الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسالة مفتوحة ثانية من جاسم المطير إلى السيد نوري المالكي

جاسم المطير

2010 / 4 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


رسالة مفتوحة ثانية من جاسم المطير إلى السيد نوري المالكي
اسمح لي أيها السيد رئيس الوزراء أن أقول لكم : أن فوز سيادتكم لا يعني عدم وجود ضربات قاسية توجه لكم ، كل يوم ، من قبل الناس البسطاء من الذين يحبونكم ، ومن آخرين يعارضونكم ، ومن بعض خصومكم ، ومن أعداء قد تحسبونهم أصدقاء ، بل هم في حقيقتهم من أبناء الشياطين السبعة في الأسطورة السومرية . الشعب العراقي كله من زاخو كردستان حتى ميناء الفاو في جنوب البصرة يشتركون ، جميعا ، صغارا وكبار ، رجالا ونساء ، في محاولة حل الكلمات المتقاطعة المتعلقة بأمر(البطاقة التموينية) وبالاتهامات الموجهة للوزير العابد المتعبد المدعو فلاح السوداني ، الذي انتهك بجرأة وبجشع كبير جميع مقدسات عبادة الله ، كما انتهك ثقتكم به وحرمة الحزب المنتسب إليه حين تيسر له ولبعض أتباعه ولبعض أقربائه أن ينهبوا من مال الشعب ثلاثة مليارات من الدنانير العراقية . كما عملوا بيسر على استيراد بعض مواد البطاقة التموينية غير الصالحة للاستخدام البشري ، مما أدى إلى منع القوة والصحة عن الشعب الفقير المضطر لتناول قوت يومه من سفاسف البطاقة التموينية ، التي استخدمها محبو الإثراء غير المشروع ، بشغف كبير ، ليس لإشباع بطون الجائعين من فقراء دولتنا النفطية ، بل استخدمتها المفوضية الانتخابية بمثابة بطاقة تعريف بشخصيات الناخبين العراقيين للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات البرلمانية ، كما استخدمتها وزارة التجارة في منظومتها الدعائية ذات النماذج البارعة لخداع الناس وتضليلهم طيلة السنوات السبع الماضية .
مع الأسف الشديد أن قرارات هيئة النزاهة ، وهي اضعف هيئة في العراق ، إذ أنها ليست سوى تمثال من روبوت لا يستطيع أن يردع أحدا ، ولا يستطيع أن يبعث حتى رسالة إلى أي برج من بروج الدولة العراقية . لا تملك هيئة النزاهة أي قدرة على مجابهة الفاسدين ، بل أن عملها كله تركز في كتابة تقارير وقرارات لا تصلح إلا لتخطيط سيناريوهات في المستقبل البعيد لإنتاج مسلسلات أو تمثيليات تلفزيونية . باختصار أقول لكم ، أيها السيد رئيس الوزراء ، أن هيئة النزاهة لا تستطيع أن تكون مأوى للنزاهة بسبب خبرتها المتواضعة ، غير القادرة على بناء شخصية عراقية نزيهة وصادقة . لهذا وذاك فأن التحقيق القضائي لم يتوصل إلى حده الأقصى مع عصابات النهب والسلب والرشاوى في وزارة التجارة التي كان وزيرها هو الذخيرة الحية لحماية الفاسدين والمرتزقة من ناهبي أموال الوطن وثلم كرامته ، متسترين جميعا وراء كلمات دينية أو طائفية ، قديمة وحديثة ، لستر أعمالهم الفاسدة بحق قوت الشعب الفقير . كما إنهم يتسترون وراء أغنيات تاريخ حزبكم المناضل كي يحولوا ديوان وزارة التجارة إلى منافذ للإثراء غير المشروع .
ليس شيئا غريبا أن نجد في ظلمات الوزارات ، كافة ، مثل هؤلاء النماذج . غير أن الشيء الغريب حقا أن حكومتكم ، بل حتى مستشاريكم وأعوانكم الكثيرين لم يوقظوا أنفسهم من سبات عميق كي يتشوفوا نهاية إدارية ــ قضائية ، عادلة وصائبة ، كي لا تطول أحلام الفاسدين لمسافات من الحدود البعيدة ، حيث ظلت عصابات الفساد المالي والإداري تعبث ، في طول الدولة وعرضها ، من دون عقاب ، مما جعلهم يملئون حقائبهم بالنقد الأجنبي وبمستندات الجوالات البنكية ثم يمموا وجوهم شطر البلدان الصديقة والشقيقة . كما أشارت أنباء وكالات الصحافة والأخبار أن الدكتور فلاح السوداني (عضو قيادة حزب الدعوة – تنظيم العراق) يجثم الآن ، بصمت وسكينة ، على أمنه وراحته في إحدى دول الخليج العربي ، لائذا بزوايا شقة من أبواب وشبابيك ذهبية . بينما يجثم في ذات الوقت ، بسبب سياسة الوزير نفسه ، على قلوب الناس العراقيين الفقراء غبار البطاقة التموينية وعفنها ، في وقت يجول فيه الوزير المطلوب للعدالة شوارع الهناء والجمال المطلة على الخليج كأنه ليس متهما في قضية اختلاس قيمته ثلاثة مليارات دولار من مفردات البطاقة التموينية حسب الأنباء المتسربة وانتم أعلم منا بمدى الصدق والصواب والمرجح في ما يشاع ويذاع عن هذه القضية .
