الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


- التحزب القَبَلي - وامكانية قيام دولة ديمقراطية في العراق!!؟؟

محمود حمد

2010 / 4 / 17
اخر الاخبار, المقالات والبيانات



لقد افرزت الانتخابات الاخيرة في العراق نتائج ومفارقات تحتاج الى التأمل والتحليل والاستنتاج المثير للحوار..ومن بين تلك المفارقات :
هزيمة الاحزاب والشخصيات المدنية داخل الكتل والاحزاب المتنافسة والفوز الساحق لمرشحي ـ التحزب القبلي ـ بمن فيهم ..داخل نفس الكتل او الاحزاب المتنافسة!!!!
وهذا يدعونا الى تأشير مايلي:
1. هزيمة مرشحي القوائم الانتخابية المدنيين بسبب اعتدالهم وعقلانيتهم وفوز المرشحين القبليين نتيجة مواقفهم المتطرفة وركوبهم على امواج الوعيد والتهديد العرقي او الطائفي او العقائدي او المناطقي..مما تناغم مع اوتار بيئة الناخبين القبلية الانكفائية المغلقة المُجْتَرَّة لحكايات التناحر الموروثة مع الآخر..التي اججتها فوضى المحتلين الهدامة!
2. تماهي الحركات والاحزاب المؤسسة على اسس عائلية وقبلية في تيار منظومة القبيلة او العائلة التي تمثل رصيد قيادة الحزب المجتمعية..حتى صارت الاحزاب تعرف باسماء قبائل وعوائل زعمائها..واصبحت المطالبة من قبل قواعد تلك الاحزاب لتغيير بعض وجوه القيادة القبلية..خيانة عظمى..مما خلق نواتات للدكتاتورية في قمة الحزب او الحركة ، وصنعت منهم رموزا ـ متأبدة ـ لايطالها النقد اوالتغيير مهما جَرَّتْ الحزب او الحركة الى الهزائم والكوارث والمآسي!
• ان الجذور المعرفية والرصيد البشري المكون للقوائم الرئيسية الفائزة ..هي واحدة :
القبلية ..
الطائفية ..
القومية..
المناطقية..
العلمانية الاستعلائية المستوردة..
ومايباين بين اي تحالف منها والاخر هو علو صوت هذا العنصر التكويني او ذاك على غيره..فمنهم من تكون هياكله طائفية وسقوفه قومية وجدرانه قبلية وديكوراته علمانية..وآخر هياكله قومية وسقوفه قبلية وجدرانه طائفية وطلاءه علماني..وهكذا!!!
لذلك فان تآلفها ـ بل حتى تفكك بعضها واندماجه بالآخر ـ امر طبيعي وتعارضها لايُفَسَّر إلاّ تعبير عن الصراع على اقتناص قمة هرم السلطة..وترجيح عنصر تكويني على اخر وفق مشيئة اصحاب السطوة في تلك الكتل السياسية ..واختلاف ـ زعمائها ـ على من سيكون ـ الرمز العراقي !ـ الذي بيده مفاتيح السلطة والثروة والسلاح!!!
• كما ان الجذور المعرفية والاجتماعية المكونة لمعظم القوى والشخصيات داخل التحالفات المتنافسة هي واحدة (قبلية ـ ذات مضمون طائفي) مع اختلاف نسبي بين هذا التحالف او ذاك.(بغض النظر عن وجود شخصيات مدنية ـ غير مؤثرة ـ في تلك التحالفات ، او بريق تلك القبعات العلمانية التي يضعها البعض من القبليين على رؤوسهم لتجنب شعاع الديمقراطية الموسمية الحارق..لان تلك ـ العلمانية ـ طاقية لأخفاء الرؤوس فحسب .. وليست طاقة في الرؤوس)!!
• يشكل ناخبو القبائل اكبر المصوتين في مراكز الاقتراع في جميع الانتخابات لانهم يستجيبون ككتل بشرية لدعوات ـ رموز القبيلة ـ التي تتمثل بسياسيين مرة ..وبرجال دين اخرى ..وبشيوخ قبائل ثالثة..او بهم جميعا!
• ان العلاقات الاجتماعية السائدة في القبيلة هي تعبير عن النمط الاقطاعي للانتاج البدائي المتخلف الذي يُقَدِّس الفرد ويتماهى فيه ويُهَمِّش الثقافة والمثقفين..ويتجنب التساؤل الاستقصائي لانه ( تدخل فيما لايعنيه..وتجاوز على المحرمات!!)..
