الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تحولات برج بابل في مصر

مهدي بندق

2010 / 4 / 15
كتابات ساخرة


عاشت منظمة الاتحاد الاشتراكي عاقراً حتى بلغت من العمر عتيا ً، لكنها وقبل أن تسلم الروح أنجبت فجأةً ثلاثة منابر ذكورا ً تحولوا بقدرة " ساداتية " مطلقة إلى أحزاب ، أوسطهم ( الوطني ) ورث عن الوالدة الراحلة الكريمة السلطةَ والمال والعقار ، ودخل يمينهم ( الأحرار) ثلاجة جريدته مختاراً ، وأما يسارهم (التجمع) فحبس في داره بعد معارك سبعينية خاسرة . بعدها ُأنشئ حزب رابع ٌ (العمل) ابتلعه الأخوان فأخرجته السلطةُ من البرج مذموماً بينما أعادت إلى الحياة حزب الوفد القديم ليواجه معها الانتشار الأخوانيّ ، ولنفس السبب وافقت على حزب للناصريين معذبي الأخوان ، فيما راح الأخوان المنبعثين من الرماد كطائر الفينيق "يصطادون" الأنصار بصنارة "الإسلام هو الحل" وبطُعم خاص ماركة " طظ في مصر".
كان الحزب الوطني – في بدايته - تحالفاً طبقياً بين البيروقراط والرأسمالية المحلية وكبار الملاك الزراعيين. وبعد انفتاح "حررني ودمرني" انضم إليه وكلاءُ الرأسمالية العالمية " الدراكولية " الناعمة ، فنازعه الوفد التعبير عن مصالح البورجوازية المصرية بالبكاء على زغلول والنحاس وسراج الدين ، في حين أقسم التجمع اليساري أن يظل دائماً وفياً للعمال والفلاحين الفقراء حتى وإن هجروه ! أما الأخوان ُ البرجماتيون الشطار فأسرعوا باحتضان البورجوازيةَ التجاريةَ والمهنيين وصغار الموظفين عاقدين معهم زواجا ً كاثوليكيا ً لا طلاق بعده .لكن ذلك كله لم يمنع الدراكوليين من " مص " دماء الجميع . هنا هبط البرادعي على البرج "مخلـّصاً " فقال الأخوان "لا فأنت علمانيّ عدو" وغمغم الوفديون "المعادي للوفد معادٍ للبرالية" وحوقل التجمع " كيف نؤيدك وأنت معترف بالأخوان الذين هم أعداء للطبقة العاملة ؟! " واستنكر الناصريون "جئتَ أمريكياً لتطرد العمال والفلاحين من مجلسي الشعب والشورى!" أما الأقباط فأعلنوا استعدادهم لدعمه لا حبا ً له ولكن بغضا ً للوطني المتدثر بسلفية المادة الثانية من الدستور، بينما تقلص أنصاره مصدومين بتخاذله عن الانضمام لمضربي يوم 6 إبريل والمطالبين بتعديل الدستور.
كان حزب التجمع قد أقال أبا العز الحريري نائب رئيسه لاعتراضه على "ديكتاتورية" رئيسه رفعت فاستقال عبد الرحيم علي احتجاجاً على "ديمقراطية" نفس الرئيس رفعت ، تلك التي سمحت بالحوار مع الأخوان الفاشست. أما البيت الوفدي فتزلزل (خارجياً) بصفقته السرية مع الحزب الحاكم قصد تحجيم الأخوان الذين تزلزلوا (داخلياً) بتناحر الاتجاهين الرئيسين فيه : القطبيين والإصلاحيين . وثمة فتق لا ريب فيه قادم للوطني سيشطره حزبين: الأول لرجال الأعمال وأتباعهم بزعامة جمال ، والثاني للحرس القديم الذين أدركوا خطورة التصاقهم بالمليارديرات الجدد المكروهين من الشعب ، بيد أن مشكلة الحرس القديم أنهم ما زالوا أوفياء لثورة يوليو التي لا تعترف إلا بزعيم واحد هو جمال.... وما زال البرج يتحول.
ــــــــــــــــــــ
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحولات برج بابل
عايدة فتحي ( 2010 / 4 / 15 - 09:41 )
استمتعت بوجبة افطار فكرية شهية جدا ولذيذة جدا مع الشاعر والكاتب الكبير مهدي بندق الذي يدهشنا دائما بتحولاته هو نفسه من المسرح الشعري الى القصائد الى التحليل الفكري السياسي الى هذه الكتابة الساخرة اللطيفة المعبرة عن هموم الشعب . شكرا لك يا شاعرنا ألف شكر


2 - كيف الخروج من هذا البرج اللعين
وحيد صفوت ( 2010 / 4 / 15 - 09:50 )
شاقني هذا الأسلوب البديع في عرض الموقف السياسي المصري الغير البديع
وأظن أنني فهمت مراد الكاتب الذي هو ينصر في كلمة ما فيش فايدة
فما العمل ؟ هل نراهن على الجماهير ؟ ده معناه الفوضي هل ندعو الله ليحلها بمعرفته ؟ معنى ذلك الاتكال على الغيب . كيف الخروج من هذا البرج اللعين ؟؟؟


