الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل سبق لك أن هاتفت الموت يومًا؟

خيري حمدان

2010 / 4 / 16
الادب والفن


هل سبق لك أن رفعت سماعة الهاتف لتطلب صديقا مضى على رؤيته عام أو يزيد، لتفاجأ بأن الهاتف مغلق وصوت جليديّ مسجّل يعتذر لك بأن الرقم المطلوب غير مستعمل. يصيبك الفضول لأنك تعلم جيدًا بأن صديقك الكاتب لا يغير رقم هاتفه أينما تواجد في هذه المعمورة، تضع اسمه على الباحث العملاق لتعلم بأنه ببساطة .. قد مات!
هل سبق لك أن شعرت بأن قلبك يثب محاولاً التحرر من جحيم صدرك، والقفص الصدريّ سجنٌ لا تقدر على فتح طاقة صغيرة فيه! يا لعبث الطبيعة يا صاحبي، يندلق الحبر من قلمك، يغرق الأوراق برجع الروح وصدى الذكريات. تاه الصوت عن آذان الخليقة، لا تعتب على رائحة الموت لأنها تأتي بعد الرحيل بلحظة، لا يشعر بها سوى المحكوم بالحياة، وحده في رواية الخلق والبعث.
هل سبق لك أن شعرت بالاختناق وأن حيز الهواء لا يكفي لملء رئتيك؟ ابْحثْ عن صاحبك قبل أن تحين تلك اللحظة، من يدري .. قد يرفع سماعة الهاتف ويصيح: مرحى، أنا ما زلت على قيد الحياة، وقد يأتي صوت الأبدية مبحوحًا من العدم. اليوم قمت بإلغاء رقم هاتف صديقي الكاتب فيكتور باسكوف، والذي نشرت أعماله وترجمت إلى جميع اللغات الأوروبية ولغات أخرى باستثناء العربية طبعا، طلبت أبديته من خلال رقمه فاعتذر مني صوت جليديّ. هاجس ما حدثني بأنني تأخرت بعض الوقت، أخبرني بأن الكاتب والموسيقي والفنان والإنسان قد ترك هذه الدنيا قبل أن يبلغ الستين بعام.

* فيكتور باسكوف: كاتب بلغاري معاصر، تركت أعماله ضجة كبيرة في الأوساط الأدبية ابتداءً من مرحلة دراسته الثانوية وحتى المراحل المتأخرة من حياته. من أهم الأعمال التي ألفها رواية "قصيدة لغورغ هينيخ" وهو موسيقار تشيكي عاش وحيدا وفقيرا حتى مماته في العاصمة صوفيا، وترجمت هذه الرواية إلى جميع اللغات الأوروبية، وحازت على الكثير من الجوائز الوطنية والعالمية وحوّلت إلى فيلم سينمائي شارك فيه الممثل التشيكي جوزيف كرونير تحت عنوان "أنتَ الذي في السماء". ومن أعماله الشهيرة أيضًا "تشريح قصة حب" طبعا العنوان غريب بعض الشيء لأن جميع شخصيات الرواية دون استثناء أموات. صدرت الرواية عام 2005 وترجمت للعديد من اللغات. أذكر بأنه كان مشغولا حين قابلته مؤخرا بتوقيع عقد مع جهة فرنسية لاستخدام روايته في فيلم سينمائي، تحدثت معه مطولا عن إمكانية ترجمة هذه الرواية للغة العربية. باسكوف يعزف على البيانو والأوكورديون ويكتب الموسيقى ويغني الجاز والأوبرا ويتمتع بذاكرة قوية جدا وكان يكفيه بضعة ثوان فقط لقراءة صفحة كاملة. لكنه أيضًا محكومٌ مثلنا بالفناء، مضى نحو الأبدية بعد صراع مع سرطان الرئة خطف منه بريق الحياة قبل عام تقريبا في مدينة بيرن الألمانية، لكنه بقي خالدا من خلال أعماله وكتاباته ومؤلفاته الموسيقية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى


.. الفنانة ميار الببلاوي تنهار خلال بث مباشر بعد اتهامات داعية




.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا