الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
حتى لا يتحول العراق الى لبنان آخر
شاكر الناصري
2010 / 4 / 14اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
في الوقت الذي أعلن فيه مسؤول أمني رفيع المستوى في كركوك عن مقتل أثنين من الارهابيين السعوديين في منطقة وادي الخناجر جنوب مدينة كركوك ، كانوا يعدون العدة والأحزمة الناسفة من أجل تنفيذ عمليات أرهابية ضد المدنيين العراقيين ، فإن وفود الساسة وقادة الكتل والأحزاب العراقية بدأت بالتوافد على العاصمة السعودية ولقاء ملكها وكبار مسؤوليها فيما تقلد كل من جلال الطالباني ومسعود البارزاني ، قلادة الملك عبد العزيز آل سعود التي تمنح في العادة لرؤساء الدول ..
يبدو أن ما يتم السعي اليه هو أن يتحول العراق الى لبنان ثانية وأن يتم تغييب الإرادة السياسية لهذا البلد وتحويلها الى عواصم ودول أخرى يكون لها الدور والتأثير الأكبر في صنع قراره السياسي ورسم أوضاعه السياسية بما يتناسب مع مصالح هذه الدول ولعل ايران والسعودية الأكثر بروزا في هذا المسار والدول الأكثر تدخلا في الملف السياسي في العراق أضافة الى تدخلات تركيا وسوريا وكل دول الجوار الأخرى التي وجدت في أحتلال العراق وأختلال الستراتيجية الأمريكية فرصة مناسبة للتدخل وتصفية حساباتها سواء مع العراقيين أنفسهم أم مع بعضها البعض فمنذ سقوط النظام البعثي والدول المجاورة للعراق تمارس التدخل بطرق مختلفة ، مرة بذريعة الدفاع عن حقوق قومية ما وأخرى بذريعة الدفاع عن حقوق طائفة ما او من اجل اعادة حزب خسر السلطة الى الحكم مرة اخرى .
لعل الخلافات السعودية الايرانية التي تنبع أصلا من خلافات عقائدية وطائفية محضة تكون العامل الأساسي الذي يدفع هاتين الدولتين للتدخل في الشأن العراقي فكل واحدة منهما تسعى لمنع نفوذ الأخرى ، بالسياسة أو بإيجاد الشركاء الداخليين أو بدعم الأهارب والجماعات المسلحة أو ارسال قوى مسلحة تحت مسميات مختلفة ( فيلق القدس على سبيل المثال) الى داخل العراق لتمارس حضورها السياسي والأمني ولتفرض واقعا سياسيا وأمنيا لايخدم الوضع في العراق ولا يعزز من أستقلالية قراره السياسي وتساهم ايضا في تصعيد حدة الخلافات السياسية بين القوى الموجودة في العراق ، فيما تعمل السعودية وعبر مؤسسات دينية وتيارات أصولية متطرفة على دعم الجماعت المسلحة من جماعات الجهاد الأصولي بدعوى مقاومة الأحتلال الأمريكي ودعم الطائفة السنية في مواجهة النفوذ الأيراني مستفيدة من حزمة فتاوى تكفيرية وأجرامية تبيح قتل العراقيين على أسس طائفية مقيتة.
من المعروف إن لكل الدول مصالح وأهداف سياسية وستراتيجية تتعقبها وتسعى لتحقيقها وإن دول الجوار العراقي تمارس هذا الحق بدرجات متفاوتة ولكنها متفقة على التدخل في الوضع العراقي بشكل حاسم بما يمكنها من التحول الى لاعب اساسي في رسم مصيره . ومن المعروف إن بعض من هذه الدول تسعى ومنذ عقود طويلة لتصفية حسابات سياسية وجعرافية كثيرة مع العراق وتطالب بإقتطاع اراضي عراقية وضمها اليها بدعوى إنها أراضيها وإن رسم الحدود والخرائط الجغرافية قبل عقود طويلة قد أفقدهاهذه الاراضي ومنحها الى العراق ، فيما تلعب الدول الأخرى أدواراً أساسية في زعزعة الوضع الأمني لأنها تجد إن ما حدث في العراق ، اي اسقاط النظام البعثي وأعدام رئيسه السابق ، يشكل تهديدا مباشراً لحكوماتها وأنظمتها القائمة على القمع والاستبداد والتسلط الدكتاتوري .
