الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف تكون كورديا وأنت من قبائل العرب ؟!

يوسف ابو الفوز

2004 / 7 / 26
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


بعد غياب ، لاكثر من عشرة أيام ، بعيدا عن محل اقامتي ، في رحلة في بعض دول شمال أوربا ، زرت فيها العديد من الأصدقاء الأحبة تلبية لدعواتهم الطيبة ، عدت لاجد ان صندوق بريدي مزدحم بأشياء عديدة ، ومن بين كل ذلك كان ثمة رسالة كتبت بعض سطورها بلغة أليفة الى القلب وحبيبة ، إلا وهي اللغة الكوردية ، فاحتلت كل اهتمامي . لم تفاجئني الرسالة ، فقد أخبرتني الأخت العزيزة الكاتبة كوردة أمين عنها قبل مقدمها ، وتحدثنا عن فحواها وأنا في ضيافة صديقي القاضي العادل الكاتب زهير كاظم عبود ، حيث بادرت نقابة الصحفيين في كوردستان العراق ومنحت العديد من الكتاب العراقيين من القومية العربية ، ممن عرفوا بمواقفهم الثابتة والمؤيدة لنضال الشعب الكوردي ، من اجل حقوقه في الحرية والفيدرالية ، منحهتم عضوية هذه النقابة المناضلة مرفقة ذلك برسالة حملت اجمل المشاعر والتقيم الصادق لابداعهم ومواقفهم ونضالهم.عن هذا سبقني الأستاذ زهير كاظم عبود وسجل اعتزازه بالتكريم الذي تفضلت به نقابة الصحفيين في كوردستان العراق . هنا أحاول أيضا تسجيل بعض ما يدور بخاطري وأنا اعيد قراءة رسالة التكريم .
المفارقة اني وخلال ممارستي للعمل الإعلامي ، طيلة اكثر من ثلاثين عاما ، لم انتم لاي من المؤسسات العراقية التي عملت تحت أشراف أجهزة النظام الديكتاتوري المقبور ، هذه المنظمات التي حولها نظام عفالقة البعث الى ادوات قمع وعسف لقي مثقفي العراق من إداراتها المفروضة عليهم الويل وفنون الإرهاب ، وأيضا ورغم انتمائي لاكثر من مؤسسة ثقافية عراقية معارضة للنظام الديكتاتوري المقبور، فاني طيلة كل هذه السنين لم احمل اي هوية وبطاقة او ما شابه من اي من هذه المنظمات العراقية ، الهوية الوحيدة التي احملها وتشير لي كإعلامي وكاتب ، هي بطاقة جمعية نادي القلم الفنلندي ، وهوية العمل الصحفي الممنوحة من وزارة الخارجية الفنلندية للصحفيين الأجانب المسجلين والمقيمين في فنلندا ، وهكذا ، فأن عضوية وبطاقة نقابة صحفي كوردستان ستكون بالنسبة لي أول بطاقة صحفية احملها من وطني العراق ، الذي قدمت له حياتي وزهرة شبابي وكرست قلمي للكتابة عن قضاياه من اجل غده المشرق ، الغد الديمقراطي الفيدرالي ، منذ ان تعلمت مبادئ العمل الصحفي على صفحات طريق الشعب العراقية ، وهكذا فأن لي ان افرح كل الفرح بهذا التكريم الذي شملني وشمل اخوة أحبة ، وان استفيض في الكتابة عنه .
في اكثر من مكان وزمان تحدثت من كون ارتباطي بالشعب الكوردي ، وقضيته ونضاله العادل ، لا يأت انطلاقا من موقف أيدلوجي أو من انتماء حزبي ، وان قاد هذا الى الأيمان وبقوة بحق الشعوب بحق تقرير مصيرها ، ولكن حبي للشعب الكوردي وايماني بحقوقه المشروعه وتعلقي بثقافته وارتباطي به يتجاوز هذا كثيرا . في السنوات الطويلة التي قضيتها في صفوف أنصار الحزب الشيوعي العراقي ، تلك السنوات القاسية والمريرة ، والتي توهجت فيها زهرة عمر الأنصار بين صخور جبال ووديان كوردستان ، وقدموا فيها شهداء من خيرة أبناء العراق ، كثيرا ما يجد الأنصار انفسهم في مواجهة وحدات من قوات المرتزقة التي أطلق عليها الشعب الكوردي تسمية " الجحوش " احتقارا لهم ، فهي وحدات عسكرية شكلها النظام الديكتاتوري تحت اسم " الفرسان " ومن مرتزقة خانوا شعبهم الكوردي وتنكروا لأبناء جلدتهم ووطنهم وارتضوا