وهذا ماجعل السياسيين الطامعين بعروش السلطة يتوجهون لمجتمع القبائل ـ بديلا للمجتمع المتمدن ـ ..لان الاول مهيئ لقبول سلطة الفرد المطلقة ـ الدنيوية والدينية ـ..خلاف المجتمع المدني الذي يَركن الى العقل ويستقوي بالتنمية الشاملة..ولايُدرك اليقين الا عبر الشك..
ناهيك عن ان مجتمع المدينة هو في غالبيته قبلي وتسري في عروقه ترانيم قرية القبيلة التي هاجر منها الى حافات المدن ..ومن ثم تسلل الى مركز القرار فيها دون ان يخلع قَبَلِيَّته عند تخوم القرية التي هاجر منها..
مثلما ( يفعل البوذيون عندما يقرروا الرهبنة..حيث يتوجهون الى ـ مَخْلع ـ في منتصف الطريق بين المدينة التي يهجرها البوذي والدير الذي سيقيم فيه كراهب متعبد..وهناك ـ في المخلع ـ يستبدل كل شيئ..القناعات والثياب والسلوك والرؤية والنعلين واللغة ويحلق الشعر..الخ..دافنا ذاته القادمة من الدنيا المتطاحنة في مَحْرَق المَخْلَع..لتولد محلها ذات متأملة تنتمي للكون المتسامح !).
ولايحتاج مسوقو الساسة الجدد الى عناء كثير لتنصيب ـ الرمز!! ـ على عرش المعصومية..سوى إملاء الفجوة المعتمة في الوعي القبلي السائد التي تركها غياب الصنم الاوحد الآفل..بكتل الاصنام الجدد!!
وهذا مادفع الساسة المتحاصصين الى تضمين الدستور (المادة 45 ثانيا: حرص الدولة العراقية على النهوض بالقبائل والعشائر العراقية..)..
بخلاف منطق التطور التاريخي الذي سيرتقي بهذه القوى المجتمعية ( القبلية ) الى طور التمدن والاندماج مع الاخرين لتكوين الشعب!!!..
وهذه الرؤية الارتدادية ساهمت في جر العراق شعبا ووطنا الى الانزلاق بكوارث دولة الطوائف والاعراق التي انتجها الاحتلال..الدولة التي طفحت من بيئة القبلية الطائفية المتخمة بالكراهية الموروثة للآخر..ذات البيئة التي انتجت الدكتاتورية المُزالة!!!
• ان غالبية المجتمع العراقي قبلية التكوين وـ الثقافة ـ والتطلعات..وهذا مااثبتته مسيرة تاريخنا الحديث ..وما اكدته نتائج الانتخابات النيابية الاخيرة ..
( ولاتوهمنا بقرب الخلاص من التحزب القبلي ..اصوات تلك النخب المدنية الواعية الحالمة بمجتمع الحرية والتقنية والرخاء ..وهي تكافح في منعزلاتها خارج سطوة السلطتين الدينية والدنيوية!!)!!!
حيث تشكل تجمعات ـ التحزب القبلي ـ في المدينة والريف التي تمسك ببطاقات الناخبين النسبة العظمى من عدد الناخبين في العراق..واكثر من 90% من عدد المصوتين في الانتخابات الاخيرة..
فهم القوة التي تحسم نتائج الانتخابات..وتحدد هوية النظام السياسي الذي يؤشر مديات التقدم او خنادق الانكفاء!!
• ولان النظام القبلي الواحدي المتعصب نقيض للمجتمع المديني المتنوع ـ مجتمع المواطنة المتنامية المتساوية ـ فإنه يجد في مقاومة القبيلة للتحضر كنهج ـ يهدد وجود القبيلة ـ ميلا طبيعيا وشرعيا مقدسا ، خاصة في المراحل التاريخية التي تضعف فيها الدولة وتهزل القوانين وينخر الفساد منظمات المجتمع المدني، وتتراجع مكانة القوى المتمدنة وينحسر تأثيرها على عقول وسلوكيات المجتمع بكل مكوناته!
• لذلك فإن توقيت نفخ الروح في النظام القبلي من قبل بعض السياسيين لاغراض التسلق للسلطة لن يحقق غير التصادم بين الميل التاريخي للارتقاء المتمثل بتطلعات الشعب للتنمية البشرية الشاملة..وبين تأجيج قوى التخلف الرافضة للاندماج المجتمعي ( ذلك الاندماج المُنتِج للخيرات والتسامح والحياة المشتركة)!