إذا كان الناس غافلون فأنكم ، أيها الرئيس ، متبصرون . أنا متأكد أن ثمة عيون تابعة لكم ما زالت مليئة بالمعلومات عن ما قيل حول قيام عصابة الوزير السوداني بتهديد المفتش العام في الوزارة بالتصفية الجسدية بسبب إصراره على كشف تفاصيل الاختلاسات. كما أنكم تعرفون أفضل بكثير مما اعرف عن من اتهامات أخرى موجهة إليه بأن شقيقين له ونجله السيد مصعب قد أسسوا شركة تجارية في العاصمة الأردنية عمان كانت تقوم بتوقيع عقود مع وزارة التجارة لاستيراد مواد غذائية لحسابها وبعض هذه المواد غير صالح للاستهلاك البشري. وقد جرى استجوابه أمام مجلس النواب في مايو / أيار من العام الماضي، إلا انه استقال من منصبه قبل أن يستكمل البرلمان مستلزمات الاستجواب، ثم اعتقل وجرى التحقيق معه في مدينة السماوة التي رفعت فيها إحدى قضايا الاختلاس.
لم تعد (البطاقة التموينية) في زمانكم وزمان وزارتكم هي (القدس الأوحد) للفقراء العراقيين مثلما كانت أوجدها الدكتاتور صدام حسين وجعلها شيئا عذبا في زمان الحصار والجوع . أما اليوم فقد أصبحت مفرداتها قاحلة تماما . كما أن بعض مفرداتها الأخرى صارت كالحة مغيظة للبدن الإنساني ، بل أقول لكم أن تصريحات المستشار الاقتصادي لوزارة التجارة السيد حسنين فاضل في تصريحات صحفية قائلا أن الوزارة قررت تقليص مفردات البطاقة التموينية إلى خمس مفردات رئيسية بهدف تقليل الضغط المادي الذي تعاني منه الوزارة الناتج عن استيراد بضائع كبيرة تفوق الميزانية المخصصة لها .
كما قال السيد حسنين في تصريحاته أيضا " أن المشاكل الإدارية والقانونية التي واجهتها وزارة التجارة كانت من أسباب تعثر عمل الوزارة فضلاً عن توجيه تهم بالفساد إلى العديد من المسئولين فيها" مشيراً إلى " أن هناك مشاكل حقيقية تواجه عمل الوزارة خاصة فيما يتعلق بمفردات البطاقة التموينية الأمر الذي تطلب وضع ضوابط جديدة لتسهيل إيصال هذه المفردات إلى المواطنين".
هكذا يبشر هذا المسئول الوزاري الشعب الفقير في العراق بأن سحابة سوداء جديدة ستنطلق خلال الأيام القريبة القادمة من وزارة التجارة حاملة قرار الوزارة بمستوى معيشي جديد ، مضني ومؤلم ، وذلك بتقليص مواد من حصص البطاقة التموينية .
لا اشك أنكم سمعتم مثلنا بهذا الخبر ، بهذا التصريح ، بينما يثقل النعاس عيون جميع المسئولين عن توفير قوت الشعب وهم متمتعين بكل شيء في المنطقة الخضراء ، لا يعيرون اهتماما لفقراء شعبنا ، الحاملين سلالا فارغة وهم واعون تماما لأطماع الطامعين ، الذين ينهبون من خزائن دولتنا ، محميين بعقارب وحيتان وأفاعي ، تفتك وتغتال الطيبين ، بينما أجهزتكم ، الحزبية والحكومية ، ترتع بمضارب المنطقة الخضراء يهذون كما يشاءون مرات عديدة في اليوم الواحد عن القتل والإرهاب وعن الحرية ، لا يقومون بتنفيذ خططكم الواعية في مكافحة الفساد لأن نخوتهم لا تتحرك لنجدة الشعب، واضعين عصابة سوداء على عيونهم كي لا يروا ظلام الليل العراقي البهيم .
أبوح لكم بهذه الأقوال ، أيها السيد رئيس الوزراء ، عسى أن تتأملوا حال الجائعين من أبناء شعبنا ، المتسولين منهم في شوارع النفط البغدادية ، أو الذين ينتشلون غذاءهم اليومي من تلال القمامة ، أو الذين يتناولون غذاءهم من رعش العراقيات الخجلات من (بيع الجسد مقابل الغذاء).
سيدي الرئيس
هل نسمع عجلة مركبتكم مسرعة نحو وزارة التجارة لوقف ضجيج الفساد فيها ولتبحر في زورق معاناة الناس الفقراء الذين يجهد قلوبهم انتظار إجراءاتكم وقراراتكم .
متى تبتسمون، سيادتكم ، ولو بصمت ، لكنه صمت الرجال العادلين اليقظين بأن تكون البطاقة التموينية مؤثرا نسبيا في تحسين مستوى معيشة المواطنين . كما سنظل بانتظار عدالتكم بمعاقبة حشود الفاسدين في ظلام وزارة التجارة بإحالة كل متهم بالسرقة والرشوة والفساد المالي إلى القضاء كي ينال جزاء يجبر آخرين على الإقلاع عن نهب المال العام . من دون ذلك فأن الأخطار المحيطة بكل خزائن الدولة في بغداد وفي المحافظات ستتضاعف مستوطناتها حوالي كل دائرة حكومية .
أيها السيد رئيس الوزراء : أتمنى أن لا يشهد العراقيون نهاية سنوات رئاستكم بتقليص البطاقة التموينية وان لا تسمحوا بفوات أوان معاقبة المسيئين للشعب والوطن . من دون ذلك فأن رائحة الفساد تنتقل من مستنقع القائمين به إلى هواء المتساهلين معهم .
هل تضغط على نفسك أيها الرئيس متألقا بفرحة قرار جديد ..؟
إنا لمنتظرون .
أخوكم
جاسم المطير
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بصرة لاهاي في 17 – 4 - 2010








