الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وماذا بعد الحكومة؟

صالح مجيد

2010 / 4 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


يبدو التغيير السياسي في بلد منكوب أمنيا وسياسيا كالعراق ضرورة ملحّة، حتى لو تأسس هذا التغيير على أرضية ربما تكون غير قانونية لقائمة دولة القانون. فعهد نوري المالكي شهد أمواجا من العنف الذي أغرق البلاد، وآخره حادثان، أحدهما أغرب من الآخر: الأول مقتل 25 شخصا من عائلات، كانت تواجه تنظيم القاعدة، على أيدي عسكريين يرتدون بزات أميركية، والثاني سلسلة انفجارات بالقرب من سفارات مصر وسورية وألمانيا في أشد المناطق أمنا داخل بغداد.

كما شهدت ولاية المالكي طاعونا من الفساد الإداري المستشري في وزارات الدولة، وتأثيرا إقليميا في مجريات الأحداث العراقية، ونزوح وهجرة الملايين داخل العراق وخارجه، واستهدافا مبرمجا للأقليات، وانتقاء دمويا لأصحاب الكفاءات، وانقساما طائفيا وقوميا، وإن عنون المالكي خطابه السياسي بعناوين الحرية والديمقراطية والمساواة أمام القانون حاله حال جميع القادة السياسيين.

أصبح واضحا أن الإرادة الخارجية تتبنى دعم القائمة العراقية، أيا كانت تحالفاتها. كما تجتهد لوضع إياد علاوي على رأس السلطة.. فجميع المؤشرات التي سبقت وتلت انتخابات مارس/آذار 2010 في العراق، تدل على الدفع في اتجاه تحويل القوة العنفية في المنطقة السنية إلى قوة رسمية قانونية، حتى، ولو كانت لا تمثل السنة، بل مفروضة عليها، وأن توازي هذه القوة مثيلتيها الشيعية والكردية في التأثير على مجريات الإدارة العراقية. فمن إعادة المستبعدين من الترشيح قبل الانتخابات، إلى رفض التدقيق اليدوي لأصوات الناخبين بعد الانتخابات، إلى تفسير الدستور بالكيف الذي يؤهل القائمة العراقية لتشكيل الحكومة، كل ذلك السيناريو بدا وكأن الضغط الأميركي والإقليمي يُحاول أن يُفصِّل الحكومة على مقاس «العراقية».

لكن الأهم من ذلك كله هو: ما الذي ينتظر العراق بعد تشكيل الحكومة الجديدة؟ وهل سيتوقف العنف، أو تخفّ، على الأقل، حدّته في السنوات الأربع المقبلة؟

خارجياً يتوقف المستقبل العراقي على أحد اتجاهين أساسيين في الخطة الرباعية التي تفرضها مصالح واشنطن الاستراتيجية والدول المتحالفة معها:

الاتجاه الأول، هو دعم العراق سياسيا وأمنيا واقتصاديا، ووقف التدخل الإقليمي (الإيراني - السوري)، وإقامة المصالحة الوطنية، ولكن بطريقة عكسية هذه المرة (أي مصالحة مقدمة من القوة الحكومية المتهمة بالبعثية للقوى الممثلة للشيعة). وهذا الاتجاه يقود إلى ضرورة الدعم الاقتصادي من خلال إخراج العراق من البند السابع، وإطلاق أمواله النفطية في صندوق النقد الدولي. والمقابل الذي تحصل عليه الولايات المتحدة، هو ضمان حكومة عراقية موالية، والتفرغ والاستعداد لمواجهة طهران سياسيا أو عسكريا.

أما الاتجاه الثاني، فهو دعم للحكومة العراقية الجديدة لإضعاف النفوذ الإيراني في العراق، دون تحقيق تقدم إيجابي على الصعيد الأمني. وفي المقابل تستفيد الولايات المتحدة من هذا الاتجاه في التخلص من الأطراف مزدوجة الموالاة (أميركية - إيرانية)، وإدارة أموال العراق النفطية للأربع سنوات المقبلة مع مراقبة تطورات الملف النووي الإيراني ووضعه تحت السيطرة.

داخلياً، في حال تبني الولايات المتحدة للاتجاه الثاني، فإن ذلك يعني دخول العراق في مواجهة بين الحكومة الجديدة المستندة إلى قاعدة بعثية - سنية، وبين القوى الشيعية. وسيتجلى ذلك عندما تحاول هذه الحكومة إزالة العناوين والمضامين الشيعية التي خلفتها حكومة المالكي؛ حيث ستوفر الغطاء القانوني لإلغاء قرار اجتثاث البعث، وإعادة القياديين البعثيين إلى سدة الحكم، ثم محاولة استبعاد القادة الشيعة من المناصب الحكومية والإدارية الحساسة، فيما سيحافظ إقليم كردستان على وضعه الاستثنائي بسبب صلابة القبضة الكردية الأمنية على الإقليم وإدارته السياسية التي تتمتع بدعم دولي.

وستتسع دائرة المواجهة بين الحكومة المقبلة بأجهزتها العسكرية والقوى الشيعية بميليشياتها ودعمها الإيراني لتمتد إلى العنف اليومي في مناطق الشيعة، التي شهدت أمناً نسبياً في الأعوام المنصرمة، الأمر الذي قد ينذر بالعودة إلى المربع الأمني لعام 2005 والمواجهة بين الميليشيات المسلحة، وبالتالي الانزلاق في هاوية الحرب الأهلية.

وسعيا لمنع هذه التداعيات ولإنجاح ولايته، سيحاول إياد علاوي تبني نهج توفيقي يضمن له ولاء مؤيديه، وفي الوقت ذاته تقديم المبادرات التي تكفل له إقناع الأطراف السياسية المعارضة بضرورة تقاسم السلطة، بدلا من المواجهة بما يضمن تخفيف الخسائر المتوقعة.

أمّا تخلّي علاوي عن اتفاقاته الضمنية مع حلفائه في الداخل السني، فسيعني استمرار العنف في مناطقهم، على رغم أنه عرف بجرأته في المواجهة إبان عهده رئيسا لوزراء الحكومة الانتقالية، عندما واجه الفلوجة بقوة مع الجيش الأميركي وفي المناطق الأخرى التي نشطت فيها فصائل البعث بأسماء إسلامية.. ففي إحدى حارات مدينة الموصل وقف أحد ضباطه العسكريين مع دوريته، وصرخ موجها حديثه إلى أهالي المنطقة المشتبه فيها قائلاً: إذا كنتم أنتم جيش محمد، فنحن جيش علاوي!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل حسن نصر الله.. هل تخلت إيران عن حزب الله؟


.. دوي انفجار بعد سقوط صاروخ على نهاريا في الجليل الغربي




.. تصاعد الدخان بعد الغارة الإسرائيلية الجديدة على الضاحية الجن


.. اعتراض مسيرة أطلقت من جنوب لبنان فوق سماء مستوطنة نهاريا




.. مقابلة خاصة مع رئيس التيار الشيعي الحر الشيخ محمد الحاج حسن