الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أيام عمانية - قلب الحدث - جمالية عراقية في وجه الموت

أحميدة عياشي

2010 / 4 / 13
الادب والفن


أيام عمانية – الحلقة الثانية
قلب الحدث – جمالية عراقية في وجه الموت
أحميدة عياشي
مدير عام صحيفة الجزائرنيوز
في قلب الخراب والدمار، وفي سراديب متاهات الموت اليومي والمرعب ثمة أيضا جمال، وهو الجمال الذي يجعل من تلك الحياة المحاصرة بالسيارات المفخخة، وبالتفجيرات الرعناء شيئا ما، هو أشبه بالتحدي، تحدي الموت المجاني؟! بل هو أشبه بالتوليد القسري للحياة من رحم الموت••
عندما تدخل إلى صالة العرض، تواجهك الأضواء وتدعوك الأصوات، أصوات القادمين من لحظة الحياة إلى لحظة ما وراء الحياة•• تلك الوجوه تتجه هكذا إلى حتف بليغ يتواشج مع حالة إصرار على العيش، نحن هنا في شارع عراقي، أبواق السيارات المولولة والناعقة كذاك اليوم الذي يتحول صوته المفزع إلى ألفة، ولم لا؟! ما دام الموت تحول في العراق المجنونة إلى ألفة إلى ممارسة يومية، وأحيانا روتينية للحياة•• من هؤلاء القتلة؟! من أين جاءوا؟! من أين انبعثوا؟! إلى أي اتجاه هم مصرون على المضي بعراق كان ذات يوم للجواهري والسياب؟! هل احتل الرصاص مكان الشعر؟! أين المتنبي؟! أين روائح بغداد المتراوحة بين لعبة الجد والهزل؟! أين عبق الجاحظ وشذى بياض ومداد الوراقين؟! هل اختفى كل شيء، لنجد أنفسنا هنا، في هذه الصالة أمام حالة موت منتفض وحياة صاخبة تشكل الملامح الرئيسية لـ قلب الحدث ؟! يقترح علينا المؤلف والمخرج في نفس الوقت لـ قلب الحدث مهند هادي تراجيديا من طراز جديد، تراجيديا على حافة الملهاة المرة والذي يتحول في أحضانها زمن الموت وزمن الحياة، زمنا واحدا، لا يجمعهما سوى ذلك الوجه المجرد من الملامح ومن كل ما يثير فيك الإطمئنان واليقين الزائفين•• هنا في العرض لا يقين•• هناك فقط قدر ساخر، قدر أعمى، قدر اسمه المصادفة، تتحول المصادفة إلى خيط يشد كل هذه المخلوقات لتخرج من بيوتها وقد لا تعود•• يكون قدرا مختفيا في أحشاء سيارة مفخخة تنتظر، ثم يضرب بقوة•• تضرب الصدفة نفسها•• وتتحول النظرة، القلق، الإبتسامة القلقة، التذمر من حياة الكلاب الملاحقة من الـ قاعــ واعد دة سواء كانت عراقية أو عربية أو أمريكية إلى أشلاء مبعثرة في شارع، أو سوق أو في مسجد•••
مهند هادي لم يأخذ بيدنا إلى حيث التراجيدية العراقية التي ملأت أسماع دنيا هذا الزمن الأمريكي البغيض وأسماع دنيا هذا الزمن العربي الكئيب والرديء في الوقت ذاته، بل جاء بكل هذه التراجيديا المشوشة بكل نبضها العراقي الصارخ والصاخب لكن ضمن جمالية جارحة، جمالية قامت على تعرية كل ذلك الجسد المغشوش والمضل من أدرانه•• جمالية•• اتكأت على رؤية إخراجية تحولت فيها الأبواب المشعة إلى أبواب للجنة البائسة وللجحيم القائم وللفرجة الممكنة، من الذي بإمكانه تخليصنا من حالة الجحيم المعمم؟! هو هذه الفرجة التي قادتنا إلى أنفسنا المنكمشة، السلبية المتفرجة، على مأساتها، فرجة غير منحدرة، بل مولدة للغضب بعيدا عن البكائية المستهلكة، وبعيدا عن الإستسلام،•• وفي الوقت ذاته كم كانت قريبة من حالة تحريض القلب، وتحريض الوجدان، وتحريض المخيال على إقامة يوتوبيا على أنقاض سلطة التفاهات والموت في سبيل يوم دائم وجميل•••
إن مسرحية قلب الحدث التي أمتعتنا بها أيام عمان للمسرح أدخلت على قلوبنا وذلك أضعف الإيمان فرحا وبهجة مصدرهما تلك الجمالية البليغة التي انتصر فيها الفن على السياسة والحياة على الموت، والعراق الخلاق على قوة التتار الجديد والمتعدد••• وهذه الجمالية كان أعمدتها الأداءات المبهرة لكل من ألاء نجم وسمر قحطان وفلاح ابراهيم••
يكتبها: احميدة عياشي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