الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مطلعين الطوبية

يوسف المساتي

2010 / 4 / 15
كتابات ساخرة


للطوبية معان عدة في لغتنا الدارجة، لكن أشهرها اثنان، الأول يعني نوعا من الآجر يستعمل في البناء، أما الثاني فهو يعني السخرية و الاستهزاء. يبدو إذن أن البون شاسع بين المعنيين، غير أن الدولة المغربية استطاعت بقدرة قادر أن تجمع بينهما في تدبيرها لقضايا عدة في بلادنا ، وعلى رأسها قضية السكن.
نعلم جميعا أنه خلال ثمانينيات القرن الماضي توالت سنوات الجفاف على المغرب الأمر الذي سيدفع بالفلاحين إلى هجرة قراهم والاتجاه صوب المدن، لتتسع بذلك مدن الصفيح، وتتسرطن أحزمة البؤس، والتي استغلتها الدولة آنذاك في حربها ضد المعارضة –التي كان في طليعتها اليسار-، ولم تدرك الدولة إلا مؤخرا خطورة مظاهر الانحراف الاجتماعي التي تنجبها هذه الأحزمة، ومدى تهديدها للتوازنات السوسيو-اقتصادية، لتطلق بذلك مبادرات ومشاريع عدة كان موضوعها السكن اللائق أو الاجتماعي، وهنا تبدأ قصة الطوبية بمعناها الأول.
في هذه الفترة سيصبح السكن اللائق شعار من لا شعار له، ووسيلة لتحقيق الغنى السريع بفضل الامتيازات التي منحتها الدولة للمنهشيـن – من النهش أو الهـيش كما شئتم- العقاريين، الذين حيثما وجدوا بقعة أرض إلا وتسابقوا ليضعوا فوقها الطوبية، واختلطت الأراضي الفلاحية بأراضي التعمير، بأراضي الدولة وأراضي المهاجرين، الكل أصبح صالحا للطوبية، ودخلت مافيات المخدرات على الخط للتمويه عن أنشطتها الحقيقية،وغسل أموالها القذرة باسم السكن الاجتماعي، وهنا ستبدأ قصة الطوبية بمعناها الثاني.
مكمن الطوبية في هذا الأمر أن الدولة حينما رفعت شعار السكن اللائق أو الاجتماعي، كان موجها للطبقة الفقيرة والوسطى للاستفادة منه –بحسب ما قيل لنا و الله أعلم- غير أنه ولعوامل عدة ارتفعت أسعار العقار بشكل خيالي، بحيث لم يبق له من الاجتماعي سوى الاسم، و مقابل هذا الارتفاع في الأسعار تقلصت مساحات المساكن، حتى لم يبق لها من اللائق أيضا سوى الاسم.
هكذا أصبحت مائتا ألف درهم –في أحسن الأحوال- لا تكفي لقفص عفوا أقصد شقة ترفض القردة أن تسكنها،في حين يقوم المواطن المغربي بدفع أكثر من ألف و مائتا درهم شهريا و على مدار عدة سنوات لتسديد ثمن الإقامة فيها، علما أن هذه الألف ومائتا درهم قد تساوي أكثر من ثلث راتبه الشهري، ويبقى مرتهنا للقروض إلا أن ينعم عليه عزرائيل بقبض روحه، ويقودها إلى قبر أوسع من شقته التي توفي وقرضها لازال في عنقه.
و يحضرني هنا ما سبق أن حدث لوزير السكن احجيرة في مدينة فاس عندما ذهب لتدشين احد الأحياء الجديدة، وفوجيء بمهاجمة السكان له وضربه بالحجارة –أو الطوبية حتى نبقى في صلب موضوعنا- و لكن يبدو أن حجارة سكان فاس لم توقظ احجيرة الإسكان من غفوته، و لم تزل أسعار المنازل ترتفع و مساحاتها تتقلص، و لازال المواطن يتأوه.
أخيرا نقول للدولة و للمنهشين العقاريين:" ابنيوا الطوبية بصاح، و باركة ما اتطلعوا علينا الطوبية، وإلا انبداو انسكنوا في الخيام".
ملحوظة: حتى لا يغضب منا ... و حتى لا نتهم ب.. و ب...، نقول أن العقار بخير و العام زين، راه غير كنا كنطلعوا الطوبية و صافي.
و كل طوبية وأنتم بخير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة والدة الفنان كريم عبد العزيز وتشييع الجنازة الخميس


.. مغني الراب الأمريكي ماكليمور يساند غزة بأغنية -قاعة هند-




.. مونيا بن فغول: لماذا تراجعت الممثلة الجزائرية عن دفاعها عن ت


.. عاجل.. وفاة والدة الفنان كريم عبد العزيز وتشييع الجنازة غداً




.. سكرين شوت | إنتاج العربية| الذكاء الاصطناعي يهدد التراث المو