3 - ماذا في اللوح المحفوظ للسلطة؟
محمد البدري ( 2010 / 4 / 15 - 11:37 )
هذا اجمل سيناريو قراته لما جري ويجري في السياسة المصرية منذ الثورة المجيدة !!! حتي استشرت الثورة وعمت فاصبح الفساد هو روح الوطن ونخاعه الشوكي. واعتقد ان سيناريو زلزلة البرج سيستمر باطول مما نتوقع فنموذج السودان هو ماكيت مصغر لموقع تصوير المسرحيات في الشرق الاوسط. من شاهد الانتخابات الاخيرة فليتذكر تطبيق الشريعة منذ النميري بقطع الاطراف وسمل العيون وجاء الاخير الحالي رضي الله عنه -المطلوب ضبطه واحضاره للمحكمة الدولية- حيث الحكم بالجلد لمن ترتدي البنطلون من النساء وتهديده لشارب وحامل الخمر وهو ممسكا بعصا موسي المارشالية. لحظة الاورجازم لهذا البرج البابلي السوداني شاهدناها والقس المسيحي كارتر يقف في شوارع الخرطوم اثناء الانتخابات ليراقب سير ومدي الامانة التي يمكن للحكم الاسلامي ان يمارسها. فالسلطة والبقاء فيها اهم من الشريعة وولاية ورقابة الغير مسلم علي المسلم. فلو تمكنا من التلصص علي اللوح المحفوظ للنظم عربية أو اسلامية فربما نجدهم وقد كتبوا في فاتحة كتابهم طظ في كل شئ طالما هذا يبقينا في السلطة. وهذا هو مانفستوا الحرس القديم الذي اعتقد انه سيبقي.


4 - يرج بابل
سامح سامي - صحفي ( 2010 / 4 / 15 - 13:18 )
تحليل رائع يا أستاذ مهدي


5 - يرج بابل
عبد المجيد أحمد علي ( 2010 / 4 / 15 - 13:30 )
لا أفهم لماذا حجب الموقع تعليقي فأنا لم أشتم الكاتب فهو زميل قديم عزيز ولكن من حقي معارضته وكل ما قلته أن الاتحاد الاشتراكي العربي الذي يلومه الاستاذ مهدي لم يكن شرا خالصا بل كان جبهة وطنية لتحالف العمال والفلاحين والرأسمالية الوطنية فجاء الرئيس السادات ليفككه ليرضي أمريكا والرأسمالية العالمية ( يصفها مهدي بندق بالدراكولية نفسه بدراكولا مصاص الدماء ) فهل رأيي هذا يخالف قواعد النشر ؟ وعموما أنا أعتذر عما جاء بتعليقي الأول من بعض الحدة . أرجو نشر هذا التعليق الهادئ في أسلوبه والغاضب في مضمونه من تحولات العزيز مهدي


6 - دعاء مستجاب
محمد البدري ( 2010 / 4 / 15 - 16:06 )
لم يفك السادات الاتحاد الاشتراكي وقوي الشعب العامل كما في الاستاذ المعلق عبد المجيد أحمد علي، انما البقاء في السلطة سمعا وطاعة لاولي الامر اهم من الشعب ومن عملية القص واللزق في اتحاد اشتراكي او حزب قومي. الم يقبل عبد الناصر مبادرة روجرز بعد ان اكتشف ان بقاؤه يحارب سيؤدي الي هزيمة اخري، تضاف الي هزائمه القديمة مما يفقده هيبته في الحكم. النظام نفسه قام بعد ذلك بعمل عجين الفلاحة ونومة العازب للبقاء في السلطة طوال عصر السادات وما بعده. الان يمارس النظام الفساد ويروج للاسلام في نفس الوقت ويخضع لشروط من يطلق عليه مشايخه الاسلاميين في المساجد الكفار والصليبيين وابناء القردة والخنازير. ... اللهم جنبنا كل ما يروج له النظام سياسيا او في المساجد.


7 - كلنا في برج بابل
نوال السيد ( 2010 / 4 / 16 - 16:22 )
أجمل ما في المقال تركيز الكاتب على حالة السيولة التي تلفنا جميعا في هذه الفترة الخطيرة. لا أحد يعرف بالضبط من هو المخطئ ومن هو المصيب . لكنني من متابعتي لما يكتبه الشاعر مهدي بندق أكاد أجزم بأنه يريد لكل منا أن يبتكر وعيه الخاص . أمر شاق جدا بالطبع ولكن لا بديل عنه.شكرا للأستاذ مهدي ألف شكر

اخر الافلام

.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى


.. الفنانة ميار الببلاوي تنهار خلال بث مباشر بعد اتهامات داعية




.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا