ثقافة الرجعية والاستبداد الذي يبدو انه لا مشكلة لك معه لا يمكنهم ان يشكلوا بداية طريق لاتجاه يقود بعيدا عن القرون الوسطى التي نتخبط فيها بفضل الفقهاء والكهان الجدد واسيادهم الحكام المستبدين؟؟


3 - حاذر المغالطات
وضاح شريف ( 2010 / 4 / 13 - 10:36 )
..تقول بانك تظن ان النظام في تونس هو الاكثر حداثة بل هو الحداثي الاقوى في العالم العربي ..وكان الحداثة سوق يمكن ان نبتاع منه ما نشاء ونترك ما لا نشاء ..يا سيد كسيلة الحداثة كل متكامل ..بناء لعقل نير شامل انها اجتهاد بشري انتهى الى بنية مترابطة الاجزاء والمكونات الحداثي لايمكن ان يكون استبداديا ابدا ..ان انظمة الاستبداد التي ورطت نفسك من حيث تدري او لا تدري ربما لا يمكنها ابدا ان تكون في الحداثة من شيء انها ثقوب سوداء في كون الحداثة لا فرق بينها وبين انظمة هتلر وموسيليني التي كانت ماسكة بتلابيب التكنولوجيا وتتمتع فيها المراة التي اصبحت زيفا عنوان حداثة النظام في تونس باكثر مما تتمتع به المراة التونسية الان في القرن العشرين.


4 - حاذر المغالطات
وضاح شريف ( 2010 / 4 / 13 - 10:37 )
امر اخر اريد ان أوضحه لك وانت غير -التونسي- ان النظام المسكين الذي تراه حداثيا وبسبب حداثته تحالفت عليه قوى القومجيين والاسلاميين ..هذا النظام لم تنل الته الحديدية الفتاكة من القوميين والاسلاميين فقط بل انها سبقت الى النيل من النقابيين واليساريين وكل مخالفي الراي فلعلمك ان اول حزب وقع حظره في تونس لم يكن النهضة بل كان الحزب الشيوعي التونسي وذلك في جانفي 1963 اي بعد الاستقلال ب7سنوات فقط ..انها نية مبيتة للالتفاف على حقوق كل التونسيين بدون استثناء وتابيد الاستئثار بالسلطة وبالتالي تركيز نظام استبدادي لا حداثي


5 - حاذر المغالطات
وضاح شريف ( 2010 / 4 / 13 - 10:37 )
اخر الملاحظات تتعلق بالامن الذي وفره النظام وتخليصه الشعب التونسي من فتن الدين ان النظام في تونس في سبيل تحقيق الامن اعتمد سياسة تواجه اليوم بانتقادات الاصدقاء والاعداء وببيانات منظمات حقوق الانسان الدولية بالتنديد والاستنكار تفصح عن انها مخالفة لكل الاعراف والقوانين الوطنية والدولية ..اما تخليص الشعب من استخدام الدين في سياسة الدنيا فاين هي من الواقع؟ومن يستخدم الدين الان؟المناشدات للرئيس الحالي للترشح لمرحلة جديدة تمت في المساجد ..تم احداث اذاعة للقران الكريم وتم احداث بنك اسلامي وتمت اقامة روابط مع الحركات الاسلامية حتى تحولت قناة المنار مساحة دعاية للحزب الحاكم في تونس في فترة -الانتخابات التونسية الاخيرة-..ارجوك اقرا الواقع بعين لا تثق في الخطاب المصدر من السلطة ولا تخدعنك حداثة قوم تخفي ظلاما لا يضاهى حلكة وسوادا

اخر الافلام

.. كلمة الأمين العام الرفيق جمال براجع في افتتاح المهرجان التضا


.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيمرسون بأ




.. شبكات | بالفيديو.. هروب بن غفير من المتظاهرين الإسرائيليين ب


.. Triangle of Love - To Your Left: Palestine | مثلث الحب: حكام




.. لطخوا وجوههم بالأحمر.. وقفة احتجاجية لعائلات الرهائن الإسرائ