الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حوار مع الرفاق السلفيين

زكرياء الفاضل

2010 / 4 / 16
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي



"الكثير من الفكر اليساري
نوع من أنواع اللعب بالنار
من قبل أناس لا يعرفون أن
النار حارقة"
جورج أورويل

في الوقت الذي تعاني فيه جماهيرنا الكادحة من البطالة والفقر والاستغلال وتتعرض للاستبداد والقمع، وفي الوقت الذي عرف فيه المغرب تراجعا خطيرا في مجال حقوق الإنسان وحرية الاعتقاد والتعبير، لا يزال فقهاء السلفية الماركسية يحاجّون بعضهم بعض عن أيهم الأخلص للمبادئ تماما كما يجري بين فقهاء السنة والشيعة، حيث كل طائفة تكفر الأخرى. لقد استغوى الرفاق السلفيين الترف الفكري فظلوا طريقهم وغهبوا عن هدفهم وتاهوا في غياهب النقاش العقيم فضهلت قوّتهم وتراجع نفوذهم وساروا في الأرض غنما قاصية تفترس منها ذئاب الإقطاعية ما تشاء.
إنّ الرفاق السلفيين ما زالوا يلغطون حول أية اشتراكية أصلح وأيها الأنجع: الاشتراكية السوفياتية أم الصينية أم الكوبية أم.. حتى وهنت قلعتهم واخترق الشقاق صفهم. ولكأني بهم اعتنقوا الفكر الماركسي لذاته لا لآليته. لقد جعل هؤلاء السلفيون الماديون من ماركس رسولا ومن لينين وستالين وماو تسي تونغ وغيفارا وغيرهم أصحابه الراشدين وما فاتهم إلا أن يتفوّهوا: قال ماركس (ص).. وقال لينين أو ستالين أو ماو تسي تونغ أو غيفارا أو.. رضي الله عنه. ونسوا أنّ كل هؤلاء بشر ليسوا معصومين من الخطأ، لهم فكرهم ونظرتهم للأمور حسب أزمنتهم ومعطيات مجتمعاتهم التي قد لا تتناسب ومجتمعنا الزراعي بالأساس ومرحلة نموه التاريخي.
فالرفاق السلفيون يشتهون استنساخ الماركسية كمذهب قُدسي، لا أخذها كأسلوب نضالي للمنهاج التحرري من الإقطاعية حسب عاداتنا وتقاليدنا وتاريخنا ومعتقداتنا. فكأنهم يجهلون أنّ الماركسية هي نتاج لمعطيات تاريخية سابقة في ملف النضالات الشعبية من أجل التحرر والانعتاق، وبالتالي يجب نقل منهجية الفكرة وصقلها لا استنساخها كالشاة. فالهدف المنشود لدى كل قوى التحرر في العالم هو تحرير الشعوب من أغلال المستغلين وإعطائها فرصة تحديد طريق نموها بنفسها لا بإملاء من فوق. وهذا يعني أن الاشتراكية الحقة والوحيدة هي تلك التي توفّر العيش الكريم للمواطن وتضمن له حق المشاركة في القرار السياسي، وغير ذاك فترف فكري وتراهة.
من الأمور التي غفلها الرفاق السلفيون أيضا كونهم لا يملكون تلك الشعبية، إن امتلكوها فعلا يوما ما، داخل الأوساط المستضعفة ليهيمنوا على الساحة النضالية ويقودوا الكادحين في نضالهم ضد الاستغلال والظلم الاجتماعي. علاوة على أنهم يتحدثون لغة غير لغة شعبهم، فكيف يريدون الوصول إلى دور الطليعة في نضال الكادحين؟ أ برفع شعار "كل السلطة للسوفييتات"؟ أم بشعر "المصانع للعمال والأرض للفلاحين"؟
إنّ اختيار الشعار المناسب في الوقت المناسب مهم وضروري، ولن أتطرق لموقف لينين من الموضوع لأني على يقين أنهم يحقونه. فالشعارات التي يجب تعبئة الجماهير بها لا بد لها أن تكون منهم وإليهم وبلغتهم أي شعارات يفهمونها ويهضمونها بدون ماء معدني أو أقراص خاصة. فمن الممكن جدا رفع شعار "المغرب: دولة للفقراء"، على سبيل المثال، ويفعمونه بمفاهيم أقرب للعقلية المغربية كاستعمال مصطلح التعاونية بالنسبة للمؤسسات الإقتصادية ومصطلح "التويزة" بالنسبة للأرض. ألا يكون هذا أحسن من استغلال تعابير ومصطلحات غامضة بالنسبة لغالبية المجتمع المغربي؟ ألا يكون من الأفضل الاستشهاد بعلي ومقولاته في الفقر أفضل من الاستشهاد بمفكرين وفلاسفة غير معروفين لدى جمهور الكادحين، وإن اشتهروا عندهم فبصورة سلبية تحت تأثير الفكر الأصولي المنتشر في المجتمع؟ ألا يكون من الصواب ربط الفكر الاشتراكي، من حيث كونه بناء إقتصادي، بعيدا عن الروحانيات، بعقيدة المجتمع عوض الدخول في صراع معها؟ إنّ المغاربة أصحاب عقيدة إسلامية وكل محاولة لتجاهل هذه الحقيقة لن تؤدي إلا للفشل بأصحابها. وهذا ما حصل لليسار المغربي في الماضي والحاضر، حيث حتى في أوج انتشار الفكر الاشتراكي بمجتمعنا لم يتمكن من الحصول على أغلبية البلاشفة في روسيا لكون غالبية المغاربة فلاحين. ومن المسلّمات في الفضاء السياسي أنّ الذي يشكل الأجواء السياسية هو الريف والمحافظات أو الأقاليم البعيدة وليست العواصم والمدن الكبيرة. فمتى سنتعلم من التاريخ بدل قراءته؟ متى سنستغل تجارب الآخرين في نشر أفكارنا أم أنّ المصطلحات باتت لدينا أهم من الأهداف؟
إنّ الرفاق السلفيين أشد تعصبا من الأصوليين الذين عرفوا كيف يستحوذوا على عقول الجماهير ونشر فكرهم. إنهم برهنوا عن حنكتهم السياسية باستخدام الأسلوب البلشفي في التنظيم والدعوة ورفع الشعارات المناسبة في الوقت المناسب وهم الجحودون بالفكر الماركسي، فكفرهم به لم يمنعهم من استخدام منهجيته في نضالهم. بينما وقف الرفاق السلفيون، كشعراء العرب، يبكون على أطلال كثير منها وحي خيال. فإلى متى سيبقى السلفيون الماركسيون يعيشون في فضائهم الخاص بعيدا عمن يتبجّحون بالدفاع عنهم؟ ألم يحن الوقت لمراجعة التكتيك؟ أم أنّ الشكل عندهم أهم من المضمون؟ ألا يعلمون أنّ هدف الماركسية هو الفرد أي أنها جعلت نفسها وسيلة لا غاية في حد ذاتها؟ أم أنّ المفاهيم قد انقلبت عند الماركسيين السلفيين المغاربة؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - حان وقت المراجعة والا مغادرة الساحة
قاسم السيد ( 2010 / 4 / 16 - 18:30 )
كل الحركات الثورية لايكتب لها النجاح في بقعة من العالم مالم تستند الى الموروث الشعبي لغرض ربط التاريخ النضالي لاي شعب بصيغة ما بأي نضال معاصر والا سيبقى العمل الثوري مجرد احجية يتناولها نفر من المثقفين السياسين ليس الا
والتاريخ العربي والاسلامي مليء بنماذج فذه لو سلط عليها الضوء وتم نفض الغبار عنها لكنا بهذا العمل ربطنا الجماهير بتاريخها المليء بالثورات والتمرد ضد الجور والطغيان ولما وجد اليسار نفسه غريبا بين وسط الجماهير التي استطاع الفكر السلفي المنقرض من ان يسيطر عليها بسبب غياب دور قوى التقدم التي تستطيع ان تعريه وان لاتجعل الرجعية تصادر التاريخ لصالحها وبالتالي تمنع اي فكر تقدمي ان يجد له موطيء قدم في اوساط الجماهير كل ذلك بسبب قصور النظر لدى المثقفين اليساريين الذين اعتبروا كل مايمت للماضي لايستحق ان يتعامل معه مما ادى بهذه القوى الى الانعزال عن الجماهير وبالتالي عدم القدرة من قيادة حركة اليسار في الوسط الجماهيرية اذ تجد ان الفكر اليساري هو فكر مستورد وملحد مما يقطع اي وشيجة تربطها بهذا الفكر بينما نجد ان تاريخنا يحمل اسماء مثل ابوذر وعمار وعلي والحلاج وغيرهم كثير لم نعول عليهم

اخر الافلام

.. بعد مصرع رئيسي.. هذه تحديات كبرى تواجه إيران ! | الأخبار


.. سر من أسرار محمود وبيسان.. كيف تطورت علاقتهم؟ ????




.. انتخابات مبكرة وإدارة انتقال مضطرب.. امتحان عسير ينتظر إيران


.. جنوب لبنان.. حزب الله ينعى 4 من عناصره ويهاجم مواقع إسرائيلي




.. إعصار الجنائية الدولية يعصف في إسرائيل | #التاسعة