الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المَنسيُون فِي هَوجة الإنتخَابات السُودانيّة

هشام الطيب الفكي

2010 / 4 / 16
الحركة العمالية والنقابية


أمام أحد دكاكين الخرطوم، صباح امس ،وقف مجموعة من العمّال والصنّاع، يرتدون ملابس العمل، توقفوا عن العمل لبرهة؛ لتناول وجبة الإفطار، اقتربنا منهم وشاركناهم وجبة (البوش) التي أعدها أحدهم بإتقان وحرفيّة عالية، وما أن فرغنا من الإفطار، حتى بدأت عملية التعارف تأخذ بعدا آخر ‘ فكان منهم، المحامي، والمهندس الميكانيكي، والطالب الجامعي الذي ترك مقاعد الدراسة ولم يكمل تعليمه بسبب الرسوم الدراسية منخرطا في مهن الشقي واليومية حتي صار (نقاشا ) ماهرا يتسلق سلالم المهنة من عمارة الي عمارة وبناية الي اخري الابرول الذي كان يرتديه محدثنا رسمت عليه بقايا الطلاء رسوما تشكيلية بديعة واثناء دردشتنا مع العمال ملح اللارض وجدناهم على درجة من الثقافة والوعي بقضايا الشارع السوداني، تناقشنا معهم حول مهنتهم وحول قضايا حياتية عديدة أهمها رؤيتهم للإنتخابات التي يجري قيامها في هذه الايام وقد كانت آرائهم تختلف من شخص لآخر، لكنها كانت متوافقة من حيث الاستياء والامتعاض الذي أبدوه تجاه التكاليف الباهظة للحياة في السودان، وضئالة الأجور التي يتلقونها.

الخرطوم: حسين سعد / هشام الطيب

أجور العمّال ما بتأكل عيش:

محمد عبد الرحمن 29 سنة حاصل على دبلوم مكانيكا من معهد التعليم الصناعي بدأنا نقاشنا معه حول عمله كـ(نقاش) وعن مستوى دخله، هل يلبي إحتياجاته الحياتية؟ أم أنه على عكس ذلك؟ فقال: بعد أن أكملت دراستي الثانوية قمت بالتقديم في جامعة السودان قسم الهندسة الميكانيكية ودفعت جزء من الرسوم وباشرت الدراسة لمدة ثلاثة شهور فقط إلا أنني لم أستطع أن أكمل دراستي بسبب التكاليف الباهظة للدراسة الجامعية في السودان؛ رغم أنني كُنت أعمل وأدرس في وقت واحد وكان ذلك شاقاً بالنسبة لي، وأضاف: (إذا إشتغلت مابتقدر تقرأ .. والعكس)، أي لا يمكن التوفيق بين الإثنين، الدراسة والعمل، ووفق هذا فقد قررت ترك الدراسة لأتفرغ للعمل في السوق، وفي بداية تفرغي لم أكن أجد فرصاً للعمل بصورة مستمرة ذلك نسبة لتكدس السوق بالعمل والنقاشين، إلى أن أكتسبت خبرة كبيرة بحكم الممارسة في مجال النقاشة وأصبحت فُرص العمل تتوفر لي أكثر من السابق؛ لكن بالرغم من ذلك فإن مستوى دخلي كعامل يعتبر ضعيف جداً في الوقت الحالي كذلك كل عمال السودان ستجد أن أجورهم لا تكفي حتى لـ(أكل العيش) ناهيك عن أن تأمن لهم مستقبلهم.

سألناه عن ماهي الأسباب التي جعلت من مستوى دخل العامل ضعيف بهذه الصورة؟ أجابنا عبد الرحمن باحباط بدى على وجهه قائلاً: حكومة الانقاذ قامت بجلب العمالة الأجنبية التي تعمل بأجور قليلة مقارنة بالأجور التي كان يتلقاها العمال السودانيين، ويعزي محمد ذلك قائلاً: (في عوامل جعلت العامل الأجنبي يأخذ أجر بسيط لأنها بتغطي معاهو في بلدوا.. مثلاً : اذا كان أجر العامل المصري 1 جنيه سوداني، في بلدو بساوي 3 جنيه مصري وهكذا.. لكن العامل السوداني ما بتغطي معاهو لأنو متطلبات الحياة وتكاليفها في السودان غالية جداً)

أما عن موضوع الإنتخابات فيقول محمد : يوم أمس قمت بالتصويت، رغم أني على يقين بأن الأوضاع في السودان لن تتغير بإنتخابات قاطعتها معظم الأحزاب؛ إلا انني قمت بالتصويت حتى أحفظ حقي، وحتى لا يتعرض صوتي للتزوير.

الأجيال القادمة ستتعرض لظلم أكثر:

عبد الوهاب إسماعيل عامل بناء يمارس هذه المهنة لأكثر من عشرين عاماً بدأ لنا حديثه ممتعضاً وهو جالسا علي صندوق حاجة باردة وبجواره ابنه الذي يعاونه في مهنته بمقارنة شكل الحياة في فترة ما قبل مجيء حكومة الإنقاذ وبين صورتها الحالية في عهد الإنقاذ التي وصفها بأنها: (مهلكة)، وأضاف: (زمان كانت حياتنا رخيصة وبسيطة جداً على عكس الوضع الراهن، فالاسعار الآن مرتفعة للغاية والتعليم غير مجاني وتكاليف العلاج باهظة جداً).

أقوم بإعطاء مصاريف البيت لزوجتي التي أجتهدت معي كثيراً في ( مباصرة المصاريف) وكانت تُعِد لنا وجبات ( العدس، الفول، و والسليقة والكسرة التي كانت في الأوقات الصعبة تبلها لينا بالموية).

ويضيف عبد الوهاب : لديّ خمسة أبناء، هذا واحد منهم _ يشير لإبنه الذي يساعده بالعمل معه (طلبة) في ذات المبنى_، وجميعهم في المدارس، وانا أقوم بإعطائهم مصاريفهم بصورة يومية مما يعني ضرورة أن لا أتوقف عن العمل ..

أما عن موضوع الانتخابات فيقول عبد الوهاب : قمت بالتسجيل وكنت أود أن أصوِّت في الإنتخابات رغم علمي بأنها لن تغيِّر شيئاً .. لكنني لن أصوِّت لأنها وبصورتها الحالية غير مجدية لحل مشاكل السودان، لكن يجب معالجتها سريعاً واذا لم تحل فستتعرض الأجيال القادمة لظلم شديد وسيصبح وضعها أسوأ منا نحن الآن كذلك اذا ما استمرت الحكومة في تطبيق سياساتها الحالية.

الانتخابات مزورة سلفاً:

أما عثمان عوض الجيد عمره 45 سنة الذي يعمل نقّاش منذ وقت طويل تحدّث لنا بجراءة عن الانتخابات وعن الوضع الراهن وعن معاناته مع المهنة قائلاً : (أنا أكبر واحد في البيت وأقوم بإعالة أسرتي، ولم أستطع أن أتزوج لأن الزواج يحتاج الى أموال ضخمة في وقتنا الحالي، الآن مصدر الدخل بسيط جداً.. أقوم بصرفه يوم الخميس ويم السبت أأتي للعمل وجيبي فاضي .
وعندما سألنها هل سجلت في الانتخابات أجابنا عثمان قائلاً:(لم أقوم بالتسجيل في الانتخابات لقناعتي التامة بأنها زورت منذ فترة وستزور أكثر .. فهؤلاء الناس لايصينوا عهودهم أبدا) .
ترك المحاماة واتجه نحو النقاشة:
لمرتضى حسن قصّة معاناة منفردة فهو ليس خريج قانون وحسب؛ إنما إجتاز معادلة مهنة المحاماة بتفوق، لكنه رغم ذلك لم يستطع أن يمارس هذه المهنة؛ نسبةً لعدد من الصعوبات التي واجهته كخريج وكمحامي جديد، وقد عدّد لنا مرتضى بعضاً من الصعوبات قائلاً: (تتمثل هذه الصعوبات في التكاليف الباهظة لفتح مكتب خاص، ايضاً تحتاج لإسم كبير حتى تستطيع أن تحصل على قضايا محماة) ويضيف مرتضى : بعد إجتيازي للمعادلة حاولت أن أقدِّم للكلية الحربية وللنيابة ولعدد من المؤسسات الحكومية والخاصة لكن دائماً ما تكون النتيجة (غير مقبول) ..
سألناه عن السبب الذي يجعله غير مقبول في هذه المؤسسات فأجابنا قائلاً: ( لازم يكون عندك واسطة قوية، فاذا عندك أبوك أو عمّك في أي مؤسسة فإنك ستعمل بها حتى وإن لم يكن لديك مؤهلات أكاديمة عالية، لكن دون ذلك فستكون النتيجة غير مقبول) ويضيف : (بعض المؤسسات الحكومية تطلب الوساطة ضمن مستندات التقديم، بأن يطلب منك أن تحضر من يزكيك للوظيفة ).
فقررت أن أتوقف من المحاماة بعد فشلت النقابة التي وعدتنا بحل كافة قضايا الزملاء لكن شي لم يتم لذلك اتجهت للعمل في مجال النقاشة؛ حتى لا أصبح عاطلاً عن العمل. وعن الانتخابات فيقول: كنت أعتقد أن الإنتخابات ستساهم في القضاء على الفساد في هذه الحكومة، لكن الواضح أنه سيصعب القضاء عليه_الفساد _ بهذه الطريقة. وبالرغم من حوجتنا للتغير؛ إلا أنني لن أشارك في انتخابات مزورة ونتائجها معروفة مسبقاً،








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استمرار اعتصام طلاب جامعة جورج واشنطن في مخيم داعم لغزة


.. المغرب.. معدلات البطالة تصل لمستويات قياسية




.. أخبار الصباح | لندن: ضربة مزدوجة من العمال للمحافظين.. وترمب


.. رغم تهديدات إدارتها.. طلاب جامعة مانشستر البريطانية يواصلون




.. بعد التوصل لاتفاقيات مع جامعاتهم.. طلبة أميركيون ينهون اعتصا