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - طيبة بصراوية
صبحي حسين ( 2010 / 4 / 17 - 12:48 )
استاذ جاسم : لاأقول شيئاً بحق هذه المقالة .......لكن طيبتك طيبة بصراوية ، ومثل هكذا طيبة ، تخنق الأنفاس احياناً  


2 - فشل الحزب ونجح الشيوعي الأخير !
الواعي الأول ( 2010 / 4 / 17 - 19:02 )
1934م عام مولد حزب شيء من الوعي، الذي فشل على مدى 77 سنة خلت، ككيان ومسيرة حصادها تقهقر مر في انتخابات نصف العقد 2005-2010م، وعام مولد شاعر الشارع الشيوعي الأخير سعدي يوسف الذي نجح كفنان في صورته الجانبية. قد تكون هذه السطور نواة عنوان منشور هنا، إن حجبتها ولم ترجح أجري الإجتهاد الصائب على أجر اجتهاد الخطأ، وسينفخ أبو أمين أوداجه أكثر مما هي عليه، وكلنا أبناء البصرة الطيبة وليالي الأنس واللهو في لاهاي.


3 - ما راح يقرأها
كريم ( 2010 / 4 / 17 - 21:24 )
المالكي ما راح يقرأ رسالتك لانه مشغول بحساب الملايين من الدولارات التي انهمرت عليه من خزانة النفط العراقية ..فهو كل ليلة يراجع عدد تلك الملايين ويصيح هل من مزيد أيها الامريكان الاحباب


4 - قلة خبره وذكاء وكثرة فساد وتزوير
رحيم الغالبي ( 2010 / 4 / 18 - 12:03 )
هناك حكايه شعبيه قديمه انه صاحب (ثور) ادخل الثور رأسه في (حب للماء) كيف يخلصه ونبقى حبانة الماء سالمه؟ اجتمع عليه بعض وجهاءمخرفين من القريه قالوا له اقطع راس الثور وهو يطلع وتبقى الحبانه ساله...قام بقطعه ..بقى الراس طبيعيا بالداخل اظطر الى كسره فخسر الثور والحبانه لو من اول مره كسر الحبانه لم يخسر الثور
هذه تنطبق على اكثر الساسه الذين يديرون البلاد لعدة دورات...سهادات ابتدائيه لم يعرفوا حتى جدول الضرب ...زوروا شهادات دكتوراه كما صرح الاعلام والنزاهه قبل ايام
يراد كسر الحبانه منذ البدايه منذ 2003
وتحل المشكله


5 - لست تعلم
ثامر يدكَو ( 2010 / 4 / 19 - 08:15 )
يبدو استاذي العزيز جاسم انك لا تعلم بان المالكي له حصة وسهم مما سرقه السوداني عندما القي القبض عليه هدد بارسال كل المكالمات الهاتفية المسجلة التي جرت بينه وبين المالكي والاتفاق الذي حصل على الكومشن خلال تلك المكالمات

اخر الافلام

.. طارق متري: هذه هي قصة القرار 1701 بشأن لبنان • فرانس 24


.. حزب المحافظين في المملكة المتحدة يختار زعيما جديدا: هل يكون




.. الرئيس الفرنسي يدعو إلى وقف الأسلحة نحو إسرائيل ويأسف لخيارا


.. ماكرون يؤيد وقف توريد السلاح لإسرائيل.. ونتنياهو يرد -عار عل




.. باسكال مونان : نتنياهو يستفيد من الفترة الضبابية في الولايات