رغم ان ذلك الزفير الساخن المنفوخ في جسد القبلية العليل الممدد على خارطة العراق..سيساهم في رفع اولئك السياسيين مؤقتا الى قمة سلطة طارئة هزيلة!!!
وهو في نفس الوقت يؤجج صراعا موضوعيا ـ خاملاً ـ بين قوى التنمية الوطنية المنفتحة على الجميع ، وبين قوى التخندق القبلي الانعزالي الذي يأخذ اشكالا مختلفة:
عرقية ..
طائفية..
عقائدية..
مناطقية..
تبعا لطبيعة ومرحلة الصراع بين قوى التحزب القبلي المتنافسة على السلطة..
ومايعزز ذلك الميل لصالح قوى التحزب القبلي .. ان ـ ثقافة ـ معظم سكان العراق الناخبين ـ بمفهومها الواسع ـ سواء في المدينة اوالريف ..مثقلة بالمفاهيم والاعراف والتقاليد والقيم والمشاعر والمواقف القبلية الانعزالية الاستعلائية الموروثة!!
• وتشكلت هذه النسبة السكانية ـ القبلية ـ المهيمنة على القرار المجتمعي في جميع انحاء العراق..نتيجة لتراجع القطاع الزراعي واحتواء القبائل الزاحفة من الريف للمدن الحرفية الناشئة ، وتغيير هويتها الحضرية ، بسبب النزوح المليوني الذي بدء في منتصف خمسينيات القرن الماضي من مدن الجنوب والوسط بشكل خاص ومن الشمال في مراحل القمع الدموي لشعبنا الكردي..وتزايد مع تعاقب الحكومات التي تولت تدمير القطاع الزراعي بشكل ممنهج ومتسارع..حتى يومنا هذا..فتعاظمت احزمة الفقر حول المدن الكبيرة والصغيرة دون ان تقطع تلك المجموعات السكانية جذورها عن القبيلة في مجتمع الريف ـ كما اشرنا سالفا ـ..الى جانب استعداد تلك المدن الهَشَّة اجتماعيا ـ التي تستضيفهم ـ لقبول نمط الحياة القروية والتعايش معه..لانها ـ في الاساس ـ مدن لم تنضج مدنيا وحضريا بعد ، نتيجة للتخلف الشامل الموروث والمُعاد انتاجه في عموم العراق!
• وشكل النازحون من القبائل ضغطا متعاظما على سوق العمل المحلية ـ الحرفي البدائي ـ في المدن ..فاتسع بشكل وبائي سوق الانتاج الهامشي العشوائي في المدن ، وتراجعت قيمة العمل ، وانخفضت انتاجية الفرد في سوق العمل ، وتفشت امراض اجتماعية جديدة ناجمة عن الفقر الذي ينخر تلك المجتمعات الناشئة حديثا الى جانب تلك الاوبئة الاجتماعية المستوطنة في المدن المفككة..ومن بينها واخطرها:
التخلف الشامل..
الفقر المتجذر..
والامية المتزايدة..
والبطالة الواسعة..
والامراض المستوطنة..
والتطرف المتحجر..
والقسوة الدموية..
وخرق القانون..
واستمراء الفعل المشين!!
تلك البيئة المجتمعية المتخلفة البائسة ..التي اصبحت فيما بعد مصدرا لتجييش كتائب الموت التي ادامت استبداد جمهورية الخوف لاكثر من اربعة عقود في زمن الدكتاتورية ..ومنتجا لخلايا الارهاب التي تستبيح دماء العراقيين بعد الاحتلال وسقوط الدكتاتورية.
• فخلال جميع اشكال الصراع (الاقتصادي ـ الاجتماعي ) شكل نمط العلاقات القبلية حاضنة للتطرف الطائفي والعرقي ، ووفرت للمتطرفين القوة البشرية المسلحة المذعنة لارادة الحرب على الاخر في الصراعات الخارجية والداخلية ، وأُستُخدم زعماء القبائل من قبل المتحكمين بالثروة والسلاح والسلطة كسلاح تجييشي لمد الحروب والصراعات بالمحاربين..مما فاقم الكوارث التي اصابت جميع العراقيين وفي المقدمة منهم ابناء القبائل ـ نفسها ـ الذين استخدموا ويستخدمون كوقود لنيران الحروب والصراعات العبثية ـ الخارجية والداخلية ـ التي ليست لهم فيها ناقة ولاجمل!!