في الوقت الذي وجد فيه الكثير من العراقيين إن الأنتخابات البرلمانية الأخيرة مناسبة لتمتين الوضع السياسي الهش والحد من الصراعات السياسية التي وضعت البلاد وأهلها في مهب الضياع والتشتت ، فإن الساسة الذين لايجيدون التحاور بشكل عقلاني فيما بينهم وجدوا فيها مناسبة لتعزيز أنقسامهم الى محاور وجبهات جديدة ، لكنها خارجية هذه المرة ، بعد أن عجزت عقولهم وقدراتهم السياسية على إيجاد حل للمعضلات الخطيرة التي تواجه البلاد بسبب خلافاتهم وصراعاتهم ومصالحهم الحزبية . فما إن أعلنت نتائج الأنتخابات حتى سارعت وفود الساسة الى طهران وقم للتبرك والاستئناس بآراء خامنئي وأجهزة مخابراته وجيشه ورموز المؤسسة الدينية هناك ولتجعله طرفا يمنح القبول والرضا لطرف ما ويمنعه عن طرف آخر . لم تهدأ رحلة الحج الى طهران حتى أنطلقت وفود أخرى الى الرياض لتطلع الملك السعودي ورموز حكمه على ما يدور في العراق من صراعات حول تشكيل الحكومة المقبلة ومواقف القوى ولتعطيه بذلك ذريعة شرعية للتدخل فيما يحدث وهو المعروف عنه دعمه لأطراف معينة مقابل أطراف أخرى لالشيء ولكن لأنها تنتمي الى طائفة لايتردد في أعلان كراهيته لها . موسم الحج والوقوف بين يدي المليك السعودي جاء بمباركة أمريكية على خلفية تشجيع الولايات المتحدة الأمريكية دولاعربية للتدخل في العراق لمواجهة النفوذ الايراني وللحد من تدخلها الكبير في العراق .
بالرغم من أن كل التصريحات التي يطلقها الساسة وزعماء القوى السياسية في العراق من أن زياراتهم الى طهران أو الرياض ودول الجوار الأخرى هو لأطلاع قادة هذه الدول وحكوماتها على مجريات الوضع السياسي في العراق وسبل تشكيل الحكومة المقبلة ولإعادة التوازن في العلاقات مع دول الجوار ، العربي خصوصا، الا أن الواقع هو على عكس ذلك تماما ، فقادة الكتل السياسية يسعون لطلب الدعم من حكومات دول الجوار من أجل تعزيز مواقفهم مقابل الاطراف الأخرى المنافسة لهم في تشكيل الحكومة المقبلة في العراق وإن مساعيهم هذه إنما تشكف عن درجات أنسداد الافاق التي يواجهونها أزاء بعضهم البعض . فثمة مخاوف كثيرة وأنعدام ثقة بدرجة تفوق الوصف تربطهم جميعا الى الحد الذي لايستطيعون فيه التحاور فيما بينهم بسهولة ويسر أو على الاقل لاقناع المواطن العراقي ، الذي ينتظر أنفراج الأوضاع السياسية لعلها تصب في صالح حياته ومعيشته ، بأنهم أهل للثقة التي منحها لهم عبر صناديق الأقتراع في الأنتخابات الأخيرة .
تواصل مساعي قادة الكتل والأحزاب السياسية في فسح المجال أمام دول أخرى للتدخل في الشأن العراقي ورهن مصيره ومستقبله السياسي وأوضاعه الداخلية وتوازنات القوى فيه بعواصم ومراكز سياسية خارجية يجعلنا نقف خشية أمام تكرار ما حدث ويحدث في لبنان ، فرغم كل ضجيج الأنتخابات ونتائجها التي افرزت توجها سياسيا معينا بأمكانه قيادة لبنان كمعطى أولي لنتائج الأنتخابات الأ أن الرحلات المكوكية والتدخلات الخارجية لايران والسعودية وسوريا قد فرض واقعا آخرا مغاير تماما لما أفرزته نتائج الأنتخابات ، فالاوضاع السياسية في هذا البلد رسمت وفقا لما تراه عواصم أخرى بعيدة كل البعد عن مركز قراره السياسي .
ما يحتاجه الساسة وهم يصافحون حكام هذه الدول ، أن يتذكروا إن الأيدي التي يصافحونها ملطخة بدماء الالاف من العراقيين الابرياء الذين تم قتلتهم المفخخات والاحزمة الجهادية الناسفة او عبوات الغدراللاصقة التي تجيد هذه الدول صناعتها وتصديرها لعلها تتمكن من حيازة الدور الاقليمي القيادي او المنافس لتطلعات دول أخرى بضمنها الولايات المتحدة الامريكية . أنها فرصة تاريخية طال إنتظارها بالنسبة لكل من أيران والسعودية ،حين يهرع اليهما الساسة العراقيين أو يفتحوا لها أبواب التدخل العلني والسافر والمشروع في الشأن العراقي ..