العمل تحت توجيه اجهزة النظام وساهموا في ارتكاب ابشع الجرائم ضد ابناء شعبهم ، وكنا نحن الأنصار ، وخصوصا القادمين من مدن العراق الجنوبية ، لا ننظر الى الامر كوننا مناضلين عرب أو اشوريين أو تركمان يقفون في مواجهة مرتزقة خونة من القومية الكوردية ، كان يسودنا شعور اننا نقاتل من اجل شعبنا وللدفاع عن ارضنا وأمهاتنا وأخواتنا ، ونحمي أعراضهم وقراهم ضد قوات السلطة الشوفينية الفاشية ، وضد خونة ومرتزقة مهما كان لونهم وجلدتهم ولسانهم ، وكم من شهيد بطل قدم حياته مدفوعا تحت هذا الشعور ، كنا نقاتل بثقة لاننا ندافع عن شعبنا. أريد القول هنا ، ان الشعب الكوردي هو شعبي ، رغم كوني قادم من مدينة جنوبية ومن عائلة عربية معروفة جذورها القبلية ، لاني لم انظر يوما الى انحداري من عائلة عربية كعائق امامي في بناء مواقفي السياسية والاجتماعية ، لذا فأني كثيرا ما كنت اثير التساؤلات حين اصرح في بعض المناسبات وفي ظروف معينة بأني كوردي . قبل عدة سنين ، وقبل سقوط النظام البعثفاشي المقبور ، وفي اجتماع لتأسيس المركز الثقافي الكوردي في فنلندا ، هذا المشروع الذي قدم الفنان سالار صوفي له الكثير من جهده ووقته ، شاركت في التحضير له بحماس ، وعند الدعوة لانتخاب مجلس إدارة للمركز أراد بعض الاخوة ترشيحي للانتخابات واعتذرت لاكثر من سبب ، وحين مزح أحد الحاضرين وقال " الترشيح يكون للأكراد فقط " شعرت بالغضب الشديد ولم استطع السكوت ، وعنفت الأخ الذي كرر انه كان يمزح في تعليقه . اذكر قولي له بأني كوردي اكثر من أكراد غدروا بشعبهم وتاجروا باسمه وقضيته ، فالكوردية عندي تكتسب ليس بالولادة وبنطق اللغة بصورة سليمه ، الكوردية عندي هي الانتماء للشعب الكوردي وقضيته العادلة والتضحية من اجله ، وأنا كورديتي نلتها بهذا ، بسنيّ زهرة شبابي التي توهجت عند صخور جبال كوردسان ، وبكتاباتي الدائمة التي تقف إلى جانب الشعب الكوردي وتناصر نضاله من اجل حقوقه المشروعة . حين اتصفح بطاقتي والمنجز من الاصدارات اجد ان اول مجموعة قصصية لي ( عراقيون ) ، كتبت وصدرت في ارض كوردستان عام 1985 ، والإصدار الأخير ( تضاريس الأيام في دفاتر نصير ) كتب في كوردستان 1988 ، وصدر عام 2002 عن دار المدى في دمشق ، واجد تحت يدي كتابين جاهزين للطبع وهما ايضا بتماس مع الشعب الكردي ، حياته وثقافته ونضالاته . وبهذا ، واذ يكرمني الاخوة في نقابة صحفيي كردستان العراق هذا يجعلني اشعر بأني دخلت بيتي الصحيح ، مكاني المناسب لمواصلة العمل والنضال من اجل صباحات اجمل لاطفال كوردستان .
وبعد ، ربما سياتي من يقرا سطوري وليقول ها هو كاتب عربي يبدو ملكيا اكثر من الملك ، فليكن ، ولاغيضه فأني ساقول له ، من بين كل نساء العالم لم اختر سوى امرأة كوردية ، كانت شاهدا على مجزرة حلبجة ، لتكون حبيبة قلبي وشريكة حياتي ، ومعها تدمع عيني للأخبار الحزينة من كوردستان ، ويقز قلبي طربا وندبك معا حين يفرح اهلنا في كوردستان ، ولم تقبل بي بنت كوردستان لو لم تجدني كورديا مثلها ، وان كنت من قبائل العرب !

سماوة القطب
25 تموز 2004








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من المفاوض المصري المتهم بتخريب المفاوضات بين حماس وإسرائيل؟


.. غزة: ما الجديد في خطاب بايدن؟ وكيف رد نتنياهو؟




.. روسيا تستهدف مواقع لتخزين الذخيرة والسلاح منشآت الطاقة بأوكر


.. وليام بيرنز يواجه أصعب مهمة دبلوماسية في تاريخه على خلفية ال




.. ردود الفعل على المستويات الإسرائيلية المختلفة عقب خطاب بايدن