الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصيرورة المتعاقبة لمرايا التاريخ

نصيف الناصري

2010 / 4 / 16
الادب والفن



الى شذى أحمد


كل لحظة ، في الظلمة ذاتها ، ينعدم الوزن لمحنة الانسان في الهاوية
كما في التهدمات الطويلة للزمن ، وأوراق الموت الخضر
تغفو بعذوبة فوق رموشنا المخرَّبة . تحطمنا الظلمة ، ويحطمنا
الأمل ، والموسيقى تصدح وسط أشجار البيت الذي سنتركه
للذين أجاعوا الفراشات في لحظة ولادتنا لهم . لا أحد يحصي
ضغائن موتانا بين القبور على شواطىء العالم ، وخرافنا تهاجمها بين
الحقول ، الجراثيم في النسيم العنيف للصيف . يضاعف الأريج
المدوّخ لفضاء ضجرنا على هذه الأرض الشائخة ، سهرنا ويديم
التغضنات اللاتغتفر في نشيجنا الملتوي على الكهوف المنيعة
للهاوية . محموماً أتحسسُ الانفجار العظيم للمادة ، والتحمُ بالانسان
يحررني موته من موتي ، وأحررهُ من التجمدات المتراصة ، ونغوص معاً
في الأعماق المدوّية للبروق الطائرة في ليل القرون . ما مِن انخطافة
في تدرج القناديل صوب الاتجاهات المتعددة لظلمة اللامكان ، وسطوع
لحظة موتنا ينزلقُ على الغيوم العطشى لنومنا الأبدي في الصيرورة
المتعاقبة لمرايا التاريخ . يفتت الموت زمن الانسان ويبعثرهُ ذرات ذرات
وكل شرارة يقظة ، تضمّد البراكين وتوسعُ الأرض للذين أبحروا في
المستنقعات اللانهائية للفناء . هل يعيد الحبّ أولئك الذين ماتوا وتحللوا
في تنفسات مشبعة بالنور وبالمياه ؟ متى يتحول السعي الواهن للانسان
في الوصول الى السنبلة المتأججة لحيرته ، الى رقاد حيٍّ بين الزنابق
وبين الينبوع ؟ انسان اللحظة الهاربة . الانسان الميت . عريه بين
الأشجار المتنامية لعدمه في اللحظة المتشبثة بذاتها ، وردة التحلل
الممتلئة فزعاً في ظلمة العالم الساهرة على الحجارة الواهنة ،
والصيرورة محمولة في النيران المنحرفة للنبيذ على تنهداتنا الجائعة الى
أضواء المذنبات . نتعرى دائماً في رياح المتاهة مطوقين إلاّ من لحظة
موتنا ، وذرات تحللاتنا تمهد في كل آنٍ النهر للحريق ، وتقايض اللحظة
باللحظة . لا رصائع في ايماناتنا التي تثقلها العناقيد ، ولا الزمن يحفزنا
على تدنيس الضباب المعرّش فوق أقراص عسل أصيافنا المتلألئة .
لعناق لحظة في شعلة الأبدية ، يتوجب علينا التخلي عن قرابيننا التي
تفوح منها رائحة الحصاد ، والصلاة للالوهة الموثقة في قناديل الطبيعة
وفراديسها التي لها انفجارات شديدة في سهادنا الممتلىء رطوبة .
هل يحرسُ الغفران المتوتر لآلهتنا الفتحات المتشققة لزفيرنا الذي يقذف
حجارته المحتدمة على الشواطىء والآفاق المحمومة في تعفنات الغيوم ؟
يترصدنا ضوء الغياب في الغابة الإلهية ويحكم اغلاق الأقفال على ليل
زمننا ، ونحن لا قدرة لنا على رفع أنيننا بين الطيّات الكثيفة لحمّى أمراضنا ،
واللمسات العتيقة لسهرنا في الشواطىء المتهدمة للأيام . يدخل فينا الموت
فتشرقُ الشمس السوداء في خواتيم أعمالنا ، وبين مقالع حجارة مصائرنا
واخوتنا الموتى يعبرون أبواب الهاوية وينتظرون قدومنا تحت الجذوع الرخوة للتحلل .

15 / 4 / 2010 مالمو








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - نصيف اين اذهب بخجلي
شذى احمد ( 2010 / 4 / 16 - 19:31 )
ايها الصديق الطيب
قل لحبيبتك الغالية آنّا
في زمن تهلع القلوب لهاثا وراء فوز اللوتو ... ومسابقات خرافية . في هذا الزمن هناك من تحمر وجنتاه خجلا من ثروة تحط عليه من دون علمه.. كان تكون قصيدة وهي الثروة التي لن تصرف بل ستبقى تغنيه بعد الفناء!! شكرا ياصديقي ..تحياتي لك ولنصفك الرائع واتمنى لكما السعادة .اما عني فانا خجلانـــــــــــــــــــــــــــــــــــة جدا ولا اعرف ما افعل سوى التمتع باحمرار الوجنتين وان اكون في قصيدتك


2 - تستحق
شامل عبد العزيز ( 2010 / 4 / 16 - 19:46 )
الأستاذ الفاضل تحياتي - فعلاً تستحق الدكتورة شذى هكذا هدية .. مع التقدير للجميع


3 - كرنفال الصور الضوئية
ماجد بوره ( 2010 / 4 / 18 - 11:52 )
ـ
نصيف الناصري . كرنفال القصيدة ..وجمال سحرها
ـ أنها مهابة روحك وجمال سحرها الضوئي ـ
كوبنهاكن .ماجد بورده18.4.2010 

اخر الافلام

.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت


.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر




.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي


.. شاهد: دار شوبارد تنظم حفل عشاء لنجوم مهرجان كان السينمائي




.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-