سقوط النظام البعثي ، أسقط محاولة النظام المذكور وزعيمه الطاغية الاسبق الذي سعى جاهدا لأن يجعل من العراقيين قطعان من العبيد وفاقدي الإرادة . حكومات الدول التي يتعامل معها الساسة وقادة الكتل السياسية العراقية ويدعونها للتدخل في شؤون العراق تتعامل مع شعوبها على أساس إنها قطعان من العبيد التي يجب ان ترضح صاغرة لرغبات الملوك والأمراء والولي الفقيه ..لاأعتقد أن ثمة عراقي مهما كان شأنه يرغب بأبدال دكتاتور بآخر ولا طاغية متفسح بآخر أو يسمح له في رسم مصير وأوضاع بلاده..
حتى لا نواصل لعبة الصمت وأنتظار ما تسفر عنه مسيرة الحج والتبرك بخامنئي والملك السعودي ، فإننا لابد وان نقول للساسة العراقيين ولقادة الكتل السياسية : إنكم تفرطون بمستقبل ومصير العراق من أجل مصالحكم وتجعلونه تحت وصاية حكومات وحكام يحلمون العمر كله في حكمه للحظة واحدة .
أيها الساسة قلناها مرارا وسنكررها : إن كانت الاقدار قد وضعتكم في صدارة الحكم والسياسة في العراق فتذكروا إن العراقيين الذين أكتوا بنار القمع والاستبداد و الحروب والارهاب والأحتلال ، يمكنهم أن يسقطوكم وأن يعرفوكم بالحجم الحقيقي الذي تستحقونه. كما فعلوا مع الكثير منكم ونتائج الأنتخابات الأخيرة كشفت عن العقاب الحقيقي الذي مارسه المواطن العراقي بحق من سرق قوته وأزهق ارواح الكثير من أهله وناسه وتاجر بالدين وبالظلم الطائفي..
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
التعليقات
1 - التاريخ قد يعيد نفسه
سعد الخير
(
2010 / 4 / 14 - 19:12
)
اخشى ما اخشاه ان يعيد التاريخ الالماني في فترة مابين الحربين نفسه على ارض العراق مما يؤدي الى ظهور دكتاتور مجنون على شاكلة هتلر فبعد هزيمة المانيا في الحرب العالنيه الاولى توارد على المانيا سياسيون ضعاف وسياسة فارغه وكثر تدخل الدول المنتصره في شؤون المانيا الداخليه وانهار الاقتصاد وانهارت العمله وكل شئ سار الى خراب كل ذلك مهد الطريق لبروز النعرات القوميه والتطرف اليميني فافرزت الانتخابات فوز الحزب النازي وظهور شخصية مثل هتلر كقائد للامه والذي لو كان قد ظهر في ظرف طبيعي لما كان اكثر من مادة للكاريكتير ولكنه الاحباط الالماني ذللك الوقت الذي رفعه ودفعه للامام وسارت الامه المقهورة خلفه فرفعها لوقت قصير ثم هوى بها الى الكارثه ..وهذا قديحدث في العراق لفشل السياسين وخواء برامجهم اخيرا ازدياد تدخل الخارج بهذا الشكل الفج ووقوف قادتنا المنتخبون امام الملك السعودي الذي بالكاد بقرأ سطرا دون خطأ يقف امامه جلال الطلباني بذلة معتذرا انه عاجز عن التعبير رغم قدرته للتحدث بالعربيه مع تاكدي ان الطلباني اقدر من الملك الامي على التحدث بالعربيه بل كتابة وقراءة ولكنها الذله فأين انت من هيهات منا الذله ..
.. الانتخابات الرئاسية الأمريكية: نهاية سباق ضيق
.. احتجاجًا على -التطبيق التعسفي لقواعد اللباس-.. طالبة تتجرد م
.. هذا ما ستفعله إيران قبل تنصيب الرئيس الأميركي القادم | #التا
.. متظاهرون بباريس يحتجون على الحرب الإسرائيلية في غزة ولبنان
.. أبرز ما جاء في الصحف الدولية بشأن التصعيد الإسرائيلي في الشر