• وحيث تتميز ـ الثقافة القبلية ـ بالمديح لـ ـ الرأس ـ حتى وان كان فاسدا..وتقديس الفرد ـ الاعلى ـ حتى وان كان واطئاً..فإنها كانت على الدوام مُنتجاً لاجيال متعاقبة من مدّاحي سلطات الاستبداد ومبرري جرائمها.
• وهنا لابد ان نفصل بين ـ الثقافة القبلية ـ وبين ـ ثقافة ابناء القبيلة ـ لان الثانية تختزن في مكنونها ـ ثقافة الشعب المتواترة ـ وتنتج اعظم الثقافات الشعبية ابداعا ..واكثرها رفضا للاذعان..واغنت تاريخنا الوطني باسماء نفخر بها جميها..دون ان نلتفت الى جذورهم القبلية او انهم يكترثوا لغير انتمائهم الوطني..
• وتميزت السنوات التي اعقبت الغزو وسقوط الدكتاتورية باستغلال مشاعر ـ المظلومية من الاخر ـ عند الملايين من ابناء القبائل وتجنيدهم وتحريضهم على النشاطات غير المنتجة ـ والارهابية احيانا ـ ..وتعجيز طاقاتهم عندما تتم الدعوة لتوظيف ذات الحماس في العمل المنتج لتنمية وطنهم وانفسهم والخلاص من التخلف والفقر والاوبئة والاذعان لغير العقل!!
• ولان درجة نضج الاحزاب ترتبط بدرجة تطور المجتمع فان الاحزاب التي نشأت في قرارة التجمعات القبلية لم تكن محصنة بوجه العلاقات والثقافة القبلية..مما ادى الى تجويف تلك الاحزاب بالعلاقات القبلية التي خلقت فئات انتهازية ونفعية في قيادات وقواعد تلك الاحزاب المتناحرة على المغانم والامتيازات الطارئة..حتى في المراحل الحرجة من تاريخ عملها المعارض!
بل ان سلطة القرار في قمة تلك الاحزاب تكون غالبا بيد عائلة او قبيلة ـ القائد ـ..او يتحكم بقراراتها النمط القبلي من التسلط على انفاس الحزب ونسغ نموه ومفاصل طاقته واتجاهات حركته!
• وفي دولة المحاصصة التي جاءت عقب الغزو وسقوط الدكتاتورية ..سعى الزعماء ( القبليون ـ على اختلاف شكل قبعات رؤوسهم) المتحاصصون الى تشويه مفهوم التنظيم الحزبي والمجتمعي المدني وعملوا على اعادة الحياة للنظام والعلاقات القبلية ( دستوريا) ..رغم تعارض ذلك مع منطق التطور التاريخي الذي تجاوز العلاقات القبلية!!
• مما جعلنا نئن تحت وطأة التخلف الموروث الذي تمخض ( رغم الديمقراطية البنفسجية!)..عن:
1. دولة القبائل القروية لادولة الاحزاب المدنية!
2. مجتمع القبائل الراكد لا المجتمع المدني المتصاعد!
3. الناخب المُطَبِّل لا الناخب المُستقصي!
4. النائب التابع للزعيم لا النائب الحر ذو الارادة الشخصية التنموية المنتجة!
5. حكومة التحاصص بالمغانم والسكوت عن المآثم!
اذن:
لاامل في نظام ديمقراطي حقيقي ان لم نتخلص من التخلف ( بالمفهوم الواسع للكلمة ) ..ونرسي اسس مجتمع متمدن واع ، يكون الفرد فيه قادر على الاختيار المتحرر من عبودية التخلف!!!
1. فالمجتمع المتخلف لايختار غير النائب الذليل والحاكم المستبد!!!
2. ومجتمع القسوة لايختار غير المسؤول المتطرف والارهابي!!
3. ومجتمع الاذعان لايختار غير الاصنام المجوفة!!!
4. والمجتمع الطفيلي لايختار غير اللصوص والفاسدين!!!
5. والمجتمع الجاهل لايختار غير الاميين ووعاظ السلاطين!!!
6. ومجتمع الثأر لايستحضر غير تاريخ الكراهية والضغائن!!!
7. والمجتمع المنعزل يستمرء الغاء الآخر!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رد فعل لا يصدق لزرافة إثر تقويم طبيب لعظام رقبتها


.. الجيش الإسرائيلي يعلن قصفه بنى تحتية عسكرية لحزب الله في كفر




.. محاولات طفل جمع بقايا المساعدات الإنسانية في غزة


.. ما أهم ما تناوله الإعلام الإسرائيلي بشأن الحرب على غزة؟




.. 1.3 مليار دولار جائزة يانصيب أمريكية لمهاجر