الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقال

رائد الدبس

2010 / 4 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


1650 مشهد سوريالي.

في الوقائع الغريبة في اختفاء سعيد أبي النحس المتشائل، قدم الأديب الراحل إميل حبيبي ما يشبه لوحة سوريالية حين وصف رحلة عودة المتشائل متسللاً إلى أرض وطنه بعد حدوث النكبة، وكيف نجا من رصاص جيش الاحتلال بفضل حمار سائب.. يقول المتشائل: كمنوا لنا وأطلقوا الرصاص علينا، فصرعوا والدي رحمه الله. أما أنا فوقع بيني وبينهم حمار سائب، فجندلوه. فنفقَ عوضاً عنّي . هذا الحمار السائب الذي جندلوه فنفقَ عوضاً عن المتشائل، كانَ حماراً عربياً دون أدنى شك. أما حميرهم التي مرّت بأرضنا قبل أكثر من ألفي سنة، فمصيرها مختلف تماماً.

القرار العسكري الإسرائيلي رقم 1650 الذي دخل حيز التنفيذ اعتباراً من الثالث عشر من نيسان 2010، سيدخل التاريخ ليس بوصفه جديداً في إطار مسلسل الطرد والتهجير والتطهير العرقي الذي تمارسه إسرائيل بحق الفلسطينيين منذ عقود، بل بتحديده دائرة الذين يستهدفهم من الفلسطينيين بوصفهم متسللين إلى أرض وطنهم. وتشير التقديرات الأولية أن عددهم يقارب سبعين ألف فلسطيني. أما المستوطنون على أراضي الضفة والذين يبلغ عددهم قرابة نصف مليون فليسوا متسللين بل أصحاب حق إلهي، لأن حماراً إلهياً ربما كان قد مرّ بتلك الأرض قبل أكثر من ألفي سنة... ولو أجرت أي منظمة بيئية دولية، اختباراً نزيها يشمل أطفالنا وأطفالهم،لتعداد بضعة أسماء نباتات وحيوانات برية تنبت وتعيش في حقول وروابي الضفة المحتلة والمختنقة بالمستوطنات، لوجدت أنّ أطفالنا سيذكرون ويرسمون العشرات منها. أما أطفالهم، فالله أعلم.

الإطلالة على المشهد الإقليمي والدولي لا تقلل من سوريالية المشهد الفلسطيني بل تكمله.
واشنطن تحولت إلى خلية نووية في قمة عالمية تبحث خطر تسرب أسلحة نووية إلى أيدي منظمات إرهابية، بينما تغيب رئيس وزراء إسرائيل عن القمة واصطحب معه – في إشارة رمزية واضحة- مهندس البرنامج النووي الإسرائيلي لإحياء ذكرى المحرقة. أما تركيا فقد قررت أن تنطق بلسان حال العرب وأن تقول ما لا يريد العرب قوله في القمة، عن برنامج إسرائيل النووي ،وذلك لكي تواصل سياسة العبور عبر المضائق الضيقة، كما ذكرتُ في مقالة سابقة.. ويتساءل البعض منّا بعد ذلك : ما سرّ هذا التسلل الكبير للمسلسلات التركية إلى بيوتنا وغرف صحونا ونومنا؟ أما العرب الذين تداعوا في جامعة الدول العربية لمناقشة القرار الإسرائيلي الأخير،فقد كانوا قد اجتمعوا في قمة سرت التي سارت شبه عرجاء ، وقرروا بين ما قرروا من كلام، تقديم نصف مليار دولار لدعم القدس، لم يصل للقدس منها دولار واحد. أما مقترح التوجه لمحكمة الجنايات الدولية لمقاضاة إسرائيل بتهمة التهجير القسري للسكان، وهي جريمة محددة بنصوص واضحة في القانون الدولي وفي ميثاق المحكمة ذاتها، فقد تمّ رفض المقترح بحجة أن تكلفة الدعوى التي قد تصل إلى تسعة ملايين دولار، هي تكلفة مُبالغ بها.

القرار الإسرائيلي العنصري رقم 1650 ، يهدف بين ما يهدف، إلى تكريس واقع الفصل التام بين غزة والضفة، جغرافيّاً وديمغرافياً وسياسياً. وهذا الهدف ليس جديداً ولا خافياً على أحد. المنطق الوطني الفلسطيني البسيط والواضح وضوح الشمس ، بات يملي على جميع الفلسطينيين أن يتوحدوا وأن يتجهوا لتحقيق المصالحة دون قيد أو شرط. حركة حماس لا تزال تتلكأ وتمتنع عن التوقيع على ورقة المصالحة. الأسوأ من ذلك، أنها باتت تلجأ إلى فعل كل شيء لأجل الحفاظ على سلطتها في غزة، بينما تمتنع عن التوقيع على ورقة المصالحة، مما يعني تكريس واقع الفصل بين الضفة وغزة. فهي تمارس سياسة توقيف واعتقال المقاومين في غزة وترغمهم على التوقيع على تعهدات بالامتناع عن المقاومة واحترام هدنة من طرف واحد غير موقعة مع إسرائيل أصلاً . يتساءل المرء: حماس لم توقع أي اتفاقيات مع إسرائيل بعد، فلا هي وقعت أوسلو ولا خارطة الطريق ولا غيرها من الاتفاقات والالتزامات، فماذا لو وقّعت ؟؟ يمكننا أن نتوقع 1650 مشهد سوريالي جديد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -عفوا أوروبا-.. سيارة الأحلام أصبحت صينية!! • فرانس 24


.. فيديو صادم التقط في شوارع نيويورك.. شاهد تعرض نساء للكم والص




.. رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس


.. انقلاب سيارة وزير الأمن القومي إيتمار #بن_غفير في حادث مروري




.. مولدوفا: عين بوتين علينا بعد أوكرانيا. فهل تفتح روسيا جبهة أ